من المصائب الَّتي بليت بها هذه الأمَّة، فأزالت عنها النِّعمة، وجلبت لها النِّقمة، تشبُّه كثير من أبنائها بأعدائها من اليهود والنَّصارى، وشمل هذا التَّشبُّه جميع المجالات: في العادات والعبادات، والسُّلوك والأخلاق والمعاملات، ومن أخصِّ مظاهر التَّشبُّه مشاركتهم في أعيادهم، ومشابهتم في مواسمهم، لاسيما عيد ميلاد المسيح عليه السلام ـ والَّذي يصادف اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر ـ، وعيد ميلاد السَّنة الجديدة ـ والذي يصادف الأوَّل من شهر جانفي ـ، فترى كثيرًا من المسلمين إذا صادفوا هذين اليومين سارعوا إلى إقامة الاحتفالات، وإظهار المهرجانات، وقد عظمت الفتنة، واشتدَّت المحنة، حيث يسافر بعضهم إلى الدُّول الغربيَّة لشهود تلك الأعياد الفاجرة، ومشاركة الكفَّار في شعائرهم الكفرية، رغم ما يحدث فيها من المنكرات: من شرب الخمور، وفعل الفجور، وغير ذلك من أنواع الشُّرور.
وقد تعالت صيحات المصلحين، وظهرت فتاوى العلماء الرَّبَّانيِّين في تحذير المسلمين من المشاركة في أعياد المشركين، لما في ذلك من الفساد في الدِّين؛ ولعلَّ خير من تناول هذا الموضوع بالتَّفصيل والتَّأصيل: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الفذِّ الَّذي لم تر العيون مثله: «اقتضاء الصِّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، وقد حشد لذلك الأدلَّة العامة والخاصَّة، وجمع النُّصوص من الكتاب والسُّنَّة وأقوال السَّلف وإجماع الأمَّة، والأدلَّة من الاعتبار والنَّظر ممَّا لا تجدها في غيره، فصل فيها الكلام، وأزال بها اللِّثام، وميَّز الحلال عن الحرام، وها أنا أختصر ما ذكره مع بعض الزِّيادات والإضافات، لعلَّها تهدي الحيارى، وتفكُّ الأسارى من ربقة التَّشبُّه باليهود والنَّصارى.
أوَّلاً: الأدلَّة من الكتاب:
قال تعالى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين﴾، ووجه الدّلالة من الآية أنَّ الله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يسألوه في جميع صلواتهم الهداية إلى سبيل الَّذين أنعم عليهم منَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ، وأن يجنِّبهم سبيل المغضوب عليهم والضَّالِّين، والأمَّة الغضبيَّة هم اليهود، وأمَّة الضَّلال هم النَّصارى، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اليَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضُلاَّلٌ»([1])، وهذا يقتضي تحريم اتِّباع سبيلهم، وأعيادهم من سبيلهم.
وقال سبحانه: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون﴾ [الجاثية:18]، فأخبر سبحانه أنَّه جعل محمَّدًا صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتِّباعها، ونهاه عن اتِّباع أهواء الَّذين لا يعلمون، وقد دخل في ذلك كلُّ من خالف شريعته من اليهود والنَّصارى وغيرهم، وأهواؤهم: هو ما يهوونه؛ ومتابعتهم فيما يختصُّون به من دينهم وأعيادهم، اتِّباع لأهوائهم.
ونظيره قوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير﴾ [البقرة:120] ففيه تهديد، ووعيد شديد للأمَّة عن اتِّباع طرائق اليهود والنَّصارى، بعد ما عَلِموا من القرآن والسُّنَّة، ومتابعتهم في بعض ما هم عليه من الدِّين والأعياد، متابعة لهم فيما يهوونه.
وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾ [المائدة:51].
قال العلماء: ومن موالاتهم التَّشبُّه بهم، وإظهارُ أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائها في بلاد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم، فقد أعانهم على إظهارها([2]).
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، فقد تأوَّل غيرُ واحدٍ من السَّلف أنَّه أعياد المشركين، كما قاله أبو العالية ومجاهد وابن سيرين والرَّبيع بن أنس والضحَّاك وغيرهم، وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاس([3])، فسمَّى أعيادهم زورًا، وحضورها شهودها، وقد نصَّ أحمد على أنَّه لا يجوز شهود أعياد النَّصارى واليهود، واحتجَّ بهذه الآية كما سيأتي، ووجه الدّلالة من الآية أنَّ الله تعالى أثنى على المؤمنين الَّذين هم عباد الرَّحمن في تركهم شهود هذه الأعياد الَّذي هو مجرَّد الحضور، برؤيةٍ أو سماعٍ؛ فكيف بمن يوافقهم في ذلك بالاحتفال؟
ثانيا ـ الأدلَّة من السُّنَّة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»([4]) فدلّ هذا الحديث على تحريم التَّشبُّه بهم مطلقًا، ومنه الاحتفال بأعيادهم، فإنَّها من جنس أعمالهم الَّتي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قالوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ»([5])، فوجه الدّلالة أنَّ اليومين الجاهليين لم يقرّهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، والإبدال من الشَّيء، يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلَّا فيما ترك اجتماعهما، وأيضًا، فقوله لهم: «إِنَّ اللَه قَدْ أَبْدَلَكُمْ»، لمَّا سألهم عن اليومين فأجابوه: بأنَّهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية، دليلٌ على أنَّه نهاهم عنهما اعتياضًا بيومي الإسلام، إذ لو لم يقصد النَّهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسبًا، إذ أصل شرع اليومين الإسلاميَّيْن كانوا يعلمونه، ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية([6]).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا»([7]).
فدلَّ هذا الحديث على أنَّ كلَّ أمَّةٍ قد اختصَّت بعيدها، لا يشاركها فيه غيرها، وأنَّ المسلمين قد اختصُّوا بعيدهم لا يشاركوننا فيه، فإذا كان لليهود عيد وللنَّصارى عيد، كانوا مختصِّين به، فلا نشركهم فيه.
وأيضًا، فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اللَّعب بالدُّفِّ والغناء، معلِّلاً بأنَّه عيد المسلمين، وهذا يقتضي بأنَّ الرُّخصة لا تتعدَّى إلى أعياد اليهود والنَّصارى، وهذا فيه دلالة على النَّهي عن التَّشبُّه بهم في اللَّعب ونحوه.
وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ المَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الخَلَائِقِ»([8])، فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ يوم الجمعة عيد للمسلمين، كما أنَّ السَّبت لليهود والأحد للنَّصارى، وهذا يقتضي اختصاص كلّ أمَّة بعيدها، فإذَا نحن شاركنا اليهود يوم السَّبت، أو النَّصارى يوم الأحد، فقد شاركناهم في عيدهم، وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي، فالأولى والأحرى في العيد السَّنوي، إذ لا فرق؛ بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي، فكيف بأعياد الكافرين العجميَّة؟ الَّتي لا تعرف إلَّا بالحساب الرُّومي القبطي أو الفارسي أو العِبْري ونحو ذلك.
وعن أبي سعيد الخدري أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟!»([9]).
فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أمَّته ستتَّبع سَنَنَ الأمم قبلها من اليهود والنَّصارى ممَّا أحدثوه من البدع والأهواء، وأنَّها تقتدي بهم في كلِّ شيء ممَّا نهى عنه الشَّارع وذمَّه، مع الحرص الشَّديد على موافقتهم في ذلك؛ وهذا يقتضي ذمّ من يفعل ذلك، وهذا عَلَمٌ من أعلام النَّبوة، ومعجزةٌ ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
ثالثا ـ الأدلَّة من الأثر:
أمَّا من الأثر فقد نهى كثير من الصَّحابة عن مشاركة الكفَّار في أعيادهم أو شهودها أو الدُّخول عليهم فيها، ونحو ذلك.
قال عمر رضي الله عنه: «لا تعلَّموا رَطَانَة([10]) الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإنَّ السَّخطة تنزل عليهم»([11]).
وقال أيضًا: «اجتنبوا أعداء الله في عيدهم»([12]).
فهذا عمر رضي الله عنه نهى عن لسانهم، وعن مجرَّد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم أو بفعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللُّغة؟ أو ليس بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرَّد الدُّخول عليهم في عيدهم؟ وإذا كان السَّخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرَّض لعقوبة ذلك، ثمَّ قوله: «اجتنبوا أعداء الله في عيدهم» أليس نهيًا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟([13]).
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: «من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبَّه بهم حتى يموت ـ وهو كذلك ـ حُشِرَ معهم يوم القيامة»([14])، وهذا يقتضي أنَّه جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنَّار.
وعن محمَّد بن سيرين قال: «أُتِيَ علي رضي الله عنه بهديَّة النَّيْرُوز، فقال: ما هذه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين! هذا يوم النَّيروز، قال: فاصنعوا كلَّ يوم نيروزًا، قال أبو أسامة: كره رضي الله عنه أن يقول نيروزًا»([15]).
فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الَّذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟
رابعًا ـ الدَّليل من الإجماع:
أمَّا من الإجماع فقد شارط عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أهل الكتاب ألَّا يظهروا شيئًا من شعائرهم بين المسلمين، لا الأعياد ولا غيرها، فقال: «وألَّا نخرج بَاعُوثًا ولا شَعَانِين»([16])؛ فأمَّا الباعوث فقد فسَّره الإمام أحمد في رواية ابنه صالح فقال: «يخرجون كما نخرج في الفطر والأضحى». وأمَّا الشّعانين فهي أعياد لهم أيضًا([17])؛ وقد اتَّفق على هذه الشُّروط الصَّحابة وسائرُ الفقهاء، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم ـ رحمة الله عليهما ـ.
فإذا كان المسلمون قد اتَّفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلم فعلها؟ ولا شكَّ أنَّ فعله لها أشدّ من إظهار الكافر لها.
وأيضًا فقد أجمع العلماء على تحريم حضور أعياد الكفَّار ومساعدتهم في ذلك، وقد صرَّح به الفقهاء من أتباع الأئمَّة الأربعة في كتبهم.
أوَّلاً ـ مذهب الحنفية:
قال ابن نُجيم الحَنفي في بيان أنواع الكفر: «وبخروجه إلى نيروز المجوس، والموافقة معهم فيما يفعلون في ذلك اليوم، وبشرائه يوم النَّيروز شيئًا لم يكن يشتريه قبل ذلك تعظيمًا للنَّيروز لا للأكل والشُّرب، وبإهدائه ذلك اليوم للمشركين ولو بيضة تعظيمًا لذلك اليوم لا بإجابته دعوة مجوسيٍّ حلق رأس ولده وبتحسين أمر الكفَّار اتِّفاقا»([18]).
ثانيًا ـ مذهب المالكية:
قال عبد الملك بن حبيب: «سئل ابن القاسم عن الرُّكوب في السُّفن الَّتي تركب فيها النَّصارى إلى أعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السَّخطة عليهم بشركهم الَّذي اجتمعوا عليه، قال: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النَّصراني في عيده مكافأة له، ورآه من تعظيم عيده وعونًا له على كفره؛ ألا ترى أنَّه لا يحلُّ للمسلمين أن يبيعوا من النَّصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا أدمًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابَّة ولا يعانون على شيء من عيدهم؛ لأنَّ ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسَّلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، وهو قول مالك وغيره لم أعلمه اختلف فيه»([19]).
وقال الشَّيخ الدَّردير فيما يجرح شهادة الرَّجل: «ولعب نيروز» أي أنَّ اللَّعب في يوم النَّيروز وهو أوَّل يوم من السَّنة القبطية مانعٌ من قَبول الشَّهادة، وهو من فعل الجاهليَّة والنَّصارى، ويقع في بعض البلاد من رعاع النَّاس»([20]).
ثالثًا ـ مذهب الشَّافعيَّة:
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطَّبري الفقيه الشَّافعي: «ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم؛ لأنَّهم على مُنْكَرٍ وَزُورٍ، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالرَّاضين به، المؤثرين له؛ فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم، فيعمّ الجميع، نعوذ بالله من سخطه»([21]).
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (9/234): «باب كراهيَّة الدُّخول على أهل الذِّمَّة في كنائسهم، والتَّشبُّه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم».
رابعًا ـ مذهب الحنابلة:
قال الإمام أبو الحسن الآمدي المعروف بابن البغدادي في كتابه «عمدة الحاضر وكفاية المسافر»: «فصل: لا يجوز شهود أعياد النَّصارى واليهود، نصَّ عليه أحمد في رواية مهنا، واحتجَّ بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، قال: الشَّعانين وأعيادهم»([22]).
رابعًا ـ الدَّليل من الاعتبار:
وأمَّا من حيث الاعتبار والنَّظر فمن وجوه:
أحدها: أنَّه قد استقرَّ في الشَّريعة الإسلاميَّة مخالفة الكفَّار في كلِّ ما اختصُّوا به، والأعياد من أهمِّ الخصائص الَّتي اختصُّوا به.
الوجه الثَّاني: أنَّ الأعياد من جملة الشَّرائع الَّتي تتميَّز بها كلُّ أمَّة، لقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج:67]، ومشاركة المسلمين النَّصارى في أعيادهم، مشاركة لهم في شعائر دينهم الباطلة.
الوجه الثَّالث: أنَّ هذه الأعياد هي محدثة في دين النَّصارى، وقد عُرِف القوم بالإحداث في الدِّين، كما قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾[الحديد:27]، وما أحدث من المواسم والأعياد بدعة، وكلّ بدعة ضلالة؛ ولو أحدث المسلمون بدعة لكانت ضلالة، فكيف ما أحدثه هؤلاء الضلَّال؟!
الوجه الرَّابع: أنَّ هذه الأعياد البدعيَّة صارت مضاهاة لما شرعه الله من الأعياد الشَّرعيَّة.
فمتى تعوَّدت القلوبُ البدع لم يبقَ فيها فضلٌ للسُّنن.
الوجه الخامس: أنَّ مشاركتهم في أعيادهم ذريعة إلى مشابهتهم في أخلاقهم وأعمالهم المذمومة؛ لأنَّ المشابهة والمشاكلة في الأمور الظَّاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتَّدريج الخفيّ، وهذا أمرٌ محسوس، وسدّ الذَّرائع قاعدة عظيمة من قواعد الشَّرع، بل هو أحد أرباع الدِّين.
الوجه السَّادس: أنَّ الاحتفال بأعيادهم توجب محبَّتهم وموالاتهم، والمحبَّة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين( [المائدة:51].
الوجه السَّابع: أنَّ مشاركتهم في الاحتفال بأعيادهم توجب لهم العزَّة؛ لأنَّهم يودُّون أن يروا المسلمين تبعًا لهم في أمور دنياهم، فكيف المتابعة في أمور دينهم؟!
وينبني على هذا أنَّه لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بهم في أعيادهم ولا يعين من يتشبَّه بهم، ولا إجابة دعوتهم، ولا أكل طعامهم، ولا قبول هديَّتهم، ولا بيع ما يستعينون به على أعيادهم.
الوجه الثَّامن: أنَّ مشاركتهم في أعيادهم إقرار لهم على ما هم عليه من الباطل، وتكثير لسوادهم.
هذه بعض مظاهر الفساد في مشابهتهم ومشاركتهم في أعيادهم، وإلَّا فهي أكثر من أن تحصر.
وينبني على ما تقدَّم ذكره أنَّه يحرم حضور أعياد الكفار، أو مشاركتهم فيها، أو إعانتهم على إقامتها، أو بيع ما يستعينون به على إظهارها، أو الدُّخول معهم في كنائسهم، أو إهداء لهم أو قبول هديتهم، أو إجابة دعوتهم، أو تهنئتهم بهذا العيد، أو اتِّخاذ هذا اليوم يوم راحة وفرح وسرور، وذلك بترك الوظائف الرَّاتبة: من الصَّنائع، والتِّجارات، أو حِلَقِ العلم، أو طبخ طعام مخصوص أو توزيع الحلويات، أو إيقاد الشُّموع وتبخير البخور، وتزيين الشَّوارع والمباني والقصور، وغير ذلك من الأمور؛ لأنَّ في ذلك إعانة على المنكرات، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان﴾ِ [المائدة:2].
والضَّابط في ذلك: أنَّه لا يُحدَث فيه أمرٌ أصلاً، بل يُجعل يومًا كسائر الأيَّام.
وبعد عرض هذه النُّصوص الصَّحيحة والدَّلائل الصَّريحة، فهل يشكُّ من في قلبه ذرَّة من الإيمان، في تحريم مشابهة عبَّاد الصُّلبان، ومشاركتهم في أعيادهم في كلِّ زمان ومكان، وهو يعلم ما تكتنفه هذه الأعياد من الكفر والفسوق والعصيان؟! أفما وَجدْت يا مسلم ما تحتفل به إلَّا ما يُسخط الرَّحمن، ويُرضي الشَّيطان، وهو شعار أهل الكفر والطُّغيان؟! فهل يصحُّ في الأذهان أن تقلِّد دينًا شرعهُ الأحبار والرُّهبان؟! والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
اللَّهمَّ يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، اللَّهمَّ يا مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا إلى طاعتك، واتِّباع شرعك، وسنَّة نبيِّك، وجنِّبنا الابتداع، واتِّباع الأهواء.
آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
([1]) هو طرف من حديث طويل أخرجه الترمذي (2953) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، وصحَّحه الشَّيخ الألباني: في «صحيح التِّرمذي».
([2]) «تشبيه الخسيس بأهل الخميس» (23).
([3]) انظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (15454)، «الدُّرّ المنثور» (6/282)، «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (1/479)، «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/156).
([4]) أخرجه أبو داود (4031)، وجوَّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (1/240)، وكذا في «مجموع الفتاوى» (25/331)، وحسَّنه الحافظ في «الفتح» (10/271)، وصحَّحه الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/342)، والشَّيخ الألباني في «الإرواء» (1269).
([5]) رواه أبو داود (1134)، والنَّسائي (1556)، وصحَّحه الحافظ في «الفتح» (2/442)، والشَّيخ الألباني في «صحيح السُّنن#، وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية في «الاقتضاء» (1/486) على شرط مسلم.
([6]) قاله شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/48.
([7]) أخرجه البخاري (909)، ومسلم (892)، وفيه قصَّة معروفة.
([8]) رواه مسلم (856).
([9]) أخرجه البخاري (3269)، ومسلم (2669).
([10]) «الرَّطَانَة» ويقال أيضًا: الرِّطانة والمُراطنة: التَّكلُّم بالأعجميَّة، من رَطَنَ العجمي يَرْطُنُ رطنًا، تكلَّم بلغته، انظر: «لسان العرب» (مادة: رطن).
([11]) رواه عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه» (1/411)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (9/234)، وصحَّحه شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/511)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/156).
([12]) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (9/234)، وكذا في «شعب الإيمان» (9385).
([13]) قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/515).
([14]) أخرجه البيهقيّ في «الكبرى» (9/234)، وصحَّحه أيضًا شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/513)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157).
([15]) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (9/235) بسند صحيح.
([16]) أخرجه البيهقي (9/202)، وعزاه شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/326) إلى حرب، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (2/657) إلى عبد الله ابن الإمام أحمد، وعنه الخلَّال في كتاب «أحكام أهل الملل»، وجوَّد إسناده ابن تيميَّة، وقال ابن القيِّم: «وشهرة هذه الشُّروط تغني عن إسنادها، فإنَّ الأئمَّة تلقَّوها بالقَبول، وذكروها في كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها»
([17]) هو عيد نصراني، يقع يوم الأحد السَّابق لعيد الفصح، يحتفل فيه بذكرى دخول المسيح بيت القدس، انظر: «المعجم الوسيط» (1/486).
([18]) «البحر الرَّائق» (5/133)، وانظر: «الدُّرّ المختار» (6/754)، «الفتاوى الهنديَّة» (6/446)، «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (4/491).
([19]) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/19)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157).
([20]) «الشَّرح الكبير» (4/181)، وانظر: «التَّاج والإكليل» (6/175)، «مواهب الجليل» (4/529).
([21]) نقله ابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمة» (1/156).
([22]) نقله شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/516)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157)، وانظر: «الفروع» لابن مفلح (5/235).
منقول من موقع راية الإصلاح
وقد تعالت صيحات المصلحين، وظهرت فتاوى العلماء الرَّبَّانيِّين في تحذير المسلمين من المشاركة في أعياد المشركين، لما في ذلك من الفساد في الدِّين؛ ولعلَّ خير من تناول هذا الموضوع بالتَّفصيل والتَّأصيل: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الفذِّ الَّذي لم تر العيون مثله: «اقتضاء الصِّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، وقد حشد لذلك الأدلَّة العامة والخاصَّة، وجمع النُّصوص من الكتاب والسُّنَّة وأقوال السَّلف وإجماع الأمَّة، والأدلَّة من الاعتبار والنَّظر ممَّا لا تجدها في غيره، فصل فيها الكلام، وأزال بها اللِّثام، وميَّز الحلال عن الحرام، وها أنا أختصر ما ذكره مع بعض الزِّيادات والإضافات، لعلَّها تهدي الحيارى، وتفكُّ الأسارى من ربقة التَّشبُّه باليهود والنَّصارى.
أوَّلاً: الأدلَّة من الكتاب:
قال تعالى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين﴾، ووجه الدّلالة من الآية أنَّ الله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يسألوه في جميع صلواتهم الهداية إلى سبيل الَّذين أنعم عليهم منَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ، وأن يجنِّبهم سبيل المغضوب عليهم والضَّالِّين، والأمَّة الغضبيَّة هم اليهود، وأمَّة الضَّلال هم النَّصارى، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اليَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضُلاَّلٌ»([1])، وهذا يقتضي تحريم اتِّباع سبيلهم، وأعيادهم من سبيلهم.
وقال سبحانه: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون﴾ [الجاثية:18]، فأخبر سبحانه أنَّه جعل محمَّدًا صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتِّباعها، ونهاه عن اتِّباع أهواء الَّذين لا يعلمون، وقد دخل في ذلك كلُّ من خالف شريعته من اليهود والنَّصارى وغيرهم، وأهواؤهم: هو ما يهوونه؛ ومتابعتهم فيما يختصُّون به من دينهم وأعيادهم، اتِّباع لأهوائهم.
ونظيره قوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير﴾ [البقرة:120] ففيه تهديد، ووعيد شديد للأمَّة عن اتِّباع طرائق اليهود والنَّصارى، بعد ما عَلِموا من القرآن والسُّنَّة، ومتابعتهم في بعض ما هم عليه من الدِّين والأعياد، متابعة لهم فيما يهوونه.
وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾ [المائدة:51].
قال العلماء: ومن موالاتهم التَّشبُّه بهم، وإظهارُ أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائها في بلاد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم، فقد أعانهم على إظهارها([2]).
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، فقد تأوَّل غيرُ واحدٍ من السَّلف أنَّه أعياد المشركين، كما قاله أبو العالية ومجاهد وابن سيرين والرَّبيع بن أنس والضحَّاك وغيرهم، وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاس([3])، فسمَّى أعيادهم زورًا، وحضورها شهودها، وقد نصَّ أحمد على أنَّه لا يجوز شهود أعياد النَّصارى واليهود، واحتجَّ بهذه الآية كما سيأتي، ووجه الدّلالة من الآية أنَّ الله تعالى أثنى على المؤمنين الَّذين هم عباد الرَّحمن في تركهم شهود هذه الأعياد الَّذي هو مجرَّد الحضور، برؤيةٍ أو سماعٍ؛ فكيف بمن يوافقهم في ذلك بالاحتفال؟
ثانيا ـ الأدلَّة من السُّنَّة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»([4]) فدلّ هذا الحديث على تحريم التَّشبُّه بهم مطلقًا، ومنه الاحتفال بأعيادهم، فإنَّها من جنس أعمالهم الَّتي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قالوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ»([5])، فوجه الدّلالة أنَّ اليومين الجاهليين لم يقرّهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، والإبدال من الشَّيء، يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلَّا فيما ترك اجتماعهما، وأيضًا، فقوله لهم: «إِنَّ اللَه قَدْ أَبْدَلَكُمْ»، لمَّا سألهم عن اليومين فأجابوه: بأنَّهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية، دليلٌ على أنَّه نهاهم عنهما اعتياضًا بيومي الإسلام، إذ لو لم يقصد النَّهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسبًا، إذ أصل شرع اليومين الإسلاميَّيْن كانوا يعلمونه، ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية([6]).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا»([7]).
فدلَّ هذا الحديث على أنَّ كلَّ أمَّةٍ قد اختصَّت بعيدها، لا يشاركها فيه غيرها، وأنَّ المسلمين قد اختصُّوا بعيدهم لا يشاركوننا فيه، فإذا كان لليهود عيد وللنَّصارى عيد، كانوا مختصِّين به، فلا نشركهم فيه.
وأيضًا، فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اللَّعب بالدُّفِّ والغناء، معلِّلاً بأنَّه عيد المسلمين، وهذا يقتضي بأنَّ الرُّخصة لا تتعدَّى إلى أعياد اليهود والنَّصارى، وهذا فيه دلالة على النَّهي عن التَّشبُّه بهم في اللَّعب ونحوه.
وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ المَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الخَلَائِقِ»([8])، فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ يوم الجمعة عيد للمسلمين، كما أنَّ السَّبت لليهود والأحد للنَّصارى، وهذا يقتضي اختصاص كلّ أمَّة بعيدها، فإذَا نحن شاركنا اليهود يوم السَّبت، أو النَّصارى يوم الأحد، فقد شاركناهم في عيدهم، وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي، فالأولى والأحرى في العيد السَّنوي، إذ لا فرق؛ بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي، فكيف بأعياد الكافرين العجميَّة؟ الَّتي لا تعرف إلَّا بالحساب الرُّومي القبطي أو الفارسي أو العِبْري ونحو ذلك.
وعن أبي سعيد الخدري أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟!»([9]).
فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أمَّته ستتَّبع سَنَنَ الأمم قبلها من اليهود والنَّصارى ممَّا أحدثوه من البدع والأهواء، وأنَّها تقتدي بهم في كلِّ شيء ممَّا نهى عنه الشَّارع وذمَّه، مع الحرص الشَّديد على موافقتهم في ذلك؛ وهذا يقتضي ذمّ من يفعل ذلك، وهذا عَلَمٌ من أعلام النَّبوة، ومعجزةٌ ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
ثالثا ـ الأدلَّة من الأثر:
أمَّا من الأثر فقد نهى كثير من الصَّحابة عن مشاركة الكفَّار في أعيادهم أو شهودها أو الدُّخول عليهم فيها، ونحو ذلك.
قال عمر رضي الله عنه: «لا تعلَّموا رَطَانَة([10]) الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإنَّ السَّخطة تنزل عليهم»([11]).
وقال أيضًا: «اجتنبوا أعداء الله في عيدهم»([12]).
فهذا عمر رضي الله عنه نهى عن لسانهم، وعن مجرَّد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم أو بفعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللُّغة؟ أو ليس بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرَّد الدُّخول عليهم في عيدهم؟ وإذا كان السَّخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرَّض لعقوبة ذلك، ثمَّ قوله: «اجتنبوا أعداء الله في عيدهم» أليس نهيًا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟([13]).
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: «من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبَّه بهم حتى يموت ـ وهو كذلك ـ حُشِرَ معهم يوم القيامة»([14])، وهذا يقتضي أنَّه جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنَّار.
وعن محمَّد بن سيرين قال: «أُتِيَ علي رضي الله عنه بهديَّة النَّيْرُوز، فقال: ما هذه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين! هذا يوم النَّيروز، قال: فاصنعوا كلَّ يوم نيروزًا، قال أبو أسامة: كره رضي الله عنه أن يقول نيروزًا»([15]).
فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الَّذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟
رابعًا ـ الدَّليل من الإجماع:
أمَّا من الإجماع فقد شارط عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أهل الكتاب ألَّا يظهروا شيئًا من شعائرهم بين المسلمين، لا الأعياد ولا غيرها، فقال: «وألَّا نخرج بَاعُوثًا ولا شَعَانِين»([16])؛ فأمَّا الباعوث فقد فسَّره الإمام أحمد في رواية ابنه صالح فقال: «يخرجون كما نخرج في الفطر والأضحى». وأمَّا الشّعانين فهي أعياد لهم أيضًا([17])؛ وقد اتَّفق على هذه الشُّروط الصَّحابة وسائرُ الفقهاء، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم ـ رحمة الله عليهما ـ.
فإذا كان المسلمون قد اتَّفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلم فعلها؟ ولا شكَّ أنَّ فعله لها أشدّ من إظهار الكافر لها.
وأيضًا فقد أجمع العلماء على تحريم حضور أعياد الكفَّار ومساعدتهم في ذلك، وقد صرَّح به الفقهاء من أتباع الأئمَّة الأربعة في كتبهم.
أوَّلاً ـ مذهب الحنفية:
قال ابن نُجيم الحَنفي في بيان أنواع الكفر: «وبخروجه إلى نيروز المجوس، والموافقة معهم فيما يفعلون في ذلك اليوم، وبشرائه يوم النَّيروز شيئًا لم يكن يشتريه قبل ذلك تعظيمًا للنَّيروز لا للأكل والشُّرب، وبإهدائه ذلك اليوم للمشركين ولو بيضة تعظيمًا لذلك اليوم لا بإجابته دعوة مجوسيٍّ حلق رأس ولده وبتحسين أمر الكفَّار اتِّفاقا»([18]).
ثانيًا ـ مذهب المالكية:
قال عبد الملك بن حبيب: «سئل ابن القاسم عن الرُّكوب في السُّفن الَّتي تركب فيها النَّصارى إلى أعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السَّخطة عليهم بشركهم الَّذي اجتمعوا عليه، قال: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النَّصراني في عيده مكافأة له، ورآه من تعظيم عيده وعونًا له على كفره؛ ألا ترى أنَّه لا يحلُّ للمسلمين أن يبيعوا من النَّصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا أدمًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابَّة ولا يعانون على شيء من عيدهم؛ لأنَّ ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسَّلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، وهو قول مالك وغيره لم أعلمه اختلف فيه»([19]).
وقال الشَّيخ الدَّردير فيما يجرح شهادة الرَّجل: «ولعب نيروز» أي أنَّ اللَّعب في يوم النَّيروز وهو أوَّل يوم من السَّنة القبطية مانعٌ من قَبول الشَّهادة، وهو من فعل الجاهليَّة والنَّصارى، ويقع في بعض البلاد من رعاع النَّاس»([20]).
ثالثًا ـ مذهب الشَّافعيَّة:
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطَّبري الفقيه الشَّافعي: «ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم؛ لأنَّهم على مُنْكَرٍ وَزُورٍ، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالرَّاضين به، المؤثرين له؛ فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم، فيعمّ الجميع، نعوذ بالله من سخطه»([21]).
وقال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (9/234): «باب كراهيَّة الدُّخول على أهل الذِّمَّة في كنائسهم، والتَّشبُّه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم».
رابعًا ـ مذهب الحنابلة:
قال الإمام أبو الحسن الآمدي المعروف بابن البغدادي في كتابه «عمدة الحاضر وكفاية المسافر»: «فصل: لا يجوز شهود أعياد النَّصارى واليهود، نصَّ عليه أحمد في رواية مهنا، واحتجَّ بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، قال: الشَّعانين وأعيادهم»([22]).
رابعًا ـ الدَّليل من الاعتبار:
وأمَّا من حيث الاعتبار والنَّظر فمن وجوه:
أحدها: أنَّه قد استقرَّ في الشَّريعة الإسلاميَّة مخالفة الكفَّار في كلِّ ما اختصُّوا به، والأعياد من أهمِّ الخصائص الَّتي اختصُّوا به.
الوجه الثَّاني: أنَّ الأعياد من جملة الشَّرائع الَّتي تتميَّز بها كلُّ أمَّة، لقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج:67]، ومشاركة المسلمين النَّصارى في أعيادهم، مشاركة لهم في شعائر دينهم الباطلة.
الوجه الثَّالث: أنَّ هذه الأعياد هي محدثة في دين النَّصارى، وقد عُرِف القوم بالإحداث في الدِّين، كما قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾[الحديد:27]، وما أحدث من المواسم والأعياد بدعة، وكلّ بدعة ضلالة؛ ولو أحدث المسلمون بدعة لكانت ضلالة، فكيف ما أحدثه هؤلاء الضلَّال؟!
الوجه الرَّابع: أنَّ هذه الأعياد البدعيَّة صارت مضاهاة لما شرعه الله من الأعياد الشَّرعيَّة.
فمتى تعوَّدت القلوبُ البدع لم يبقَ فيها فضلٌ للسُّنن.
الوجه الخامس: أنَّ مشاركتهم في أعيادهم ذريعة إلى مشابهتهم في أخلاقهم وأعمالهم المذمومة؛ لأنَّ المشابهة والمشاكلة في الأمور الظَّاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتَّدريج الخفيّ، وهذا أمرٌ محسوس، وسدّ الذَّرائع قاعدة عظيمة من قواعد الشَّرع، بل هو أحد أرباع الدِّين.
الوجه السَّادس: أنَّ الاحتفال بأعيادهم توجب محبَّتهم وموالاتهم، والمحبَّة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين( [المائدة:51].
الوجه السَّابع: أنَّ مشاركتهم في الاحتفال بأعيادهم توجب لهم العزَّة؛ لأنَّهم يودُّون أن يروا المسلمين تبعًا لهم في أمور دنياهم، فكيف المتابعة في أمور دينهم؟!
وينبني على هذا أنَّه لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بهم في أعيادهم ولا يعين من يتشبَّه بهم، ولا إجابة دعوتهم، ولا أكل طعامهم، ولا قبول هديَّتهم، ولا بيع ما يستعينون به على أعيادهم.
الوجه الثَّامن: أنَّ مشاركتهم في أعيادهم إقرار لهم على ما هم عليه من الباطل، وتكثير لسوادهم.
هذه بعض مظاهر الفساد في مشابهتهم ومشاركتهم في أعيادهم، وإلَّا فهي أكثر من أن تحصر.
وينبني على ما تقدَّم ذكره أنَّه يحرم حضور أعياد الكفار، أو مشاركتهم فيها، أو إعانتهم على إقامتها، أو بيع ما يستعينون به على إظهارها، أو الدُّخول معهم في كنائسهم، أو إهداء لهم أو قبول هديتهم، أو إجابة دعوتهم، أو تهنئتهم بهذا العيد، أو اتِّخاذ هذا اليوم يوم راحة وفرح وسرور، وذلك بترك الوظائف الرَّاتبة: من الصَّنائع، والتِّجارات، أو حِلَقِ العلم، أو طبخ طعام مخصوص أو توزيع الحلويات، أو إيقاد الشُّموع وتبخير البخور، وتزيين الشَّوارع والمباني والقصور، وغير ذلك من الأمور؛ لأنَّ في ذلك إعانة على المنكرات، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان﴾ِ [المائدة:2].
والضَّابط في ذلك: أنَّه لا يُحدَث فيه أمرٌ أصلاً، بل يُجعل يومًا كسائر الأيَّام.
وبعد عرض هذه النُّصوص الصَّحيحة والدَّلائل الصَّريحة، فهل يشكُّ من في قلبه ذرَّة من الإيمان، في تحريم مشابهة عبَّاد الصُّلبان، ومشاركتهم في أعيادهم في كلِّ زمان ومكان، وهو يعلم ما تكتنفه هذه الأعياد من الكفر والفسوق والعصيان؟! أفما وَجدْت يا مسلم ما تحتفل به إلَّا ما يُسخط الرَّحمن، ويُرضي الشَّيطان، وهو شعار أهل الكفر والطُّغيان؟! فهل يصحُّ في الأذهان أن تقلِّد دينًا شرعهُ الأحبار والرُّهبان؟! والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
اللَّهمَّ يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، اللَّهمَّ يا مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا إلى طاعتك، واتِّباع شرعك، وسنَّة نبيِّك، وجنِّبنا الابتداع، واتِّباع الأهواء.
آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
([1]) هو طرف من حديث طويل أخرجه الترمذي (2953) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، وصحَّحه الشَّيخ الألباني: في «صحيح التِّرمذي».
([2]) «تشبيه الخسيس بأهل الخميس» (23).
([3]) انظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (15454)، «الدُّرّ المنثور» (6/282)، «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (1/479)، «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/156).
([4]) أخرجه أبو داود (4031)، وجوَّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (1/240)، وكذا في «مجموع الفتاوى» (25/331)، وحسَّنه الحافظ في «الفتح» (10/271)، وصحَّحه الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/342)، والشَّيخ الألباني في «الإرواء» (1269).
([5]) رواه أبو داود (1134)، والنَّسائي (1556)، وصحَّحه الحافظ في «الفتح» (2/442)، والشَّيخ الألباني في «صحيح السُّنن#، وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية في «الاقتضاء» (1/486) على شرط مسلم.
([6]) قاله شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/48.
([7]) أخرجه البخاري (909)، ومسلم (892)، وفيه قصَّة معروفة.
([8]) رواه مسلم (856).
([9]) أخرجه البخاري (3269)، ومسلم (2669).
([10]) «الرَّطَانَة» ويقال أيضًا: الرِّطانة والمُراطنة: التَّكلُّم بالأعجميَّة، من رَطَنَ العجمي يَرْطُنُ رطنًا، تكلَّم بلغته، انظر: «لسان العرب» (مادة: رطن).
([11]) رواه عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه» (1/411)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (9/234)، وصحَّحه شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/511)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/156).
([12]) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (9/234)، وكذا في «شعب الإيمان» (9385).
([13]) قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/515).
([14]) أخرجه البيهقيّ في «الكبرى» (9/234)، وصحَّحه أيضًا شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/513)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157).
([15]) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (9/235) بسند صحيح.
([16]) أخرجه البيهقي (9/202)، وعزاه شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/326) إلى حرب، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (2/657) إلى عبد الله ابن الإمام أحمد، وعنه الخلَّال في كتاب «أحكام أهل الملل»، وجوَّد إسناده ابن تيميَّة، وقال ابن القيِّم: «وشهرة هذه الشُّروط تغني عن إسنادها، فإنَّ الأئمَّة تلقَّوها بالقَبول، وذكروها في كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها»
([17]) هو عيد نصراني، يقع يوم الأحد السَّابق لعيد الفصح، يحتفل فيه بذكرى دخول المسيح بيت القدس، انظر: «المعجم الوسيط» (1/486).
([18]) «البحر الرَّائق» (5/133)، وانظر: «الدُّرّ المختار» (6/754)، «الفتاوى الهنديَّة» (6/446)، «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (4/491).
([19]) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «الاقتضاء» (1/19)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157).
([20]) «الشَّرح الكبير» (4/181)، وانظر: «التَّاج والإكليل» (6/175)، «مواهب الجليل» (4/529).
([21]) نقله ابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمة» (1/156).
([22]) نقله شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (1/516)، وابن القيِّم في «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/157)، وانظر: «الفروع» لابن مفلح (5/235).
منقول من موقع راية الإصلاح