من فوائد معرفة الفقية للنحو
كتب الرشيد ليلة إلى القاضي أبي يوسف يسأله عن قول القائل :
فَإنْ تَرْفُقي يا هِنْدُ فَالرّفْقُ أَيمَنُ وَإِنْ تَخْرِقي يا هِنْدُ فَالخُرْقُ أَشْأَمُ
فَأَنْتِ طَلاقٌ وَالطــّــــــــــــلاقُ عَزيمةٌ ثَلاثٌ وَمَنْ يَخْرق أَعـَـقّ وَأَظْلمُ
فقال ماذا يلزمه إذا رفع الثلاث وإذا نصبها ؟ قال أبو يوسف: فقلتُ هذه مسألة نحوية فقهية، ولا آمن الخطأ إن قلت فيها برأيي فأتيت الكسائي وهو في فراشه فسألته فقال: إن رفع ثلاثاً طلقت واحدة؛ لأنّه قال أنت طلاق ثمّ أخبر أنّ الطّلاق التام ثلاث، وإن نصبها طلقت ثلاثاً؛ لأنّ معناه أنت طالق ثلاثاً وما بينهما جملة معترضة . فكتبت بذلك إلى الرشيد فأرسل إلي بجوائز فوجهت بها إلى الكسائي انتهى ملخصاً .
وأقول إنّ الصواب أنّ كلاً من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث، ولوقوع الواحدة؛ أمّا الرفع فلأن أل في الطلاق إما لمجاز الجنس كما تقول زيد الرجل أي هو الرجل المعتد بهِ، وإمّا للعهد الذكري مثلها في ﴿ فَعَصى فِرْعَوْنُ الرّسُولَ ﴾المزمل:16 أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث، ولا تكون للجنس الحقيقي لئلا يلزم الإخبار عن العام بالخاص ، كما يقال الحيوان إنسان وذلك باطل إذ ليس كل حيوان إنساناً، ولا كلّ طلاق عزيمة ولا ثلاثاً ؛ فعلى العهدية يقع الثلاث وعلى الجنسية يقع واحدة كما قال الكسائي، وأمّا النّصب فلأنّه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق، وحينئذ يقتضي وقوع الطّلاق الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثاً ثمّ اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة، ولأن يكون حالاً من الضمير المستتر في عزيمة، وحينئذٍ لا يلزم وقوع الثلاث لأنّ المعنى والطلاق عزيمة، إذا كان ثلاثاً فإنّما يقع ما نواه؛ هذا ما يقتضيه معنى هذا اللّفظ مع قطع النّظر عن شيء آخر؛ وأمّا الذي أراده هذا الشاعر المعين فهو الثلاث لقوله بعد :
فَبِيني بِهَا أَنْ كُنْتِ غَيرَ رَفِيقَةٍ وَمَا لامْرِىءٍ بَعْدَ الثلاثِ مُقَدّمُ
حرّر في 8 شعبان 1435 هجري مسجد الصدّيق ذمار
فوائد / عبد الله بن ناجي الحداد
كتب الرشيد ليلة إلى القاضي أبي يوسف يسأله عن قول القائل :
فَإنْ تَرْفُقي يا هِنْدُ فَالرّفْقُ أَيمَنُ وَإِنْ تَخْرِقي يا هِنْدُ فَالخُرْقُ أَشْأَمُ
فَأَنْتِ طَلاقٌ وَالطــّــــــــــــلاقُ عَزيمةٌ ثَلاثٌ وَمَنْ يَخْرق أَعـَـقّ وَأَظْلمُ
فقال ماذا يلزمه إذا رفع الثلاث وإذا نصبها ؟ قال أبو يوسف: فقلتُ هذه مسألة نحوية فقهية، ولا آمن الخطأ إن قلت فيها برأيي فأتيت الكسائي وهو في فراشه فسألته فقال: إن رفع ثلاثاً طلقت واحدة؛ لأنّه قال أنت طلاق ثمّ أخبر أنّ الطّلاق التام ثلاث، وإن نصبها طلقت ثلاثاً؛ لأنّ معناه أنت طالق ثلاثاً وما بينهما جملة معترضة . فكتبت بذلك إلى الرشيد فأرسل إلي بجوائز فوجهت بها إلى الكسائي انتهى ملخصاً .
وأقول إنّ الصواب أنّ كلاً من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث، ولوقوع الواحدة؛ أمّا الرفع فلأن أل في الطلاق إما لمجاز الجنس كما تقول زيد الرجل أي هو الرجل المعتد بهِ، وإمّا للعهد الذكري مثلها في ﴿ فَعَصى فِرْعَوْنُ الرّسُولَ ﴾المزمل:16 أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث، ولا تكون للجنس الحقيقي لئلا يلزم الإخبار عن العام بالخاص ، كما يقال الحيوان إنسان وذلك باطل إذ ليس كل حيوان إنساناً، ولا كلّ طلاق عزيمة ولا ثلاثاً ؛ فعلى العهدية يقع الثلاث وعلى الجنسية يقع واحدة كما قال الكسائي، وأمّا النّصب فلأنّه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق، وحينئذ يقتضي وقوع الطّلاق الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثاً ثمّ اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة، ولأن يكون حالاً من الضمير المستتر في عزيمة، وحينئذٍ لا يلزم وقوع الثلاث لأنّ المعنى والطلاق عزيمة، إذا كان ثلاثاً فإنّما يقع ما نواه؛ هذا ما يقتضيه معنى هذا اللّفظ مع قطع النّظر عن شيء آخر؛ وأمّا الذي أراده هذا الشاعر المعين فهو الثلاث لقوله بعد :
فَبِيني بِهَا أَنْ كُنْتِ غَيرَ رَفِيقَةٍ وَمَا لامْرِىءٍ بَعْدَ الثلاثِ مُقَدّمُ
حرّر في 8 شعبان 1435 هجري مسجد الصدّيق ذمار
فوائد / عبد الله بن ناجي الحداد
تعليق