رد: نريدُ أنْ نفهمَ النحوَ - مذاكرةٌ في متنِ الآجروميةِ
هذا كما ذكرتُ لكمْ موضِعُ خلافٍ ، وهو منَ المشكلاتِ الَّتي يَصْعبُ الجوابُ عنها ، والأشهرُ فيه هو التَّفريقُ بينَ مواضِعِ وجوبِ اسْتِتارِ الضَّميرِ ـ وهيَ : افْعَلْ ، وأفعلُ ، ونفعلُ ، وتفعلُ ـ وبينَ مواضِعِ اسْتواءِ الطَّرفينِ ـ كفعلَ ويفعلُ ـ وعبَّر عنهُ الصَّبَّانُ بـ ( الأصحِّ ) .
ولو تأمَّلتَ لم تجِدْ فرقًا ، ولوجدتَ أنَّ الفرقَ يتوجَّه إذا فُرِضَ وُجوبُ الإظهارِ في هذه المواضِعِ ، بَحيثُ لا يتمُّ الفعلُ إلَّا معَ فاعلِه الملفُوظِ المنطوقِ بِه ، أمَّا الاسْتِتارُ ففيه معنًى مُشْتركٌ بينَ مواضِعِ الوجوبِ ومواضِعِ الجوازِ .
فإذا جازَ عدُّ الكلامِ تامًّا بلفظِ الفعلِ المستلزمِ لفاعلِه غيرِ الملفوظِ حقيقةً ولم يكنْ سبيلٌ إلى لفظِه لوجوبِ الاسْتِتارِ فكذلكَ ما يستوي إظهارُه واسْتِتارُه لجامعِ دلالةِ لفظِ الفعلِ عليه وتَضَمُّنِه إيَّاهُ ، وإلَّا :
ـ لَـمَـا جازَ عدُّ الفعلِ المضارعِ غيرِ واجبِ اسْتِتارِ الفاعلِ الضَّميرِ جملةً داخلَ جُملةٍ اسميَّـةٍ نحوَ ( الطَّالبُ يَدرُسُ ) ، قالُوا : جملةٌ منْ فعلٍ وفاعلٍ في محلِّ رفعٍ خبرًا للاسم المبتدإ ( الطَّالبُ ) ، ولا سيَّما منْ لا يُجوِّزُ تقديمَ الفاعلِ على الفعلِ .
ـ ولَـمَـا جازَ أن يُكتفى في جوابِ سُؤالِ : ( ماذا فعلَ الطّالبُ ؟ ) بنحوِ ( ذاكرَ ) .
قالُوا في الأوَّلِ : الفائدةُ لا بُدَّ أن تكونَ مقصُودةً لذاتِها ، وقدْ أريدَ بالجملةِ الثَّانيةِ نسبةُ الدِّراسةِ إلى الطَّالبِ ، فهذه الجملةُ وإن كانتْ في هذه الصُّورةِ جملةً مُفيدةً لم تكنْ كذلكَ حالَ الإفرادِ .
يُقالُ : لِـمَ لَـمْ تكتفُوا بالفِعْلِ حُكمًا عائدًا على الطَّالبِ حتَّى قدَّرتُمْ فاعلًا مُسْتَتِرًا يعُودُ علَيْه ؟ ـ وقدْ قيلَ هذا في الواقِعِ : أنَّه يُكتفى بالفِعْلِ في مثْلِ هذا عنْ فاعلٍ ، وهذا لَيْسَ على القَولِ بأنَّ ( الطَّالبَ ) فاعلٌ مُقدَّمٌ ، بلْ على القَوْلِ بأنَّه مبتدأٌ وخبرُه الفِعْلُ فقطْ ـ فيصِحَّ إذا أُفْرِدَ أن لا يُعدَّ جملةً .
وقالُوا في الثَّاني : هُو في غيرِ جوابِ السُّؤالِ .
وكما ترى فهمْ يحتاجُونَ إلى تقيِيداتٍ في كلِّ موضِعٍ لَيْسَتْ منْ أَصْلِ التَّقريرِ .
ولعلَّه يُقالُ : إنَّ الضَّميرَ واجبَ الاسْتِتارِ في قُوَّةِ المنطوقِ ؛ لتَعيُّـنِه بالتَّكلُّمِ في الفعلِ ( أفعلُ = أنا ـ نفعلُ = نحنُ ) ، والخطابِ ( تفعلُ = أنتَ ـ افْعلْ = انتَ ) ، وأمَّا الغائبُ فلا يتعيَّنُ ، فيُقالُ : إنَّ الكلامَ عنْ وُجودِه لا عنْ تعيُّـنِه !
وأزيدُكمْ منَ الشِّعرِ بيتًا : بعضُهمْ لم يعدَّ شَيئًا مما سبقَ جُملةً ، لا كاستقمْ ولا غيرَ ذلكَ ، بلِ اعتبرَه كلَّه كلمةً مفردةً ، وهذا خلافٌ ضَعيفٌ .
لكنْ نمشي على الأصَحِّ على ما قيلَ ، فنحنُ معَ ( استقمْ ) .
وأقُولُ للإخوةِ حتَّى لا يَضِيعُوا : اتركُوا هذا كلَّه جانبًا ؛ إنَّما جاءَ في المناقشةِ والأخذِ والرَّدِّ معَ الإخوةِ ، وليسَ لتقريرِ معنى عبارةِ الماتنِ ابنِ آجرُّوم .
وأقفُ معَ مُشاركتي ( أم أمامة بنت عمر ) و ( أم عبد الرَّحمن ) فيما بعدُ ، وقدْ أحسنتا فهل من محسنٍ غيرهما ... ننتظرُ !
المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الرحمن عبد العالي الجزائري
مشاهدة المشاركة
ولو تأمَّلتَ لم تجِدْ فرقًا ، ولوجدتَ أنَّ الفرقَ يتوجَّه إذا فُرِضَ وُجوبُ الإظهارِ في هذه المواضِعِ ، بَحيثُ لا يتمُّ الفعلُ إلَّا معَ فاعلِه الملفُوظِ المنطوقِ بِه ، أمَّا الاسْتِتارُ ففيه معنًى مُشْتركٌ بينَ مواضِعِ الوجوبِ ومواضِعِ الجوازِ .
فإذا جازَ عدُّ الكلامِ تامًّا بلفظِ الفعلِ المستلزمِ لفاعلِه غيرِ الملفوظِ حقيقةً ولم يكنْ سبيلٌ إلى لفظِه لوجوبِ الاسْتِتارِ فكذلكَ ما يستوي إظهارُه واسْتِتارُه لجامعِ دلالةِ لفظِ الفعلِ عليه وتَضَمُّنِه إيَّاهُ ، وإلَّا :
ـ لَـمَـا جازَ عدُّ الفعلِ المضارعِ غيرِ واجبِ اسْتِتارِ الفاعلِ الضَّميرِ جملةً داخلَ جُملةٍ اسميَّـةٍ نحوَ ( الطَّالبُ يَدرُسُ ) ، قالُوا : جملةٌ منْ فعلٍ وفاعلٍ في محلِّ رفعٍ خبرًا للاسم المبتدإ ( الطَّالبُ ) ، ولا سيَّما منْ لا يُجوِّزُ تقديمَ الفاعلِ على الفعلِ .
ـ ولَـمَـا جازَ أن يُكتفى في جوابِ سُؤالِ : ( ماذا فعلَ الطّالبُ ؟ ) بنحوِ ( ذاكرَ ) .
قالُوا في الأوَّلِ : الفائدةُ لا بُدَّ أن تكونَ مقصُودةً لذاتِها ، وقدْ أريدَ بالجملةِ الثَّانيةِ نسبةُ الدِّراسةِ إلى الطَّالبِ ، فهذه الجملةُ وإن كانتْ في هذه الصُّورةِ جملةً مُفيدةً لم تكنْ كذلكَ حالَ الإفرادِ .
يُقالُ : لِـمَ لَـمْ تكتفُوا بالفِعْلِ حُكمًا عائدًا على الطَّالبِ حتَّى قدَّرتُمْ فاعلًا مُسْتَتِرًا يعُودُ علَيْه ؟ ـ وقدْ قيلَ هذا في الواقِعِ : أنَّه يُكتفى بالفِعْلِ في مثْلِ هذا عنْ فاعلٍ ، وهذا لَيْسَ على القَولِ بأنَّ ( الطَّالبَ ) فاعلٌ مُقدَّمٌ ، بلْ على القَوْلِ بأنَّه مبتدأٌ وخبرُه الفِعْلُ فقطْ ـ فيصِحَّ إذا أُفْرِدَ أن لا يُعدَّ جملةً .
وقالُوا في الثَّاني : هُو في غيرِ جوابِ السُّؤالِ .
وكما ترى فهمْ يحتاجُونَ إلى تقيِيداتٍ في كلِّ موضِعٍ لَيْسَتْ منْ أَصْلِ التَّقريرِ .
ولعلَّه يُقالُ : إنَّ الضَّميرَ واجبَ الاسْتِتارِ في قُوَّةِ المنطوقِ ؛ لتَعيُّـنِه بالتَّكلُّمِ في الفعلِ ( أفعلُ = أنا ـ نفعلُ = نحنُ ) ، والخطابِ ( تفعلُ = أنتَ ـ افْعلْ = انتَ ) ، وأمَّا الغائبُ فلا يتعيَّنُ ، فيُقالُ : إنَّ الكلامَ عنْ وُجودِه لا عنْ تعيُّـنِه !
وأزيدُكمْ منَ الشِّعرِ بيتًا : بعضُهمْ لم يعدَّ شَيئًا مما سبقَ جُملةً ، لا كاستقمْ ولا غيرَ ذلكَ ، بلِ اعتبرَه كلَّه كلمةً مفردةً ، وهذا خلافٌ ضَعيفٌ .
لكنْ نمشي على الأصَحِّ على ما قيلَ ، فنحنُ معَ ( استقمْ ) .
وأقُولُ للإخوةِ حتَّى لا يَضِيعُوا : اتركُوا هذا كلَّه جانبًا ؛ إنَّما جاءَ في المناقشةِ والأخذِ والرَّدِّ معَ الإخوةِ ، وليسَ لتقريرِ معنى عبارةِ الماتنِ ابنِ آجرُّوم .
وأقفُ معَ مُشاركتي ( أم أمامة بنت عمر ) و ( أم عبد الرَّحمن ) فيما بعدُ ، وقدْ أحسنتا فهل من محسنٍ غيرهما ... ننتظرُ !
تعليق