كلام سديد من عالمٍ رشيدٍ ليس عليه مزيد
سالم بن سعد الطويل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد وقفت على كلام جميل لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه للعقيدة السفارينية الإمامة ومتعلقاتها، حيث كتب مقدمة رائعة قبل الشروع بشرح هذا الباب المهم، ورأيت أن أنقل للقراء الكرام نص كلام الشيخ رحمه الله تعالى لعل الله أن ينفع به من شاء من عباده.
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
هذا الباب- أي باب الإمامة- كنا نستهونه في أيام طلبنا كما كنا نستهون كتاب الجهاد فكنا نتساءل أين الجهاد؟ وما حاجتنا في أن نبحث في الجهاد؟
ومتى يكون واجباً على العين وعلى الكفاية؟ وما حكم ما يلزم الجيش وما يلزم الإمام؟
وسبب ذلك إنه لا يوجد جهاد ثم لما حصل جهاد في الوقت الأخير عرفنا أننا مفرطون وأنه كان ينبغي أن نعرف أحكام الجهاد تماما،
وفي مسألة الإمامة كنا نقول ليس لنا حاجة في أن نبحث في الإمامة فنحن والحمد لله أمامنا (ابن سعود) ولكل بلد إمامه والأمور مستقرة على ذلك لكن الآن تبين لنا أنه لا بد أن نعرف الحكم فلابد أن نعرف من هو الإمام؟
ومن يستحق الإمامة؟ ولابد أن نعرف ما حق الإمام على رعيته؟ وما حق الرعية على الإمام؟
وذلك لأنه كثر القيل والقال وخاض في ذلك من هم من الجاهلين وصاروا يتخبطون خبط عشواء فيما يلزم الإمام وفيما يلزم الرعية وغالبهم يميل إلى تحميل الإمام ما لا يلزمه حمله وتبرئة الشعب مما يلزمهم القيام به،
هذا حال غالبهم وذلك لأن بعض الناس مشغوف- والعياذ بالله- بنشر المساوئ من ولاة الأمور وكتم المحاسن فيكون معه جور في الحكم وسوء في التصرف.
إذن لا بد الآن أن نعرف من هو الإمام وبم تثبت الإمامة؟ وما حق الإمام على الرعية؟ وما حق الرعية على الإمام؟ وما طريق السلف في معاملة الأئمة الظلمة والمنحرفين حتى نمشي على طريقهم ونكون أمة سلفية وحتى لا نبرئ أنفسنا نحن من النقص، بل نحن ناقصون إذا قارنت بين أعمالنا وعقائدنا وبين ما كان عليه الصحابة وجدت أن الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين زماننا وزمانهم وأن الفرق كبير.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف نريد أن يكون لنا ولاة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فهذا ظلم وهذا تأباه حكمة الله عز وجل ولهذا جاء في الأثر (كما تكونون يولى عليكم) فكيف نريد أن يكون خلفاء الأمة الإسلامية الآن كخلفاء الأمة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين؟ ونحن على هذه الحال كذب وغش وظلم وسوء عقيدة وغير ذلك.
ويذكر أن عبد الملك بن مروان شعر أن الناس قد ملوه أو عندهم شيء من التمرد عليه فجمع وجهاء القوم وأعيانهم وتكلم فيهم وقال لهم: أتريدون أن نكون لكم كأبي بكر وعمر؟ قالوا: نعم، قال: إن كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا كالذين كانوا لأبي بكر وعمر فأقام عليهم الحجة.
وكذلك أيضا يُنقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلا خارجيا قال له: يا علي كيف دان الناس لأبي بكر وعمر ولم يدينوا لك؟ قال: لأن أبا بكر وعمر كان رجالهم انا وامثالي وكان رجالي انت وامثالك فأقام عليه الحجة.
فالمهم أنه لا يمكن أن نطمع في أن يكون ولاة امورنا كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ونحن على هذه الحال التي تشاهد ولا شك في أن البيت الذي فيه ثلاثة نفر يكون فيه أربعة آراء!! فأين الوفاق فينا؟ واين الصلاح فينا كي يكون في ولاتنا؟!
فالمهم ان هذا الباب - باب الامامة - باب مهم يجب ان يُعتنى به.
والامامة نوعان: إمامة في الدين،
وإمامة في التدبير والتنظيم
فمن امامة الدين الامامة في الصلاة، فإن الامام في الصلاة امامته امامة دين ومع ذلك فله نوع من التدبير حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بمتابعته ونهى عن سبقه والتخلف عنه فهذا نوع تدبير، لانه مثلا اذا كبّر كبرنا واذا ركع ركعنا واذا سجد سجدنا وهكذا.
واما امامة التدبير فتشمل الامام الاعظم ومن دونه، والامام الاعظم هو الذي له الكلمة العليا في البلاد كالملوك ورؤساء الجمهوريات وما اشبه ذلك ومن دونهم كالوزراء والامراء وما اشبه ذلك، والامة الاسلامية بشر كغيرها من البشر والبشر كائن من الاحياء وكل حي فلابد له من رئيس بل حتى البهائم وكذلك الطيور في الجو لها رئيس تتبعه، ولهذا كان الصيادون اذا مرت بهم جحافل من الطيور او الضباء او ما اشبه ذلك يصيدون اول ما يصيدون قائدهم فاذا صادوا القائد ارتبك المجموع فسهل صيده لان كل كائن سواء من البشر او غيرهم لابد له من قائدٍ يقوده.
ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام المسافرين اذا كانوا ثلاثة فأكثر أن يؤمروا واحداً منهم يعني أنه لابد من امير والا لاضطربت الاحوال وصار كل انسان يقول انا أمير نفسي وحينئذٍ يتزعزع الامن ويحل الخوف ولهذا قال المؤلف رحمه الله - يعني السفاريني في العقيدة السفارينية -: ولا غنى لأمة الاسلام في كل عصر كان عن امام يعني لا يمكن ان تستغني امة المسلمين في كل العصور من عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا من امام أي عن قائدٍ يقودها.
وحتى الأمة من الامم الكافرة لابد لها من امام ولذلك تجد الامم الكافرة ربما ينقادون لأئمتهم اكثر مما ينقاد بعض المسلمين لأئمتهم، لأنهم يعلمون ان الأمن والاستقرار انما يكون في إتباع الائمة والانقياد لهم والانصياع لأوامرهم، وهذه مسألة يغفل عنها كثير من المسلمين، وقد حدثنا بعض من يذهبون الى بلاد الكفار ان رعاياهم يتبعون الانظمة تماما ويطبقونها تماما. سواء أنظمة المرور أو انظمة الامن أو غير ذلك، مع انهم كفار لا يرجون بهذا ثوابا من الله عز وجل، لكن يعلمون ان انتظام الامة وحفظ امنها لا يكون الا باتباع أوامر الرؤساء.
فلذلك كانوا اشد تطبيقا من بعض المسلمين لطاعة ولاة الامور، مع اننا نحن بامتثالنا لطاعة ولي الامر نرجو الثواب من الله عز وجل، وبالمخالفة نخاف العقاب، لأن مخالفة أي نظام من انظمة الدولة بدون سبب شرعي، والسبب الشرعي سبب واحد وحيد وهو ان يأمروا بمعصية الله، وما سوى ذلك تجب علينا طاعته من اجل حفظ الامن.
وبعض الناس يتوهم انه لا تجب طاعتهم إلا حيث أمروا بما امر الله به، وهذا وهمٌ باطل، لأنهم اذا امروا بما امر الله به فأمرهم هذا تأكيد لأمر الله فقط، ولو امرنا أي واحد بما امرنا الله به لكانت الطاعة مفروضة علينا، لأنه امر الله، لكن طاعة ولاة الامور في غير معصية شيء وراء ذلك، فيجب علينا ان نطيع ولاة الامور في كل ما امروا به، ما لم يأمروا بمعصية.
فإذا لا بد للامة الاسلامية - بل وغير الاسلامية - من امام يقودها ويوجهها، ويأمرها، وينهاها، والا لضاعت واصبحت الامور فوضى.. قال الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
انتهى كلامه رحمه الله تعالى وجزاه الله خيرا.
"لا أمير إلا ابن صباح"
أخي القارئ الكريم أريد أن اسطر كلمة في هذا المقام لعل الله أن ينفع بها القارئ والسامع، ألا وهي:
اني قبل سنوات قليلة من وفاة شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى المتوفى في عام 1421هـ،ارسلت له أحد طلابي واسمه "محمد خليل" ليدرس عند الشيخ في فترة الصيف حيث كان رحمه الله تعالى يعقد دورات علمية صباحية كل صيف وقد سأل "محمد خليل" شيخنا ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- عن الامارة الدعوية التي تعقدها بعض الجماعات الحزبية في الكويت حيث يعينون لهم "أميرا" ويبايعونه سرا ويزعمون انها "معاهدة" ويلزمون اتباعهم بطاعته وان من خرج عن طاعته فهو آثم. فكان جواب شيخنا رحمه الله تعالى ان قال: يا محمد خليل ليس عندكم في الكويت أمير إلا "بن صباح"!!
هكذا سمعت التسجيل بإذني بصوت الشيخ رحمه الله تعالى.
مجرد اقتراح
منذ اسابيع وأحد الكتّاب مجتهد جدا في الكتابة عن السلفية وعلمائها فبدأ بشيخ الاسلام ابن تيمية ثم بشيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب ثم اخيرا بالشيخ الالباني ويحتمل في الاسابيع المقبلة يكتب في الشيخ ابن باز ثم ابن عثيمين رحمهم الله جميعا لذا اقترح -مجرد اقتراح- على الكاتب بما انه يحمل هذا الكم الهائل من الشبه مع السلفية وأهلها وواثق مما يقول وعندهم ادلة وبراهين،
اقول: لماذا لا يطلب مناظرة علنية على قناة "المستقلة" في الحوار السنوي المعتاد المسمى "حوار صريح بعد صلاة التراويح" بحضور أحد طلبة العلم من أهل السنة ليناظره؟! وإنما قلت طالب علم يكفي أهل السنة ولا داعي لان ينبري له شيخ أو عالم فهو اقل شأنا من ذلك.
اخي القارئ سأقول لك لماذا لا يفعل ذلك ولن يفعل ذلك، لانه ضعيف جدا في المناظرة والمواجهة فغاية ما يملك قصاصات كتبها غيره وجدها سبيلا للطعن في عقيدة تخالف عقيدته جملة وتفصيلا. واذا عُرف السبب بطل العجب والحمد لله أولا واخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تاريخ النشر 27/10/2008
سالم بن سعد الطويل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد وقفت على كلام جميل لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه للعقيدة السفارينية الإمامة ومتعلقاتها، حيث كتب مقدمة رائعة قبل الشروع بشرح هذا الباب المهم، ورأيت أن أنقل للقراء الكرام نص كلام الشيخ رحمه الله تعالى لعل الله أن ينفع به من شاء من عباده.
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
هذا الباب- أي باب الإمامة- كنا نستهونه في أيام طلبنا كما كنا نستهون كتاب الجهاد فكنا نتساءل أين الجهاد؟ وما حاجتنا في أن نبحث في الجهاد؟
ومتى يكون واجباً على العين وعلى الكفاية؟ وما حكم ما يلزم الجيش وما يلزم الإمام؟
وسبب ذلك إنه لا يوجد جهاد ثم لما حصل جهاد في الوقت الأخير عرفنا أننا مفرطون وأنه كان ينبغي أن نعرف أحكام الجهاد تماما،
وفي مسألة الإمامة كنا نقول ليس لنا حاجة في أن نبحث في الإمامة فنحن والحمد لله أمامنا (ابن سعود) ولكل بلد إمامه والأمور مستقرة على ذلك لكن الآن تبين لنا أنه لا بد أن نعرف الحكم فلابد أن نعرف من هو الإمام؟
ومن يستحق الإمامة؟ ولابد أن نعرف ما حق الإمام على رعيته؟ وما حق الرعية على الإمام؟
وذلك لأنه كثر القيل والقال وخاض في ذلك من هم من الجاهلين وصاروا يتخبطون خبط عشواء فيما يلزم الإمام وفيما يلزم الرعية وغالبهم يميل إلى تحميل الإمام ما لا يلزمه حمله وتبرئة الشعب مما يلزمهم القيام به،
هذا حال غالبهم وذلك لأن بعض الناس مشغوف- والعياذ بالله- بنشر المساوئ من ولاة الأمور وكتم المحاسن فيكون معه جور في الحكم وسوء في التصرف.
إذن لا بد الآن أن نعرف من هو الإمام وبم تثبت الإمامة؟ وما حق الإمام على الرعية؟ وما حق الرعية على الإمام؟ وما طريق السلف في معاملة الأئمة الظلمة والمنحرفين حتى نمشي على طريقهم ونكون أمة سلفية وحتى لا نبرئ أنفسنا نحن من النقص، بل نحن ناقصون إذا قارنت بين أعمالنا وعقائدنا وبين ما كان عليه الصحابة وجدت أن الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين زماننا وزمانهم وأن الفرق كبير.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف نريد أن يكون لنا ولاة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فهذا ظلم وهذا تأباه حكمة الله عز وجل ولهذا جاء في الأثر (كما تكونون يولى عليكم) فكيف نريد أن يكون خلفاء الأمة الإسلامية الآن كخلفاء الأمة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين؟ ونحن على هذه الحال كذب وغش وظلم وسوء عقيدة وغير ذلك.
ويذكر أن عبد الملك بن مروان شعر أن الناس قد ملوه أو عندهم شيء من التمرد عليه فجمع وجهاء القوم وأعيانهم وتكلم فيهم وقال لهم: أتريدون أن نكون لكم كأبي بكر وعمر؟ قالوا: نعم، قال: إن كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا كالذين كانوا لأبي بكر وعمر فأقام عليهم الحجة.
وكذلك أيضا يُنقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلا خارجيا قال له: يا علي كيف دان الناس لأبي بكر وعمر ولم يدينوا لك؟ قال: لأن أبا بكر وعمر كان رجالهم انا وامثالي وكان رجالي انت وامثالك فأقام عليه الحجة.
فالمهم أنه لا يمكن أن نطمع في أن يكون ولاة امورنا كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ونحن على هذه الحال التي تشاهد ولا شك في أن البيت الذي فيه ثلاثة نفر يكون فيه أربعة آراء!! فأين الوفاق فينا؟ واين الصلاح فينا كي يكون في ولاتنا؟!
فالمهم ان هذا الباب - باب الامامة - باب مهم يجب ان يُعتنى به.
والامامة نوعان: إمامة في الدين،
وإمامة في التدبير والتنظيم
فمن امامة الدين الامامة في الصلاة، فإن الامام في الصلاة امامته امامة دين ومع ذلك فله نوع من التدبير حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بمتابعته ونهى عن سبقه والتخلف عنه فهذا نوع تدبير، لانه مثلا اذا كبّر كبرنا واذا ركع ركعنا واذا سجد سجدنا وهكذا.
واما امامة التدبير فتشمل الامام الاعظم ومن دونه، والامام الاعظم هو الذي له الكلمة العليا في البلاد كالملوك ورؤساء الجمهوريات وما اشبه ذلك ومن دونهم كالوزراء والامراء وما اشبه ذلك، والامة الاسلامية بشر كغيرها من البشر والبشر كائن من الاحياء وكل حي فلابد له من رئيس بل حتى البهائم وكذلك الطيور في الجو لها رئيس تتبعه، ولهذا كان الصيادون اذا مرت بهم جحافل من الطيور او الضباء او ما اشبه ذلك يصيدون اول ما يصيدون قائدهم فاذا صادوا القائد ارتبك المجموع فسهل صيده لان كل كائن سواء من البشر او غيرهم لابد له من قائدٍ يقوده.
ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام المسافرين اذا كانوا ثلاثة فأكثر أن يؤمروا واحداً منهم يعني أنه لابد من امير والا لاضطربت الاحوال وصار كل انسان يقول انا أمير نفسي وحينئذٍ يتزعزع الامن ويحل الخوف ولهذا قال المؤلف رحمه الله - يعني السفاريني في العقيدة السفارينية -: ولا غنى لأمة الاسلام في كل عصر كان عن امام يعني لا يمكن ان تستغني امة المسلمين في كل العصور من عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا من امام أي عن قائدٍ يقودها.
وحتى الأمة من الامم الكافرة لابد لها من امام ولذلك تجد الامم الكافرة ربما ينقادون لأئمتهم اكثر مما ينقاد بعض المسلمين لأئمتهم، لأنهم يعلمون ان الأمن والاستقرار انما يكون في إتباع الائمة والانقياد لهم والانصياع لأوامرهم، وهذه مسألة يغفل عنها كثير من المسلمين، وقد حدثنا بعض من يذهبون الى بلاد الكفار ان رعاياهم يتبعون الانظمة تماما ويطبقونها تماما. سواء أنظمة المرور أو انظمة الامن أو غير ذلك، مع انهم كفار لا يرجون بهذا ثوابا من الله عز وجل، لكن يعلمون ان انتظام الامة وحفظ امنها لا يكون الا باتباع أوامر الرؤساء.
فلذلك كانوا اشد تطبيقا من بعض المسلمين لطاعة ولاة الامور، مع اننا نحن بامتثالنا لطاعة ولي الامر نرجو الثواب من الله عز وجل، وبالمخالفة نخاف العقاب، لأن مخالفة أي نظام من انظمة الدولة بدون سبب شرعي، والسبب الشرعي سبب واحد وحيد وهو ان يأمروا بمعصية الله، وما سوى ذلك تجب علينا طاعته من اجل حفظ الامن.
وبعض الناس يتوهم انه لا تجب طاعتهم إلا حيث أمروا بما امر الله به، وهذا وهمٌ باطل، لأنهم اذا امروا بما امر الله به فأمرهم هذا تأكيد لأمر الله فقط، ولو امرنا أي واحد بما امرنا الله به لكانت الطاعة مفروضة علينا، لأنه امر الله، لكن طاعة ولاة الامور في غير معصية شيء وراء ذلك، فيجب علينا ان نطيع ولاة الامور في كل ما امروا به، ما لم يأمروا بمعصية.
فإذا لا بد للامة الاسلامية - بل وغير الاسلامية - من امام يقودها ويوجهها، ويأمرها، وينهاها، والا لضاعت واصبحت الامور فوضى.. قال الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
انتهى كلامه رحمه الله تعالى وجزاه الله خيرا.
"لا أمير إلا ابن صباح"
أخي القارئ الكريم أريد أن اسطر كلمة في هذا المقام لعل الله أن ينفع بها القارئ والسامع، ألا وهي:
اني قبل سنوات قليلة من وفاة شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى المتوفى في عام 1421هـ،ارسلت له أحد طلابي واسمه "محمد خليل" ليدرس عند الشيخ في فترة الصيف حيث كان رحمه الله تعالى يعقد دورات علمية صباحية كل صيف وقد سأل "محمد خليل" شيخنا ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- عن الامارة الدعوية التي تعقدها بعض الجماعات الحزبية في الكويت حيث يعينون لهم "أميرا" ويبايعونه سرا ويزعمون انها "معاهدة" ويلزمون اتباعهم بطاعته وان من خرج عن طاعته فهو آثم. فكان جواب شيخنا رحمه الله تعالى ان قال: يا محمد خليل ليس عندكم في الكويت أمير إلا "بن صباح"!!
هكذا سمعت التسجيل بإذني بصوت الشيخ رحمه الله تعالى.
مجرد اقتراح
منذ اسابيع وأحد الكتّاب مجتهد جدا في الكتابة عن السلفية وعلمائها فبدأ بشيخ الاسلام ابن تيمية ثم بشيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب ثم اخيرا بالشيخ الالباني ويحتمل في الاسابيع المقبلة يكتب في الشيخ ابن باز ثم ابن عثيمين رحمهم الله جميعا لذا اقترح -مجرد اقتراح- على الكاتب بما انه يحمل هذا الكم الهائل من الشبه مع السلفية وأهلها وواثق مما يقول وعندهم ادلة وبراهين،
اقول: لماذا لا يطلب مناظرة علنية على قناة "المستقلة" في الحوار السنوي المعتاد المسمى "حوار صريح بعد صلاة التراويح" بحضور أحد طلبة العلم من أهل السنة ليناظره؟! وإنما قلت طالب علم يكفي أهل السنة ولا داعي لان ينبري له شيخ أو عالم فهو اقل شأنا من ذلك.
اخي القارئ سأقول لك لماذا لا يفعل ذلك ولن يفعل ذلك، لانه ضعيف جدا في المناظرة والمواجهة فغاية ما يملك قصاصات كتبها غيره وجدها سبيلا للطعن في عقيدة تخالف عقيدته جملة وتفصيلا. واذا عُرف السبب بطل العجب والحمد لله أولا واخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تاريخ النشر 27/10/2008