باسم الله
الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِأما بعدُ
فقد قال العلامة الشاطبي ـــ رحمه الله ـــ في المقاصد الشافية:
أنا أعرفُ أنَّ الناظر فيه ـــ يعني كتاب المقاصد ـــ ((وكذا حالُ كلِ ناظرٍٍ في كتبِ ومصنفاِت العلماءِ )) ــــ هو أحدُ ثلاثةٍ :إمّا عالمٌ طالبٌ للمزيد ، واقفٌ من أدب ِ العلماء عند مدّه ورسمه ، موقن أنَّ كلَّ البشرِ سوى الأنبياء غيرُ معصوم ، آخذٌ بالعذرِ في المنطوق به من الخطأ والمفهوم ، فلمثل هذا بثثت فيه ما بثثت ، وإليه حثثت من خيل عزمي وركاب فهمي ما حثثت ، فهو الأمين على إصلاح ما تبيّن فساده ، حين تخلق بأخلاق أهل العلم والإفادة .
وإمّا متعلِّمٌ يرغبُ في فهم ما حصّل ، ويسعى في بيان ما قصد وأشكل والنفوذ فيما قَصُد وأَمّل، فلأجل هذا حالفتُ عناء الليالي والأيام ،واستبدلتُ التعب بالراحة والسهرَ بالمنام ، رجاء أنْ أكونَ ممن أثرَ بما أُسدي إليه ، وشكرَ ما أُنعمَ عليه .
وإمّا طالبٌ للعثراتِ، مُتتبعٌ للعوراتِ ، يُضعِّفُ ويُقبِحُ ، ويُحسّنُ ظنَّهُ بنفسه ِ ويٌرجِّحُ ، ويُفسِدُ ظانًا أنَّه يُصْلِحُ ، فمِثلُ هذا لا أعتمدُ عليه ولا ألتفتُ في ردٍ ولا قَبُولٍ إليه وإن كان أعرب من الخليلِ وسيْبَويه ، لأنَّه ناطق عن الهوى سالكٌ سبيلَ من ضل وغوى ولم يتخلق بخلقِ العلماء ، ولا أم طريق الفضلاء ، والله هو الرّقيب على القلوب، العليم بسرائر الغيوب ، ومن عمل صالحًا فلنفسه ومن غرس جنى تمرةَ غرسه ))إنَّمَا الأعْمَالُ بَالْنيَاتِ، وَإنَّمَا لِكل امرئ مَا نَوَى، فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتهُ إلَى اللّه وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ لِدُنيا يُصيبُهَا، أو امْرَأة يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُه إلَى مَا هَاجَرَ إليهِ)) .
تعليق