الْمسائل الخلافية والولاء والبراء
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ،نَحْمَدُهُ،وَنَسْتَعِينُهُ،ونستغفرُهُ،وَنَ عُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
يقول أبو معاذ العلوانِي السلفي العراقي :
إتصل بِشيخِنا يَحيَى الْجبوري العراقي بعض الأخوة من العراق مستفسراً عن إتَهام أهل البدع والْمنافقين لنا:أنَنا نَجعل الْمسائل الْخلافية أساساً للولاء والبَراء!!،ويقصدون بذلك الشناعة علينا،حتَى نظهر بِمظهر الْمتشدّدين الغاليِن!!؛رغم أننا دحضنا - بفضل الله - شبهتَهم هذه مراراً،وبينّا أنه يوجد فرق بين مَن خالفنا فِي الْمسائل الفقهية عن علمٍٍ،وبَحثٍ،وتَجرّدٍ للحقّ،واستفراغٍ للوسع؛فإنه أخٌ لنا،ولا يُخرجه ذلك من دائرة السلفية، وبين من خالفنا عن هوى،وعصبيةٍ وتقليد؛فإننا لا نعدّه سلفياً .
وإليك الإثباتات الشرعية حول هذه الْمسألة من
بعض إصدارات شيخنا :
1- الْمصيبُ فِي الْمسائل الْخلافية من الْمجتهدين واحد :
قال الإمام ابن حزم فِي "النبذة الكافية"(ص57):((والْحقّ من الأقوال كلِّها واحد، وسائرها خطأ،قال الله تعالَى: ((فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ))[يونُس:32]؛وقال تعالَى:((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرًا)) [النساء:82])) .
وقال الإمام ابن عبد البَرّ فِي "جامع بيان العلم وفضله" (2/179) عن الإمام الْمزنِي:((يُقال لِمن جوّز الإختلاف،وزعم أن العالِمَين إذا اجتهدا فِي الْحادثة؛فقال أحدهُما: حلال،والآخر:حرام،فقد أدّى كلُّ واحد منهما جهدَه،وما كُلِّف،وهو فِي اجتهادِه مصيب الْحق:أبِأصلٍ قلت هذا أم بقياس؟؛فإن قال:بأصلٍ،قيل:كيف يكون أصلاً،والكتاب أصلٌ ينفي الْخلاف؟!!،وإن قال: قياس،قيل:كيف تكون الأصول تنفي الْخلاف،ويَجوز لك أن تقيسَ عليها جواز الْخلاف؟!،هذا ما لا يُجوِّزه عاقلٌ فضلاً عن عالِم)) .
2- تتبّع زلاّت العلماء ورُخصِهم بدعة :
قال الإمام الذهبِي فِي "سيِر أعلام النبلاء"(7/125) عن الاوزاعي قال:((مَن أخذَ بنوادرِ العلماء،خرج من الإسلام)) .
وقال الإمام ابن القيّم فِي "إعلام الْموقّعين"(3/284-285):((قال سليمان التيمي:إن أخذتَ برخصة كلِّ عالِم اجتمع فيك الشرُّ كلُّه..قال ابن عبد البَرّ:هذا إجْماع لا أعلم فيه خلافاً)) .
3- التقليد تعصب وتحزّب مخالفٌ للحقّ :
قال الإمام مُحمد بن عبد الوهاب فِي "مسائل الْجاهلية التِي خالف فيها رسول الله أهل الْجاهلية"((الْخامسةوالْخمسون:التعصب للمذهب؛ كقولِه:((وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ)) [آل عمران:73])) .
4- الكتاب والسنة هُما الْحكَم عند الإختلاف..لا أقوال الرجال :
وقال الإمام ابن تيمية فِي "مَجموع الفتاوى"(4/189):((إِنَّ اتِّبَاعَ الإِنْسَانِ لِمَا يَهْوَاهُ:هُوَ أَخْذُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُحِبُّهُ،وَرَدُّ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُبْغِضُهُ؛بِلا هُدًى مِنْ اللَّهِ،قَالَ تَعَالَى:((وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ))[الأنعام:119])) .
((بِلا هُدًى مِنْ اللَّهِ)):أي بلا دليل من الكتاب والسنة .
وقال الإمام مُحمد بن عبد الوهاب فِي "تفسيره"(ص353) مفسّراً قوله تعالَى:((وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)) [الْحُجرات:7] .
((إن نتيجةَ هذا:الدلالة على التمسك بالوحي،والتحذير من الرأي الْمخالف [للنصّ]،ولو من أعلم الناس)) .
5- كون الْمسألة خلافية لا يسقط الإنكار على الْمخالف فيها:
قال الإمام ابن القيم فِي "إعلام الْموقّعين"(3/28 باختصار: ((وقولُهم:إن مسائل الْخلاف لا إنكار فيها):ليس بصحيح؛فإذا كان القول يُخالف سنةً،أو إجْماعاً شائعاً:وجب إنكارُه اتفاقاً،وكيف يقول فقيهٌ:لا إنكارَ فِي الْمسائل الْمختلَف فيها؟!،والفقهاء من سائر الطوائف قد صرّحوا بنقض حكم الْحاكم إذا خالف كتاباً،أو سنةً - وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء -)) .
فثبت بطلان ما أشاعه هولاء الْمبتدعة طاعنين فِي دعاة التوحيد والسنة من أنّهم ينكرون على مسائل خلافية لا إنكارَ فيها!! .
6- ما هو الموقفُ الصحيح عندما تكون الْمسالة خلافية؟ :
قال الإمام ابن عثيمين فِي "رسالة الْحجاب"(ص108-109) باختصار:((إن الواجب على كلِّ باحثٍ أن يَتحرّى العدلَ،والإنصاف،ولا يتكلّم قبل أن يتعلّّم،وأن يقف بين أدلة الْخلاف موقف الْحاكم من الْخصمين؛فينظر بعين العدل،ويَحكم بطريق العلم؛فلا يرجحّ أحد الطرفين بلا مرجِّح:بل ينظر فِي الأدلة من جَميع النواحي،ولا يَحمله إعتقاد أحد القولين على الْمبالغة والغلو فِي إثبات حججِه،والتقصير والإهْمال لأدلة خصمِه)) .
فأسالك - يا طالب الْحق -:هل هذا هو حال هؤلاء الْمبتدعة؟..فكم من السنن ضيّعوها،وكم من البدع وقعوا فيها؛لانّهم قدَّموا على الكتاب والسنة قولَ أحدٍ من الناس،أو قياساً من الأقيسة!! .
وصلّ اللهم على عبدِك ورسولِك محمد وعلى آلِه وصحبِه وسلِّمإتصل بِشيخِنا يَحيَى الْجبوري العراقي بعض الأخوة من العراق مستفسراً عن إتَهام أهل البدع والْمنافقين لنا:أنَنا نَجعل الْمسائل الْخلافية أساساً للولاء والبَراء!!،ويقصدون بذلك الشناعة علينا،حتَى نظهر بِمظهر الْمتشدّدين الغاليِن!!؛رغم أننا دحضنا - بفضل الله - شبهتَهم هذه مراراً،وبينّا أنه يوجد فرق بين مَن خالفنا فِي الْمسائل الفقهية عن علمٍٍ،وبَحثٍ،وتَجرّدٍ للحقّ،واستفراغٍ للوسع؛فإنه أخٌ لنا،ولا يُخرجه ذلك من دائرة السلفية، وبين من خالفنا عن هوى،وعصبيةٍ وتقليد؛فإننا لا نعدّه سلفياً .
وإليك الإثباتات الشرعية حول هذه الْمسألة من
بعض إصدارات شيخنا :
1- الْمصيبُ فِي الْمسائل الْخلافية من الْمجتهدين واحد :
قال الإمام ابن حزم فِي "النبذة الكافية"(ص57):((والْحقّ من الأقوال كلِّها واحد، وسائرها خطأ،قال الله تعالَى: ((فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ))[يونُس:32]؛وقال تعالَى:((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرًا)) [النساء:82])) .
وقال الإمام ابن عبد البَرّ فِي "جامع بيان العلم وفضله" (2/179) عن الإمام الْمزنِي:((يُقال لِمن جوّز الإختلاف،وزعم أن العالِمَين إذا اجتهدا فِي الْحادثة؛فقال أحدهُما: حلال،والآخر:حرام،فقد أدّى كلُّ واحد منهما جهدَه،وما كُلِّف،وهو فِي اجتهادِه مصيب الْحق:أبِأصلٍ قلت هذا أم بقياس؟؛فإن قال:بأصلٍ،قيل:كيف يكون أصلاً،والكتاب أصلٌ ينفي الْخلاف؟!!،وإن قال: قياس،قيل:كيف تكون الأصول تنفي الْخلاف،ويَجوز لك أن تقيسَ عليها جواز الْخلاف؟!،هذا ما لا يُجوِّزه عاقلٌ فضلاً عن عالِم)) .
2- تتبّع زلاّت العلماء ورُخصِهم بدعة :
قال الإمام الذهبِي فِي "سيِر أعلام النبلاء"(7/125) عن الاوزاعي قال:((مَن أخذَ بنوادرِ العلماء،خرج من الإسلام)) .
وقال الإمام ابن القيّم فِي "إعلام الْموقّعين"(3/284-285):((قال سليمان التيمي:إن أخذتَ برخصة كلِّ عالِم اجتمع فيك الشرُّ كلُّه..قال ابن عبد البَرّ:هذا إجْماع لا أعلم فيه خلافاً)) .
3- التقليد تعصب وتحزّب مخالفٌ للحقّ :
قال الإمام مُحمد بن عبد الوهاب فِي "مسائل الْجاهلية التِي خالف فيها رسول الله أهل الْجاهلية"((الْخامسةوالْخمسون:التعصب للمذهب؛ كقولِه:((وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ)) [آل عمران:73])) .
4- الكتاب والسنة هُما الْحكَم عند الإختلاف..لا أقوال الرجال :
وقال الإمام ابن تيمية فِي "مَجموع الفتاوى"(4/189):((إِنَّ اتِّبَاعَ الإِنْسَانِ لِمَا يَهْوَاهُ:هُوَ أَخْذُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُحِبُّهُ،وَرَدُّ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُبْغِضُهُ؛بِلا هُدًى مِنْ اللَّهِ،قَالَ تَعَالَى:((وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ))[الأنعام:119])) .
((بِلا هُدًى مِنْ اللَّهِ)):أي بلا دليل من الكتاب والسنة .
وقال الإمام مُحمد بن عبد الوهاب فِي "تفسيره"(ص353) مفسّراً قوله تعالَى:((وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)) [الْحُجرات:7] .
((إن نتيجةَ هذا:الدلالة على التمسك بالوحي،والتحذير من الرأي الْمخالف [للنصّ]،ولو من أعلم الناس)) .
5- كون الْمسألة خلافية لا يسقط الإنكار على الْمخالف فيها:
قال الإمام ابن القيم فِي "إعلام الْموقّعين"(3/28 باختصار: ((وقولُهم:إن مسائل الْخلاف لا إنكار فيها):ليس بصحيح؛فإذا كان القول يُخالف سنةً،أو إجْماعاً شائعاً:وجب إنكارُه اتفاقاً،وكيف يقول فقيهٌ:لا إنكارَ فِي الْمسائل الْمختلَف فيها؟!،والفقهاء من سائر الطوائف قد صرّحوا بنقض حكم الْحاكم إذا خالف كتاباً،أو سنةً - وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء -)) .
فثبت بطلان ما أشاعه هولاء الْمبتدعة طاعنين فِي دعاة التوحيد والسنة من أنّهم ينكرون على مسائل خلافية لا إنكارَ فيها!! .
6- ما هو الموقفُ الصحيح عندما تكون الْمسالة خلافية؟ :
قال الإمام ابن عثيمين فِي "رسالة الْحجاب"(ص108-109) باختصار:((إن الواجب على كلِّ باحثٍ أن يَتحرّى العدلَ،والإنصاف،ولا يتكلّم قبل أن يتعلّّم،وأن يقف بين أدلة الْخلاف موقف الْحاكم من الْخصمين؛فينظر بعين العدل،ويَحكم بطريق العلم؛فلا يرجحّ أحد الطرفين بلا مرجِّح:بل ينظر فِي الأدلة من جَميع النواحي،ولا يَحمله إعتقاد أحد القولين على الْمبالغة والغلو فِي إثبات حججِه،والتقصير والإهْمال لأدلة خصمِه)) .
فأسالك - يا طالب الْحق -:هل هذا هو حال هؤلاء الْمبتدعة؟..فكم من السنن ضيّعوها،وكم من البدع وقعوا فيها؛لانّهم قدَّموا على الكتاب والسنة قولَ أحدٍ من الناس،أو قياساً من الأقيسة!! .
بغداد 18/ذي الْحجة 1430 هـ