باب
ذِكْرُ هِجْرةِ أَهْلِ البِدَعِ وَالأَهْوَاء
لأبي بكرٍ الآجُرِّيّ -رحمه الله-المتوفى سنة 360 هـ
ذِكْرُ هِجْرةِ أَهْلِ البِدَعِ وَالأَهْوَاء
لأبي بكرٍ الآجُرِّيّ -رحمه الله-المتوفى سنة 360 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين أمَّا بعدُ(1):
قال مُحمد بن الحسين -رحمه الله- (2):
ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو ((كتاب الشريعة)) أن يهجر جميع أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والمرجئة والجهمية، وكل من ينسب إلى المعتزلة، وجميع الروافض، وجميع النواصب، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنَّه مبتدعٌ بدعة ضلالة، وصحَّ عنه ذلك.
فلا ينبغي أن يُكلَّم ولا يُسَلَّم عليه، ولا يُجالس ولا يُصلَّى خلفه، ولا يُزوَّج ولا يتزوج إليه من عرفه، ولا يُشاركه، ولا يعامله، ولا يناظره، ولا يُجادله.
بل يُذِلُّه بالهوان له، وإذا لقيته في طريقٍ أخذت في غيرها إن أمكنك.
فإن قال: فلم لا أناظره وأجادله وأرُد عليه قوله؟
قيل له: لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاماً يفسد عليك قلبك ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت.
إلا أن يضطرَّك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجَّة عليه.
أمَّا لغير ذلك فلا.
وهذا الذي ذكرته لك قول من تقدَّم من أئمة المسلمين، وموافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-.
فأمَّا الحجة في هجرتهم بالسنة:
1- فقصَّة هجرة الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- في الخروج معه في غزاته بغير عذر: كعب ين مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع -رحمهم الله تعالى- فأمر النبي -صلى الله عليه وسلَّم- بهجرتهم، وألا يُكلَّموا، وطردهم حتى نزلت توبتهم من الله -عزَّ وجلَّ-.
2- وهكذا قصة حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى قريش يُحذرهم خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم فأمر النبي -صلى الله عليه وسلَّم- بهجرته وطرده، فلما أنزل الله توبته فعاتبه الله تعالى على فعله فتاب عليه.
3- وقول النبي -صلى الله عليه وسلَّم-: ((أفضل العمل الحب في الله والبغض في الله))(3).
4- وضرب عُمر الخطاب -رضي الله عنه- لصبيغ، وبعث إلى أهل البصرة ألا يُجالسوه، قال: فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه.
- وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: ((من وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام))(4).
وسنذكر عن التابعين وأئمة المسلمين معنى ما قلناه -إن شاء الله تعالى اهـ.
قلت - لقمان الأنصاري-: فراجع كتاب الشريعة في ما ذكره الإمام عن التابعين وأئمة المسلمين في معنى ما قال، وتعلَّم منهج أهل السُنَّة والجماعة في التعامل مع أهل البدع أسأل الله أن يثبتنا وإيَّاكم على منهج سلفنا الصالح.
------------------------------------------
(1) البسملة والحمد والثناء من إدراج أبي عبدالله الآجُرِّي.
(2) اعتمدت في نقل النص على طبعة دار البصيرة.
(3) رواه أبو داود في سننه أول كتاب السنة بلفظ أفضل الأعمال، رقم 4599، ضعَّفه الألباني، وقد صحح الألباني الحديث بلفظ: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، راجع كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(4) رواه ابن عدي في الكامل "2/736"، وابن الجوزي في الموضوعات "1/270" وقال الألباني: رواه البيهقي وقال أنَّه مُرسلٌ ضعيف.
تعليق