( ضوابط الهجر الشرعي " الهجر في ضوء الكتاب والسنة " )
محاضرة للشيخ الدكتور (عبد الله عبد الرحيم البخاري - حفظه الله ) من درس شرح ضوابط الجرح والتعديل يوم الأربعاء 10 جمادى الثانية 1430 هـ
ضوابط الهجر الشرعي :: للشيخ (عبد الله البخاري حفظه الله)
قال سؤالٌ :قال فيه السائل يعني كثر الهجر غير منضبطِ في بلاد المغاربة ، وعندما ننكر يقولون الهجر مبني على تقديم المصالح والمفاسد وهذا لايشترط الرجوع فيه إلى أهل العلم ؟
ماكنت أرغب من الأخ السائل أن يخص بلداً معيناً بهذا السؤال نعم ويجازف في هذا الوصف ، موضوع الهجر بارك الله فيكم وما يتعلق به حسب سؤال السائل في قوله كثر الهجر غير المنضبط هذا البحث أو هذا المبحث مبحث الهجر الناس فيه طرفان ووسط،قسم غلو وبالغوا في هذا الباب نعم غلو وبالغوا في هذا الباب ولم ينضبطوا بميزان الشرع وقبل أن أدخل في تقرير هذا أقول
" الهجر عبادة شرعية كغيرها من العبادات يشترط فيها ما يشترط في العبادات الأخر من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أشار إلى هذا الإمام شيخ الإسلام رحمه الله في أن الهجر عبادة شرعية ويجب أن ننظر إليها بمنظار الشرع فهناك آيات كثيرة تدل أن الهجر عبادة وأحاديث كثيرة تدل على أن الهجر عبادة منها قول الله تعالى !؟ يعني نحن ذكرنا كلام شيخ الإسلام او أشرنا إليه ويوجد ما يدل على كلامه من أدلة الكتاب والسنة ونجد أن تطبيق الأئمة لذلك منها قول الله تعالى { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } هذه الآيات من الآيات والأصول التي يستدل بها في باب ماذا ؟ الهجر فالله جل وعز قال فلا تقعد نهانا صحيح فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين أمرنا بالإعراض ونهانا عن الجلوس فكونه أمر وكونه نهى دل على أن هذا الفعل ماذا محبوب عند الله والمحبوب عند الله ماذا من العبادات لأن العبادة اسم جامع لكل لما يحبه الله ويرضى كما لا يخفى والنبي عليه الصلاة و السلام قد أبان " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" الحديث هذا الحديث أيضا يدل على ماذا على الهجر وانه عبادة لا يحل أيضا هذه النصوص وغيرها كثير تدل على أن الهجر عبادة بما أن الهجر عبادة إذن يجب أن يتوفر فيه ما يتوفر في غيره من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه واحدة فهمتم؟ .
الأمر الثاني أقول الناس في مسالة الهجر هذه وفي العبادة هذه طرفان ووسط كما هو الشأن في بقية العبادات الناس فيها طرفان ووسط صحيح أهل إفراط وأهل تفريط ماذا عندك الخوارج الغلاة أو المرجئة والوسط هم ما عليه أهل السنة إذن قضية تصوير أن الناس في هذه المسالة طرفان ووسط لا يعني أنها مختصة بهذه فكل عبادة الناس فيها كذلك واضح فما هو الطرفان طرفٌ غلو فصاروا يُعْمِلُونَ الهجر ومن غير مراعاة للركنين فبعضهم يهجرُ غير مخلصاً لله يهجر للأمور الدنيوية وأغراض شخصية صحيح ونزعات وحنط وحسد وغير ذلك ومنهم قد يكون مخلصا لكن لا يهجر على وفق السنة وقد يكون بعيدا لا مخلصًا ولا متبعاً بل قد يتجاوز إلى أن يمد اليد فيعتدي والقسم الآخر الطرف الثاني هم الطرف الذين قابلوا هذا الوجه بماذا بالتخذيل ومحاولة ماذا إهمال هذه الشعيرة وإظهار أن الهجر لا يصلح لمثل هذه الأزمان أو نحو ذلك وهذا يتنافى مع ما سبق من تقرير أن الهجر عبادة فأهملوا وصاروا لا يردون يد لامس في حين يتظاهرون أحيانا بماذا بالسنة وأما القسم الوسط هم من أعمل هذه العبادة على وجهها الشرعي وقانونها السنّي فأعملوها في مَحَالِّها لمن يستعملها ولم يعطلوها ولا يجوز تعطيلها أقول ولا يجوز لأحد أن يعطلها كما لا يجوز لأحد أن يعطل أي عبادة هل لك أن تعطل يوم من الأيام الصدقة ، الصدقة لك أن تعطل ما لك أن تعطل صدق ولا البر ولا التبسم في وجه أخيك صدقة واضح هذه ثانيا.
ثالثا أن موضوع الهجر بارك الله فيكم لابد فيه من النظر إلى قضية مهمة تتردد عند كثير في قضية أن الهجر مشروع للمصلحة صحيح لماذا للمصلحة أنا أقول أنتبه إلى التقرير الأول والتقرير الثاني لأنه سيرد عيك التقرير الثالث لابد أن تسلم به ما لك بدٌ أليس الدين كله مبني على المصالح ودرء المفاسد كما يقول الإمام ابن القيم في الإعلام الدين كله مبني على المصالح ،وما خالف فيه هذا أحدٌ من أئمة الإسلام ونصوص الكتاب والسنة كلها تدل على ذلك يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، إذن الدين مبنيٌ على المصالح كما يقول الإمام السعدي رحمه الله في منظومته فكل الشرائع مبنية على المصالح صحيح فلما تخص هذه فتعينها بأنها مبنية على المصالح دون غيرها عرف الاختزال هذا اختزال أقول هذا اختزال ولا يجوز أن يختزل
الأمر الرابع :
المصالح هل المصلحة المرادَ هنا هي المصلحة المختصة بالمهجور أم المختصة بالهاجر أم المختصة بالناظرين أنا أسأل لأن هذه الكلمة كثيرا ما تردد الهجر للمصلحة الهجر للمصلحة !!صحيح نحن ما ردننا نقول الصلاة للمصلحة الصدقة للمصلحة الصيام للمصلحة الجهاد لمصلحة صحيح إذن لا تتعب في تقرير ما هو مقرر في الشريعة كلها لا ينازع في هذا اثنان ولا ينتطح فيها عنزان لكن أنا أريد أن أبين هذه المصالح أو هذه المصلحة ما المراد من لفظة المصلحة فيما يشار إليه غالب من يطلق في كثيرٍ من الأحايين فهموا بعض العبارات واختزلوا عبارات كثيرة وبخاصة لشيخ الإسلام انتبه وبخاصة لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وإلا فكلام السلف قبله وبعده هو هو رحمه الله كلام عظيم قد أختزل كثيراً منه هذه المصالح انته معي المصلحة على قسمين :المصلحة الأولى المصلحة الدينية العامة التي يعبر عنها شيخ الإسلام رحمه الله بالمصلحة الدينية وعندنا المصلحة الخاصة ما الذي يدخل في المصلحة العامة يعني ما هي الأمور التي أو المقاصد الشرعية التي من أجلها شرع ماذا الهجر كما أن الصلاة لهذا مقاصد شرعية الصيام له مقاصد شرعية الزكاة لها مقاصد الحج له مقاصد شرعية بر الوالدين له مقاصد شرعية إلى غير كذلك صحيح كذلك الهجر له مقاصد شرعية فما هي هذه المقاصد الشرعية ، عندما أقول لك الزكاة منها مواساة المؤمنين نشر الإلف بين المسلمين سد حاجاتهم إلخ صحيح هذه حقوق ماذا عامة لكن إن قلت لي لي أخٌ فقير مسكين فأقول من المصلحة الخاصة لأخيك أعطيه صدقةٌ وصلة تحققت فيه مصلحة خاصة ومصلحة عامة ،فما هي المقاصد الشرعية من الهجر ؟لتتحقق المصلحة العامة التي هي المصلحة الدينية منها تحقيق العبودية لله لأن قلنا ماذا؟ الهجر عبادة فلابد أن تحقق العبودية لله عبادة في السراء وله عبادة في الضراء ومنها تحقيق معلمِ الولاء والبراء الولاء للإيمان والمؤمنين والبراءة من الكفر والكافرين والبدعة والمبتدعين جاء في الحلية لأبي نُعيم أن الإمام سفيان الثوري يقول :إن الرجل إذا أحببته في الله ثم أحدث حدثاً فلم تبغضه في الله فإنك لم تحبه لله
، يعني عندك ولاء ما عندك برا ء إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء فأعرض عنهم فلا تقعدوا معهم إلى غير ذلك ماذا النبي عليه الصلاة والسلام أخبر كما في مقدمة مسلم في الصحيح سيكون أقوامٌ في آخر الزمان يحدثونكم بما لم تعرفوا نعم ثم قال فإياكم وإياهم حذرهم حذركم فإياكم وإياهم يعني ماذا تجلسوا معهم انبسطوا معهم وإلا اتركوهم ، أتركوهم إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء القدرية لما خرجوا وجاء اثنان كما هو في أول حديث في صحيح مسلم يحي بن يعمر ومن معه نعم جاء إلى من إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب صحيح قال إنه قد ظهر أناس قبلنا يقولون ألا قدرا وان الأمر أنفْ قال ابن عمر ماذا أخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني وأنهم لن يؤمنوا حتى ماذا حتى يؤمنوا بالقدر مباشرة مفاصلة إظهار معلم الولاء والبراء والنصوص عن الإمام احمد وغيره طافحة المذكرة هذه مليئة أضف إلى هذا تحقيق معلم ومبدأ وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أليس كذلك الآن تنكر على بعض الفساق وبعض العصاة أليس من باب أولى أن تنكر على المبتدعة وغيرهم والنصوص في هذا وكلام الأئمة في الإنكار عليهم كثير ومنهم شيخ الإسلام والإمام احمد والإمام عبد الله بن المبارك وغيرهم كلهم على هذا جروا أنا اختصر لك المقاصد حتى تفهمها أيضا من المقاصد الشرعية في إقامة هذه الشعيرة العظيمة النصح للأمة الدين النصيحة في حديث تميم عند مسلم في الصحيح ومنها النصح للأمة قال لي قتادة رحمه الله "إن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن تذكر حتى تحذر" جاء ثور ابن يزيد معروف كلهم يحتج لنا بقول مقولة بعض أهل العلم نعم "خذ من علم ثور وأتق قرنيه " صحيح ويغفلون مقالة الإمام الأوزاعي لما جاءه ثور وأراد أن يصافحه قال لا قال يا أبا عمر أمد يدي ولا تصافحني قال يا ثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة ولكنه الدين .
جاء الإمام الثوري رحمه الله إلى جنازة قبل أن يصلى عليها فتخطى الناس ووقف عندها سأل من قالوا فلان فترك الصلاة عنه خرج كادت الناس أن تترك الصلاة فقال صلوا عليه وإنما تركت الصلاة لبدعته حتى تحذر الناس بدعته وهو ميت إذن النصح للأمة الحفاظ على حياضها الحارث المحاسبي هذا الرجل المحدث المعروف حذر منه الإمام أحمد وغيره من الأئمة صحيح وجلس في بيته نحوا من أربعة أيام ما خرج من بيته حتى مات وما أمسك أحمد في الخارج من التحذير منه حتى بعد موته ما أمسك عنه النصح لماذا إما أن تمسك وتهلك الأمة وإما أن تتكلم إذن هذه مقاصد شرعية عظيمة نبيلة واضح
المصلحة الخاصة هي على قسمين مصلحة تعلق بالمهجور ومصلحة تتعلق بالهاجر المصلحة المتعلقة إن خشي على نفسه الفتنة فله أن يهجر كل من يخشى على نفسه من مخالطه وهذا الذي يسمي ماذا بالهجر الوقائي وهذا ظاهر مسألة انتفاع المهجور المختصة بالمهجور إن انتصح وانتفع فالحمد لله وإن لم ينتصح ولم ينتفع هل نلغي المصالح الدينية العامة والكلية في مقابل مصلحة خاصة الآن عندما تنظر عندما يتكلم بعضهم الهجر على المصلحة يحصرونك في أي قسم من المصلحة في القسم الثاني في الجزء الثاني!!!! في انتفاع المهجور صحيح كم الذين هلكوا من أرباب أهل البدع سواءٌ ماتوا أم بقوا بعضهم أحياء الآن لو هجرتهم مليون سنة ما يمكن يستفيد من هجرك صحيح هل معنى هذا ما نهجره نقول لا ينتفع هذا المالكي محمد علي المالكي عاش بين الناس هجره الشيخ عبد العزيز بن باز وأمر بهجره وأفتى العلماء إلخ صحيح انتفع بهذا الهجر انتفع ؟ ما نتفع ! هل نقول خلاص نرجع إليه خلاص يكون صاحبنا وصديقنا وخليلنا هل يجوز هذا الكلام النظر قاعد شرعية " إن تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة قدمت المصلحة العامة" واضح والأمر الذي يليه خامسا
نعم قد يقول بعضهم ماذا نفعل ببعض الكلمات لشيخ الإسلام وغيرهم إن أهل خرسان لا يقوون عليه إن كذا إن كذا بعض العبارات نقول القاعدة الشرعية أن العبادات كلها
وليس واجب بلا اقتدار ولا محرم مع اضطرار
فالواجب يسقط مع العجز فإن كان عاجزاً سقط عنه لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها فيه ضعف فيه في منطقة أهل الأهواء أكثر وأقوى وأظهر ولا تقوى فنقول الهجر قد يسقط لكن ليس من كل الوجوه لا يسقط من كل الوجوه إنكارك بقلبك وهجرانك لبدعته هذه لازم ليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان وهذا من الهجر يجب أن تقوم به ديانةً ولا يجوز لك أن يتخلف عنك هذا لكن لما كان العجز ظاهر قال الإمام بن تيمية لا يقوون عليه لعجزهم وضعفهم ومعلوم أن الأمر يسقط مع العجز وعدم القدرة والإمام بن القيم له كلام نفيس في بدائع الفوائد في مسألة العجز والقدرة أن المرء له أربع حالات معها إذن هذا يسوقنا إلى الكلام في الوجه الذي يليه من الذي تفهم من كلمة الهجر هل تفهم أن الهجر له صورة واحدة هذا الذي يصور الهجر على قسمين هجر كلي وهجر جزئي انتبه هذا كلامي ليس مختص بأهل البدع فقط بأهل البدع وبالعصاة وبالفسقة الهجر الكلي ترك السلام والكلام والمخالطة وكل الأنواع انفصال تام وتحذير تام وهناك هجر جزئي ومن ذلك عدم الكلام أو عدم السلام أو عدم رد السلام أو عدم الصلاة على الجنازة أو عدم تشييع الجنازة أو عدم إجابة الدعوة كل هذه من صور الهجر فلما يختزلون الهجر وصوره في صورة واحدة أما هذا من العبث ؟ في تحقيق المسائل يجب أن تظهر وكتب السلف في السنة طافحة في ذكر صور الهجر كما قرأنا وذكرت لكم قبل قليل في فعل الإمام سفيان مع الرجل الذي كان ميتا والناس تصلي عليه ، لو كنت في بلد وأنت ضعيف وأهل البدع ظاهرين قلت لك الهجران بالقلب واجب ولا ينفك عنه يبقى من صور هجرك لو دعاك أن لا تجب وإن مات أن لا تصلي عليه تركك للصلاة عليه نوع من الهجر وصورة منه تركك لعدم تشييع جثمانه نوع من هجره دعاك لوليمة لم تلبها نوع من الهجر إذن ليس الهجر له صورة واحدة متى يستخدم الهجر الجزئي ؟ عند الضعف أو عند عدم القدرة أو عند وجود مانع شرعي ما هو مانع دنيوي مادي أعطوك صاروا سلفيين تركوك صاروا خلفيين الآن كثير من الناس صار عندهم المعيار الدينار والدرهم بس فما هكذا كانت السنة تقاس أو يقاس المرء عليها بل السنة بإتباع المرء لها وتطبيقه إياها ليست شعارا بس يرفع إذن موضوع الهجر له متعلقات وله شرح يجب أن يعطى حقه على هذا النحو وبالتالي أنا في قول السائل هنا أن هذا الأمر قد حصل في بعض البلدان أرى أن ثمة مبالغة قد يحصل في بعض المناطق أما أن يصور بهذه الصورة أرى فيه نوع مبالغة لأنه أخشى أن يكون هذا من تسويغ وتسييس الشيطان من القسم الثاني الآن صاروا أحباب وأصدقاء ما عندهم فرقان أهل بدع صرفة دعاة إلى بدعهم أبدا إخوة على سرر متقابلين ما بيننا وبينهم أي خلاف هكذا يصورون إذا ما قلت يا إخوان اتقوا الله قالوا أنت من الغلاة هكذا رموك مباشرة صحيح نقول قبل أن تحكم على زيد أو عمر بأنه غالي هل تفهم هذا التفصيل أنا ذكرت لكم طرفا وجزءٌ من طرفٍ في ما يتعلق بهذه المسالة التي كثر فيها الخلط والخبط والتقرير الناقص غير الكامل الذي يجب أن يكمل بل يقولوا بعضهم وهذه بين معترضتين وبها نختم يقولون أن الهجر لمصلحة الأمة إنما يصح إذا كان يقع ممن نفعه متعدٍ يعني قوي فإذا كنت قويا ما هو قوي الجسم يعني قوي المكانة نعم شرع لك أن تهجر وإلا لم تكن قويا فلا يشرع لك الهجر أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه " كما في التمهيد وغيره لما سكن الشام وكان أميرا عليها معاوية رضي الله تعالى عنه فكان يحدث الناس ويسوغ لهم نوعا بيعا من أنواع بيع النسيئة غير الجائز فقال له أبو الدرداء كيف تسيغ أو تجوز لهم هذا والنبي عليه الصلاة والسلام قال كذا وكذا وحدثه بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن هذا البيع قال معاوية رضي الله تعالى عنه بل أفعله ما أخذ بحديث من أبي الدرداء فقال أبو الدرداء والله لا أساكنك في أرضٍ أنت فيها كيف أحدثك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخذ به فخرج من الشام إلى المدينة فلقيه عمر فحدثه بما قاله من ؟ معاوية رضي الله تعالى عنهما جميعا فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن امسك عن ذلك وخذ بحديث أبي الدرداء وليس لك ولاية على أبي الدرداء ثم قال له ارجع إلى الشام ولا خير في أرض أنت لست فيها ارجع إليها خليفة نائب عن الخليفة في الشام معاوية ووقع الهجر من فرد من الصحابة صحيح فينبغي أن نفرق بين إيقاع الهجر وبين الأمر بالهجر لابد أن تفرق ومن هنا حصل الخلط في قصة الثلاثة الذين خلفوا وكلام الإمام ابن القيم في الزاد لم يفرقوا بين إيقاع الهجر والأمر به، عندنا أمرٌ بالهجر وعندنا إيقاع للهجر الأمر بالهجر الأمر نعم ينبغي أن يكون من قوي إما من سلطان مطاع أو عالم متبع وليس كل العلماء أقول عالم متبِع أما الإيقاع فلك أن توقع الهجر ولو لم تكن قويا حديث أبي الدرداء مع معاوية ظاهر هو واحدٌ فردٌ وذاك نائب الخليفة الجند والعالم والخلق كلهم معه ماذا فعلوا بالنسائي طلبوا منه أن يكتب كتابا في فضل معاوية فذكر لهم الحديث فقال فلازالوا به يضربونه بأقدام في حضنيه وفي رواية في خصيتيه حتى رموه خارج المسجد إذن لابد أن نفرق بين الإيقاع وبين الأمر الإيقاع لا يشترط فيه القوة ومن شرط ذلك فقط غلط وفي السنة آثارٌ كثيرة وفي هدي الصحابة آثارٌ كثيرة ترد هذا التقرير على كل حال نسأل الله جلا وعز أن يجنبنا جميعا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا جميعا لهداه وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى وآله وصحبه وسلم
المصدر/
شرح ضوابط الجرح والتعديل يوم الأربعاء 10 جمادى الثانية 1430 هـ
شبكة البينة السلفية
محاضرة للشيخ الدكتور (عبد الله عبد الرحيم البخاري - حفظه الله ) من درس شرح ضوابط الجرح والتعديل يوم الأربعاء 10 جمادى الثانية 1430 هـ
ضوابط الهجر الشرعي :: للشيخ (عبد الله البخاري حفظه الله)
قال سؤالٌ :قال فيه السائل يعني كثر الهجر غير منضبطِ في بلاد المغاربة ، وعندما ننكر يقولون الهجر مبني على تقديم المصالح والمفاسد وهذا لايشترط الرجوع فيه إلى أهل العلم ؟
ماكنت أرغب من الأخ السائل أن يخص بلداً معيناً بهذا السؤال نعم ويجازف في هذا الوصف ، موضوع الهجر بارك الله فيكم وما يتعلق به حسب سؤال السائل في قوله كثر الهجر غير المنضبط هذا البحث أو هذا المبحث مبحث الهجر الناس فيه طرفان ووسط،قسم غلو وبالغوا في هذا الباب نعم غلو وبالغوا في هذا الباب ولم ينضبطوا بميزان الشرع وقبل أن أدخل في تقرير هذا أقول
" الهجر عبادة شرعية كغيرها من العبادات يشترط فيها ما يشترط في العبادات الأخر من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أشار إلى هذا الإمام شيخ الإسلام رحمه الله في أن الهجر عبادة شرعية ويجب أن ننظر إليها بمنظار الشرع فهناك آيات كثيرة تدل أن الهجر عبادة وأحاديث كثيرة تدل على أن الهجر عبادة منها قول الله تعالى !؟ يعني نحن ذكرنا كلام شيخ الإسلام او أشرنا إليه ويوجد ما يدل على كلامه من أدلة الكتاب والسنة ونجد أن تطبيق الأئمة لذلك منها قول الله تعالى { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } هذه الآيات من الآيات والأصول التي يستدل بها في باب ماذا ؟ الهجر فالله جل وعز قال فلا تقعد نهانا صحيح فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين أمرنا بالإعراض ونهانا عن الجلوس فكونه أمر وكونه نهى دل على أن هذا الفعل ماذا محبوب عند الله والمحبوب عند الله ماذا من العبادات لأن العبادة اسم جامع لكل لما يحبه الله ويرضى كما لا يخفى والنبي عليه الصلاة و السلام قد أبان " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" الحديث هذا الحديث أيضا يدل على ماذا على الهجر وانه عبادة لا يحل أيضا هذه النصوص وغيرها كثير تدل على أن الهجر عبادة بما أن الهجر عبادة إذن يجب أن يتوفر فيه ما يتوفر في غيره من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه واحدة فهمتم؟ .
الأمر الثاني أقول الناس في مسالة الهجر هذه وفي العبادة هذه طرفان ووسط كما هو الشأن في بقية العبادات الناس فيها طرفان ووسط صحيح أهل إفراط وأهل تفريط ماذا عندك الخوارج الغلاة أو المرجئة والوسط هم ما عليه أهل السنة إذن قضية تصوير أن الناس في هذه المسالة طرفان ووسط لا يعني أنها مختصة بهذه فكل عبادة الناس فيها كذلك واضح فما هو الطرفان طرفٌ غلو فصاروا يُعْمِلُونَ الهجر ومن غير مراعاة للركنين فبعضهم يهجرُ غير مخلصاً لله يهجر للأمور الدنيوية وأغراض شخصية صحيح ونزعات وحنط وحسد وغير ذلك ومنهم قد يكون مخلصا لكن لا يهجر على وفق السنة وقد يكون بعيدا لا مخلصًا ولا متبعاً بل قد يتجاوز إلى أن يمد اليد فيعتدي والقسم الآخر الطرف الثاني هم الطرف الذين قابلوا هذا الوجه بماذا بالتخذيل ومحاولة ماذا إهمال هذه الشعيرة وإظهار أن الهجر لا يصلح لمثل هذه الأزمان أو نحو ذلك وهذا يتنافى مع ما سبق من تقرير أن الهجر عبادة فأهملوا وصاروا لا يردون يد لامس في حين يتظاهرون أحيانا بماذا بالسنة وأما القسم الوسط هم من أعمل هذه العبادة على وجهها الشرعي وقانونها السنّي فأعملوها في مَحَالِّها لمن يستعملها ولم يعطلوها ولا يجوز تعطيلها أقول ولا يجوز لأحد أن يعطلها كما لا يجوز لأحد أن يعطل أي عبادة هل لك أن تعطل يوم من الأيام الصدقة ، الصدقة لك أن تعطل ما لك أن تعطل صدق ولا البر ولا التبسم في وجه أخيك صدقة واضح هذه ثانيا.
ثالثا أن موضوع الهجر بارك الله فيكم لابد فيه من النظر إلى قضية مهمة تتردد عند كثير في قضية أن الهجر مشروع للمصلحة صحيح لماذا للمصلحة أنا أقول أنتبه إلى التقرير الأول والتقرير الثاني لأنه سيرد عيك التقرير الثالث لابد أن تسلم به ما لك بدٌ أليس الدين كله مبني على المصالح ودرء المفاسد كما يقول الإمام ابن القيم في الإعلام الدين كله مبني على المصالح ،وما خالف فيه هذا أحدٌ من أئمة الإسلام ونصوص الكتاب والسنة كلها تدل على ذلك يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، إذن الدين مبنيٌ على المصالح كما يقول الإمام السعدي رحمه الله في منظومته فكل الشرائع مبنية على المصالح صحيح فلما تخص هذه فتعينها بأنها مبنية على المصالح دون غيرها عرف الاختزال هذا اختزال أقول هذا اختزال ولا يجوز أن يختزل
الأمر الرابع :
المصالح هل المصلحة المرادَ هنا هي المصلحة المختصة بالمهجور أم المختصة بالهاجر أم المختصة بالناظرين أنا أسأل لأن هذه الكلمة كثيرا ما تردد الهجر للمصلحة الهجر للمصلحة !!صحيح نحن ما ردننا نقول الصلاة للمصلحة الصدقة للمصلحة الصيام للمصلحة الجهاد لمصلحة صحيح إذن لا تتعب في تقرير ما هو مقرر في الشريعة كلها لا ينازع في هذا اثنان ولا ينتطح فيها عنزان لكن أنا أريد أن أبين هذه المصالح أو هذه المصلحة ما المراد من لفظة المصلحة فيما يشار إليه غالب من يطلق في كثيرٍ من الأحايين فهموا بعض العبارات واختزلوا عبارات كثيرة وبخاصة لشيخ الإسلام انتبه وبخاصة لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وإلا فكلام السلف قبله وبعده هو هو رحمه الله كلام عظيم قد أختزل كثيراً منه هذه المصالح انته معي المصلحة على قسمين :المصلحة الأولى المصلحة الدينية العامة التي يعبر عنها شيخ الإسلام رحمه الله بالمصلحة الدينية وعندنا المصلحة الخاصة ما الذي يدخل في المصلحة العامة يعني ما هي الأمور التي أو المقاصد الشرعية التي من أجلها شرع ماذا الهجر كما أن الصلاة لهذا مقاصد شرعية الصيام له مقاصد شرعية الزكاة لها مقاصد الحج له مقاصد شرعية بر الوالدين له مقاصد شرعية إلى غير كذلك صحيح كذلك الهجر له مقاصد شرعية فما هي هذه المقاصد الشرعية ، عندما أقول لك الزكاة منها مواساة المؤمنين نشر الإلف بين المسلمين سد حاجاتهم إلخ صحيح هذه حقوق ماذا عامة لكن إن قلت لي لي أخٌ فقير مسكين فأقول من المصلحة الخاصة لأخيك أعطيه صدقةٌ وصلة تحققت فيه مصلحة خاصة ومصلحة عامة ،فما هي المقاصد الشرعية من الهجر ؟لتتحقق المصلحة العامة التي هي المصلحة الدينية منها تحقيق العبودية لله لأن قلنا ماذا؟ الهجر عبادة فلابد أن تحقق العبودية لله عبادة في السراء وله عبادة في الضراء ومنها تحقيق معلمِ الولاء والبراء الولاء للإيمان والمؤمنين والبراءة من الكفر والكافرين والبدعة والمبتدعين جاء في الحلية لأبي نُعيم أن الإمام سفيان الثوري يقول :إن الرجل إذا أحببته في الله ثم أحدث حدثاً فلم تبغضه في الله فإنك لم تحبه لله
، يعني عندك ولاء ما عندك برا ء إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء فأعرض عنهم فلا تقعدوا معهم إلى غير ذلك ماذا النبي عليه الصلاة والسلام أخبر كما في مقدمة مسلم في الصحيح سيكون أقوامٌ في آخر الزمان يحدثونكم بما لم تعرفوا نعم ثم قال فإياكم وإياهم حذرهم حذركم فإياكم وإياهم يعني ماذا تجلسوا معهم انبسطوا معهم وإلا اتركوهم ، أتركوهم إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء القدرية لما خرجوا وجاء اثنان كما هو في أول حديث في صحيح مسلم يحي بن يعمر ومن معه نعم جاء إلى من إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب صحيح قال إنه قد ظهر أناس قبلنا يقولون ألا قدرا وان الأمر أنفْ قال ابن عمر ماذا أخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني وأنهم لن يؤمنوا حتى ماذا حتى يؤمنوا بالقدر مباشرة مفاصلة إظهار معلم الولاء والبراء والنصوص عن الإمام احمد وغيره طافحة المذكرة هذه مليئة أضف إلى هذا تحقيق معلم ومبدأ وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أليس كذلك الآن تنكر على بعض الفساق وبعض العصاة أليس من باب أولى أن تنكر على المبتدعة وغيرهم والنصوص في هذا وكلام الأئمة في الإنكار عليهم كثير ومنهم شيخ الإسلام والإمام احمد والإمام عبد الله بن المبارك وغيرهم كلهم على هذا جروا أنا اختصر لك المقاصد حتى تفهمها أيضا من المقاصد الشرعية في إقامة هذه الشعيرة العظيمة النصح للأمة الدين النصيحة في حديث تميم عند مسلم في الصحيح ومنها النصح للأمة قال لي قتادة رحمه الله "إن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن تذكر حتى تحذر" جاء ثور ابن يزيد معروف كلهم يحتج لنا بقول مقولة بعض أهل العلم نعم "خذ من علم ثور وأتق قرنيه " صحيح ويغفلون مقالة الإمام الأوزاعي لما جاءه ثور وأراد أن يصافحه قال لا قال يا أبا عمر أمد يدي ولا تصافحني قال يا ثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة ولكنه الدين .
جاء الإمام الثوري رحمه الله إلى جنازة قبل أن يصلى عليها فتخطى الناس ووقف عندها سأل من قالوا فلان فترك الصلاة عنه خرج كادت الناس أن تترك الصلاة فقال صلوا عليه وإنما تركت الصلاة لبدعته حتى تحذر الناس بدعته وهو ميت إذن النصح للأمة الحفاظ على حياضها الحارث المحاسبي هذا الرجل المحدث المعروف حذر منه الإمام أحمد وغيره من الأئمة صحيح وجلس في بيته نحوا من أربعة أيام ما خرج من بيته حتى مات وما أمسك أحمد في الخارج من التحذير منه حتى بعد موته ما أمسك عنه النصح لماذا إما أن تمسك وتهلك الأمة وإما أن تتكلم إذن هذه مقاصد شرعية عظيمة نبيلة واضح
المصلحة الخاصة هي على قسمين مصلحة تعلق بالمهجور ومصلحة تتعلق بالهاجر المصلحة المتعلقة إن خشي على نفسه الفتنة فله أن يهجر كل من يخشى على نفسه من مخالطه وهذا الذي يسمي ماذا بالهجر الوقائي وهذا ظاهر مسألة انتفاع المهجور المختصة بالمهجور إن انتصح وانتفع فالحمد لله وإن لم ينتصح ولم ينتفع هل نلغي المصالح الدينية العامة والكلية في مقابل مصلحة خاصة الآن عندما تنظر عندما يتكلم بعضهم الهجر على المصلحة يحصرونك في أي قسم من المصلحة في القسم الثاني في الجزء الثاني!!!! في انتفاع المهجور صحيح كم الذين هلكوا من أرباب أهل البدع سواءٌ ماتوا أم بقوا بعضهم أحياء الآن لو هجرتهم مليون سنة ما يمكن يستفيد من هجرك صحيح هل معنى هذا ما نهجره نقول لا ينتفع هذا المالكي محمد علي المالكي عاش بين الناس هجره الشيخ عبد العزيز بن باز وأمر بهجره وأفتى العلماء إلخ صحيح انتفع بهذا الهجر انتفع ؟ ما نتفع ! هل نقول خلاص نرجع إليه خلاص يكون صاحبنا وصديقنا وخليلنا هل يجوز هذا الكلام النظر قاعد شرعية " إن تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة قدمت المصلحة العامة" واضح والأمر الذي يليه خامسا
نعم قد يقول بعضهم ماذا نفعل ببعض الكلمات لشيخ الإسلام وغيرهم إن أهل خرسان لا يقوون عليه إن كذا إن كذا بعض العبارات نقول القاعدة الشرعية أن العبادات كلها
وليس واجب بلا اقتدار ولا محرم مع اضطرار
فالواجب يسقط مع العجز فإن كان عاجزاً سقط عنه لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها فيه ضعف فيه في منطقة أهل الأهواء أكثر وأقوى وأظهر ولا تقوى فنقول الهجر قد يسقط لكن ليس من كل الوجوه لا يسقط من كل الوجوه إنكارك بقلبك وهجرانك لبدعته هذه لازم ليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان وهذا من الهجر يجب أن تقوم به ديانةً ولا يجوز لك أن يتخلف عنك هذا لكن لما كان العجز ظاهر قال الإمام بن تيمية لا يقوون عليه لعجزهم وضعفهم ومعلوم أن الأمر يسقط مع العجز وعدم القدرة والإمام بن القيم له كلام نفيس في بدائع الفوائد في مسألة العجز والقدرة أن المرء له أربع حالات معها إذن هذا يسوقنا إلى الكلام في الوجه الذي يليه من الذي تفهم من كلمة الهجر هل تفهم أن الهجر له صورة واحدة هذا الذي يصور الهجر على قسمين هجر كلي وهجر جزئي انتبه هذا كلامي ليس مختص بأهل البدع فقط بأهل البدع وبالعصاة وبالفسقة الهجر الكلي ترك السلام والكلام والمخالطة وكل الأنواع انفصال تام وتحذير تام وهناك هجر جزئي ومن ذلك عدم الكلام أو عدم السلام أو عدم رد السلام أو عدم الصلاة على الجنازة أو عدم تشييع الجنازة أو عدم إجابة الدعوة كل هذه من صور الهجر فلما يختزلون الهجر وصوره في صورة واحدة أما هذا من العبث ؟ في تحقيق المسائل يجب أن تظهر وكتب السلف في السنة طافحة في ذكر صور الهجر كما قرأنا وذكرت لكم قبل قليل في فعل الإمام سفيان مع الرجل الذي كان ميتا والناس تصلي عليه ، لو كنت في بلد وأنت ضعيف وأهل البدع ظاهرين قلت لك الهجران بالقلب واجب ولا ينفك عنه يبقى من صور هجرك لو دعاك أن لا تجب وإن مات أن لا تصلي عليه تركك للصلاة عليه نوع من الهجر وصورة منه تركك لعدم تشييع جثمانه نوع من هجره دعاك لوليمة لم تلبها نوع من الهجر إذن ليس الهجر له صورة واحدة متى يستخدم الهجر الجزئي ؟ عند الضعف أو عند عدم القدرة أو عند وجود مانع شرعي ما هو مانع دنيوي مادي أعطوك صاروا سلفيين تركوك صاروا خلفيين الآن كثير من الناس صار عندهم المعيار الدينار والدرهم بس فما هكذا كانت السنة تقاس أو يقاس المرء عليها بل السنة بإتباع المرء لها وتطبيقه إياها ليست شعارا بس يرفع إذن موضوع الهجر له متعلقات وله شرح يجب أن يعطى حقه على هذا النحو وبالتالي أنا في قول السائل هنا أن هذا الأمر قد حصل في بعض البلدان أرى أن ثمة مبالغة قد يحصل في بعض المناطق أما أن يصور بهذه الصورة أرى فيه نوع مبالغة لأنه أخشى أن يكون هذا من تسويغ وتسييس الشيطان من القسم الثاني الآن صاروا أحباب وأصدقاء ما عندهم فرقان أهل بدع صرفة دعاة إلى بدعهم أبدا إخوة على سرر متقابلين ما بيننا وبينهم أي خلاف هكذا يصورون إذا ما قلت يا إخوان اتقوا الله قالوا أنت من الغلاة هكذا رموك مباشرة صحيح نقول قبل أن تحكم على زيد أو عمر بأنه غالي هل تفهم هذا التفصيل أنا ذكرت لكم طرفا وجزءٌ من طرفٍ في ما يتعلق بهذه المسالة التي كثر فيها الخلط والخبط والتقرير الناقص غير الكامل الذي يجب أن يكمل بل يقولوا بعضهم وهذه بين معترضتين وبها نختم يقولون أن الهجر لمصلحة الأمة إنما يصح إذا كان يقع ممن نفعه متعدٍ يعني قوي فإذا كنت قويا ما هو قوي الجسم يعني قوي المكانة نعم شرع لك أن تهجر وإلا لم تكن قويا فلا يشرع لك الهجر أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه " كما في التمهيد وغيره لما سكن الشام وكان أميرا عليها معاوية رضي الله تعالى عنه فكان يحدث الناس ويسوغ لهم نوعا بيعا من أنواع بيع النسيئة غير الجائز فقال له أبو الدرداء كيف تسيغ أو تجوز لهم هذا والنبي عليه الصلاة والسلام قال كذا وكذا وحدثه بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن هذا البيع قال معاوية رضي الله تعالى عنه بل أفعله ما أخذ بحديث من أبي الدرداء فقال أبو الدرداء والله لا أساكنك في أرضٍ أنت فيها كيف أحدثك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخذ به فخرج من الشام إلى المدينة فلقيه عمر فحدثه بما قاله من ؟ معاوية رضي الله تعالى عنهما جميعا فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن امسك عن ذلك وخذ بحديث أبي الدرداء وليس لك ولاية على أبي الدرداء ثم قال له ارجع إلى الشام ولا خير في أرض أنت لست فيها ارجع إليها خليفة نائب عن الخليفة في الشام معاوية ووقع الهجر من فرد من الصحابة صحيح فينبغي أن نفرق بين إيقاع الهجر وبين الأمر بالهجر لابد أن تفرق ومن هنا حصل الخلط في قصة الثلاثة الذين خلفوا وكلام الإمام ابن القيم في الزاد لم يفرقوا بين إيقاع الهجر والأمر به، عندنا أمرٌ بالهجر وعندنا إيقاع للهجر الأمر بالهجر الأمر نعم ينبغي أن يكون من قوي إما من سلطان مطاع أو عالم متبع وليس كل العلماء أقول عالم متبِع أما الإيقاع فلك أن توقع الهجر ولو لم تكن قويا حديث أبي الدرداء مع معاوية ظاهر هو واحدٌ فردٌ وذاك نائب الخليفة الجند والعالم والخلق كلهم معه ماذا فعلوا بالنسائي طلبوا منه أن يكتب كتابا في فضل معاوية فذكر لهم الحديث فقال فلازالوا به يضربونه بأقدام في حضنيه وفي رواية في خصيتيه حتى رموه خارج المسجد إذن لابد أن نفرق بين الإيقاع وبين الأمر الإيقاع لا يشترط فيه القوة ومن شرط ذلك فقط غلط وفي السنة آثارٌ كثيرة وفي هدي الصحابة آثارٌ كثيرة ترد هذا التقرير على كل حال نسأل الله جلا وعز أن يجنبنا جميعا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا جميعا لهداه وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى وآله وصحبه وسلم
المصدر/
شرح ضوابط الجرح والتعديل يوم الأربعاء 10 جمادى الثانية 1430 هـ
شبكة البينة السلفية