محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
بتاريخ [ 16 / 3 / 1431هـ ]
للشيخ محمد بن هادي _حفظه الله_
فيها: 1_ دك لحصون المميعة بتاريخ [ 16 / 3 / 1431هـ ]
للشيخ محمد بن هادي _حفظه الله_
2_ بيان حال منتدى كل السلفيين
3_ الرد على الحلبي في استدلاله بقصة مجالسة الإمام أحمد لعبد الرحمن بن صالح الأزدي وأنه كذب على الإمام أحمد
4_ فيها بيان لضوابط الهجر السني وليس الهجر على طريقة المميعين
5_ فيها قصة جميلة حصلت بين الإمام أحمد ويحيى بن معين لما زاره في مرضه وأبا أحمد أن يرد عليه السلام
6_ فيها الرد على من يتقربون من أهل البدع حتى يقعوا في مصيدتهم
7_ فيها فيها فوائد ودرر
أترككم مع التفريغ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد على آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، معشر الإخوان ، إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنما خلقه الله - جل وعلا - لعبادته وطاعته .
والعبادة والطاعة لله تبارك وتعالى لا تكون مقبولةً إلا إذا توافر فيها أمران :
الأمر الأول : أن تكون لوجه الله تبارك وتعالى خالصة ، المراد بها :
وجه الله والدار الآخرة .
والأمر الثاني : أن تكون هذه العبادة على وفق ما أمر به ربنا تبارك
وتعالى ، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذان الشرطان لا تقبل
العبادة إلا بهما.
فالإخلاص لله - جل وعلا - في جميع أقوالنا وأعمالنا عزيز ، والعبد لا يزال يجاهد نفسه مع نيته ، النية أساسٌ عظيم لقبول العمل ، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ولنقف عند هذا الشرط الأول فهو بحاجةٍ ماسة إلى الوقفة الصحيحة عنده .
معشر الإخوان ، نرى كثيراً من الناس أول ما يبدأ يتلبس في ظاهر أمره بالإخلاص ، ثم تراه بعد ذلك من خلال أفعاله وأقواله ، فيظهر لك منه نقض دعواه ، فتراه قد باع دينه ، فما كان بالأمس عليه من الخير والهدى تنازل عنه لأجل الدنيا ، فبالأمس ما كنت تراه إلا مع أهل الحق والهدى والسنة والحديث ، واليوم قد انقلبت الأمور عنده وقلب لهذا كلهِ ظهر المجن ، فتراه على خلاف حالهِ الأولى ، فبعد أن كان مع شيوخ السنة والأثر ، إذا بك تراه يجري لَهثا أو لهِثا خلف الدنيا ، فيمشي مع فلان ، وفلان ممن نعرفهم بالتحزب والبدعة ، وليته عند هذا الأمر يقف ، بل يتجاوز بعد ذلك ليبرر لنفسه هذا الباطل ، فيقع بلسانه الحاد في علماء السنة والحديث ، وشيوخه بالأمس ، فتراه طعاناً وقاعاً فيهم .
هذا متى ؟
إذا وصل إلى ما يريد من أولئك ، فقد حصّل الدنيا فبالأمس صعلوك لا مال له ، واليوم سيارة فارهة ، وشقة ، وقل غير ذلك ، حصل له ذلك ، حصلت له الدنيا ، لكن في مقابل ماذا ؟ مقابل أن باع دينه ، باع دينه فترك السنة وأهلها ، وركب البدعة وصحب أهَلها ، ثم بدأ يعتذر لنفسه بالأعذار الإبليسية .
فأول ما يبدأ ، هؤلاء متشددون ، هؤلاء المشايخ متشددون ، هؤلاء عندهم غلو ، هؤلاء ما عندهم إلا الكلام في الناس ، هؤلاء خالفهم غيرهم وهكذا ، حتى ينسلخ من دينه فيعود أشد ضرراً على السنة وأهلها من المبتدع الأصلي ، وهذا الكلام لا نقوله رجما بالغيب ولا جزافا ، وإنما من واقع التجربة ، وواقع الأحداث على مدار خمس وعشرين سنة ، ربع قرن رأينا هذا كله ، يتعلل بعضهم إن لم أفعل هذا ربما لحقني الضرر في الجامعة أو في المؤسسة التي أنا فيها ، نعم وإذا بالحقيقة على خلاف ذلك ،الحق أنه لا ضرر عليه ، فيتأول ، وبعد التأويل باب واسع جداً ، ما لحقه ضرر لكن يتخيل أنه سيلحقه ضرر فيهلك .
فرحم الله سلفنا الصالح حيث فطنوا لهذا وشددوا فيه غاية التشديد ، لأن مثل هذا يكون ضرراً على الآخرين إن بقي على السنة يكون حجة لكل من أراد الانحراف ، هذا إن بقي هو على السنة ، أما أكثر من ذكرت فالغالب أنه ينتهي بهم الأمر إلى أهل الهواء .
روى المرّوذي - رحمه الله - عن الإمام أحمد - رحمه الله- : أنه دخل عليه في مرضه يحيى بنُ معين ، فسلم عليه ، فلم يرد عليه السلام ، وكان يحيى مع إمامته قد أجاب في محنة خلق القرآن متأولاً ، ومن كيحيى ؟
من كيحيى بن معين ؟ولكن الشاهد ما هو هذا ، الشاهد الذي سيأتي :
فسلم على أحمد فلم يرد عليه السلام وكان أحمد قد أخذ على نفسه عهداً ألا يكلم أحدا ممن أجاب في الفتنة ، في محنة القول بخلق القرآن ، وكان يحيى من هؤلاء - رحمه الله - فلم يسلم عليه فأخذ يحيى - يعتذر ، يحيى بن معين أخذ يعتذر إلى أحمد وأخذ يقول : يا أبا عبد الله ، حديث عمار ، أليس يقول الله {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ؟ فلم يرد عليه أحمد ، وأشاح بوجه إلى الجانب الآخر إلى الجدار ، ولم ينظر في وجه يحيى ، فخرج يحيى وهو يقول أف !! نعتذر إليه ثم لا يقبل منا ! والله يقول إلا من أكره ، فقعد على الباب ، قعد أين ؟ على باب أحمد ، على باب الدار ينتظر ، حتى خرج أبو بكر المرّوذي - رحمه الله - فقال له : ماذا قال أحمد ؟ هل قال بعدي شيئا؟
قال : نعم ، قال ما قال : ماذا قال؟
قال : سمعته يقول : يعني أحمد يقول : حديث عمار ! حديث عمار ! {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} -يعني يستنكر ! على يحيى-
إن عماراً -رضي الله عنه- قد جاء في حديثه: إنني مررت عليهم ، يعني المشركين ، فسمعتهم يسبونك ويشتمونك فنهيتهم وزجرتهم عن ذلك فضربوني ، وأنتم قيل لكل سنضربكم ، فأجبتم ، ما ضربتم سنضربكم ، فأجبتم فقال يحيى بن معين : بعدما سمع هذا ، لله درك، مُر يا أبا عبد الله والله ما تحت أديم السماء أحد أفقه في دين الله منك.
يعني شوف الفرق عمار ضربوه بعد أن أنكر عليه ، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم : فإن عادوا فعد .
أما أنتم قالوا سيضربونكم ، فأجبتم مباشرة .
أما أنتم قالوا سيضربونكم ، فأجبتم مباشرة .
فهذا الذي يقل سيضرونني فيذهب معهم مباشرة فيبيع دينه بدنياه ، فانظروا إلى العدل والإنصاف عند يحيى بن معين يقول مُر ، يعني أأمر بما شئت ، بعد أن سمع هذا الكلام عن أحمد ، مُر بما تشاء ، هذا هو الفقه
وهؤلاء باعوا دينهم بدنياهم لأمور تخيلوها ففسد دينهم ودنياهم فلا بقي لهم الدين ولا قامت لهم الدنيا ، فذهبوا مع أهل البدع والتحزب وتلطخوا بأوبار الحزبية والبدعة ، وتركوا إخوانهم وشيوخهم ثم صاروا مع هؤلاء ، وقد كان السلف كما جاء ذلك عن الشعبي - رحمه الله- "يقولون :لا تسأل المرء عن المرء بعد ثلاث ، لا تسأل عن المرء بعد ثلاث ، ممشاه ومدخله ، ومخرجه ومدخله ، وإلى من يجلس "
إذا عرفت ممشاه مع من ، ويدخل ويخرج مع من ، ويجالس من ، ماذا تريد أن تسأل بعد ذلك ؟ خلاص .
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه _ أنظر إلى من يجالس_ فكل قرين بالمقارن يقتدي ..
فهؤلاء يبيعون الآجلة بالعاجلة ، فأمر الإخلاص معشر الإخوان أمر عظيم ، والإخلاص : أن لا يقصد الإنسان بعمله إلا وجه الله تبارك وتعالى ، والدار الآخرة ، فيستقيم على الحق والهدى ولا يصرفه عنه صارف ، هذا هو الثبات الحقيقي .
سمعتم هذا الكلام ؟
بالله عليكم ، لو أن أحمد بهذا العصر وفعل مثل هذا بيحيى بن معين ماذا يقول عنه صعافقة العصر اليوم ؟ يقولون عنه متشدد ، غالي عنده غلو ، مع من ؟ مع يحيى بن معين ، مع إمام ، لكنه لم يقبل منه .
إذا كان هذا من أحمد مع يحيى بن معين واستمر هجره له حتى بعد اعتذاره ، لأنه يرى - رحمه الله - أن لموقف يحيى أثرا في الناس فيحتجون به ، فلو هجر اليوم من يفعل مثل هذا ، ما ذا يقال فيمن هجره ؟ لو هجر اليوم من يفعل مثل هذا أو قريبا منه ما يقال فيه ؟
فيمن هجره ؟ يقال متشدد يقال هذا غالي ، وهؤلاء غلاة وهؤلاء ما عندهم إلا الجرح وهؤلاء جراحون ونحو ذلك ،
مع أن الذين يفسدون اليوم أكثرهم مغموس وإن انتسب إلى السنة ، مطعون فيه ، وإن انتسب إلى السنة ، بل لا نرى شدة ألسنتهم إلا على أهل السنة ، وبالمقابل يعتذرون لأهل الأهواء ويدافعون عنهم ، ويبررون لهم باطلهم ، ومرة يقولون : إنهم سلفيون وأخرى يقولون : لا نستطيع إخراجهم من السلفية ، ونحو ذلك .
فاتسعت صدورهم لهؤلاء ، ولم يسلم السلفيون من ألسنتهم هم ، فهذا الصنف هم الذين الخطر فيهم أشد على السلفيين من أهل الأهواء والبدع فاحذروهم يا أبنائي ويا إخوتي احذروهم كل الحذر ، فإذا رأيتم من يصدر عنه مثل هذه المقالة فلا يتسع صدره لأهل السنة ولا يعتذر لهم ، ويتسع صدره للمطعون فيهم ، ويعتذر لهم فهو والله كذاب .وإن بلغت عمامته عنان السماء .
معشر الإخوان ، إن أحمد هذا منهجه وهذا مذهبه وهذه طريقته ، سئل بعض العلماء السؤال الآتي :
هل يمكن أن يكون لله ولي على غير طريق أحمد وعقيدة أحمد ؟
فقال : لا والله لا كان ولا يكون، ما يمكن أن يكون على غير طريق أحمد وهو يقال عنه أنه من أولياء الله ، أبدا ، يقول : لا والله لا كان ولا يكون ما يمكن أن يكون من أولياء الله وهو على غير طريق أحمد ،
قال شيخ الإسلام : ـ رحمه الله ـ معلقا على هذه العبارة ،كنت قد ذكرتها لبعض إخوانكم فأقلقتني ونسيت وأخطأت قلت أنها في تلبيس الجهمية "بيان تلبيس الجهمية" ، وهي في الحقيقة درء تعارض العقل والنقل
فهذا يقول شيخ الإسلام : الاعتقاد لمالك والشافعي وغيرهم من السلف والظهور لأحمد ، لماذا ؟ لأنه امتحن وابتلي وفتن ، فثبت.
فأظهر الله به السنة ، وإلا العقيدة هي عقيدة مالك والشافعي ما خالف بها أحمد ، ما جاء باعتقاد جديد هي نصوص الكتاب والسنة ، وهي عقيدة مالك والشافعي ، لكن الظهور لأحمد - رحمه الله - ، فما يمكن أن يكون سلفيا على غير طريقة أحمد وإن بلغت عمامته السحاب ، ولو نصب في أعلى المناصب ، ولو قيل مع ألف من العلماء ، وهو على غير طريقة أحمد .
فوالله لا كان ولا يكون ، وهذه المقالة لعبد القادر الجيلاني هل يكون لله ولي على غير طريق أحمد وعقيدة أحمد ؟
قال : لا والله لا كان ولا يكون .
فما يمكن أن يكون شخصٌ مخالفاً لطريقة أحمد وعقيدته ومنهجه ويزعَم أنه سلفي ، لا والله ،
هذه طريقة أحمد مع أهل الأهواء والبدع وهذا موقفه من أهل الأهواء والبدع بل موقفه من أئمة السنة تأولوا فلم يقبل منهم ، لأنه خاف على أهل السنة الضرر بسببهم وهم من أهل السنة ، فكيف بالمبتدع الواضح وكيف بالمشكوك فيه والقرائن تحوم عنه على أنه ليس بسلفي ويفاصل لأجله بأهل السنة ، ويطعن بسببه لأهل السنة ، ويرمون بكل قبيح بسببه
السني الحقيقي : هو الذي لا يغضب لشيء من البدع إذا كانت عنده إذا ذكر المبتدع وطعن فيه وحذر منه ، السني يفرح بذلك ما يغضب فإذا غضب فاعلم بأنه ليس بسني ، بل هو كذاب ، وهذا الذي نعيشه نحن اليوم ، هؤلاء إخلاصهم يمتحن بهذا الذي ذكرت لكم ، فعلماء السنة هذه طريقتهم ، وعلماء السلف هذا هو منهجهم، فمن صار عليه فهو السني والسلفي ، ومن خالفه فهو الخلفي كائنا من كان .
فأنا أوصيكم معشر الإخوان بالإخلاص لله تبارك وتعالى ، وأن يكون مقصد العبد في جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته ومواقفه أن يكون مقصده وجه الله والدار الآخرة ، لا لأجل السلامة من أن يتكلم فلان فيه ، ولا لأجل أن يحصل شيئا من الدنيا ، وإذا علم الله منه ذلك فهو العليم به قبل أن يخلقه ، فوالله إن العاقبة له في الدنيا والآخرة .
الآن نسمع الهجمة الشرسة القوية على سور الإسلام والسنة الحصين الذي حمي به الإسلام ، وأهل الإسلام ، حميت به السنة وأهلها ، هجوم على هذا الصور لتكسيره هذا الصور العظيم : هو هجران أهل البدع ، فنحن في هذه الآونة نسمع الكلام الشديد عن هذه المسألة
وللأسف ممن ينتسب إلى السنة
بعضهم يقول اليوم لا يمكن أن يطبق الهجر ، إذا متى ؟ يوم ينفخ في الصور ؟
متى يطبق الهجر ؟ إذا نفخ في الصور هذا كلام باطل !
وآخر وهو يتلبس بالسنة ويتظاهر بها ، يُنكر أن يكون الهجر فوق ثلاث لأهل الأهواء في السنة ، أو في دين الإسلام ينكر ذلك ، يقول : ما يهجر المبتدع فوق ثلاث لجهله أو لهواه .
وأما اليوم أنا أقول : لهواه . كنت قبل ذلك لجهله ، لكنه بعد أن عرف وأوقف على إجماع أهل السنة في هذه المسأله أجمعوا على هجر أهل البدع والأهواء حتى يتوبوا وبقي على هذا لقول هذا هوى ،
والمؤسف ليس هو هذا ، المؤسف من يوجد يدافع عنه ، وليته إذ دافعه هؤلاء المدافعون عن هذا الدعي سلم منهم أهل السنة ، بل ذهبوا يطعنون في أهل السنة ، فيا محنة الإسلام والسنة ويا غربة أهل السنة بين هؤلاء والله الموعد.
هذا البلاء الذي نزل في الآونة الأخيرة بالسلفيين ، ما هَمنا لو تكلم فيه البدعي ما ضرنا ذلك ، لكن كونه يتكلم فيه من ينتسب إلى السنة فينسفه نسفا هذا الذي أصبح ضررا على أهل السنة وأبناء السنة .
إن البعد عن أهل الأهواء لا يكفي فيه مجرد البعد بل لا بد مع البغض أيضا لأهل الأهواء .
بوّب أبو داود - رحمه الله - في كتاب السنن ، في كتاب السنةِ منه باباً , فقال : باب هجر أهل الأهواء وبغضهم ،
ثم ساق تحته الأحاديث : أوثق عرى الإيمان ونحوه .
فالهجر الحقيقي الكامل مع البعد لا بد أن يكون بالقلب ، فإن المرء قد يبتدع من المبتدع خوفا على مصلحة دنيوية وإلا قلبه معه .
والدليل على ذلك أنه أول ما تسمح له الفرصة تجده مع المبتدع رجع إليه ، فهذا كذاب وقد كشفه الله ،
فإذاً لا بد مع البعد والهجر لا بد من البغض له ، وبهذا الهجر والبعد والبغض لأهل البدع حُمية السنة وحُمي أهل السنة .
والآن نسمع أن الهجر لا يمكن أن يطبق اليوم .
وآخر يقول : ما يوجد مبتدع يهجرون كما وجد في العهد الأول في عصر السلف .
وثالث يقول : الهجر إذا كان فيه مصلحة للمهجور فنعم وإلاّ فلا .
يعني كأن إنما نريد الرجل الذي هجرناه أما مصلحتنا نحن الحفاظ على أبنائنا ، على أبناء السنة والطريقة السلفية وزجرهم عن مخالطة المبتدع فلا يضلون بسببه ، هذا باب آخر لا يلتفت إليه ، وهذا إما منشأه الجهل وإما منشأه الهوى أو كلاهما .
فيا معشر الإخوان احذروا هذا ، واحذروا من يقول هذا القول ، واقرؤوا في كتب أئمة السنة لله الحمد هي بين أيدينا ، مسندة موجودة وهذه السنة لأحمد ولعبد الله بن أحمد ، والسنة لابن أبي عاصم ، والشريعة للآجوري ، وشرح أصول الاعتقاد لللالكائي ، والإبانة لابن بطة ، وغيرها من كتب سنن العقائد .
إيتونا بحرفٍ واحد فيها على خلاف هذا الذي ذكرت حتى نتبعكم على ما تقولون من هذا القول الباطل المنكر ،
وللأسف أصبح من يتبجح بمثل هذه الأقوال ويتخلل بها تخلل الباقرة بلسانها ، أصبح هو العالم وهو المعتدل وهو المتوسط وهو المتعقل إلى غير ذلك من الألقاب التي يضفونها ويضيفونها إليه حتى يغُر الناس بمقاله .
وهذه بلية عظيمة نشأ منها عند بعض الناس كل السلفيين : فالتكفيري أصبح سلفي , والإخواني أصبح سلفي البنائي , والإخواني القطبي أصبح سلفي , والتبليغي أصبح سلفي , وهكذا قل ما شئت , كلهم سلفيون , والموقع : كل السلفيين
يحتمل هؤلاء جميعا إلا أهل السنة فإنه لا يحتملهم فإنهم غلاة وجراحون ومتنطعون ومتشددون , وربما كذب الأفاك ممن يدخل هذه المواقع قال عنهم: الحداديون وهذه كلمة حق ، لكن هؤلاء ليسوا هم الحداديين . أرادوا بها باطل أول من انبرى للحدادين هم هؤلاء الذين يُرمون بالحداديين ظلما وزورا .
فالشاهد اتسعت هذه القلوب قلوب أصحاب هذه المواقف والمواقع لكل أصحاب البدع وأصنافهم ، لم تتسع للسلفيين فلا يضركم لمعان من يكتب فيها ، فالعبرة بالحق والزبد يذهب جفاءا وما ينفع الناس يمكث في الأرض والحق والهدى دائما أهله قلة ، والعبرة ليست بالكثرة ، العبرة في موافقة الدليل .
حتى إن بعضهم ليكذب على أحمد رحمه الله تعالى ورضي عنه ليبرر باطله اليوم الذي هو عليه ، فيحتج بقصة أحمد مع عبد الرحمن بن صالح الأزدي البصري ، مع أنه عنده بعض البدع وهي طعنه في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : أحمد لم يهجره واعتذر له بأنه يحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فهل هؤلاء - يقصد السلفيين- على طريقة أحمد في تعاملهم مع أهل البدع ؟
انظروا إلى الكذب !
أحمد جاءت الرواية الأخرى عنه كاملة مبينة للقصة ، ولكن هذا مصداق قول السلف _ رحمهم الله _ أهل الأهواء يذكرون الذي لهم ، ويخفون الذي عليهم , أما أهل السنة فيذكرون الذي لهم والذي عليهم ،
وسمعتم موقف الإمام يحيى بن معين قبل قليل ، أليس كذلك ؟ مدح أحمد مع أن أحمد لم يسلم عليه وأثنى عليه وقال : ما في تحت أديم السماء أفقه منه ، مع أن أحمد لم يسلم عليه وأعرض عنه ، هذا هو السني حقا ضعف ضعف ولكن أحمد لم يقبل منه ، لكن هل حمله على الطعن في أحمد؟
لا خرج له فقه أحمد أكثر, وازداد في الثناء على أحمد أكثر لكن هؤلاء الكذابون يختلطون ، أحمد ما علم عبد الرحمن بن صالح الأزدي البصري أول الأمر ، فسئل عنه أبو داود قال : رجل سوء يطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثم قالوا لأحمد ذلك ، قال ما علمته إلا يحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب بما علم
سألوه ، مرة أخرى فقالوا له : هذه الأحاديث التي فيها الطعن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ترويها سألوه عن روايتها ، قال : أنا ؟ أنا أنكر ذلك في أفناء الناس ، يعني عامة الناس دهماء الناس، فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ ينكر ذلك ،
ذكروا له أن عبد الرحمن بن صالح وضع كتابا ، قال بلغني ذلك ، بعدئذ ، أحمد ما كان يعلم أول الأمر قال بلغني ذلك ثم كلمته ثم رأيته فلم أسلم عليه ،
فهل هؤلاء الأفاكون يذكرون آخر هذه القصة ؟
لا ، لأنها عليهم وتفضحهم وتكشف منهجهم ، فحينئذ هم ليسوا على طريقة أحمد ، لا كان ولا يكون لله ولي على غير طريقة أحمد وعقيدة أحمد ومنهج أحمد .
فيا أبنائي ، الهوى إذا دخل بالنفس هوى بصاحبه يوقعه في الكذب ، ويوقعه في الكبر رد الحق ، ويوقعه في الجهل ، في هذه الثلاثة ظلمات ، لأن المقصد ليس هو وجه الله والدار الآخرة ، وإنما المقصد نصرة ما هو عليه مما بقي فيه ، أو وقع فيه من الباطل .
فاحذروا هذا يا أبنائي غاية الحذر وحذروا منه واعلموا أنه ما حفظت السنة ولا طريقة أهل السنة بشيء أعظم من هجر أهل الأهواء والبدع ، وبغضهم ومجاهدتهم .
أما الشرط الثاني فهو الإتباع : فلابد من أن يكون العبد حريصاً على تصحيح عمله لإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الله جل وعلا : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
وقال جل وعلا: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
وقال جل وعلا :قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
يقول صلى الله عليه وسلم : " لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي " ويقول : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة " .
فجمع حال الذي سمعتم من النصوص بين أمرين :
الأول : أنه لا يمكن أن يتم إيمان عبد حتى يتبع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ويأخذ بسنته ويسير على طريقته .
والأمر الثاني : أن السير على سنته والأخذ بها وإتباع طريقته ، هذا هو الدليل الصحيح على صدق الدعوة لمحبته صلى الله عليه وسلم.
ومن سنته كما سمعنا الحث على لزوم السنة والتحذير من الأهواء والبدع فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكتفي بأمرنا أن نأخذ بسنته فقط ، بل حذرنا من إتباع ما خالفها وهو البدع ، فالذي يدعوا إلى السنة ولا يحذر من البدع وأهلها ، فهو على خلاف طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالكلام في أهل البدع والتحذير منهم في هذه الأزمان وقبل ذلك إتباع لطريقته عليه الصلاة والسلام ، فإنه قد حذر من البدع وأهلها قبل حدوثها فكيف بنا وقد حدثت وتعددت في زماننا هذا وكثرت وتلونت ، وكثر أهلها وتلونوا ؟ .
إن الواجب أن يحذر الإنسان من البدع ويحذر منها ويتمسك بالسنة ، ويأوي إلى أهلها فإذا كان على هذا النهي فهو على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فليتفقد نفسه كلام السلف - رحمهم الله - والتحذير من البدع كثير ، وما قال أحد فيهم لا همّ لهم ولا شغل لهم إلا الطعن في الناس .
وما قال أحد فيهم ليس عندهم إلا الكلام في الناس .
وما قال أحد فيهم إنهم ما عندهم من العلم إلا هذا ، ونحو ذلك من العبارات التي نسمعها اليوم تطلق ويراد منها التنفير من علماء السنة وأهل السنة .
معشر الإخوة والأبناء السنة علماء السنة مظاهر وعلماء البدعة مصادر .
علماء السنة مظاهر : ظهرت بهم السنة ، وظهرت عليهم السنة في أقوالهم وأفعالهم لم يأتوا بجديد وإنما أظهروا السنة فظهرت على أقوالهم وأفعالهم فهم لها مظاهر ولم يخترعوها مصدرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هؤلاء العلماء كلما جاء وقت تكالب أهل الأهواء على أهل السنة وعلى السنة أظهروها فظهرت بسببهم السنة ، فقيل فيهم علماء السنة مظاهر ظهرت بهم السنة
وعلماء البدعة مصادر : عنهم صدرت البدعة يعني أهوائهم وأقوالهم ليس لها أصل في دين الله ابتدعوها فكانوا هم المصدر ، وهذا فرق ما بين علماء السنة وعلماء البدعة
فالزموا علماء السنة الذين هم مظاهر ظهرت بهم السنة وأعو الله بهم السنة وظهرت السنة أيضا أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم ، واحذروا علماء البدعة ودعاة البدعة وإن كبروا في الناس وعظموا عند الناس فإنهم مصادر البدع على خلاف ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأل الله جل وعلا أن يرزقني وإياكم الفقه في الدين والبصيرة فيه وأن يثبتنا وإياكم على الحق والهدى حتى نلقاه وأن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
منقول
شبكة سحاب السلفية
منقول
شبكة البينة السلفية
حمل المحاضرة من هنا
أو من هنا
بصيغة إم بي ثري بحجم 8.42 ميجا
شبكة سحاب السلفية
منقول
شبكة البينة السلفية
حمل المحاضرة من هنا
أو من هنا
بصيغة إم بي ثري بحجم 8.42 ميجا
تعليق