المنهج السلفي وفتنة الخوارج الجدد الجزء الثاني
إن أهل السنة والجماعة إذ يبينون للناس خطورة الشرك والكفر وأنواعه ويدعون الناس إلى التوحيد وعبادة الله مع ذلك هم أرحم الناس بالناس فلا يكفرون المسلم الذي وقع في ناقض من هذه النواقض حتى تنتفي عنه الموانع وتقام عليه ألحُّجه ومن هذه الموانع التي تمنع وقوع الحكم على المعين هي:-
1. الجهل: ودليله من الكتاب قوله تعالى{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الاسراء:15)0 وقوله تعالى{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(التوبة:115).
ومن ألسنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قال:إذا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما أعذبه أحداً من العالمين ففعلوا به ذلك فقال الله له:ما حملك على ما فعلت، قال خفتك. فغفر له). فهذا الرجل شك في قدرة الله وفي إعادته وهذا كفر. لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك.
وفهم السلف لهذه النصوص أن المسلم يعذر بالجهل وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين0 وراجع في ذلك كتاب مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام الجزء"16/443" وكتابه الرد على البكري ص500 وراجع مجموع فتاوى الشيخ العثيمين وشرح كشف الشبهات للشيخ العثيمين رحمه الله.
2. الخطأ والنسيان والإكراه: عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ق تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"[1]".
3- التأويل:يقول شيخ الإسلام :(والتكفير من الوعيد فأنه وأن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول ق لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ومثل هذا لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وان كان مخطأ "[2]"0
فلا بد لكل مسلم أو طالب علم أن يكون عنده علم بنواقض الإسلام وموانع التكفير حتى يكون على الصراط المستقيم بين غلو الخوارج وتفريط المرجئة.
ويقول شيخ الإسلام :(إن المتأول الذي قصده متابعة الرسول ق لا يكفر)"[3]".
عقيدة أهل الحديث أهل السنة في الحكام والسلاطين الظلمة
قال الإمام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً ويرون جهاد الكفرة معهم وان كانوا جورة، فجرة ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق وبسط العدل في الرعية ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وان رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل"[4]".
ولكن بضوابط ذكرها أهل العلم منها0"[5]"
أ. إذا رأى المسلمون من الوالي كفرا بواحاً. لحديث جنادة بن أبي أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله ق فقال دعانا رسول الله ق فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لاننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"[6]"
ب. القدرة على إزالته: فالقدرة شرط في إزالة ولاة الأمور. يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إن كنا قادرين نخرج وإذا كنا غير قادرين فلا نخرج. لان جميع الواجبات الشرعية مشروطة بالقدرة والاستطاعة"[7]".
ت. أن لا يترتب على الخروج شر وفساد أعظم من وجود هذا الحاكم الكافر. يقول شيخ الإسلام: ولعله لا تعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي إزالته"[8]". ويقول الشيخ ابن باز: أما إذالم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة والقاعدة الشرعية المجمع عليها لا يجوز إزالة الشر بما هو اشر منه."[9]". ويقول الشيخ ابن عثيمين: ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة اكبر مما لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه لأننا لو خرجنا ثم ظهرت العزة له، جرنا ذلة أكبر، وتمادى في طغيانه وكفره أكثر فهذه المسائل تحتاج إلى:-
1ـ تعقل ب- وان يقترن الشرع بالعقل ج- وان تبعد العاطفة
فنحن محتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلكة."[10]"
أقوال العلماء في مسائل " الحكم بغير ما انزل الله "
قال العلامة محمد الشنقيطي في تفسير قوله تعالى {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْأِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة:47) إختلف العلماء في هذه الآية الكريمة هل هي في المسلمين أو في الكفار فروي عن الشعبي أنها في المسلمين وروي عنه أنها في اليهود وروي عن طاووس أيضا أنها في المسلمين وأن المراد بالكفر فيها كفر دون كفر وأنه ليس الكفر المخرج من الملة وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال ليس الكفر الذي تذهبون إليه رواه عنه ابن أبي حاتم والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قاله ابن كثير0
قال بعض العلماء القرءان العظيم يدل على أنها في اليهود لأنه تعالى ذكر فيما قبلها أنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه وأنهم يقولون {إن أوتيتم هذا} يعني الحكم المحّرف الذي هو غير حكم الله {فخذوه وإن لم تؤتوه} أي المحرّف بل أوتيتم حكم الله الحق {فاحذروا} فهم يأمرون بالحذر من حكم الله الذي يعلمون أنه حق."[11]"
إن أهل السنة والجماعة إذ يبينون للناس خطورة الشرك والكفر وأنواعه ويدعون الناس إلى التوحيد وعبادة الله مع ذلك هم أرحم الناس بالناس فلا يكفرون المسلم الذي وقع في ناقض من هذه النواقض حتى تنتفي عنه الموانع وتقام عليه ألحُّجه ومن هذه الموانع التي تمنع وقوع الحكم على المعين هي:-
1. الجهل: ودليله من الكتاب قوله تعالى{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الاسراء:15)0 وقوله تعالى{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(التوبة:115).
ومن ألسنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قال:إذا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما أعذبه أحداً من العالمين ففعلوا به ذلك فقال الله له:ما حملك على ما فعلت، قال خفتك. فغفر له). فهذا الرجل شك في قدرة الله وفي إعادته وهذا كفر. لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك.
وفهم السلف لهذه النصوص أن المسلم يعذر بالجهل وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين0 وراجع في ذلك كتاب مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام الجزء"16/443" وكتابه الرد على البكري ص500 وراجع مجموع فتاوى الشيخ العثيمين وشرح كشف الشبهات للشيخ العثيمين رحمه الله.
2. الخطأ والنسيان والإكراه: عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ق تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"[1]".
3- التأويل:يقول شيخ الإسلام :(والتكفير من الوعيد فأنه وأن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول ق لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ومثل هذا لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وان كان مخطأ "[2]"0
فلا بد لكل مسلم أو طالب علم أن يكون عنده علم بنواقض الإسلام وموانع التكفير حتى يكون على الصراط المستقيم بين غلو الخوارج وتفريط المرجئة.
ويقول شيخ الإسلام :(إن المتأول الذي قصده متابعة الرسول ق لا يكفر)"[3]".
عقيدة أهل الحديث أهل السنة في الحكام والسلاطين الظلمة
قال الإمام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً ويرون جهاد الكفرة معهم وان كانوا جورة، فجرة ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق وبسط العدل في الرعية ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وان رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل"[4]".
ولكن بضوابط ذكرها أهل العلم منها0"[5]"
أ. إذا رأى المسلمون من الوالي كفرا بواحاً. لحديث جنادة بن أبي أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله ق فقال دعانا رسول الله ق فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لاننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"[6]"
ب. القدرة على إزالته: فالقدرة شرط في إزالة ولاة الأمور. يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إن كنا قادرين نخرج وإذا كنا غير قادرين فلا نخرج. لان جميع الواجبات الشرعية مشروطة بالقدرة والاستطاعة"[7]".
ت. أن لا يترتب على الخروج شر وفساد أعظم من وجود هذا الحاكم الكافر. يقول شيخ الإسلام: ولعله لا تعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي إزالته"[8]". ويقول الشيخ ابن باز: أما إذالم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة والقاعدة الشرعية المجمع عليها لا يجوز إزالة الشر بما هو اشر منه."[9]". ويقول الشيخ ابن عثيمين: ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة اكبر مما لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه لأننا لو خرجنا ثم ظهرت العزة له، جرنا ذلة أكبر، وتمادى في طغيانه وكفره أكثر فهذه المسائل تحتاج إلى:-
1ـ تعقل ب- وان يقترن الشرع بالعقل ج- وان تبعد العاطفة
فنحن محتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلكة."[10]"
أقوال العلماء في مسائل " الحكم بغير ما انزل الله "
قال العلامة محمد الشنقيطي في تفسير قوله تعالى {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْأِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة:47) إختلف العلماء في هذه الآية الكريمة هل هي في المسلمين أو في الكفار فروي عن الشعبي أنها في المسلمين وروي عنه أنها في اليهود وروي عن طاووس أيضا أنها في المسلمين وأن المراد بالكفر فيها كفر دون كفر وأنه ليس الكفر المخرج من الملة وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال ليس الكفر الذي تذهبون إليه رواه عنه ابن أبي حاتم والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قاله ابن كثير0
قال بعض العلماء القرءان العظيم يدل على أنها في اليهود لأنه تعالى ذكر فيما قبلها أنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه وأنهم يقولون {إن أوتيتم هذا} يعني الحكم المحّرف الذي هو غير حكم الله {فخذوه وإن لم تؤتوه} أي المحرّف بل أوتيتم حكم الله الحق {فاحذروا} فهم يأمرون بالحذر من حكم الله الذي يعلمون أنه حق."[11]"
أفتت لجنة الإفتاء برئاسة ابن باز حول هذا الموضوع بما يلي :-
نوع التكفير في قوله تعالى{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44فهو كفر اكبر مخرج من الملة.
قال القرطبي في تفسيره قال ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد رحمه الله :(ومن لم يحكم بما انزل الله رداً للقران وجحداً لقول الرسول ق فهوكافر .انتهى.
وأما من حكم بغير ما انزل الله وهو يعتقد انه عاص لله لكن حمله على الحكم بغير ما انزل الله ما يدفع إليه من الرشوة أو غير هذا أو عداوته للمحكوم عليه أو قرابته أو صداقته للمحكوم عليه له ونحو ذلك فهذا لا يكون كفره أكبر، بل يكون عاصياً وقد وقع في كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق. وبالله التوفيق ( وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم )."[12]"
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى {ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون}قال: من جحد ما انزل الله فقد كفر ومن اقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :(الإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه وحرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا نزل قوله تعالى{ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون} أي هو المستحل للحكم بغير ما انزل الله )."[13]"
إذن الحكم بغير ما انزل الله قد يكون:-
كفر مخرج من الملة مع الاعتقاد بأنه أفضل أو مساوي أو يجوز التحاكم إليه من دون شرع الله. ويكون كفراً أصغر إذا كان لرشوة أو خوف أو مداراة مع الاعتقاد إن شرع الله هو الواجب.
أنواع الخروج على ولاة الأمور
الخروج على ولاة الأمور قد يكون بالسيف وقد يكون بالكلام.
§ قال الشيخ الفوزان:(إن تتبع العثرات والزلات واتخاذ ذلك سبيلاً لتنقص ولاة الأمور أو الكلام فيهم أو تبغيضهم إلى الرعية ليست طريقة السلف أهل السنة والجماعة. فالخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا اشد الخروج ويكون بالكلام بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم فالكلام فيه خروج. فهذا هو مذهب الخوارج هم الذين يسبون الأئمة ويتكلمون فيهم ويهيجون الناس عليهم هذا مذهب الخوارج، ما قام الناس على عثمان رضي الله عنه إلا بسبب ابن سبأ الخبيث أصبح يتكلم في المجالس ويحرض الناس حتى تكالب ناس من السفهاء والأوباش وانتهى الأمر بان قتلوه).أ.هـ"[14]"
فمنهج السلف مع ولاة الأمور يتلخص بما يلي:-
1.طاعتهم مالم يأمروا بمعصية الله.
2.عدم ذكر مساؤهم في المجلس العامة وعلى المنابر.
3.مناصحتهم إن أمكن ذلك.
4.عدم الخروج عليهم بالكلام أو بالسيف.
ضوابط المنهج السلفي في التعامل مع الكفار
الكافر غير الحربي: إما أن يكون معاهداً أو ذمياً اومستأمناً
التعامل مع الكفار يكون على قسمين:-
•القسم الأول مباح0
•القسم الثاني محرم0
والقسم الأول ينقسم إلى أقسام منها:-
1. المعاملات الدنيوية كالبيع والشراء والأجرة على العمل وهذا ثابت بالسنة.
2. العقود التي يتولاها ولي الأمر، كالهدنة والعهد والأمان من اجل جلب المصالح ودفع المفاسد.
3. المداراة، يجوز مداراة الكفار إذا كان ذلك لدفع خطر متوقع0
القسم الثاني ينقسم إلى قسمين:-
1. محرم لا يصل إلى درجة الكفر والردة، قال الشيخ الفوزان حفظه الله:(التولي قسمان: تولي من اجل الدين وهو كفر. وتولي من اجل دنيا وهو محرم. مع بغض دينهم)"[15]"
2. توليهم من اجل دينهم وهذا كفر مخرج من الملة.
من يتكلم في مثل هذه المسائل العامة ؟
قال الشيخ الفوزان :(هناك أشياء يظنها الجهال موالاة وهي ليست موالاة وهناك المداراة إذا كان على المسلمين خطر لا يدفع إلا بالمداراة فهذا ليس من الموالاة وهناك فرق بين المداراة والمداهنة0
المداهنة لا تجوز لكن المداراة تجوز إذا كان على المسلمين خطر. وهذه الأمور تحتاج إلى فقه والى معرفة. أما أن كل تعامل مع الكفار يفسر انه موالاة. هذا من الجهل والغلط الحاصل انه لا يدخل في هذه الأمور إلا الفقهاء وأهل العلم ولا يدخل فيها طلبة العلم وأنصاف المتعلمين.
ضوابط الموالاة للكفار
قال الشيخ صالح آل الشيخ "[16]":المسائل الشرعية في فقهها مبنية على مقدمتين:-
المقدمة الأولى:تحقيق للمناط في تنزيل هذا الحكم على هذا الدليل أو في إلحاق هذه المسألة بالدليل. ليؤخذ منه الحكم وتحقيق المناط صنعة اجتهادية كما قرره ألشاطبي في كتاب الموافقات. وكثير من طلبة العلم قد يعلم الأولى لكن لا يعلم الثانية وهي فقه تنزيل النازلة على وجه الدليل لينظر فيها بالحكم. وهذا يقتضي أن يقي طالب العلم نفسه في أن ينظر إلى تبرئة ذمته بأن يجعل كلام أهل العلم إذا اجتمعوا على قول ما. أن يجعله مانعاً له أن يخوض في المسألة بغير علم. أما ما يتعلق بمظاهرة المشركين وتوليهم فأن عقد الإيمان يقتضي موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر لقوله تعالى{إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فأن حزب الله هم الغالبون} أساس الولاء والبراء هو الولاء للإيمان والبراءة من الكفر ويتضمن ذلك موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر على اختلاف مللهم. هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا ومنها ما يكون للدين فإذا كانت للدنيا فليست مخرجة من الدين. والموالاة للدنيا يكون في بعضها إكرام وبشاشة، أو دعوة، أومخالطة ماقد يكون مأذوناً به إذا لم يكن في القلب مودة لهذا الأمر. من مثل ما يفعله الرجل مع زوجته النصرانية ومن مثل ما يفعله الابن مع أبيه غير المسلم. ونحو ذلك مما فيه إكرام وعمل في الظاهر طيب مع عدم المودة الدينية في الباطن فإذا كانت الموالاة للدنيا فأنها محرمة وغير جائزة إلا فيما استثنى من الحالات كما ذكرنا0
أما القسم الأول :- فان تكون الموالاة للدنيا ولكن ليس لجهة قرابة وإنما مصلحة بحته وان فرط في أمور دينه وهذه موالاة غير مكفرة لأنها في أمور الدنيا هذه التي نزل فيها قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}(الممتحنة:1) .
هنا اثبت إنهم القوا بالمودة وناداهم بأسم الآيمان لذلك استفصل النبي ق من حاطب حيث قال له في القصة المعروفة السابقة الذكر:يا حاطب ما حملك على هذا ؟؟ يعني أفشى سر رسول الله ق فبين انه حمله عليه الدنيا وليس الدين.
القسم الثاني : موالاة الكافر لدينه يواليه ويحبه وينصره لأجل ما عليه من الشرك ومن ألوثنيه ونحو ذلك هذه مكفر والإيمان الكامل ينتفي مع مطلق موالاة غير المؤمن. لان موالاة غير المؤمن بمودته ومحبته ونحوذلك هذه منافية للإيمان الواجب لقول الله عز وجل {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يوأدون مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22).
أما مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين فهذا من نواقض الإسلام كما هو معروف وهذا الناقض مبني على أمرين :-
1- المظاهرة 2- الإعانة
* ومعنى المظاهرة أن يجعل المسلم نفسه ظهراً للكافرين يحموهم فيما لو أراد طائفة من المؤمنين أن يقعوا فيهم. يحمونهم ويناصرونهم ويحمون ظهورهم ويحمون بيضتهم وهذه المظاهرة بمعنى انه صار ظهراً لهم ويضرب المسلمين لأجل حماية هؤلاء الكفار.
* والإعانة: والإعانة ضابطها أن يعين قاصداً (ظهور الكفر على الإسلام) لان مطلق الإعانة غير مكفر ( لأن حاطب حصل منه إعانة للمشركين على رسول الله ق بنوع من العمل. لكن النبي ق قد إستفصل منه فدل على أن الإعانة تحتاج إلى إستفصال. والله جل وعلا قال في مطلق العمل {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ}الممتحنة1.لكن ليس مكفراً إلا بقصد فلما أجاب حاطب لم يكن قصده ظهور الكفر على الإسلام لم يكفر0
فحاطب فعل أمرين :-
الأول هو الذي إستفصل النبي ق فيه هل كان قاصداً ظهور الكفر ؟؟
الثاني انه حصل منه إعانة لهم وهذه فعلة فيها ضلال وفيها ذنب.أ.هـ."[17]"
فإذاً ليست كل إعانة مكفرة0
•قال الإمام الشافعي:المسلم يدل المشركين على عورة المسلمين قيل للشافعي أرأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بأن المسلمين يريدون غزوهم أو بالعورة من عوراتهم هل يحل ذلك دمه ويكون في ذلك دلالة على ممالأة المشركين قال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحل دم من ثبتت له حرمة الإسلام إلا أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفراً بيناً بعد إيمان ثم يثبت على الكفر وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين فقلت للشافعي أقلت هذا خبراً أم قياساً قال قلته بما لا يسع مسلماً علمه عندي أن يخالفه بالسنة المنصوصة بعد الاستدلال بالكتاب فقيل للشافعي فاذكر السنة فيه قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع قال سمعت علياً يقول بعثنا رسول الله ق أنا والمقداد والزبير فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخرجنا تعادى بنا خيلنا فإذا نحن بالظعينة فقلنا لها أخرجي الكتاب فقالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله ق .أ.هـ."[18]" .
• وقال شيخ الإسلام :(وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً كما حصل لحاطب بن أبي بلتعه لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبيق)."[19]"
• قال البغوي في تفسير قوله تعالى {ومن يتولهم منكم}فيوافقهم ويعينهم0"[20]"
• قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن :وأما قوله{ومن يتولهم}وقوله{لا تجد قوماً}وقوله{...لا تتخذوا...} فقد فسرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة واصل الموالاة هو الحب والنصرة والصداقة ودون ذلك مراتب متعددة.
• ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وغيره"[21]"
• قال الشيخ العثيمين رحمه الله في تفسير الآية( 51 /سورة المائدة)(هو منهم في الظاهر بلا شك بسبب المعاونة والمناصرة لكن !! هل هو منهم في الباطن ؟؟ نقول يمكن، قد تكون هذه المناصرة والتأييد سبب إلى المحبة ثم إلى إتباع الملة. إذا: من يتولهم منكم فانه منهم في الظاهر. قال العلامة السعدي في التفسير"[22]"ومن يفعل ذلك التولي فليس من الله في شيء أي فهو بريء من الله والله بريء منه كقوله تعالى{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وقوله إلا أن تتقوا منهم تقاة أي إلا أن تخافوا على أنفسكم في إبداء العداوة للكافرين فلكم في هذه الحال الرخصة في المسالمة والمهادنة لافي التولي الذي هو محبة القلب الذي تتبعه النصرة ويحذركم الله نفسه أي فخافوه ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم.أ.هـ.
خلاصة الموضوع هناك فرق بين المظاهرة والمعاونة فالمظاهرة: أن يكون ظهراً للكفار ضد المسلمين ويعينهم على المسلمين وهي ناقض من نواقض الإسلام0
• المعاونة فيها تفصيل فقد تكون جائزة ومباحة وقد تكون محرمة وقد تكون من باب الكفر الأكبر
• الذي يخرج صاحبه من دين الإسلام
التشبه وضوابطه "[23]"
اولاً: من المعلوم لكل مسلم ان الله تبارك وتعالى نهى عن التشبه بالشيطان وعن التشبه بالكفار وعن التشبه بالحيوان وعن تشبه الرجال بالنساء وعن تشبه النساء بالرجال والذي يهمنا هنا (النهي عن التشبه بالكفار) لما له علاقة في عقيدة العبد ومنهجه. وبين شيخ الاسلام ان هناك تلازم بين الظاهر والباطن وأن المشابهة بالظاهر تورث التأثر بالباطن فقال رحمه الله:( وليس الغرض هنا تفصيل الأمور التي وقعت في الأمة مما تضارع طريق المغضوب عليهم أو الضالين وإن كان بعض ذلك قد يقع مغفوراً لصاحبه إما لإجتهاد أخطأ فيه وإما لحسنات محت السيئات أو غير ذلك وإنما الغرض أن تتبين ضرورة العبد وفاقته إلى هداية الصراط المستقيم وأن ينفتح لك باب إلى معرفة الانحراف لتحذره ثم إن الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون أيضاً عادات في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب وغير ذلك، وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولا بد ارتباط ومناسبة فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً
وقد بعث الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له . فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة لأمورمنها:-
أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه مقتضياً لذلك إلا أن يمنعه من ذلك مانع.
ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف إلى أهل الهدي والرضوان وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام لست أعني مجرد التوسم به ظاهراً أو باطناً بمجرد الاعتقادات التقليدية من حيث الجملة كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً أو ظاهراً أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.
ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.
هذا إذا لم يكن ذلك الهدى الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع ضلالهم ومعاصيهم فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له).
ثانياً: نهى الرسول ق عن مشابهة الكفار في اعتقاداتهم الفاسقة وفي عباداتهم المبتدعة وفي اعيادهم قال شيخ الاسلام رحمه الله:(وقال الله سبحانه {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً}الكهف21 فكان الضالون بل والمغضوب عليهم يبنون المساجد على قبور الأنبياء والصالحين وقد نهى النبي ق أمته عن ذلك في غير موضع حتى في وقت مفارقته الدنيا بأبي هو وأمي ثم إن هذا قد ابتلي به كثير من هذه الأمة. ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة والصور الجميلة فلا يهتمون في أمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات ثم إنك تجد أن هذه الأمة قد ابتليت من اتخاذ السماع المطرب بسماع القصائد بالصور والأصوات الجميلة لإصلاح القلوب والأحوال ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين).
ثالثاً: لايشترط في المشابهة قصد المشابهة قال شيخ الاسلام رحمه الله في الاقتضاء ص 179" مخالفتهم مشروع سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصد وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه كبياض الشعر وطول الشارب ونحو ذلك
متى يباح التشبه بالكفار ؟
إن شيخ الإسلام بعد أن أصل قواعد في التشبه ذكر أن لها استثناء. فالمسلم يجوز له في حالة يضطر معها إلى التشبه بالكفار ولكن في حدود الضرورة.
• قال شيخ الإسلام في( الاقتضاء ص282 ):( لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكون مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والإطلاع إلى باطن أمورهم لأخبار المسلمين بذلك ، أو دفع ضرر عن المسلمين وغير ذلك من المقاصد الحسنة).
• قال الشيخ العثيمين في تعليقاته على كتاب الاقتضاء ص224:(هذه الجملة يجب أن نتأمل، الشيخ رحمه الله إن مخالفة الكفار إذا كان المسلمون أعزة يلزمون الكفار بمخالفتهم أو هم يتميزون عنهم هم ولا يهمهم أمرهم أما إذا كانوا ضعفاء فلا حرج أن يشابهوا الكفار في الهدي الظاهر يعني مثلا إذا كنت في دار كفر ولبست مثل لباسهم مما ليس حراما بعينه. كالحرير وما أشبهه فلا حرج عليك لأن ألمشابهه هنا من اجل الضعف وعدم ألمقارنة. هل نقول إن كلام الشيخ يسري إلى فعل محرم كالمرأة مثلاً في بلاد الكفر هل يجوز لها أن تكشف وجهها لأنها يلحقها الضرر والأذى أم نقول إن هذه معصية لا يجوز للإنسان أن يداهن فيها ؟ فهي محل نظر بالواقع. أ.هـ
وهذا في حالة تعذر الهجرة إلى بلاد إسلامية أخرى أما إذا توفرت الإمكانية للهجرة فهذا هو الواجب على العبد فرارا بدينه ولايشترط الهجرة إلى بلاد أخرى ففي نفس البلاد الواحدة تتفاوت الأمور فالذي يضايق في منطقة عليه بالهجرة إلى منطقة أخرى حسب استطاعته وقد فهم بعض الدعاة في هذه البلاد هذه العبارة فهما خاطئاً فأوجبوا مشابهة الكفار بالهدي الظاهر وأوجبوا حلق اللحية ولبس زي الكفار !! فتأمل كلام العلماء وتأمل كلام الأدعياء ؟؟!
نوع التكفير في قوله تعالى{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44فهو كفر اكبر مخرج من الملة.
قال القرطبي في تفسيره قال ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد رحمه الله :(ومن لم يحكم بما انزل الله رداً للقران وجحداً لقول الرسول ق فهوكافر .انتهى.
وأما من حكم بغير ما انزل الله وهو يعتقد انه عاص لله لكن حمله على الحكم بغير ما انزل الله ما يدفع إليه من الرشوة أو غير هذا أو عداوته للمحكوم عليه أو قرابته أو صداقته للمحكوم عليه له ونحو ذلك فهذا لا يكون كفره أكبر، بل يكون عاصياً وقد وقع في كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق. وبالله التوفيق ( وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم )."[12]"
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى {ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون}قال: من جحد ما انزل الله فقد كفر ومن اقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :(الإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه وحرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا نزل قوله تعالى{ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون} أي هو المستحل للحكم بغير ما انزل الله )."[13]"
إذن الحكم بغير ما انزل الله قد يكون:-
كفر مخرج من الملة مع الاعتقاد بأنه أفضل أو مساوي أو يجوز التحاكم إليه من دون شرع الله. ويكون كفراً أصغر إذا كان لرشوة أو خوف أو مداراة مع الاعتقاد إن شرع الله هو الواجب.
أنواع الخروج على ولاة الأمور
الخروج على ولاة الأمور قد يكون بالسيف وقد يكون بالكلام.
§ قال الشيخ الفوزان:(إن تتبع العثرات والزلات واتخاذ ذلك سبيلاً لتنقص ولاة الأمور أو الكلام فيهم أو تبغيضهم إلى الرعية ليست طريقة السلف أهل السنة والجماعة. فالخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا اشد الخروج ويكون بالكلام بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم فالكلام فيه خروج. فهذا هو مذهب الخوارج هم الذين يسبون الأئمة ويتكلمون فيهم ويهيجون الناس عليهم هذا مذهب الخوارج، ما قام الناس على عثمان رضي الله عنه إلا بسبب ابن سبأ الخبيث أصبح يتكلم في المجالس ويحرض الناس حتى تكالب ناس من السفهاء والأوباش وانتهى الأمر بان قتلوه).أ.هـ"[14]"
فمنهج السلف مع ولاة الأمور يتلخص بما يلي:-
1.طاعتهم مالم يأمروا بمعصية الله.
2.عدم ذكر مساؤهم في المجلس العامة وعلى المنابر.
3.مناصحتهم إن أمكن ذلك.
4.عدم الخروج عليهم بالكلام أو بالسيف.
ضوابط المنهج السلفي في التعامل مع الكفار
الكافر غير الحربي: إما أن يكون معاهداً أو ذمياً اومستأمناً
التعامل مع الكفار يكون على قسمين:-
•القسم الأول مباح0
•القسم الثاني محرم0
والقسم الأول ينقسم إلى أقسام منها:-
1. المعاملات الدنيوية كالبيع والشراء والأجرة على العمل وهذا ثابت بالسنة.
2. العقود التي يتولاها ولي الأمر، كالهدنة والعهد والأمان من اجل جلب المصالح ودفع المفاسد.
3. المداراة، يجوز مداراة الكفار إذا كان ذلك لدفع خطر متوقع0
القسم الثاني ينقسم إلى قسمين:-
1. محرم لا يصل إلى درجة الكفر والردة، قال الشيخ الفوزان حفظه الله:(التولي قسمان: تولي من اجل الدين وهو كفر. وتولي من اجل دنيا وهو محرم. مع بغض دينهم)"[15]"
2. توليهم من اجل دينهم وهذا كفر مخرج من الملة.
من يتكلم في مثل هذه المسائل العامة ؟
قال الشيخ الفوزان :(هناك أشياء يظنها الجهال موالاة وهي ليست موالاة وهناك المداراة إذا كان على المسلمين خطر لا يدفع إلا بالمداراة فهذا ليس من الموالاة وهناك فرق بين المداراة والمداهنة0
المداهنة لا تجوز لكن المداراة تجوز إذا كان على المسلمين خطر. وهذه الأمور تحتاج إلى فقه والى معرفة. أما أن كل تعامل مع الكفار يفسر انه موالاة. هذا من الجهل والغلط الحاصل انه لا يدخل في هذه الأمور إلا الفقهاء وأهل العلم ولا يدخل فيها طلبة العلم وأنصاف المتعلمين.
ضوابط الموالاة للكفار
قال الشيخ صالح آل الشيخ "[16]":المسائل الشرعية في فقهها مبنية على مقدمتين:-
المقدمة الأولى:تحقيق للمناط في تنزيل هذا الحكم على هذا الدليل أو في إلحاق هذه المسألة بالدليل. ليؤخذ منه الحكم وتحقيق المناط صنعة اجتهادية كما قرره ألشاطبي في كتاب الموافقات. وكثير من طلبة العلم قد يعلم الأولى لكن لا يعلم الثانية وهي فقه تنزيل النازلة على وجه الدليل لينظر فيها بالحكم. وهذا يقتضي أن يقي طالب العلم نفسه في أن ينظر إلى تبرئة ذمته بأن يجعل كلام أهل العلم إذا اجتمعوا على قول ما. أن يجعله مانعاً له أن يخوض في المسألة بغير علم. أما ما يتعلق بمظاهرة المشركين وتوليهم فأن عقد الإيمان يقتضي موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر لقوله تعالى{إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فأن حزب الله هم الغالبون} أساس الولاء والبراء هو الولاء للإيمان والبراءة من الكفر ويتضمن ذلك موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر على اختلاف مللهم. هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا ومنها ما يكون للدين فإذا كانت للدنيا فليست مخرجة من الدين. والموالاة للدنيا يكون في بعضها إكرام وبشاشة، أو دعوة، أومخالطة ماقد يكون مأذوناً به إذا لم يكن في القلب مودة لهذا الأمر. من مثل ما يفعله الرجل مع زوجته النصرانية ومن مثل ما يفعله الابن مع أبيه غير المسلم. ونحو ذلك مما فيه إكرام وعمل في الظاهر طيب مع عدم المودة الدينية في الباطن فإذا كانت الموالاة للدنيا فأنها محرمة وغير جائزة إلا فيما استثنى من الحالات كما ذكرنا0
أما القسم الأول :- فان تكون الموالاة للدنيا ولكن ليس لجهة قرابة وإنما مصلحة بحته وان فرط في أمور دينه وهذه موالاة غير مكفرة لأنها في أمور الدنيا هذه التي نزل فيها قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}(الممتحنة:1) .
هنا اثبت إنهم القوا بالمودة وناداهم بأسم الآيمان لذلك استفصل النبي ق من حاطب حيث قال له في القصة المعروفة السابقة الذكر:يا حاطب ما حملك على هذا ؟؟ يعني أفشى سر رسول الله ق فبين انه حمله عليه الدنيا وليس الدين.
القسم الثاني : موالاة الكافر لدينه يواليه ويحبه وينصره لأجل ما عليه من الشرك ومن ألوثنيه ونحو ذلك هذه مكفر والإيمان الكامل ينتفي مع مطلق موالاة غير المؤمن. لان موالاة غير المؤمن بمودته ومحبته ونحوذلك هذه منافية للإيمان الواجب لقول الله عز وجل {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يوأدون مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22).
أما مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين فهذا من نواقض الإسلام كما هو معروف وهذا الناقض مبني على أمرين :-
1- المظاهرة 2- الإعانة
* ومعنى المظاهرة أن يجعل المسلم نفسه ظهراً للكافرين يحموهم فيما لو أراد طائفة من المؤمنين أن يقعوا فيهم. يحمونهم ويناصرونهم ويحمون ظهورهم ويحمون بيضتهم وهذه المظاهرة بمعنى انه صار ظهراً لهم ويضرب المسلمين لأجل حماية هؤلاء الكفار.
* والإعانة: والإعانة ضابطها أن يعين قاصداً (ظهور الكفر على الإسلام) لان مطلق الإعانة غير مكفر ( لأن حاطب حصل منه إعانة للمشركين على رسول الله ق بنوع من العمل. لكن النبي ق قد إستفصل منه فدل على أن الإعانة تحتاج إلى إستفصال. والله جل وعلا قال في مطلق العمل {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ}الممتحنة1.لكن ليس مكفراً إلا بقصد فلما أجاب حاطب لم يكن قصده ظهور الكفر على الإسلام لم يكفر0
فحاطب فعل أمرين :-
الأول هو الذي إستفصل النبي ق فيه هل كان قاصداً ظهور الكفر ؟؟
الثاني انه حصل منه إعانة لهم وهذه فعلة فيها ضلال وفيها ذنب.أ.هـ."[17]"
فإذاً ليست كل إعانة مكفرة0
•قال الإمام الشافعي:المسلم يدل المشركين على عورة المسلمين قيل للشافعي أرأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بأن المسلمين يريدون غزوهم أو بالعورة من عوراتهم هل يحل ذلك دمه ويكون في ذلك دلالة على ممالأة المشركين قال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحل دم من ثبتت له حرمة الإسلام إلا أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفراً بيناً بعد إيمان ثم يثبت على الكفر وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين فقلت للشافعي أقلت هذا خبراً أم قياساً قال قلته بما لا يسع مسلماً علمه عندي أن يخالفه بالسنة المنصوصة بعد الاستدلال بالكتاب فقيل للشافعي فاذكر السنة فيه قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع قال سمعت علياً يقول بعثنا رسول الله ق أنا والمقداد والزبير فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخرجنا تعادى بنا خيلنا فإذا نحن بالظعينة فقلنا لها أخرجي الكتاب فقالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله ق .أ.هـ."[18]" .
• وقال شيخ الإسلام :(وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً كما حصل لحاطب بن أبي بلتعه لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبيق)."[19]"
• قال البغوي في تفسير قوله تعالى {ومن يتولهم منكم}فيوافقهم ويعينهم0"[20]"
• قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن :وأما قوله{ومن يتولهم}وقوله{لا تجد قوماً}وقوله{...لا تتخذوا...} فقد فسرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة واصل الموالاة هو الحب والنصرة والصداقة ودون ذلك مراتب متعددة.
• ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وغيره"[21]"
• قال الشيخ العثيمين رحمه الله في تفسير الآية( 51 /سورة المائدة)(هو منهم في الظاهر بلا شك بسبب المعاونة والمناصرة لكن !! هل هو منهم في الباطن ؟؟ نقول يمكن، قد تكون هذه المناصرة والتأييد سبب إلى المحبة ثم إلى إتباع الملة. إذا: من يتولهم منكم فانه منهم في الظاهر. قال العلامة السعدي في التفسير"[22]"ومن يفعل ذلك التولي فليس من الله في شيء أي فهو بريء من الله والله بريء منه كقوله تعالى{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وقوله إلا أن تتقوا منهم تقاة أي إلا أن تخافوا على أنفسكم في إبداء العداوة للكافرين فلكم في هذه الحال الرخصة في المسالمة والمهادنة لافي التولي الذي هو محبة القلب الذي تتبعه النصرة ويحذركم الله نفسه أي فخافوه ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم.أ.هـ.
خلاصة الموضوع هناك فرق بين المظاهرة والمعاونة فالمظاهرة: أن يكون ظهراً للكفار ضد المسلمين ويعينهم على المسلمين وهي ناقض من نواقض الإسلام0
• المعاونة فيها تفصيل فقد تكون جائزة ومباحة وقد تكون محرمة وقد تكون من باب الكفر الأكبر
• الذي يخرج صاحبه من دين الإسلام
التشبه وضوابطه "[23]"
اولاً: من المعلوم لكل مسلم ان الله تبارك وتعالى نهى عن التشبه بالشيطان وعن التشبه بالكفار وعن التشبه بالحيوان وعن تشبه الرجال بالنساء وعن تشبه النساء بالرجال والذي يهمنا هنا (النهي عن التشبه بالكفار) لما له علاقة في عقيدة العبد ومنهجه. وبين شيخ الاسلام ان هناك تلازم بين الظاهر والباطن وأن المشابهة بالظاهر تورث التأثر بالباطن فقال رحمه الله:( وليس الغرض هنا تفصيل الأمور التي وقعت في الأمة مما تضارع طريق المغضوب عليهم أو الضالين وإن كان بعض ذلك قد يقع مغفوراً لصاحبه إما لإجتهاد أخطأ فيه وإما لحسنات محت السيئات أو غير ذلك وإنما الغرض أن تتبين ضرورة العبد وفاقته إلى هداية الصراط المستقيم وأن ينفتح لك باب إلى معرفة الانحراف لتحذره ثم إن الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون أيضاً عادات في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب وغير ذلك، وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولا بد ارتباط ومناسبة فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً
وقد بعث الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له . فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة لأمورمنها:-
أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه مقتضياً لذلك إلا أن يمنعه من ذلك مانع.
ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف إلى أهل الهدي والرضوان وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام لست أعني مجرد التوسم به ظاهراً أو باطناً بمجرد الاعتقادات التقليدية من حيث الجملة كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً أو ظاهراً أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.
ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.
هذا إذا لم يكن ذلك الهدى الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع ضلالهم ومعاصيهم فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له).
ثانياً: نهى الرسول ق عن مشابهة الكفار في اعتقاداتهم الفاسقة وفي عباداتهم المبتدعة وفي اعيادهم قال شيخ الاسلام رحمه الله:(وقال الله سبحانه {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً}الكهف21 فكان الضالون بل والمغضوب عليهم يبنون المساجد على قبور الأنبياء والصالحين وقد نهى النبي ق أمته عن ذلك في غير موضع حتى في وقت مفارقته الدنيا بأبي هو وأمي ثم إن هذا قد ابتلي به كثير من هذه الأمة. ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة والصور الجميلة فلا يهتمون في أمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات ثم إنك تجد أن هذه الأمة قد ابتليت من اتخاذ السماع المطرب بسماع القصائد بالصور والأصوات الجميلة لإصلاح القلوب والأحوال ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين).
ثالثاً: لايشترط في المشابهة قصد المشابهة قال شيخ الاسلام رحمه الله في الاقتضاء ص 179" مخالفتهم مشروع سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصد وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه كبياض الشعر وطول الشارب ونحو ذلك
متى يباح التشبه بالكفار ؟
إن شيخ الإسلام بعد أن أصل قواعد في التشبه ذكر أن لها استثناء. فالمسلم يجوز له في حالة يضطر معها إلى التشبه بالكفار ولكن في حدود الضرورة.
• قال شيخ الإسلام في( الاقتضاء ص282 ):( لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكون مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والإطلاع إلى باطن أمورهم لأخبار المسلمين بذلك ، أو دفع ضرر عن المسلمين وغير ذلك من المقاصد الحسنة).
• قال الشيخ العثيمين في تعليقاته على كتاب الاقتضاء ص224:(هذه الجملة يجب أن نتأمل، الشيخ رحمه الله إن مخالفة الكفار إذا كان المسلمون أعزة يلزمون الكفار بمخالفتهم أو هم يتميزون عنهم هم ولا يهمهم أمرهم أما إذا كانوا ضعفاء فلا حرج أن يشابهوا الكفار في الهدي الظاهر يعني مثلا إذا كنت في دار كفر ولبست مثل لباسهم مما ليس حراما بعينه. كالحرير وما أشبهه فلا حرج عليك لأن ألمشابهه هنا من اجل الضعف وعدم ألمقارنة. هل نقول إن كلام الشيخ يسري إلى فعل محرم كالمرأة مثلاً في بلاد الكفر هل يجوز لها أن تكشف وجهها لأنها يلحقها الضرر والأذى أم نقول إن هذه معصية لا يجوز للإنسان أن يداهن فيها ؟ فهي محل نظر بالواقع. أ.هـ
وهذا في حالة تعذر الهجرة إلى بلاد إسلامية أخرى أما إذا توفرت الإمكانية للهجرة فهذا هو الواجب على العبد فرارا بدينه ولايشترط الهجرة إلى بلاد أخرى ففي نفس البلاد الواحدة تتفاوت الأمور فالذي يضايق في منطقة عليه بالهجرة إلى منطقة أخرى حسب استطاعته وقد فهم بعض الدعاة في هذه البلاد هذه العبارة فهما خاطئاً فأوجبوا مشابهة الكفار بالهدي الظاهر وأوجبوا حلق اللحية ولبس زي الكفار !! فتأمل كلام العلماء وتأمل كلام الأدعياء ؟؟!
[1]أورده الحاكم في. المستدرك على الصحيحين ج2/ص216
[2]مجموع الفتاوى (3/231)
[3]منهاج السنة (5/239)
[4]في كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص100
[5]قال الشيخ صالح السحيمي معقباً على هذه الضوابط مع التأكيد على ماذكرت مسبقاً وهو الرجوع في هذا إلى العلماء
[6]صحيح مسلم ج3/ص1470"باب وجوب طاعة للأمراء في غير معصية 0رقم 1709
[7]في كتاب (الباب المفتوح 3/126)
[8]انظر منهاج السنة (3/391) لشيخ الإسلام
[9]مجموع فتاوى ابن باز (8/203)"
[10]انظر كتاب الباب المفتوح (3/126)
[11]أضواء البيان 1/ 405
[12]فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/141)
[13]مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أبن تيمية (3/267)
[14]أنظر كتاب الإجابات المهمة "ص 25/31" للشيخ صالح الفوزان
[15]أنظر كتاب الإجابات المهمة للشيخ صالح الفوزان "ص 180"
[16]أنظر كلام الشيخ صالح آل شيخ في كتاب تبصير الأمة " ص55"
[17]
[18]أنظر كتاب" الأم ج4/ص" 249" للشافعي رحمه الله
[19]المجموع لشيخ الإسلام"7 /522"
[20]( ذكره البغوي في تفسيره (3/6
[21]أنظر كتاب الرسائل النجدية 3/10
[22]تفسير السعدي ج1/ص127
[23]انظر كتاب أقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الاسلام ابن تيمية فانه اصل في هذا الباب0