سلسلة المطارق في الرد على شبه كل منحرف مارق
• المقال الأول بعنوان ( الشدة على أهل البدع منقبة وليست مذمة )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وبعد :
فإننا في زمان انقلبت فيه الموازين فأصبح الحق باطلا والباطل حقاً بسبب كثرة الشبه التي يلقيها أهل البدع لتشكيك الناس بمنهج السلف الصالح .
فأحببت أن أشارك غيري ممن كتب في المنهج السلفي بسلسلة عنونت لها :
( المطارق في الرد على شبه كل منحرف مارق ) لتجلية المنهج السلفي الأصيل ورد شبه المنحرفين و المميعين بكلام العلماء السلفيين .
وليس لي في هذه السلسلة إلا الجمع والترتيب واسأل الله عز وجل أن يوفقني لكل خير انه جواد كريم وبعد :
فالدعوة إلي الله عز وجل تختلف بحسب المدعو فلابد للداعية إلي الله أن يراعي الحكمة في دعوته إلي الله والحكمة وضع الشيء في موضعه فالشدة لها مواضع واللين له مواضع ولنا في رسول الله وفي السلف الصالح أسوه حسنه ,
وإن المعهود عن النبي صلى الله عليه وسلم الشدة في التحذير من البدع وأهل البدع وكذلك كان الصحابة والتابعين والعلماء السلفيين رضي الله عنهم أجمعين,
فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من البدع اشد التحذير لشدة خطرها فكان صلى الله عليه وسلم في كل خطبه يقول ( إن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعه ضلاله ) فحذر من البدع قبل وقوعها صلى الله عليه وسلم
بل حذر صلى الله عليه وسلم من أهل البدع فقال صلى الله عليه وسلم ("القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم) حسنه الشيخ الألباني في المشكاة (107)
كل هذا حرصا على دين الله فقد كان صلى الله عليه وسلم يشتد غضبه إذا انتهكت محارم الله .
وكذلك كان هدي الصحابة رضي الله عنهم فان الصحابة رضي الله عنهم قد واجهوا البدع و أهلها بشدة فقمعوها في مهدها قبل أن تكبر وتتفاقم وتبرؤوا من البدعة ومن أهلها لا كما يقول أهل البدع والانحراف في هذه الأيام نتبرأ من البدعة ولا نتبرأ من المبتدع والله المستعان .
ونضرب أمثله من شدة الصحابة والسلف رضي الله عنهم على أهل البدع وكيف تبرؤوا من البدعة وأهلها حتى يكون المرء على بينة من دينه ويحذر من الطعن في الذين يشددون على أهل البدع ,فالشدة على أهل البدع والتحذير منهم هو منهج السلف الصالح رضي الله عنهم والذي يطعن في هذا المنهج يطعن في السلف الصالح شعر أو لم يشعر!!
فتنبه لهذا وكن على حذر ولا تغتر بكثرة المخالفين ولا تستوحش من قلة السالكين .
فهذا عمر رضي الله عنه الخليفة الراشد قد شج رأس صبيغ بن عسل لما كان يسأل عن متشابه القران ونفاه عاماً بعد أن أظهر توبته حتى يتأكد من صدق توبته لا كما يتسارع في هذه الأيام أناس بقبول توبة أهل البدع بمجرد إظهار شيء من التراجع فانظر الفرق الشاسع بين هذا وذاك وكن على بينة .
* وكذلك كان ابن عباس رضي الله عنه شديدا على أهل البدع.
فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب ( شفاء العليل ص 60 ) :
( وقد كان ابن عباس شديداً على القدرية وكذلك الصحابة )
وانظر ما رواه مسلم في صحيحه عن يحيي بن يعمر عندما جاء هو وصاحبه من البصرة إلي المدينة وقالوا لعبد الله ابن عمر رضي الله عنه ( انه ظهر قبلنا ناسٌ يقرءون القران ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم و أنهم يزعمون أن لا قدر وان الأمر أنف فقال رضي الله عنه ( فإذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني برئ منهم وإنهم براء مني والذي يحلف فيه ابن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل منه حتى يؤمن بالقدر ).
فلم يقل عبد الله بن عمر لعلهم أرادوا كذا أو لعل قصدهم كذا ........الخ مما يقوله من يدافع عن أهل البدع ويوجد لهم الأعذار والله المستعان .
* وقال ابن حجر رحمه الله في كتاب ( الإصابة في تميز الصحابة ) (3/130)
( وكان سمرة بن جندب رضي الله عنه شديداً على الخوارج فكانوا يطعنون عليه ).
وهذا دأب أهل البدع فلكل قوم وارث فلا تتعجب أخي الحبيب إذا سمعت أهل البدع في هذه الأيام يطعنون في العلماء السلفيين أمثال الشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ الجامي والشيخ الفوزان والشيخ ربيع والشيخ النجمي والشيخ عبيد الجابري وغيرهم فمن علامات أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر , فإذا وقع أهل البدع الأوائل في الصحابة رضي الله عنهم فلا غرابة في طعن المنحرفين في مشايخنا السلفيين وحسبنا الله ونعم الوكيل .
والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في شدتهم على أهل البدع كثيرة ولا يتسع هذا المقال لاستيعابها فأنا أردت التنبيه ولم أُرد الحصر ,
وإليك بعض الآثار عن السلف الصالح وشدتهم على أهل البدع .
• فقد ذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء
( عن معاوية ابن صالح الأشعري أنه سأل الإمام أحمد عن شريك فقال < كان عاقلاً صدوقاً محدثاً وكان شديداً على أهل الريب والبدع >)
• وقال عنه الحافظ ابن حجر كما في كتاب ( تقريب التهذيب)
( كان عادلاً فاضلاً شديداً على أهل البدع ).
• وهذا امام دار الهجره مالك ابن انس رحمه الله يقول ( لا تسلم على أهل الأهواء ولا تجالسهم إلا أن تغلظ عليهم ولا يعاد مريضهم ولا تحدث عنهم الأحاديث ) < كتاب الجامع لابن أبي زيد القيرواني ص 125.
• وهذا الإمام الشافعي رحمه الله قال عنه البيهقي كما في كتاب ( مناقب الإمام الشافعي <1/469>)
( وكان الشافعي رضي الله عنه شديداً على أهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم )
• وهذا الإمام الدارمي رحمه الله قال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء
( كان لهجاً بالسنة بصيراً بالمناظرة جذعاً في أعين أهل البدعة )
• وهكذا كان امام أهل السنه في عصره الإمام البربهاري رحمه الله ,
فقد قال عنه الإمام ابن كثير رحمه الله في ( البداية والنهاية ) :
(وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي وكان كبير القدر تعظمه الخاصة والعامة ).
وقال ابن رجب رحمه الله في (طبقات الحنابلة):
( شيخ الطائفة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع , والمباينة لهم باليد واللسان )
• وكذلك ما قيل في شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي رحمه الله .
فقد قال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء :
( كان سيفاً مسلولاً على المخالفين , وجذعاً في أعين المتكلمين وطوداً في السنة لا يتزلزل )
• و أقرأ كذلك ما قيل في ترجمة الإمام المجاهد المحدث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
فقد قال عنه العلامة ابن عبد الهادي ( قامع البدعة )
وقال عنه أيضا في العقود الدرية ص7 ( وكان رحمه الله سيفاً مسلولاً على المخالفين وشجيً في حلوق أهل الأهواء المبتدعين ).
وغير هذا كثير فهذا غيض من فيض ومن أراد المزيد عليه بكتب السلف الصالح مثل كتب الرجال وكتاب سير أعلام النبلاء وكذلك كتاب ( إجماع العلماء في الهجر والتحذير من أهل الأهواء ) وكتاب ( قطع ألسنة المبتدعين ) وكتاب ( موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ) فتجد فيها المزيد المزيد .
فهل بعد هذه النقول عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة السلف الصالحين رضي الله عنهم أجمعين يبقى حجه لأحد .
ألا فليتقي الله أقوام يدعون السنة ويخذلون أهلها والذابين عنها بحق وعلم ويحامون عن أهل البدع ويوالون ويعادون من أجلهم بل و يؤصلون الأصول والقواعد من أجل حمايتهم .
وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يوفقني وإخواني لما فيه كل خير وصلاح في الدنيا والآخرة .