لاميّة العجم
لمؤيد الدين الحسين بن علي الطغرائي الأصبهاني
القصيدة "
أصالة الرأي صانتني عـن الخطل
وحـلية الفضـل زانتنـي لدى العـطل
مجـدي أخيرا ومجـدي أولا شرع
والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامـة بالزوراء لا سكنى بها
ولا ناقتـــي فيـــها ولا جملــي
ناء عن الأهـل صفـر الكف منفرد
كالسيــف عـرّي متناه عـن الخـلل
فلا صديـق إليه مشتكـى حزنـي
ولا أنيـس إليــه منتهــى جذلــي
طال اغترابـي حتى حـنّ راحلتي
ورحـلها وقــرى العسـّالة الذبــل
وضجّ من لغب نضـوي وعـجّ لما
يلقى ركابـي ولجّ الركـب فـي عذلي
أريـد بسطـة كـف أسـتعين بها
عـلى قـضاء حقـوق للعـلا قــبلي
والدهـر يـعكس آمالـي ويقنعنـي
من الغنيــمة بعـد الكــدّ بالقفــل
وذي شطاط كصدر الرمح معتقـل
بمثلــه غيــر هيّــاب ولا وكـل
حلـو الفكاهـة مرّ الجد قد مزجت
بشـدّة البأس منــه رقّــة الغــزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته
والليل أغـرى سـوام النـوم بالمقـل
والركب ميل على الأكوان من طرب
صاح وآخـر من خـمر الهـوى ثمـل
فقلت أدعـوك للجـلّى لتنصرنـي
وأنت تخذلنـي فـي الحـادث الجـلل
تنام عينـيّ وعـين النجم سـاهرة
وتستحيـل وصبـغ الليـل لم يحــل
فهل تعيـن على غـيّ هممت بـه
والغـيّ يزجـر أحـياناً عـن الفشـل
إني أريد طـروق الحـي من إضم
وقـد حماه رمـاة مـن بنــي ثـعل
يحمـون بالبيض والسمر اللدان به
سـود الغدائـر حـمر الحلـي والحلل
فسـر بنا في ذمام الليـل معتسـفاً
فنفحـة الطيـب تهديـنا إلـى الحلـل
فالحـب حـيث العدا والأسد رابضة
حـول الكـناس لها غاب من الأســل
نؤم ناشـئة بالجـزع قـد سقيـت
نصـالها بميـاه الغنــج والكحـــل
قـد زاد طيـب أحاديث الكرام بها
ما بالكرائــم مـن جـبن ومن بخـل
تبيـت نار الهـوى منهـن في كبد
حـرّى ونار القـرى منهـم على قلـل
يقتلـن أنضـاء حـب لا حراك بها
وينحـرون كـــرام الخيـل والإبـل
يشفـى لديـغ العوالـي في بيوتهم
بنهلـة من غديــر الخمـر والعسـل
لعل إلمامــة بالجــزع ثانيــة
يـدب منـها نسيـم البـرء في علـلي
لا أكره الطعنة النجلاء قـد شـفعت
برشـقة مـن نبـال الأعيـن النجـل
ولا أهاب الصفاح البيـض تسعدني
باللمـح مـن خـلل الأسـتار والكلـل
ولا أخــلّ بغــزلان تغازلنـي
ولو دهتنـي أســود الغيـل بالغيّـل
حـب السلامـة يثنـي همّ صاحبه
عـن المعالـي ويغـري المرء بالكسل
فإن جنحـت إليـه فاتخـذ نفقاً في
الأرض أو سلّماً فـي الجـو واعتـزل
ودع غـمار العلا للمقدميـن عـلى
ركوبــها واقتنـــع منهـن بالبلـل
رضى الذليل بخفض العيش مسكنه
والعـزّ تحت رسيـــم الاينق الذلـل
فادرأ بها في نحـور البيـد حـافلة
معارضات مثانــي اللجــم بالجـدل
إنّ العلا حدّثتنـي وهـي صادقـة
فيـما تحــدّث أن العـزّ فـي النقـل
لو أنّ في شرف المأوى بلـوغ منى
لم تبـرح الشمـس يومـاً دارة الحمل
أهـبت بالحـظّ لو ناديت مسـتعماً
والحـظّ عنـي بالجهّـال فـي شغـل
لعلّـه إن بدا فضلــي ونقصهـم
لعينـه نام عنهــم أو تنبّــه لــي
أعلّـل النفـس بالآمـال أرقبــها
ما أضيـق العـيش لـولا فسحة الأمل
لم أرض بالعيـش والأيّـام مقبلـة
فكيـف أرضى وقد ولّت علـى عجـل
غالـى بنفسـي عرفانـي بقيمتـها
فصنتـها عن رخيـص القـدر مبتـذل
وعـادة النصـل أن يزهي بجوهره
وليـس يعمـل إلا فـي يـدي بطــل
ما كـنت أوثـر أن يمتد بي زمني
حـتى أرى دولـة الأوغـاد والسـفل
تقدّمـتنـي أناس كـان شوطــهم
وراء خطـوي إذ أمشـي علـى مهـل
هذا جـزاء امـرئ أقـرانه درجوا
من قبلـه فتمنـى فسحــة الأجــل
وإن عـلاني من دونـي فلا عجب
لي أسـوة بانـحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضـجر
في حادث الدهـر ما يغنـي عن الحيل
أعـدى عـدوك أدنى من وثقت به
فـحاذر الناس واصـحبهم على دخـل
وإنما رجــل الدنــيا وواحـدها
مـن لا يـعوّل في الدنـيا على رجـل
وحسـن ظنّـك بالأيـام معجــزة
فظـنّ شـراً وكـن منها عـلى وجـل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت
مسافــة الخلـف بين القـول والعمل
وشان صدقـك عـند الناس كـذبهم
وهـل يطابــق معــوج بمعتــدل
إن كان ينجـع شـيء في ثباتـهم
على العهـود فسـبق السيـف للعـذل
يا واردا سـؤر عيـش كلّـه كـدر
أنـفقت صفـوك فــي أيامـك الأول
فيـم اقتحامـك لجّ البحـر تركبـه
وأنـت يكفيـك منـه مصّـة الوشـل
ملك القناعـة لا يخشـى عليـه ولا
يحتاج فيــه إلى الأنصـار والخـول
ترجـو البقـاء بـدار لا ثـبات لها
فـهل سـمعت بــظل غـير مـتنقل
ويا خبيـراً على الأسـرار مـطّلعاً
اصـمت ففي الصـمت منجاة من الزلل
قـد رشحـوك لأمـر لو فطنت له
فاربأ بنفسـك أن ترعـى مـع الهمـل
---------------------------
مؤيد الدين الحسين بن علي بن عبدالصمد الطغرائي الأصبهاني:(454 ـ 515): العميد فخر الكتاب، شاعر صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه واتصل بابنه السلطان مسعود، ولي الوزارة بأربل مدة، وكان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر، وكان أفصح الفصحاء وأفضل الفضلاء وأمثل العلماء، الّّف كتاب: (مفاتيح الرحمة ومصابيح الحكمة) و(حقائق الاستشهادات في الكيميا) وله ديوان شعر جيّد، ومن محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم وكان عملها ببغداد في سنة خمس وخمسمائة يصف حاله ويشكو زمانه، قتل بباب همذان مأسوراً، وقال الذهبي قتل في المصاف بين مسعود وأخيه محمود، أورد له ابن خلكان قصيدته اللامية التي الّفها في سنة خمس وخمسمائة في بغداد وشرح فيها أحواله وأموره وتعرف بلامية العجم.
_______________________________________________
(1) البداية والنهاية ج 12 ص 191 إسماعيل بن عمر بن كثير. (2) شذرات الذهب ج 2 ص 42 عبد الحي بن أحمد العكري. (3) كشف الظنون م 1 ص 672 و 798 حاجي خليفة. (4) النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة ج 5 ص 220 ج 5 ص 220 يوسف بن تغري بردى.
لمؤيد الدين الحسين بن علي الطغرائي الأصبهاني
القصيدة "
أصالة الرأي صانتني عـن الخطل
وحـلية الفضـل زانتنـي لدى العـطل
مجـدي أخيرا ومجـدي أولا شرع
والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامـة بالزوراء لا سكنى بها
ولا ناقتـــي فيـــها ولا جملــي
ناء عن الأهـل صفـر الكف منفرد
كالسيــف عـرّي متناه عـن الخـلل
فلا صديـق إليه مشتكـى حزنـي
ولا أنيـس إليــه منتهــى جذلــي
طال اغترابـي حتى حـنّ راحلتي
ورحـلها وقــرى العسـّالة الذبــل
وضجّ من لغب نضـوي وعـجّ لما
يلقى ركابـي ولجّ الركـب فـي عذلي
أريـد بسطـة كـف أسـتعين بها
عـلى قـضاء حقـوق للعـلا قــبلي
والدهـر يـعكس آمالـي ويقنعنـي
من الغنيــمة بعـد الكــدّ بالقفــل
وذي شطاط كصدر الرمح معتقـل
بمثلــه غيــر هيّــاب ولا وكـل
حلـو الفكاهـة مرّ الجد قد مزجت
بشـدّة البأس منــه رقّــة الغــزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته
والليل أغـرى سـوام النـوم بالمقـل
والركب ميل على الأكوان من طرب
صاح وآخـر من خـمر الهـوى ثمـل
فقلت أدعـوك للجـلّى لتنصرنـي
وأنت تخذلنـي فـي الحـادث الجـلل
تنام عينـيّ وعـين النجم سـاهرة
وتستحيـل وصبـغ الليـل لم يحــل
فهل تعيـن على غـيّ هممت بـه
والغـيّ يزجـر أحـياناً عـن الفشـل
إني أريد طـروق الحـي من إضم
وقـد حماه رمـاة مـن بنــي ثـعل
يحمـون بالبيض والسمر اللدان به
سـود الغدائـر حـمر الحلـي والحلل
فسـر بنا في ذمام الليـل معتسـفاً
فنفحـة الطيـب تهديـنا إلـى الحلـل
فالحـب حـيث العدا والأسد رابضة
حـول الكـناس لها غاب من الأســل
نؤم ناشـئة بالجـزع قـد سقيـت
نصـالها بميـاه الغنــج والكحـــل
قـد زاد طيـب أحاديث الكرام بها
ما بالكرائــم مـن جـبن ومن بخـل
تبيـت نار الهـوى منهـن في كبد
حـرّى ونار القـرى منهـم على قلـل
يقتلـن أنضـاء حـب لا حراك بها
وينحـرون كـــرام الخيـل والإبـل
يشفـى لديـغ العوالـي في بيوتهم
بنهلـة من غديــر الخمـر والعسـل
لعل إلمامــة بالجــزع ثانيــة
يـدب منـها نسيـم البـرء في علـلي
لا أكره الطعنة النجلاء قـد شـفعت
برشـقة مـن نبـال الأعيـن النجـل
ولا أهاب الصفاح البيـض تسعدني
باللمـح مـن خـلل الأسـتار والكلـل
ولا أخــلّ بغــزلان تغازلنـي
ولو دهتنـي أســود الغيـل بالغيّـل
حـب السلامـة يثنـي همّ صاحبه
عـن المعالـي ويغـري المرء بالكسل
فإن جنحـت إليـه فاتخـذ نفقاً في
الأرض أو سلّماً فـي الجـو واعتـزل
ودع غـمار العلا للمقدميـن عـلى
ركوبــها واقتنـــع منهـن بالبلـل
رضى الذليل بخفض العيش مسكنه
والعـزّ تحت رسيـــم الاينق الذلـل
فادرأ بها في نحـور البيـد حـافلة
معارضات مثانــي اللجــم بالجـدل
إنّ العلا حدّثتنـي وهـي صادقـة
فيـما تحــدّث أن العـزّ فـي النقـل
لو أنّ في شرف المأوى بلـوغ منى
لم تبـرح الشمـس يومـاً دارة الحمل
أهـبت بالحـظّ لو ناديت مسـتعماً
والحـظّ عنـي بالجهّـال فـي شغـل
لعلّـه إن بدا فضلــي ونقصهـم
لعينـه نام عنهــم أو تنبّــه لــي
أعلّـل النفـس بالآمـال أرقبــها
ما أضيـق العـيش لـولا فسحة الأمل
لم أرض بالعيـش والأيّـام مقبلـة
فكيـف أرضى وقد ولّت علـى عجـل
غالـى بنفسـي عرفانـي بقيمتـها
فصنتـها عن رخيـص القـدر مبتـذل
وعـادة النصـل أن يزهي بجوهره
وليـس يعمـل إلا فـي يـدي بطــل
ما كـنت أوثـر أن يمتد بي زمني
حـتى أرى دولـة الأوغـاد والسـفل
تقدّمـتنـي أناس كـان شوطــهم
وراء خطـوي إذ أمشـي علـى مهـل
هذا جـزاء امـرئ أقـرانه درجوا
من قبلـه فتمنـى فسحــة الأجــل
وإن عـلاني من دونـي فلا عجب
لي أسـوة بانـحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضـجر
في حادث الدهـر ما يغنـي عن الحيل
أعـدى عـدوك أدنى من وثقت به
فـحاذر الناس واصـحبهم على دخـل
وإنما رجــل الدنــيا وواحـدها
مـن لا يـعوّل في الدنـيا على رجـل
وحسـن ظنّـك بالأيـام معجــزة
فظـنّ شـراً وكـن منها عـلى وجـل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت
مسافــة الخلـف بين القـول والعمل
وشان صدقـك عـند الناس كـذبهم
وهـل يطابــق معــوج بمعتــدل
إن كان ينجـع شـيء في ثباتـهم
على العهـود فسـبق السيـف للعـذل
يا واردا سـؤر عيـش كلّـه كـدر
أنـفقت صفـوك فــي أيامـك الأول
فيـم اقتحامـك لجّ البحـر تركبـه
وأنـت يكفيـك منـه مصّـة الوشـل
ملك القناعـة لا يخشـى عليـه ولا
يحتاج فيــه إلى الأنصـار والخـول
ترجـو البقـاء بـدار لا ثـبات لها
فـهل سـمعت بــظل غـير مـتنقل
ويا خبيـراً على الأسـرار مـطّلعاً
اصـمت ففي الصـمت منجاة من الزلل
قـد رشحـوك لأمـر لو فطنت له
فاربأ بنفسـك أن ترعـى مـع الهمـل
---------------------------
مؤيد الدين الحسين بن علي بن عبدالصمد الطغرائي الأصبهاني:(454 ـ 515): العميد فخر الكتاب، شاعر صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه واتصل بابنه السلطان مسعود، ولي الوزارة بأربل مدة، وكان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر، وكان أفصح الفصحاء وأفضل الفضلاء وأمثل العلماء، الّّف كتاب: (مفاتيح الرحمة ومصابيح الحكمة) و(حقائق الاستشهادات في الكيميا) وله ديوان شعر جيّد، ومن محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم وكان عملها ببغداد في سنة خمس وخمسمائة يصف حاله ويشكو زمانه، قتل بباب همذان مأسوراً، وقال الذهبي قتل في المصاف بين مسعود وأخيه محمود، أورد له ابن خلكان قصيدته اللامية التي الّفها في سنة خمس وخمسمائة في بغداد وشرح فيها أحواله وأموره وتعرف بلامية العجم.
_______________________________________________
(1) البداية والنهاية ج 12 ص 191 إسماعيل بن عمر بن كثير. (2) شذرات الذهب ج 2 ص 42 عبد الحي بن أحمد العكري. (3) كشف الظنون م 1 ص 672 و 798 حاجي خليفة. (4) النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة ج 5 ص 220 ج 5 ص 220 يوسف بن تغري بردى.