الخطبة الأولى
الحمد لله القائل في محكم التنزيل (ان الله لايصلح عمل المفسدين)والقائل (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله)والقائل (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)والقائل(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)والقائل (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)واشهد الا اله الا الله وحده لاشريك له ، وأصلي على المبعوث رحمة للعالمين القائل في شريف السنة (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ)م صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله فهي وصية الله للأولين والآخرين (ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم أن اتقوا الله).
أيها المسلمون :ان ادعاء محبة الدين ونصرة قضايا المسلمين يمكن أن يدعيه كل أحد ولكن على أرض الواقع نجد أن الأفعال تخالف الأقوال حينها تفتضح الدعاوى وينكشف زيفها فما أسهل التنظير والتأصيل وما أصعب التطبيق والتنفيذ (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) فما أكثر الذين يدعون ويتشبثون بهذه الأسماء اللامعة كا لاصلاح والوسطية والجهاد ولكن عند التثبت نجد أن الاصلاح والوسطية والجهاد في وادٍ وأفعالهم وأقوالهم في وادٍ آخر
عباد الله ان من أعظم المتناقضات أن يأتي من يدعي محبة التوحيد والسنة ثم يحارب دولة التوحيد والسنة قال الامام ابن باز رحمه الله (العداء لهذه الدولة عداء للحق عداء للتوحيد) وصدق رحمه الله ، فان الشيوعيين في العالم يحبون الدول الشيوعية ، والرأسماليون يحبون الدول الرأسمالية ، فمقتضى هذا أن يحب الموحدون دولة التوحيد ويحبون حكاماً أقاموا دولتهم على قواعد التوحيد والسنة .
أيها المسلمون : لقد ابتليت الأمة على مر العصور بكثير من البلايا وألوان من الرزايا في كل مصر وفي كل عصر ومن أعظمها شررا وأكبرها خطرا عندما تبتلى المملكة في بعض أبنائها وتفجع في فلذات كبدها لتستيقظ البلاد على سبع خلايا كانت نائمة ولكن بعين واحدة ، كانت تخطط لأن تقتحم البيوت الآمنة ، وتزهق الانفس البريئة، وتريق الدماء المعصومة ، وتدمر الممتلكات ،وتنسف الجسور والبنايات ،وتخطف الطائرات،وتفجر المنشآت ،وقبل ذلك تفخخ العقول والقناعات وتزعزع الثوابت وتشكك في المسلمات تمهيدا لقيام دولة الخلافة الاسلامية المزعومة ، كيف وقد قال أحد دعاتهم المشهورين : وأرجو أن تكون أفغانستان اليوم هي نواة الاسلام الأولى ، بل قال كبيرهم وسيدهم الذي علمهم التكفير ـ (4/2122): (إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة و لا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله و الفقه الإسلامي )
اذن فهم لايرون أحدا مسلماً على وجه الأرض سواهم ، ولا تعجب أخي المسلم بعد ذلك أن يوجد بل ويستمر وجود هذا الفكر مادامت الكتب التي تغذيه موجودة على أرفف بعض مكتباتنا التجارية وبعض مؤسساتنا التعليمية وفي بعض مساجدنا ويَنصح بقرائتها بعض من يتصدى لتربية الشباب .
الى متى ونحن نتعامل مع هذه القضايا الحساسة بمبدأ العلاج الوقتي دون التعامل معه بمبدأ الدور الوقائي فان الوقاية خير من العلاج .
لماذا نتجاهل خطورة بعض الأطروحات وبعض الخطابات التي تحاكي وتخاطب عقول الشباب والمجتمعات بصفة عامة والتي تجعل من الحياة الجميلة حياة سوداء لا خير فيها ولا يمكن اصلاحها الا بالصعود على الجماجم والمشي على الاشلاء .
إن الدور الذي يجب ان يلعبه المصلحون والمربون والموجهون في توعية الامم والمجتمعات هو التوضيح والافصاح وبشفافية عما يكاد ويخطط للمسلمين على جميع المستويات كبارا وصغارا رجالا ونساء شبابا وكهولا فليس من المناسب أن تعالج الفروع وتستأصل الأغصان ثم تترك الأصول والجذور لتخرج لنا أغصانا وفروعا جديدة تحمل لنا نفس الثمرة،فهل سنجني من الشوك عنبا ؟
فلقد ولى زمن الرمي بالتبعات على البعيد وترك القريب يعبث بشبابنا ولقد سئمنا سياسة اشغال الناس بالكلام عن الغزو الشيوعي والمد الماركسي وخطورة القوميات والحداثة وبرتوكولات حكماء صهيون ونسينا أن نتحدث عن خطورة جحافل وجيوش الغزو الحزبي المؤدلج الذي داهم قواده هذه البلاد قبل ما يقارب الستين عاما ومازلنا نجني ثمارها السيئة التي جعلت من بعض شبابنا ينزع يد الطاعة ويشق عصا الجماعة ليضع يده في بيعة خاسرة وصفقة كاسدة وعند الكعبة في بيت الله الحرام ليبايع أميره على السمع والطاعة في المنشط والمكره ـ الله أكبر ـ علام تبايعون أيها الشباب ؟
أعلى سفك الدماء المعصومة ؟
أتبايعون على تيتم الاطفال ؟
أتبايعون على ترمل النساء ؟
أتبايعون على تكفير من لم يكفره الله ورسوله ؟
أتبايعون على اثارة الفوضى وزعزة الامن ؟
أم تبايعون على تعطيل الجمع والجماعات ؟
أم تبايعون على نسف المباني والمنشآت ؟
أم تبايعون على هتك الحرمات ؟
أم تبايعون على فتح الأبواب لأعداء الاسلام للدخول الى هذه البلاد ؟
أم تبايعون على الثورات والانقلابات ؟
أم تبايعون على استهداف الشخصيات بالاختطاف والاغتيالات ؟
أم تبايعون على خطف الطائرات ؟
أم تبايعون على تدمير المنشآت النفطية والقواعد العسكرية والمطارات ؟
لااله الا الله ما أعظم الجريمة وما أقبح الطوية ويعظم جرمها ويكبر وزرها عندما تكون عند بيت الله الحرام قال تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) أما لهذا البيت من حرمة ؟ أما لهذه الدماء من عصمة ؟ ولاحول ولاقوة الا بالله ...
قال عليه الصلاة والسلام : ((من خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ الله يَومَ القيَامَةِ لا حُجَّةَ لهُ، ومَنْ مَاتَ ولَيسَ في عُنُقِهِ بَيعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهليَّةً)).وقال" إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " . رواه مسلم ،وقال ( ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر )وقال " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " . رواه مسلم ، وقال " إنه سيكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان " . رواه مسلم
قال الآجري في " الشريعة " (ص 2 عن الخوارج :" فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام – عدلاً كان الإمام أو جائراً – فخرج،وجمع جماعة،وسلّ سيفه،واستحل قتال المسلمين؛فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن،ولا بطول قيامه في الصلاة،ولا بدوام صيامه،ولا بحسْن ألفاظه في العلم،إذا كان مذهبه مذهب الخوارج " ا.هـ . وقال سماحة مفتي عام المملكة حفظه الله (ان ما قام به هؤلاء من مبايعة زعيم لهم على السمع والطاعة واعداد العدة والاستعداد البدني والمالي والتسليح هذا كله خروج على ولي الامر وهو مطابق لفعل الخوارج الأوائل الذين نبغوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم فقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم وأمروا بقتالهم امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عنهم: (يخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة) أخرجه الشيخان.ا.هـ.
ماذا ينقم هولاء على هذه البلاد ؟ أينقمون عليها تحكيمها للشريعة ؟ أينقمون عليها دعوتها للاسلام ؟ أينقمون عليها أن تربوا على أرضها واستفادوا من خيراتها ؟ أينقمون عليها أن جعلت لهم التعليم بالمجان ؟ أينقمون عليها أن كانت الدولة الوحيدة التي فيها هيئة خاصة تعنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟أينقمون عليها أن أمنت لهم السبل الى بيت الله الحرام بينما مر زمان بأجدادهم لم يصلوا إلى مكة من قطاع الطريق؟
أيها المسلمون : كيف يدعي نصرة الدين من جعل التكفير منهجا والتفجير طريقا ومسلكاً؟
كيف يدعي نصرة الدين من جعل من تراب الوطن مخازن للإسلحة ومدافن للمتفجرات والقنابل ؟؟
كيف يدعي نصرة الدين من ينظم الخلايا ويدرب السرايا ويخطط لاقتحام السجون ونسف المنشآت والجسور ؟
كيف يدعي نصرة الدين من يوظف الملايين في شركات وهمية واستثمارات مخفية وأكل لأموال الناس بالباطل وتمريرها عبر عمليات غسيل للأموال ؟
إن جماعةً بهذه القدرات،وطائفةً بهذه الامكانيات لا يكفي أن تسمى ( فئة ضالة ) فحسب بل إنها خوارج العصر ، وحركة تمرد وعصيان ، ومليشيات مسلحة، ودعوة ثورة وانقلاب،بل إنها:
(دولة في داخل دولة ).
وإلاّ فماذا يُريدُ هؤلاءِ بكلِّ تلك الأسلحةِ وكلِّ تلك الأموالِ وكلِّ تلك التدريباتِ وهذا التخطيطِ لعملياتِ القتلِ والتفجيرِ؟!! إنهم يريدون الفتنةَ والفَوضَى، أيريدون أنْ تَصيرَ بلادُنا جزائراً أخرى ؟ أم يريدون أن تصير بلادنا صومالاً ممزقة ؟ أيريدون أن تصير بلادنا كمحرقة العراق ؟ أيريدون أن تصير بلادنا مسارح و ميادينَ للقتالِ حتى تُسوغَ للكفارِ أنْ يَتسَلَّطوا عليها بِحُجَّةِ حمايةِ المصالِحِ أو غيرِ ذلك مِن الحُججِ.
أيها المسلمون ـ ومع هذا كله ـ فكم أثلج صدورنا وطمأن قلوبنا ماقام به رجال الامن البواسل من عمليات استباقية للاطاحة بهذه الخلايا في وقت واحد واجهاض عملياتها فهو عمل جبار بكل المقاييس لايمكن أن يكون إلا بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل العيون الساهرة من رجال الأمن الذين حملوا أرواحهم على أيديهم وبذلوا أوقاتهم وضحوا بكل غال ونفيس من أجل حماية هذا الدين العظيم وهذا الوطن الكريم ، فكلمة شكر نرسلها بعد شكر الله إلى رجل الأمن الأول سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وساعده الأمين سمو الأمير محمد بن نايف وأبنائهم البررة من أسود الأمن الأشاوس ، رسالة شكر مبطنة بالدعاء لهم أن يجزيهم الله عنا خير الجزاء على ماقاموا ويقومون به من بذل وتضحيات تجاه دينهم ووطنهم .
عباد الله كيف سيكون حال بلادنا لو تمت لهؤلاء القوم مخططاتهم ووصلوا الى مآربهم لا قدر الله ؟؟
فالحمد لله الذي رد كيدهم الى نحورهم وجعل تدبيرهم تدميرهم قال تعالى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وقال تعالى (ان الله لا يصلح عمل المفسدين).
بارك الله لي ولكم في القران والسنة ونفعني واياكم بما فيهما من العلم والحكمة .
ان المشكلة تكمن في أننا مازلنا نعالج الاخطاء ـ سواء بقصد أو بغير قصد ـ بمنطق التضخيم للجريمة وأنها محرمة فقط ، وهذا لا يكفي أن يكون علاجا فضلا عن أن يكون مُسكناً دون النظر إلى الأسباب والدوافع لهذه الجرائم فليس من المناسب أن تحدث المجتمع عن خطورة مرض من الأمراض وأنه تسبب في وفاة كثير من الناس دون أن تخبرهم عن أسباب المرض والأعراض المصاحبة له حتى يتخذوا الطرق المناسبة لتفاديه والتحصن ضده .
فان من يحمل فكرا منحرفاً هو لا يخالفك في أن قتل الأنفس المعصومة كبيرة من الكبائر ولكن الخلل أنه لا يراها معصومة ، وهو لا يخالفك في أن التكفير أمره خطير ولكنه لا يرى أنه كفَّر إلاّ من استحق التكفير ، وهو يتفق معك في أن السمع والطاعة واجبة لولي الأمر ولكنه لا يرى أن هذا هو ولي الأمر، وهو لا يختلف معك في وجوب لزوم جماعة المسلمين ولكنه المشكلة أنه لا يراهم مسلمين
أيها المسلمون إن أبجديات فكر القاعدة التي يرتكز عليها في تبرير أعماله ينبغي أن تفند وتفضح ويرد عليها بنصوص الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح فلا تعدوا هذه الأبجديات سوى نصوصٍ لُويت أعناقُها لتوافق ما في نفوسهم وتتطلع إليه طموحاتهم وهذا هو دور العلماء والخطباء والمعلمين والمعلمات في كشف هذه الشبهات وفضح هذه المخططات ، وإيصال الفهم الصحيح لهذه النصوص الى الناس قبل أن تتلقفهم شباك القاعدة و فخاخ أهل الأهواء فتصطادهم بضلالاتها .
ولا ننسى دور الآباء وأولياء الأمور في وجوب المحافظة على من تحت أيديهم ومن ولاَّهم الله رعايتهم فالواجب عليهم النظر فيما يقرأ أولادهم وماذا يستمعون وماذا يشاهدون وبمن يحتكون ومن يصاحبون فلا يكفي إحسان الظن بكل من تظاهر بمظهر الخير والصلاح لتمرير فكره الخطير إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا ليصبحوا عبوات ناسفة تنتظر دورها عاجلا أو آجلاً في مسيرة الضلال والانحراف .
قال معالي الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء عندما سئل عن تنظيم القاعدة : تنظيم القاعدة تنظيمٌ لا خير فيه .
ولما سئل سماحة مفتي عام المملكة عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله عن أسامة بن لادن وأتباعه فأجاب : بأن ابنَ لادن وأتباعَه إنما هم تربية أعداء الاسلام .ا.هـ.
وقال العلامة ابنُ بازٍ ـ رحمه الله ـ قبل عشر سنوات في الفتاوى 9/100 : ونصيحتي للمسعري والفقيه وابنِ لادن وجميعِ من يسلكُ سبيلهم أن يدعوا هذا الطريقَ الوخيم , وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه , وأن يعودوا إلى رشدهم , وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم.ا.هـ.
اللهم من أرادنا بسوء فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره وإحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين.
الحمد لله القائل في محكم التنزيل (ان الله لايصلح عمل المفسدين)والقائل (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله)والقائل (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)والقائل(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)والقائل (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)واشهد الا اله الا الله وحده لاشريك له ، وأصلي على المبعوث رحمة للعالمين القائل في شريف السنة (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ)م صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله فهي وصية الله للأولين والآخرين (ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم أن اتقوا الله).
أيها المسلمون :ان ادعاء محبة الدين ونصرة قضايا المسلمين يمكن أن يدعيه كل أحد ولكن على أرض الواقع نجد أن الأفعال تخالف الأقوال حينها تفتضح الدعاوى وينكشف زيفها فما أسهل التنظير والتأصيل وما أصعب التطبيق والتنفيذ (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) فما أكثر الذين يدعون ويتشبثون بهذه الأسماء اللامعة كا لاصلاح والوسطية والجهاد ولكن عند التثبت نجد أن الاصلاح والوسطية والجهاد في وادٍ وأفعالهم وأقوالهم في وادٍ آخر
عباد الله ان من أعظم المتناقضات أن يأتي من يدعي محبة التوحيد والسنة ثم يحارب دولة التوحيد والسنة قال الامام ابن باز رحمه الله (العداء لهذه الدولة عداء للحق عداء للتوحيد) وصدق رحمه الله ، فان الشيوعيين في العالم يحبون الدول الشيوعية ، والرأسماليون يحبون الدول الرأسمالية ، فمقتضى هذا أن يحب الموحدون دولة التوحيد ويحبون حكاماً أقاموا دولتهم على قواعد التوحيد والسنة .
أيها المسلمون : لقد ابتليت الأمة على مر العصور بكثير من البلايا وألوان من الرزايا في كل مصر وفي كل عصر ومن أعظمها شررا وأكبرها خطرا عندما تبتلى المملكة في بعض أبنائها وتفجع في فلذات كبدها لتستيقظ البلاد على سبع خلايا كانت نائمة ولكن بعين واحدة ، كانت تخطط لأن تقتحم البيوت الآمنة ، وتزهق الانفس البريئة، وتريق الدماء المعصومة ، وتدمر الممتلكات ،وتنسف الجسور والبنايات ،وتخطف الطائرات،وتفجر المنشآت ،وقبل ذلك تفخخ العقول والقناعات وتزعزع الثوابت وتشكك في المسلمات تمهيدا لقيام دولة الخلافة الاسلامية المزعومة ، كيف وقد قال أحد دعاتهم المشهورين : وأرجو أن تكون أفغانستان اليوم هي نواة الاسلام الأولى ، بل قال كبيرهم وسيدهم الذي علمهم التكفير ـ (4/2122): (إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة و لا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله و الفقه الإسلامي )
اذن فهم لايرون أحدا مسلماً على وجه الأرض سواهم ، ولا تعجب أخي المسلم بعد ذلك أن يوجد بل ويستمر وجود هذا الفكر مادامت الكتب التي تغذيه موجودة على أرفف بعض مكتباتنا التجارية وبعض مؤسساتنا التعليمية وفي بعض مساجدنا ويَنصح بقرائتها بعض من يتصدى لتربية الشباب .
الى متى ونحن نتعامل مع هذه القضايا الحساسة بمبدأ العلاج الوقتي دون التعامل معه بمبدأ الدور الوقائي فان الوقاية خير من العلاج .
لماذا نتجاهل خطورة بعض الأطروحات وبعض الخطابات التي تحاكي وتخاطب عقول الشباب والمجتمعات بصفة عامة والتي تجعل من الحياة الجميلة حياة سوداء لا خير فيها ولا يمكن اصلاحها الا بالصعود على الجماجم والمشي على الاشلاء .
إن الدور الذي يجب ان يلعبه المصلحون والمربون والموجهون في توعية الامم والمجتمعات هو التوضيح والافصاح وبشفافية عما يكاد ويخطط للمسلمين على جميع المستويات كبارا وصغارا رجالا ونساء شبابا وكهولا فليس من المناسب أن تعالج الفروع وتستأصل الأغصان ثم تترك الأصول والجذور لتخرج لنا أغصانا وفروعا جديدة تحمل لنا نفس الثمرة،فهل سنجني من الشوك عنبا ؟
فلقد ولى زمن الرمي بالتبعات على البعيد وترك القريب يعبث بشبابنا ولقد سئمنا سياسة اشغال الناس بالكلام عن الغزو الشيوعي والمد الماركسي وخطورة القوميات والحداثة وبرتوكولات حكماء صهيون ونسينا أن نتحدث عن خطورة جحافل وجيوش الغزو الحزبي المؤدلج الذي داهم قواده هذه البلاد قبل ما يقارب الستين عاما ومازلنا نجني ثمارها السيئة التي جعلت من بعض شبابنا ينزع يد الطاعة ويشق عصا الجماعة ليضع يده في بيعة خاسرة وصفقة كاسدة وعند الكعبة في بيت الله الحرام ليبايع أميره على السمع والطاعة في المنشط والمكره ـ الله أكبر ـ علام تبايعون أيها الشباب ؟
أعلى سفك الدماء المعصومة ؟
أتبايعون على تيتم الاطفال ؟
أتبايعون على ترمل النساء ؟
أتبايعون على تكفير من لم يكفره الله ورسوله ؟
أتبايعون على اثارة الفوضى وزعزة الامن ؟
أم تبايعون على تعطيل الجمع والجماعات ؟
أم تبايعون على نسف المباني والمنشآت ؟
أم تبايعون على هتك الحرمات ؟
أم تبايعون على فتح الأبواب لأعداء الاسلام للدخول الى هذه البلاد ؟
أم تبايعون على الثورات والانقلابات ؟
أم تبايعون على استهداف الشخصيات بالاختطاف والاغتيالات ؟
أم تبايعون على خطف الطائرات ؟
أم تبايعون على تدمير المنشآت النفطية والقواعد العسكرية والمطارات ؟
لااله الا الله ما أعظم الجريمة وما أقبح الطوية ويعظم جرمها ويكبر وزرها عندما تكون عند بيت الله الحرام قال تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) أما لهذا البيت من حرمة ؟ أما لهذه الدماء من عصمة ؟ ولاحول ولاقوة الا بالله ...
قال عليه الصلاة والسلام : ((من خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ الله يَومَ القيَامَةِ لا حُجَّةَ لهُ، ومَنْ مَاتَ ولَيسَ في عُنُقِهِ بَيعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهليَّةً)).وقال" إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " . رواه مسلم ،وقال ( ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر )وقال " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " . رواه مسلم ، وقال " إنه سيكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان " . رواه مسلم
قال الآجري في " الشريعة " (ص 2 عن الخوارج :" فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام – عدلاً كان الإمام أو جائراً – فخرج،وجمع جماعة،وسلّ سيفه،واستحل قتال المسلمين؛فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن،ولا بطول قيامه في الصلاة،ولا بدوام صيامه،ولا بحسْن ألفاظه في العلم،إذا كان مذهبه مذهب الخوارج " ا.هـ . وقال سماحة مفتي عام المملكة حفظه الله (ان ما قام به هؤلاء من مبايعة زعيم لهم على السمع والطاعة واعداد العدة والاستعداد البدني والمالي والتسليح هذا كله خروج على ولي الامر وهو مطابق لفعل الخوارج الأوائل الذين نبغوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم فقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم وأمروا بقتالهم امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عنهم: (يخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة) أخرجه الشيخان.ا.هـ.
ماذا ينقم هولاء على هذه البلاد ؟ أينقمون عليها تحكيمها للشريعة ؟ أينقمون عليها دعوتها للاسلام ؟ أينقمون عليها أن تربوا على أرضها واستفادوا من خيراتها ؟ أينقمون عليها أن جعلت لهم التعليم بالمجان ؟ أينقمون عليها أن كانت الدولة الوحيدة التي فيها هيئة خاصة تعنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟أينقمون عليها أن أمنت لهم السبل الى بيت الله الحرام بينما مر زمان بأجدادهم لم يصلوا إلى مكة من قطاع الطريق؟
أيها المسلمون : كيف يدعي نصرة الدين من جعل التكفير منهجا والتفجير طريقا ومسلكاً؟
كيف يدعي نصرة الدين من جعل من تراب الوطن مخازن للإسلحة ومدافن للمتفجرات والقنابل ؟؟
كيف يدعي نصرة الدين من ينظم الخلايا ويدرب السرايا ويخطط لاقتحام السجون ونسف المنشآت والجسور ؟
كيف يدعي نصرة الدين من يوظف الملايين في شركات وهمية واستثمارات مخفية وأكل لأموال الناس بالباطل وتمريرها عبر عمليات غسيل للأموال ؟
إن جماعةً بهذه القدرات،وطائفةً بهذه الامكانيات لا يكفي أن تسمى ( فئة ضالة ) فحسب بل إنها خوارج العصر ، وحركة تمرد وعصيان ، ومليشيات مسلحة، ودعوة ثورة وانقلاب،بل إنها:
(دولة في داخل دولة ).
وإلاّ فماذا يُريدُ هؤلاءِ بكلِّ تلك الأسلحةِ وكلِّ تلك الأموالِ وكلِّ تلك التدريباتِ وهذا التخطيطِ لعملياتِ القتلِ والتفجيرِ؟!! إنهم يريدون الفتنةَ والفَوضَى، أيريدون أنْ تَصيرَ بلادُنا جزائراً أخرى ؟ أم يريدون أن تصير بلادنا صومالاً ممزقة ؟ أيريدون أن تصير بلادنا كمحرقة العراق ؟ أيريدون أن تصير بلادنا مسارح و ميادينَ للقتالِ حتى تُسوغَ للكفارِ أنْ يَتسَلَّطوا عليها بِحُجَّةِ حمايةِ المصالِحِ أو غيرِ ذلك مِن الحُججِ.
أيها المسلمون ـ ومع هذا كله ـ فكم أثلج صدورنا وطمأن قلوبنا ماقام به رجال الامن البواسل من عمليات استباقية للاطاحة بهذه الخلايا في وقت واحد واجهاض عملياتها فهو عمل جبار بكل المقاييس لايمكن أن يكون إلا بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل العيون الساهرة من رجال الأمن الذين حملوا أرواحهم على أيديهم وبذلوا أوقاتهم وضحوا بكل غال ونفيس من أجل حماية هذا الدين العظيم وهذا الوطن الكريم ، فكلمة شكر نرسلها بعد شكر الله إلى رجل الأمن الأول سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وساعده الأمين سمو الأمير محمد بن نايف وأبنائهم البررة من أسود الأمن الأشاوس ، رسالة شكر مبطنة بالدعاء لهم أن يجزيهم الله عنا خير الجزاء على ماقاموا ويقومون به من بذل وتضحيات تجاه دينهم ووطنهم .
عباد الله كيف سيكون حال بلادنا لو تمت لهؤلاء القوم مخططاتهم ووصلوا الى مآربهم لا قدر الله ؟؟
فالحمد لله الذي رد كيدهم الى نحورهم وجعل تدبيرهم تدميرهم قال تعالى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وقال تعالى (ان الله لا يصلح عمل المفسدين).
بارك الله لي ولكم في القران والسنة ونفعني واياكم بما فيهما من العلم والحكمة .
الخطبة الثانية
أما بعد : فان مما ينبغي معرفته والاحاطة به والحذر من تجاهله أو تناسيه ، هو أن هذه البلاد مستهدفة في عقيدتها مستهدفة في مبادئها مستهدفة في أخلاقها وأن العدو الحاقد يتحين الفرصة ويتربص الدوائر بنا سواء من أبنائنا أو من غيرهم وان العلاج لمثل هذه المعضلات لا يمكن أن يكون في يوم وليلة أو بين عشية وضحاها ولكي يكون العلاج مفيدا ونافعا باذن الله فانه لابد من الصراحة والشفافية خاصة في الطرح واختيار الخطاب المناسب لتصحيح المفاهيم دون افراط يؤدي الى التهييج او تفريط يؤدي الى التهميش .ان المشكلة تكمن في أننا مازلنا نعالج الاخطاء ـ سواء بقصد أو بغير قصد ـ بمنطق التضخيم للجريمة وأنها محرمة فقط ، وهذا لا يكفي أن يكون علاجا فضلا عن أن يكون مُسكناً دون النظر إلى الأسباب والدوافع لهذه الجرائم فليس من المناسب أن تحدث المجتمع عن خطورة مرض من الأمراض وأنه تسبب في وفاة كثير من الناس دون أن تخبرهم عن أسباب المرض والأعراض المصاحبة له حتى يتخذوا الطرق المناسبة لتفاديه والتحصن ضده .
فان من يحمل فكرا منحرفاً هو لا يخالفك في أن قتل الأنفس المعصومة كبيرة من الكبائر ولكن الخلل أنه لا يراها معصومة ، وهو لا يخالفك في أن التكفير أمره خطير ولكنه لا يرى أنه كفَّر إلاّ من استحق التكفير ، وهو يتفق معك في أن السمع والطاعة واجبة لولي الأمر ولكنه لا يرى أن هذا هو ولي الأمر، وهو لا يختلف معك في وجوب لزوم جماعة المسلمين ولكنه المشكلة أنه لا يراهم مسلمين
أيها المسلمون إن أبجديات فكر القاعدة التي يرتكز عليها في تبرير أعماله ينبغي أن تفند وتفضح ويرد عليها بنصوص الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح فلا تعدوا هذه الأبجديات سوى نصوصٍ لُويت أعناقُها لتوافق ما في نفوسهم وتتطلع إليه طموحاتهم وهذا هو دور العلماء والخطباء والمعلمين والمعلمات في كشف هذه الشبهات وفضح هذه المخططات ، وإيصال الفهم الصحيح لهذه النصوص الى الناس قبل أن تتلقفهم شباك القاعدة و فخاخ أهل الأهواء فتصطادهم بضلالاتها .
ولا ننسى دور الآباء وأولياء الأمور في وجوب المحافظة على من تحت أيديهم ومن ولاَّهم الله رعايتهم فالواجب عليهم النظر فيما يقرأ أولادهم وماذا يستمعون وماذا يشاهدون وبمن يحتكون ومن يصاحبون فلا يكفي إحسان الظن بكل من تظاهر بمظهر الخير والصلاح لتمرير فكره الخطير إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا ليصبحوا عبوات ناسفة تنتظر دورها عاجلا أو آجلاً في مسيرة الضلال والانحراف .
قال معالي الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء عندما سئل عن تنظيم القاعدة : تنظيم القاعدة تنظيمٌ لا خير فيه .
ولما سئل سماحة مفتي عام المملكة عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله عن أسامة بن لادن وأتباعه فأجاب : بأن ابنَ لادن وأتباعَه إنما هم تربية أعداء الاسلام .ا.هـ.
وقال العلامة ابنُ بازٍ ـ رحمه الله ـ قبل عشر سنوات في الفتاوى 9/100 : ونصيحتي للمسعري والفقيه وابنِ لادن وجميعِ من يسلكُ سبيلهم أن يدعوا هذا الطريقَ الوخيم , وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه , وأن يعودوا إلى رشدهم , وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم.ا.هـ.
اللهم من أرادنا بسوء فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره وإحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين.
من سحاب
تعليق