هجران أهل البدع لفضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي رحمه الله
قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ : وترك الخصومات ، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء
الشرح :
الدليل على ذلك قوله تعالى : (( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم )) [ النساء : 140 ] .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سمع بالدجال فلينأ عنه ما استطاع ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فما يزال به حتى يتبعه لما يرى معه من الشبهات " .
قال الشيخ ابن بطة رحمه الله معلقا عليه : " هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ، فالله الله معشر المسلمين ،لا يحملن أحدا منكم حسن ظنه بنفسه ، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء ، فيقول أداخله لأناظره أو لأستخرج منه مذهبه فإنهم أشد فتنة من الدجال ؛ وكلامهم ألصق من الجرب ، وأحرق للقلوب من اللهب ، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم في مجالسهم فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم ، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر ودقيق الكفر حتى صبوا إليهم .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه " وقد جاءه رجل فقال له : يا أبا حمزة لقيت قوما يكذبون بالشفاعة وبعذاب القبر ، فقال : أولئك الكذابون فلا تجالسهم " .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :" لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب " .
قال أبو الجوزاء ـ وكان من كبار التابعين ـ :" لأن يجاورني قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني أحد منهم يعني أصحاب الأهواء " .
وقال الفضيل بن عياض : " لا تجلس مع صاحب بدعة فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة ".
وقد دخل على محمد بن سيرين رجلان من أهل الأهواء فقالا : يا أبا بكر : نحدثك بحديث ، قال : لا ، قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ قال : لا ، لتقومان عني أو لأقومن ، فخرجا ، فقال بعض القوم : يا أبا بكر وما كان عليك أن يقرأا عليك آية من كتاب الله ؟ قال : إني خشيت أن يقرأا علي آية فيحرفانها فيقرّ ذلك في قلبي " .
وعن عبد الرزاق أنه قال :
قال لي إبراهيم بن محمد بن أبي يحي : أرى المعتزلة عندكم كثيرا قلت : نعم ، وهم يزعمون أنك منهم . قال أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ، قلت : لا ، قال : لم ؟ قلت : لأن القلب ضعيف والدين ليس لمن غلب .
وعن مبشر بن إسماعيل الحلبي قال : " قيل للأوزاعي إن رجلا يقول : أنا أجالس أهل السنة وأهل البدعة ، فقال الأوزاعي : هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل :"
ولأهل البدع والأهواء علامات يعرفون بها ، منها :
1 ـ الوقيعة في أهل الأثر ، قال أبو حاتم الرازي رحمه الله :" علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ."
2 ـ شدة معاداتهم لأهل الحديث وسكوتهم عن أهل الغي والباطل ، قال صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج :" يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان " .
قال أبو عثمان الصابوني :" وعلامة البدع على أهلها بادية ظاهرة ، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، واحتقارهم لهم ، وتسميتهم إياهم حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقادا منهم في أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها بمعزل عن العلم وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير ، وحججهم العاطلة أولئك الذين لعنهم الله " . اهـ
3 ـ استعانتهم بالولاة والسلاطين بسبب ضعف حجة أهل البدع وهو مذهبهم وقلة حيلتهم فإنهم يستعينون في نصرة دعوتهم بالولاة والسلاطين لأن فيها نوعا من الإكراه والإخافة .
4 ـ الإجتهاد والغلو في العبادة : فالمبتدع يزيد في الإجتهاد لينال في الدنيا التعظيم والجاه والمال وغير ذلك من أصناف الشهوات ، لأن التعظيم على شهوات الدنيا أي على ترك شهوات الدنيا أعظم ، ألا ترى إلى انقطاع الرهبان في الصوامع عن جميع الملذوذات ، ومقاساتهم لأصناف العبادات ، والكف عن الشهوات ، وهم مع ذلك خالدون في جهنم .
قال تعالى : (( وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية )) [ الغاشية : 2 ـ 4 ] .
وقال تعالى : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاالذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) [ الكهف : 103 ـ 104 ] .
وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الإلتزام ، ونشاط يداخلهم يستسهلون به الصعب ، بسبب ما داخل النفس من الهوى ، فإذا بدا للمبتدع ماهو عليه ، رآه محبوبا عنده ، فما الذي يصده عن الإستمساك به والإزدياد منه ، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره واعتقاداته أوفق وأعلى (( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )) [ المدثر : 31 ] .
وقد يفتن البعض بالمبتدعة لما يرون عندهم من التزهد والتخشع والبكاء أو غير ذلك من كثرة العبادة ، وليس هذا مقياسا صحيحا في معرفة الحق ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في وصف أهل البدع :" يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم وصيامه عند صيامهم ، وقراءته عند قراءتهم" .
أما أظهر علامات أهل السنة :
فأولا : دعوتهم إلى كتاب الله تعالى أي : إلى متابعته والعمل به .
ثانيا : تفسيرهم له بالأثر، أي : بالسنة وتفسير الصحابة والتابعين .
ثالثا : دعوتهم إلى السنة الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رابعا : اعتقادهم أنها هي المبينة لكتاب الله والمفسرة له .
خامسا : محبة السنة ومحبة أهلها وحملتها ، واعتقاد أنهم هم الذين يحفظ الله بهم الدين ، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله قيل لأبي بكر بن عياش : من السني ؟ قال : " الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها " . اهـ
سادسا : اعتدالهم ما بين الجفاء والغلو والإفراط والتفريط .
سابعا : أنهم لا يغلون في أحد من أئمتهم حتى يعتقدوا فيه العصمة لا من الصحابة ولا من غيرهم .
ثامنا : أنهم يبغضون أهل البدع ، ويتعبدون لله بمجاهدتهم وبيان حالهم وبدعهم حتى يحذرها الناس ويحذروهم .
تاسعا : عنايتهم بالعقائد وتقديمهم لها على الفضائل عكس المبتدعة .
المصدر :
شرح أصول السنة لفضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي رحمه الله [ ص : 44 ] .
قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ : وترك الخصومات ، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء
الشرح :
الدليل على ذلك قوله تعالى : (( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم )) [ النساء : 140 ] .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سمع بالدجال فلينأ عنه ما استطاع ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فما يزال به حتى يتبعه لما يرى معه من الشبهات " .
قال الشيخ ابن بطة رحمه الله معلقا عليه : " هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ، فالله الله معشر المسلمين ،لا يحملن أحدا منكم حسن ظنه بنفسه ، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء ، فيقول أداخله لأناظره أو لأستخرج منه مذهبه فإنهم أشد فتنة من الدجال ؛ وكلامهم ألصق من الجرب ، وأحرق للقلوب من اللهب ، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم في مجالسهم فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم ، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر ودقيق الكفر حتى صبوا إليهم .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه " وقد جاءه رجل فقال له : يا أبا حمزة لقيت قوما يكذبون بالشفاعة وبعذاب القبر ، فقال : أولئك الكذابون فلا تجالسهم " .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :" لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب " .
قال أبو الجوزاء ـ وكان من كبار التابعين ـ :" لأن يجاورني قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني أحد منهم يعني أصحاب الأهواء " .
وقال الفضيل بن عياض : " لا تجلس مع صاحب بدعة فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة ".
وقد دخل على محمد بن سيرين رجلان من أهل الأهواء فقالا : يا أبا بكر : نحدثك بحديث ، قال : لا ، قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ قال : لا ، لتقومان عني أو لأقومن ، فخرجا ، فقال بعض القوم : يا أبا بكر وما كان عليك أن يقرأا عليك آية من كتاب الله ؟ قال : إني خشيت أن يقرأا علي آية فيحرفانها فيقرّ ذلك في قلبي " .
وعن عبد الرزاق أنه قال :
قال لي إبراهيم بن محمد بن أبي يحي : أرى المعتزلة عندكم كثيرا قلت : نعم ، وهم يزعمون أنك منهم . قال أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ، قلت : لا ، قال : لم ؟ قلت : لأن القلب ضعيف والدين ليس لمن غلب .
وعن مبشر بن إسماعيل الحلبي قال : " قيل للأوزاعي إن رجلا يقول : أنا أجالس أهل السنة وأهل البدعة ، فقال الأوزاعي : هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل :"
ولأهل البدع والأهواء علامات يعرفون بها ، منها :
1 ـ الوقيعة في أهل الأثر ، قال أبو حاتم الرازي رحمه الله :" علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ."
2 ـ شدة معاداتهم لأهل الحديث وسكوتهم عن أهل الغي والباطل ، قال صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج :" يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان " .
قال أبو عثمان الصابوني :" وعلامة البدع على أهلها بادية ظاهرة ، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، واحتقارهم لهم ، وتسميتهم إياهم حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقادا منهم في أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها بمعزل عن العلم وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير ، وحججهم العاطلة أولئك الذين لعنهم الله " . اهـ
3 ـ استعانتهم بالولاة والسلاطين بسبب ضعف حجة أهل البدع وهو مذهبهم وقلة حيلتهم فإنهم يستعينون في نصرة دعوتهم بالولاة والسلاطين لأن فيها نوعا من الإكراه والإخافة .
4 ـ الإجتهاد والغلو في العبادة : فالمبتدع يزيد في الإجتهاد لينال في الدنيا التعظيم والجاه والمال وغير ذلك من أصناف الشهوات ، لأن التعظيم على شهوات الدنيا أي على ترك شهوات الدنيا أعظم ، ألا ترى إلى انقطاع الرهبان في الصوامع عن جميع الملذوذات ، ومقاساتهم لأصناف العبادات ، والكف عن الشهوات ، وهم مع ذلك خالدون في جهنم .
قال تعالى : (( وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية )) [ الغاشية : 2 ـ 4 ] .
وقال تعالى : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاالذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) [ الكهف : 103 ـ 104 ] .
وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الإلتزام ، ونشاط يداخلهم يستسهلون به الصعب ، بسبب ما داخل النفس من الهوى ، فإذا بدا للمبتدع ماهو عليه ، رآه محبوبا عنده ، فما الذي يصده عن الإستمساك به والإزدياد منه ، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره واعتقاداته أوفق وأعلى (( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )) [ المدثر : 31 ] .
وقد يفتن البعض بالمبتدعة لما يرون عندهم من التزهد والتخشع والبكاء أو غير ذلك من كثرة العبادة ، وليس هذا مقياسا صحيحا في معرفة الحق ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في وصف أهل البدع :" يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم وصيامه عند صيامهم ، وقراءته عند قراءتهم" .
أما أظهر علامات أهل السنة :
فأولا : دعوتهم إلى كتاب الله تعالى أي : إلى متابعته والعمل به .
ثانيا : تفسيرهم له بالأثر، أي : بالسنة وتفسير الصحابة والتابعين .
ثالثا : دعوتهم إلى السنة الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رابعا : اعتقادهم أنها هي المبينة لكتاب الله والمفسرة له .
خامسا : محبة السنة ومحبة أهلها وحملتها ، واعتقاد أنهم هم الذين يحفظ الله بهم الدين ، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله قيل لأبي بكر بن عياش : من السني ؟ قال : " الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها " . اهـ
سادسا : اعتدالهم ما بين الجفاء والغلو والإفراط والتفريط .
سابعا : أنهم لا يغلون في أحد من أئمتهم حتى يعتقدوا فيه العصمة لا من الصحابة ولا من غيرهم .
ثامنا : أنهم يبغضون أهل البدع ، ويتعبدون لله بمجاهدتهم وبيان حالهم وبدعهم حتى يحذرها الناس ويحذروهم .
تاسعا : عنايتهم بالعقائد وتقديمهم لها على الفضائل عكس المبتدعة .
المصدر :
شرح أصول السنة لفضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي رحمه الله [ ص : 44 ] .