الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فهذه فوائد منهجية ثمينة استفدتها من الشيخ الفاضل محمد بن رمزان الهاجري -حفظه الله ونفعنا بعلمه- خلال شرحه لكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- في دورته العلمية الأولى التي أقيمت السنة الماضية (1431هـ) بمدينة أكادير المغربية، ثم سمعته يذكرها مرة أخرى في درس مباشر على الشبكة ضمن دورة الإمام مالك المقامة بنفس المدينة ( محرم 1432هـ ) .
وهذه الفوائد مستنبطة من حديث معاذة العدوية أن امرأة سألت أَمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت لها (عائشة): أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فقالت: لست بِحَرورية ولكني أسأل. فقالت: كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
الحديث أصله في البخاري ومسلم وغيرهما.
يستفاد من هذا الحديث:
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربى زوجته عائشة رضي الله عنها وعلمها وحذرها من الأهواء والفتن، كما جاء في الحديث الآخر الذي خرجه البخاري عنها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فيَتَّبِعُون مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (أُولُو الأَلْبَابِ) فقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ. وهكذا أهل العلم يحذرون الناس من الأهواء والبدع.
2- التحذير من البدع وأهلها دين وديانة ولو كان السؤال عن الطهارة والإستحاضة.
3- حرص هذه المرأة على التفقه في أمور دينها، وهذا لأهمية العلم قبل العمل، فيجب علينا أن نطلب العلم (علم الكتاب والسنة بفهم سلفنا الصالح) لنعبد الله تعالى على علم، ثم إذا أشكل علينا شيء رجعنا إلى العلماء لنستفيد من فقههم وتوجيهاتهم.
4- يؤخد من قول عائشة رضي الله عنها (أحرورية أنت؟) أن الإنسان قد يحكم على الشيء بالقرائن، لأن هذه المسألة كانت من المسائل التي يثيرها الخوارج، فشكت عائشة رضي الله عنها في هذه المرأة فسألتها لتعرف موقفها من هذه الفرقة الضالة (الحرورية).
5- الرد على من ينكر تصنيف الناس إلى سني وبدعي وسلفي وخلفي إلى غير ذلك من الأسماء الأحكام، وهذا يكون بعلم وحجة وبرهان وعدل وتقوى.
6- أنه يجب على المرء إذا اتُّهم بشيء ما أو نُسبت إليه بدعة أو ضلالة وهو بريء منها أن يرد عن نفسه ويبين موقفه الصحيح بكل وضوح بدون لف ولا دوران (كما فعلت هذه المرأة لما قالت: لست حرورية ).
7- هذه المرأة مع أنها جاهلة بمسألة تهمها في طهارتها التي تتعلق بصلاتها (وهذه عبادات هامة في حياتها)، مع جهلها بهذه المسألة فهي تعرف ما هي الحرورية وتعرف أنها فرقة ضالة لذلك بادرت إلى التبرؤ منها، وهذا لأن هذا الأصل وهو التحذير من الأهواء والبدع كان منهجًا شائعًا معروفًا في وزمانها، وأهل العلم كانوا يحذرونهم من هذه الأهواء ويتكلمون عن هذه الفرق الباطلة بين العامة والخاصة، ليعلم الناس الضلال وأهله فيكونوا منه على حذر.
8- الرد على من يخطئ السلفيين (أهل السنة) عند كلامهم وتحذيرهم من أهل البدع والأهواء، بزعم أن الناس بحاجة إلى التفقه في الطهارة والصلاة و... والحمد لله فأهل السنة (علماء وطلبة علم) يبينون للناس ما يهمهم ويحتاجونه في دينهم وأيضًا في نفس الوقت يحذرونهم من الأهواء لخطورتها عليهم.
هذا بعض ما علق في ذهني ( نقلته لكم بالمعنى وتصرف في العبارات ) ولو يرفع أحدكم المقطع الذي فيه كلام الشيخ محمد بالصوت فيكون أحسن وأحسن.
وجزى الله الشيخ ابن رمزان على هذه الفوائد العلمية الطيبة، زاده الله علمًا وتوفيقًا وسدادًا.
أبو عبد الرحمن عبد الله الطالبي المغربي
ومن هنا للإستماع للمقطع الصوتي