بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
لا بد أنّه قد مرّ بك في يوم ما في كتاب أو موقع من مواقع الشبكة العنكبوتية أو سمعت أو شاهدت من يدعي وجود أخطاء لغوية في القرآن الكريم بغرض الطعن فيه، وإن سألته وكيف ذلك قال لك أنّ هذه الآية تخالف قاعدة كذا أو قاعدة كذا من قواعد النحو أو اللغة، وهذا إن دل فإنما يدل على أنّ ذلك الشخص لا يعرف ما هي القصة في الأصل، أنت خذه على عقله ورد عليه إن أردت أن ترد قائلاً: إذا جئتك الآن ببيت من بيوت الشعر العربي القديم كالمعلقات السبع مثلاُ ووجدت أنّه يخالف بشكل واضح وجلي قاعدة ما من قواعد النحو المعروفة والسائدة في هذه الأيام؛ مثل أن يأتي المثنى بالألف بدل الياء في مكان نصب مثلاُ أو اسم من الأسماء الستة بالأف بدل الياء أيضاً في مكان نصب… فهل ستتهم هذا البيت بأنّه يخالف اللغة العربية ؟! قطعاً لا؛ فإن سألته لماذا ؟ قال لك لأنّ صاحبه كان من العرب القدماء الفصحاء ومن المستحيل أن يلحن في اللغة العربية خلال كلامه العادي في حياته اليومية فكيف له أن يلحن ببيت شعر؟!! هذا غير منطقي ولا يجوز ولا بد أنّ هناك سبب أو وجه من وجوه العربية تجيز له ذلك وأنّ ذلك يدل على بلاغة ذلك الشاعر الفذ لا على خطئه.
نقول له أحسنت وصدقت لأنّ هذه القواعد وهذه العلوم كالنحو والصرف…وغيرها لم تكن موجودة منذ الأزل بل هي تعتبر حديثة نسبياً وأنّها لم توجد طوال سنوات بل قرون وجد فيها العرب الأقحاح الفصحاء دون أن يدرسوا أو حتى يسمعوا بأي قاعدة من هذه القواعد المبسطة التي ندرسها في أيامنا هذه، أمّا علوم وقواعد اللغة العربية كالنحو وغيره فقد وضعها العلماء المسلمون، وعلى رأسهم مؤسس علم النحو التابعي الجليل أبو أسود الدؤلي وأكمل ذلك تلميذه الخليل بن أحمد الفراهيدي ثم تلامذة هذا الأخير كسيبويه وغيره من علماء اللغة المسلمين، وقد وضعوها عندما رأوا أنّ اللحن (الخطأ في نطق الكلمات العربية) بدأ يدخل إلى أبناء العرب بعد الاختلاط الكثيف مع الأعاجم بفعل الفتوحات الإسلامية ودخول أعداد كبيرة من غير العرب في الإسلام، وقد وضعوا هذه القواعد كي يعلّموا أبناء الإسلام من عرب وغيرهم النطق الصحيح باللغة.
نقول له أحسنت وصدقت لأنّ هذه القواعد وهذه العلوم كالنحو والصرف…وغيرها لم تكن موجودة منذ الأزل بل هي تعتبر حديثة نسبياً وأنّها لم توجد طوال سنوات بل قرون وجد فيها العرب الأقحاح الفصحاء دون أن يدرسوا أو حتى يسمعوا بأي قاعدة من هذه القواعد المبسطة التي ندرسها في أيامنا هذه، أمّا علوم وقواعد اللغة العربية كالنحو وغيره فقد وضعها العلماء المسلمون، وعلى رأسهم مؤسس علم النحو التابعي الجليل أبو أسود الدؤلي وأكمل ذلك تلميذه الخليل بن أحمد الفراهيدي ثم تلامذة هذا الأخير كسيبويه وغيره من علماء اللغة المسلمين، وقد وضعوها عندما رأوا أنّ اللحن (الخطأ في نطق الكلمات العربية) بدأ يدخل إلى أبناء العرب بعد الاختلاط الكثيف مع الأعاجم بفعل الفتوحات الإسلامية ودخول أعداد كبيرة من غير العرب في الإسلام، وقد وضعوا هذه القواعد كي يعلّموا أبناء الإسلام من عرب وغيرهم النطق الصحيح باللغة.
أمّا قبل ذلك فلم يكن هناك أي داعٍ لمثل هذه القواعد، وبالتالي فإنّ أي نص أدبي من شعر ونثر كان قبل عصر دخول اللحن إلى العربية فلا يمكن أن يوجد به أي خطأ قواعدي فهو وجد قبل هذه القواعد، بل هو يعتبر مرجع لتلك القواعد؛ وأكثر من ذلك فإنّ وجود أسلوب نحوي أو لغوي...ما في ذلك البيت يعتبر بحد ذاته دليلاً قاطعاً على صحة ذلك الأسلوب، ونفس الشيء كذلك بالنسبة لآيات القرآن الكريم؛ فالقرآن وجد قبل عصر اللحن كما هو معروف، بل هو من باب أولى لأنه المصدر الأساسيّ لعلوم اللغة الحديثة كما سيأتي.
ثمّ إنّ من وضع تلك القواعد كما ذكرنا كانوا من كبار علماء الإسلام وقد اعتمدوا في وضع القواعد على القرآن أولاً كمرجع أساسي لاشتقاق قواعد النحو واللغة ثم على تتبع واستقراء كلام العرب القديم من شعر ونثر وغيره بدرجة ثانية، فكيف يمكن أن نأتي بقاعدة لنقد النص الذي وضعت بناءاً عليه، هذا كالذي يريد أن ينقض الأصل بناءاً على الفرع! فهل عرفت لماذا يستحيل أن يوجد خطأ لغوي في القرآن العظيم؟ لأنّه ببساطة عندما تأتي بقاعدة ما وتقول أنّها خالفت القرآن في موضع ما فأنت عندها تكون قد طعنت بتلك القاعدة لا بالقرآن أو بالأحرى أنّك لم تأتي بالقاعدة المناسبة لهذا الموضع، وإن بدا لك ظاهرياً أنّها كذلك.
وعجبي لا ينقضي ممن يقول أنّ القرآن خالف كلام العرب في كلمة هنا أو هناك سبحان الله ! كيف لفطاحلة العرب كأبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف… الذي كانوا يعملون ليل نهار لؤد الإسلام واقتلاعه من جذوره لم يعلموا بهذا الخطأ الذي يزعم وجوده، بل إنّهم عندما أرادوا الطعن في القرآن وصفوه بأنه سحر أو شعر وهذا اعتراف منهم ببلاغته، أمّا الوليد بن المغيرة وكان من وجهاء العرب في ذلك الوقت فقد قال عنه عندما سمع به:" إنّ لقوله الذي يقوله حلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنّه ليعلو ولا يعلى ، وإنّه ليحطم ما تحته" قال هذا مع أنه عاش مشركاً ومات مشركاً عنداً واستكبراً، ثم يأتي الآن هؤلاء الذين نشأوا وترعرعوا على اللهجات العامية المقززة ولا يتكلمون العربية إلا في المناسبات يأتوا ليطعنوا بلغة القرآن ويتفلسفوا فهلّا خجلوا وسكتوا.
ألا يعلم هذا الأبله المسكين أنّه بطعنه بلغة القرآن يهدم اللغة العربية؛ فالقرآن مرجعها الأول ومصدر قوتها وضمان استمراريتها وانتشارها فاللغة العربية محفوظة على مر الأزمان بحفظ الله للقرآن؛ قال تعالى: إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (1) وهو ضمان انتشارها وعالميتها فحتى في أسوء زمن يمر على العرب أصبحوا فيه في مؤخرة الأمم فإنّ هناك ألاف يتعلمون اللغة العربية في مختلف أنحاء العالم ومن حفظ القرآن للغة العربية حفظه لوجوهها البلاغية كمذاهب العرب في التقديم تارة والتأخير تارة في المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول وفي الإعراب والبناء وغير ذلك من وجوه اللغة العربية المختلفة…
فاعلم أخي المسلم علم اليقين أنّ أي شخص يحاول أن يطعن في القرآن العظيم فهو لا يخرج عن أمرين لا ثالث لهما :
إمّا أنّ طعنه هذا جاء بناءاً على جهل منه أو اعتماداً على جهل متوقع منك أي من متلق تلك الشبهه.
فإن حدث وسمعت شيء من هذا فلا تقف وتترك شيئاً في قلبك بل اسأل فإنّ شفاء العيي السؤال.
فإن حدث وسمعت شيء من هذا فلا تقف وتترك شيئاً في قلبك بل اسأل فإنّ شفاء العيي السؤال.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم والحمد لله رب العالين
كتبه أخوكم أبو فراس سامي الأردني
________________________كتبه أخوكم أبو فراس سامي الأردني
1-سورة الحجر آية رقم 9