سؤال
هل في إعراب لفظ (الله) عندما يكون مفعولا به هل إعرابه مفعولا به منصوب سوء أدب مع الله استنادا لما قاله الاثاري و غيره كما قالوا يقال : منصوبا على التعظيم تأدبا؛ فابن هشام والأزهري والآثاري وغيرهم يرون إعرابه منصوبا على التعظيم ــ كما قلت ــ ، وذلك تأدباً مع اسم الجلالة ، لما في عبارة "مفعول به"، من سوء الأدب مع الله عز وجل
يقول الآثاري في خاتمة ألفيته ، تحت عنوان "خاتمة الفصول"
متحدثا عن الأدب في الإعراب مع الله تعالى ، ومع القرآن الكريم :-
خاتمةُ الفصول: إعــــرابُ الأدبْ .......... مــع الإلهِ ، وهو بعضُ مــا وجبْ
فالربّ مسؤول بأفعال الطلــــــبْ ...........كـ(اغفرْ لنا)، والعبدُ بالأمر انتدِب
وفي : (سألتُ الله) في التعليـــمِ ........... تقولُ:(منصوبٌ على التعظيــمِ)
فقسْ على هذا ، ووقـعْ بلعــــــــلّْ ........... منه ، وحققْ بعسَى تُعطَ الأمـــــلْ
بالله طالبٌ ومطلـــوبٌ عُلــــــــــمْ ........... "قد يعلمُ الله" بمعنــى : قد عَلِــمْ
وامنعْ من التصغير ثم التثنيـــــــهْ ........... والجمعِ والترخيمِ خيرَ التسميـــــهْ
وشاع في لفظ من التعجـــــــــــبِ ........... (ما أكرمَ الله) ، وفي معنًى أبِــي
وحيثما قيل:(الكتابُ)انهضْ إليهْ ........... كتابُ ربي ، لا كتابُ سيبويـــــــهْ
لأنـــــه بكــــل شــــيء شاهــــــدُ ........... ولا تقلْ: (ذا الحرفُ منه زائــدُ)
بل: هو توكيدٌ لمعنًى ، أو صِلـهْ ........... للفـــــظِ في آياتِــــــه المفصلـــــــهْ
أو لمعــانٍ حُققــتْ عمــــن رَوَى ........... كهلْ، ونحوُ: بلْ لمعنى، لا سِـوى
ومنْ يقلْ بأنَّ ما زاد سقــــــــطْ ........... أخطأ في القول ، وذا عينُ الغلــــط
كمثل "أنْ" مفيـــــدةِ الإمهــــالِ ........... وكافِــــــه نافيـــــةِ الأمثــــــــــــــالِِ
ولا تكن مستشهدا بـ"الأخطــلِ"........... فيه ، ولا ســـــواه كـ"السمــــوألِ"
وغالبُ النحاةِ عن ذا البـــــــابِ ........... في غفلةٍ ، فانحُ على الصــــــــوابِ
تكنْ كمـــنْ بلغــــة العدنانــــــي........... أعربَ ، وهْي لغــــــــة القــــــــــرآنِ
والأخذُ فيه عن قريشٍ قد وجبْ........... لأنهم أشــــرفُ بيـــتٍ في العـــــربْ
فكنْ كمنْ بقولِهم قدِ اكتفــــــــى............ وحسبُــــنا الله تعـالــــى ، وكفَــــــى
الجواب :
هذا باب من العلم نفيس، يشير إلى الأدب في العبارة عن الله تعالى وعن كتابه؛ فإن مراعاة ذلك من المهمات، لما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم عبارة : (ما شاء الله وشئت)، ولما سمع عبارة : (نستشفع بالله إليك ونستشفع بك إلى الله)، ولم يرتض ذلك صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء التي فيها معاني مخالفة للشريعة.
وكذا جملة من العبارات نبه عليها أهل العلم تجد كثيراً منها في معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر بن عبدالله (أبوزيد) رحمه الله.
وهذا يدخل في خصوصية التناول فإن لكل علم خصوصيته في التناول، كذا لكل موضوع خصوصيته فباب الكلام عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن القرآن العظيم، يختلف عن غيره!
ولنذكر بعضاً من هذه الآداب الواجبة مع ما تضمنته الأبيات المذكورة في السؤال :
- العبارة بلفظ الجلالة بدلاً من قول: لفظ (الله) عند الإعراب.
- العبارة بـ(صيغة الدعاء أو السؤال، فعل الطلب) بدلاً عن قول: (فعل أمر) إذا جاءت في الدعاء.
- وإذا وقع لفظ الجلالة، في موقع المفعول به، تقول: منصوب على التعظيم. بدلا من قول: منصوب لأنه مفعول به.
- و عسى من الله واجبة، ولعل من الله واجبة كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه، فـ(لعل) إذا جاءت من الله فتفيد الوقوع لا التوقع، و (عسى) تفيد التحقيق لا الترجي، لأن المخلوق هو الذي يتوقع لقصور علمه ، أما الخالق فلا يتوقع و لا يترجى بل هو يعالم ما كان وما يكون وما سيكون.
- و(قد) إذا دخلت على الفعل المضارع تفيد احتمال حدوثه، ولكنه إذا جاءت في حق الله فهي تفيد تحقق الأمر: مثل ﴿قد يعلم الله﴾ فمعناه تأكيد علم الله.
- وأسماء الله وصفاته لا تصغر و لا تثنى و لا ترخم و لا تجمع.
- و لا تقل عن الفعل : (مبني للمجهول) إذا جاء في القرآن، وقل بدلا عن ذلك: " لم يُسَمَّ فاعله"، إذ الله يعلم.
- و لا يتعجب من سعة كرم الله و لا من عظمته، فإن التعجب يحمل معنى الاستتغراب والاستكثار، وذلك في حق الله ممتنع .
- وإذا قيل : انهض للكتاب وقم به، فالمراد كتاب الله تعالى، لا كتاب سبيبويه. فقد بالغ بعضهم في تعظيم كتاب سيبوبه.
- ولا تقلْ عن حرف جاء في بنية الكلمة القرآنية : (ذا الحرفُ منه زائــدُ)، فإن لكلمات القرآن خصوصية، وزيادة المبنى تزيد المعنى، وقد يكون للتوكيد، أو الصلة.
- وإذا تقدمت (كان) صفات الله تعالى فهي بمعنى الدوام، ليست بمعنى المضي، ﴿وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (النساء:17، ﴿وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً﴾ (النساء:39)، ﴿ وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً﴾ (النساء:85)، ﴿ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ (النساء:96).
- وإذا جاءت صيغة السؤال من الله تعالى، فهي لغير الاستعلام، إنما لمعنى يناسب المقام، فإن الله يعلم كل شيء، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
- و لا يسوغ في القرآن إطلاق القول بصيغ المبالغة، فإن ما أخبر الله به فهو على الحقيقة دون مبالغة.
- و لا يسوغ القول بالمجاز في القرآن العظيم. على الراجح.
- و لا يستدل في إثبات معاني الألفاظ بشعر الأخطل النصراني ، ولا السموأل اليهودي.
فهذه جملة من الأساليب والعبارات التي لا يسوغ إطلاقها أدباً مع الله سبحانه وتعالى.
وباب حفظ الألفاظ مما لا يليق استعماله في حق الله سبحانه وتعالى وفي حق رسوله من الأبواب المعروفة في الشريعة والله جل وعلا يقول: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور:63).
والله المستعان.
منقول من صفحة الشيخ
هل في إعراب لفظ (الله) عندما يكون مفعولا به هل إعرابه مفعولا به منصوب سوء أدب مع الله استنادا لما قاله الاثاري و غيره كما قالوا يقال : منصوبا على التعظيم تأدبا؛ فابن هشام والأزهري والآثاري وغيرهم يرون إعرابه منصوبا على التعظيم ــ كما قلت ــ ، وذلك تأدباً مع اسم الجلالة ، لما في عبارة "مفعول به"، من سوء الأدب مع الله عز وجل
يقول الآثاري في خاتمة ألفيته ، تحت عنوان "خاتمة الفصول"
متحدثا عن الأدب في الإعراب مع الله تعالى ، ومع القرآن الكريم :-
خاتمةُ الفصول: إعــــرابُ الأدبْ .......... مــع الإلهِ ، وهو بعضُ مــا وجبْ
فالربّ مسؤول بأفعال الطلــــــبْ ...........كـ(اغفرْ لنا)، والعبدُ بالأمر انتدِب
وفي : (سألتُ الله) في التعليـــمِ ........... تقولُ:(منصوبٌ على التعظيــمِ)
فقسْ على هذا ، ووقـعْ بلعــــــــلّْ ........... منه ، وحققْ بعسَى تُعطَ الأمـــــلْ
بالله طالبٌ ومطلـــوبٌ عُلــــــــــمْ ........... "قد يعلمُ الله" بمعنــى : قد عَلِــمْ
وامنعْ من التصغير ثم التثنيـــــــهْ ........... والجمعِ والترخيمِ خيرَ التسميـــــهْ
وشاع في لفظ من التعجـــــــــــبِ ........... (ما أكرمَ الله) ، وفي معنًى أبِــي
وحيثما قيل:(الكتابُ)انهضْ إليهْ ........... كتابُ ربي ، لا كتابُ سيبويـــــــهْ
لأنـــــه بكــــل شــــيء شاهــــــدُ ........... ولا تقلْ: (ذا الحرفُ منه زائــدُ)
بل: هو توكيدٌ لمعنًى ، أو صِلـهْ ........... للفـــــظِ في آياتِــــــه المفصلـــــــهْ
أو لمعــانٍ حُققــتْ عمــــن رَوَى ........... كهلْ، ونحوُ: بلْ لمعنى، لا سِـوى
ومنْ يقلْ بأنَّ ما زاد سقــــــــطْ ........... أخطأ في القول ، وذا عينُ الغلــــط
كمثل "أنْ" مفيـــــدةِ الإمهــــالِ ........... وكافِــــــه نافيـــــةِ الأمثــــــــــــــالِِ
ولا تكن مستشهدا بـ"الأخطــلِ"........... فيه ، ولا ســـــواه كـ"السمــــوألِ"
وغالبُ النحاةِ عن ذا البـــــــابِ ........... في غفلةٍ ، فانحُ على الصــــــــوابِ
تكنْ كمـــنْ بلغــــة العدنانــــــي........... أعربَ ، وهْي لغــــــــة القــــــــــرآنِ
والأخذُ فيه عن قريشٍ قد وجبْ........... لأنهم أشــــرفُ بيـــتٍ في العـــــربْ
فكنْ كمنْ بقولِهم قدِ اكتفــــــــى............ وحسبُــــنا الله تعـالــــى ، وكفَــــــى
الجواب :
هذا باب من العلم نفيس، يشير إلى الأدب في العبارة عن الله تعالى وعن كتابه؛ فإن مراعاة ذلك من المهمات، لما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم عبارة : (ما شاء الله وشئت)، ولما سمع عبارة : (نستشفع بالله إليك ونستشفع بك إلى الله)، ولم يرتض ذلك صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء التي فيها معاني مخالفة للشريعة.
وكذا جملة من العبارات نبه عليها أهل العلم تجد كثيراً منها في معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر بن عبدالله (أبوزيد) رحمه الله.
وهذا يدخل في خصوصية التناول فإن لكل علم خصوصيته في التناول، كذا لكل موضوع خصوصيته فباب الكلام عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن القرآن العظيم، يختلف عن غيره!
ولنذكر بعضاً من هذه الآداب الواجبة مع ما تضمنته الأبيات المذكورة في السؤال :
- العبارة بلفظ الجلالة بدلاً من قول: لفظ (الله) عند الإعراب.
- العبارة بـ(صيغة الدعاء أو السؤال، فعل الطلب) بدلاً عن قول: (فعل أمر) إذا جاءت في الدعاء.
- وإذا وقع لفظ الجلالة، في موقع المفعول به، تقول: منصوب على التعظيم. بدلا من قول: منصوب لأنه مفعول به.
- و عسى من الله واجبة، ولعل من الله واجبة كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه، فـ(لعل) إذا جاءت من الله فتفيد الوقوع لا التوقع، و (عسى) تفيد التحقيق لا الترجي، لأن المخلوق هو الذي يتوقع لقصور علمه ، أما الخالق فلا يتوقع و لا يترجى بل هو يعالم ما كان وما يكون وما سيكون.
- و(قد) إذا دخلت على الفعل المضارع تفيد احتمال حدوثه، ولكنه إذا جاءت في حق الله فهي تفيد تحقق الأمر: مثل ﴿قد يعلم الله﴾ فمعناه تأكيد علم الله.
- وأسماء الله وصفاته لا تصغر و لا تثنى و لا ترخم و لا تجمع.
- و لا تقل عن الفعل : (مبني للمجهول) إذا جاء في القرآن، وقل بدلا عن ذلك: " لم يُسَمَّ فاعله"، إذ الله يعلم.
- و لا يتعجب من سعة كرم الله و لا من عظمته، فإن التعجب يحمل معنى الاستتغراب والاستكثار، وذلك في حق الله ممتنع .
- وإذا قيل : انهض للكتاب وقم به، فالمراد كتاب الله تعالى، لا كتاب سبيبويه. فقد بالغ بعضهم في تعظيم كتاب سيبوبه.
- ولا تقلْ عن حرف جاء في بنية الكلمة القرآنية : (ذا الحرفُ منه زائــدُ)، فإن لكلمات القرآن خصوصية، وزيادة المبنى تزيد المعنى، وقد يكون للتوكيد، أو الصلة.
- وإذا تقدمت (كان) صفات الله تعالى فهي بمعنى الدوام، ليست بمعنى المضي، ﴿وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (النساء:17، ﴿وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً﴾ (النساء:39)، ﴿ وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً﴾ (النساء:85)، ﴿ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ (النساء:96).
- وإذا جاءت صيغة السؤال من الله تعالى، فهي لغير الاستعلام، إنما لمعنى يناسب المقام، فإن الله يعلم كل شيء، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
- و لا يسوغ في القرآن إطلاق القول بصيغ المبالغة، فإن ما أخبر الله به فهو على الحقيقة دون مبالغة.
- و لا يسوغ القول بالمجاز في القرآن العظيم. على الراجح.
- و لا يستدل في إثبات معاني الألفاظ بشعر الأخطل النصراني ، ولا السموأل اليهودي.
فهذه جملة من الأساليب والعبارات التي لا يسوغ إطلاقها أدباً مع الله سبحانه وتعالى.
وباب حفظ الألفاظ مما لا يليق استعماله في حق الله سبحانه وتعالى وفي حق رسوله من الأبواب المعروفة في الشريعة والله جل وعلا يقول: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور:63).
والله المستعان.
منقول من صفحة الشيخ