الْمَقَامَةُ الرَّبِيعِيَّةُ
الْحَمْدُ الله ، وَ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحِبِهِ وَ مَنْ وَلاَهُ ، وَ بَعْدُ :
فَهَذَا نَثْرٌ بِلِسَانِ الْقَلَمِ ، نَزْرٌ مِنَ حِسَانِ الْكَلِمِ ، أَثَرٌ عَنْ سِنَانِ الأَلَمِ ، رَغِبْتُ مِنْهُ نَسْجَ مَقَامَةٍ ، وَ نَسْخَ صُوَرِ فِتَنَةٍ طَامَّةٍ ، وَقُودُهَا مِنَ فِطَرٍ عَامَّةٍ ، وَ فَتِيلُهَا عَنْ فِكَرٍ سَامَّةٍ ، وَ أَلْسُنٍ نَمَّامَةٍ ، بَذْرُهَا صِرَاعٌ حَوْلَ الدُنيا القُمَامَةِ ، و ثَمَرُهَا نِزَاعٌ عَلَى كُبْرَى الإِمَامَةِ ، مَقَامَةٌ قَصُرَتْ لِدُنُوِّ القَامَةِ 1 ، و تَكَسَّرَتْ لِخُلُوِّ الْهَامَةِ 2، مِنْ كَـ (بَلاَغَةِ قُدَامَةَ ) 3 ، نَدَبَنِي لإنشائْها ، و حَزَبَنِي لإفشائها ، نُصْحٌ 4لأبي أَنَاةٍ 5 وَ قَدْرٍ ، وَ فَضْحٌ لِذِي هَنَاتٍ 6 و غَدْرٍ ، قَوَالِبٌ حَوَتْ على عُقَدِ القَوْلِ ، وَ رُبَّما خَلَتْ منِْ مُلَحِ الهَزْلِ ، وَ كُلُّ كَلِمَةٍ لَهَا حَظٌّ مِنَ النَّقْدِ وَ الْهَوْلِ ، جُملٌ ثَمَّنتها دُرَرًا مِنْ صِرَاطِ7 السَّلَفِ تَنْوِيهًا ، و ضَمَّنْتُهَا من ضَرَرِ ضُرَاطِ 8 الْخَلَفِ تَنْبِيهًا ، فاللهَ نسألُ أن يُثَبَتَنا عَلَى الإسْتقَامَةِ ، وَ أنْ يَنْفعَ بِمقَاصِدِ الْمَقَامةِ ، وَ يُحِلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ
أَبا أَنَاةٍ إِعْلَمْ ( رَحِمَكَ اللهُ ) : أَنَّ للهِ سُنَنًا فِي الْكَوْنِ ، لاَ تَتَبَدَّلُ إِلاَّ بِالإِذْنِ ، كَافْتِرَاقِ الأُمَّةِ وَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ ، وَ قُعُودِ العَدوِّ عَلَى الطَّرِيقِ ، لِيَأْسِرُوا مَا شَاءَ اللهُ مِنَ الرَّقِيقِ ، عَسَى أَنْ يَتَقَوَى بِه جُنُدُ الْفَرِيق ، و الْحَرْبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ 9 سِجَالٌ ، مَهْمَا تَوَالتِ الأَزْمَانُ وَ امْتَدَّتِ الآجَالُ ، إلَى أَنْ تَعْظُمَ الفِتَنُ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ ، وَ لَكِنَّ العَاقِبَةَ لِجُنْدِ الْحَقِّ ، فَإيّاكَ أنْ تَرِدَ حَوْضَ شِرَارِ الخَلْقِ ، فَإِنَّ الشُّبَهَ تَخْطِفُ ، و الْأفْئِدَةُ قَدْ تَضْعُفُ ، وَ لَكِنْ تَعَرَّفْ عَلَى الشَّرِ وِقَايةً ، فَإِنْ جَهِلْتَهُ كُنْتَ لَهُ غَايَةً ، فَلِآلِ الشَرِّ عُلُومٌ وَ مَسَالِكٌ ، وَ حُجَجٌ وَ مَمَالِكٌ ، وَ أَيْسَرُ إِغَارةٍ مَا كَانت فِي السَّوَادِ الْحَالِكِ ، فَلاَ تَعْجَبْ ِإلاَّ مِمَّنْ نَجَا ، وَ كَيْفَ نَجَا ، فَسَلِ اللهَ مُلِحًّا فَرَجَا ، ثُمّ اعْتَصِمْ بِالوَحْيِ تَجِدْ مَخْرَجًا ، وَ لَكِنْ لاَ يَكُونُ إِيغَالُكَ إِلاَّ رِفْقًا دَرَجًا ، وَ لاَ فَهْمُكَ لِفَهْمِ السَّلَفِ مُخَالِفًا مُحْرِجًا، ( لأنّ قُلُوبَهُمْ هِيَ الأَبرُّ ، وَ عُلُومُهٌمْ هِي الأَغْزَرُ ، وَ تَكَلُّفَهُمْ هُوَ الأَنْدَرُ ) 10، فَإنْ قُلْتَ : وَ إِنَّا لَمَسْؤولُونَ ، بِتَرْكِ مَا سَلَكوه الأَوَلُونَ ؟ : قُلْتُ : ثَكِلَتْكَ أمُّكَ ! وَ رَكلَتْهُ قِيَمُكَ ! وَ هَلْ يَكُبُّ الْجَاهلَ فِي الضَّلاَل ، إِلاَّ حَصَائِدُ فِكْرِ ربَّاتِ الْحِجَالِ ؟ كَقَوْلِهمْ [ أُوَلئِكَ رِجَالٌ ، وَ نَحْنُ رِجَالٌ ، وَ مَا نَرَى فَصْلاً بَيْنَ الأَجْيَالِ ، إلاَّ القُرُونَ الْجِبَالَ ] ، فَبِئْسَ مِنْ شرِّ قَوْلٍ يُقَالُ ، وَ تَعِسَ مَنْ بِهِ صَال وَ جَالَ ، و هَلْ يُدَّخَرُّ فَهْمٌ مَاتِعٌ عَنْ الصَّحْبِ وَ التَّابِعِينَ ، وَ يُؤَخَّرُ لِقَومٍ مَائِعٍ كَأُولِي الصَّخَبِ و الرَّبِيعِيِّينَ ؟ ، لاَ ! ، و الَّذي بَرَأَ الْمَلاَ ، وَ رَفَعَ السَّمَوَاتِ العُلَى .
وَ اعْلَم أَنَّ مِنْ خِصَالِ البَاطِل ، بَطَرَ الْحَقِّ وَغَمْطَ السَّائِلِ ، بِمَا أُوتُوا مِن الْحَذْقِ وَ الْحَبَائِلِ ، لأَنَّ الْغَايَةَ تُبَرِّرُ لَهُ كُلَّ الوَسَائِلِ ، وَ اسْتِحْلاَلَ جَمِيعِ الْحَوَائِلِ ، قَدْ أَبْهَجَهُم زُخْرُفُ الْعَاجلِ الزَّائِل، وَ أَزْعْجَهُمْ مَكَارِهُ الْحَقِّ الصَّائلِ ، وَ لَكِنَّ الحقَّ أَبْلَجُ 11 والبَاطلَ لَجْلَجٌ12 ، فَنَقِّ فُؤدَاكَ مِن الْهَوَى وَ لاَ تَتَحَرَّجْ ، ثُمَّ أََلْقِ سَمْعَكَ وَ لاَ تَتَحَجَّجْ ، بإنَّنَا لِلإِلْتِفَافِ أَحْوَجُ 13 ، وَ لَوْ اسْتَوَى الْأَقْوَمُ و الأعْوَجُ 14 ، لأنَّ الفُرْقَان مِن أَسْمَاءكَلامِ رَبِّ النَّاسِ 15 ، وَ ( مُحَمَّدًا صلى الله عليه و سلم فَرقٌ بَيْنَ النَّاسِ ) 16، فَِالْحَمْدُ لله عَلَى الْهُدَى بَعدَ الْإِلبَاسِ . وَ اعْلَمْ : أنَّ أمضَى رِمِاحِهِمْ إِلَى الْمَرْمَى ، وَصْلُ كُلِّ اسْمٍ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى ، وَ بِدْعُ اصْطِلاَحَاتٍ تُبْهِمُ الغَرَضَ و الْمُنْتَمَى 17 ، وَ مِمَّا بَاءُوا بِه إثْمًا فِي عَصْرِنَا ، وَ قَاءُُوهُ سُمًّا فِي كُلِّ قُطْرٍ وَ مِصْرِنَا 18 ، ذَاكَ مَا يُدْعَى بـ : ( الرَّبِيعِ ) ، بَلْ - جَزْمًا - هُوَ : الرَّجِيعُ19 ، فَبِئْسَ منْ وَضْعٍ وَضِيعٍ .
فَغَدَوْا يُوبِقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِتَشْرِيعِهِ ، وَ يَتَشَدَّقُونَبِتَلْمِيعِهِ ، وَ يُرَقِّقُونَ حِسَّهْم لِتَمْرِيرِهِ ، وَ يُعَلِّبُونَ نَجْسَهُم لِتَصْدِيرِهِ ، وَ حَتَى لاَ يُفْضَحَ أََمْرُهُمْ ، وَ لاَ يُنْضَحَ مَكْرُهُمْ ، قَامُوا يُنَّفِرُونَ عَنْهُ الذُّبَابَ بِتَلْوِيحِ الْجَرَائِدِ 20، وَ يُشَيِّدُونَ أَعْمَدَةَ مَدِيحٍ فِي الْجَرَائِدِ 21 ، وَ يَشِيدُونَ بُِنكْهَتِه عَلَى الْمَوَائِدِ 22 ، بَلْ مَا مِنْ مَوْضِعٍ فِي أَسْوَاقِ "النّاتِ"، إِلاَّ وَ ميَّزُوهُ بِـ(الرَنَّاتِ)، وَ مَا عَلِمَ الجُّهالُ خُلُوَّهُ مِنَ "الفيتامنَاتِ "... فَآنَسَهُمُ الْجُمْهُورُ بِعَاطِفَةٍ عَنِيفَةٍ 23، وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ قَوْمٌ خِيفَةً ، وَ رَفَسَهُمْ الرَبَّانِيِّونَ كَوْنُهُ جِيفَةً ، وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُم 24بِمَا كَسَبُوا إِلَى ذُعْرٍ وَ رَجِيفَةٍ ، فَلمَّا اشْتَدَّ الوَجَعُ وَ الْأََنِينُ ، وَ امْتَدَّ الوَضْعُ الْمُشِينُ ، دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ، فَهَاهُمْ :عَلَى إِرْثِ الْمَقَاعِدِ يَعْتَرِكُونَ ، وَ عَلَى القَوَاعِدِ 25 يَضْحَكُونَ .. أباَ أنَاةٍ : تأمَّلِ النَّقْلَ ، ثُمَّ سَلِ العَقْلَ : آلسَّلاَمَةُ خَيْرٌ وَ لَوْ خَسِرْتَ دُرَرَا ثَمَنا ، أَمِ النَّدامَةُ وَ لَوْ اخْتَصَرَتَ زَمَنَا ؟ ، فَكَيْفَ بِصِرَاطٍ يَرْبُو عَلَى الْحُسْنَيَيْنِ ، وَ حَفَّتُه أَنْوَارُ الوَحْيَيْنِ ، وَ عُبِّدَ بِفَهْمِ السَّلَفِ الْمُتَّقِينَ ، ( وَ بِالصَّبْرِ وَ الْيَقِينِ ، تُنَالُ الِإمَامَةُ فِي الدِّينِ ) ، ( وَ لَمِثْقَالُ ذَرَةٍٍ مِنْ بِرًّ مَعَ تَقْوَى وَيَقِينٍ ، أَعْظَمُ مِنْ أَمْثَالِ الْجِبَالِ عِبَادَةً مِنَ الْمُغْتَرِينَ ) 26 ....و لو جُمِع هَذَا الغُثَاءُ فِي صَعِيدٍ ، وَ رَمَقتَهُمْ بِبَصَرٍ مِنْ حَدِيدٍ ، مَا سَرَّكَ مِنْ سَوَادِهمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، بَلْ مَلأَ عَيْنَيْكَ الذَّاهِلُ مِنْ سِحْرِ الْعُيُونِ ، النَّاهِلُ مِنْ سِفْرِ التَّلَفِزْيُونِ ، الْجَاهِلُ بِمَا تَنْفْخُهُ الصُّحُفُ وَ الصُّحُونُ، وَ مَا هِيَ فِي الْيَقظَةِ إلاَّ فُقَاعَاتُ الصَّابُونِ 27 ، فَأَنَّى لاَ تَنْقَلِبُ فِي ذِهْنِهِ الْحَقَائِقُ ، وَ لاَ يُوَالِي كُلَّ الطَّرَائِقِ ، وَ لاَ يَرْضَى بِالسَّيْرِ بَيْنَ الْمَضَايقِ ؟ ، وَ قَدْ يَتَخلَّلُهم مُرْجِفٌ تَلوَّث نَعْلُ فِكْرِهِ بِالنَّجَاسَة ، كَالْحِزْبِيَةِ وَ التَّقْرِيبِ 28 ، وَ الخَسَاسَةِ ، وَ مُجَوَّفٌ تَخَمَّرَ عَقْلُهُ بِالإحْبَاطِ وَ السِّياسَةِ ، وَ بُلِي بِِعِشْقِ الْبِلاَطِ و َالرِّيَاسَةِ ، فَأَنَّى تُوِّجُوا بِالكيَاسَةِ ؟ ، وَ مُتَسَاهِلٌ سَكْرَانُ الْهَوَى ، وَ مُتَخَاذِلٌ اسْتَبْدَلَ الأَدْنَى بِالْهُدَى ، وَ حَرَّكَ ذَيْلَهُ طَرباً لِلْعِدَى ، وُ مُتَسَوِّلٌ أَرْخَى رِيقَه لِلْأَطْمَاعِ وَ الْمُنَى ، وَ مُتَقَوِّلٌ مِنَ حُجُرَاتِ الْغَرْبِ29 حَتَّى أَرْغَى زَبَدَهُ مِنَ الوَنَى30 ، وَ مُتَبَوِّلٌ وَجِلٌ مَا كَثَّرَ سَوَادَهُمْ إِلاَّ بِالبنَِى ؟ فـ(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) ...وَ لَكِنْ مَا زَادَتِ الطِّينَةُ بِلَةً وَ لاَ الزَمَانَةُ عِلَّةً ، إِلاَّ لَمَّا صّفَّقَتْ عَمَائِمُ زُورٍ طَرَبًا وَ تَبْجِيلاً ، وَ لَفَقَّتْ أَوْهَى الْحُجَجِ قُرَبًا وَ تَأْوِيلاً ، وَ أَنْفَقَتْ شَوْبًا مِنَ الْحَقِّ حُجُبًا وَ تَضْلِيلاً ، وَ لَكِنَّهَا تَفْرُقُ مِنْ صَدَى الْحَقِّ هَرَبًا وَ عَوِيلاً ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ عَلِيلاً ...وَ ياَ أَسَفَاه .. عَلَى مَنْ أَيْقَنَ الْمَخْرجَ ثُمَّ جَفَاهُ ، وَ وَقَفَ لِسَانَهُ لِلْبَهْرَجِ وَ وَافَاهُ ، فَضَّ اللّه فَاه ، فَرَوْمًا لِلرَّبِيعِ الْمَنْحُول ، وَ اسْتِحْلاَلِ أَنْصافِ الْحُلُولِ ، إِمْتَطَى النَّاسُ الصَّعْبَ وَ الذَّلُولَ ، وَ تَقَرَّبُوا بِصَدَقَةٍ فِيهَا غُلُولٌ ، عَسَى أَنْ يُمِيطُوا - زَعَمًا - أَذَى الْحَاكِمِ الْمَسْؤُولِ ، وَ جَعَلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ 31 مَوْعِدَا ، وَ صَوَّرُوهُ لِلْمُرَابِطِ نَوْمًا مُسْعِدَا ، فَطَارُوا إلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَ وُحْدَانًا ، وَ سَارُوا رجِاَلاً وَ رُكْبَانًا ، فَلمَّا تَسَوَّرُوا مِحْرَابَ سَاحَةِ التَّحْرِيرِ ، وَ تَعَالَى الشَّيْطَانُ يَتَفَكَّهُ بـِ ( التَّغْرِيرِ ) ، وَ خُطُوَاتُهُ تُسَوِّى وَ تُدِير ، اسْتَهَلَّ أَرْبَابٌ بِتَدْفِئَةِ الطَّبْلِ ، وَ سَلَّ شَبَابٌ رِبِاطَ حِجْرِهِمْ للرَّقْصِ وَ الْهَبَلِ32، وَ تنَمَّرَ السُذَّجُ الْجِيَاعُ تَكْثِيفَ الْمَسِيرِ ، وَ شَمَّرَ الْهمَجُ الرِّعاَعُ لِلْحَرْقِ و التَّكْسِيرِ ، يَمُوءُونَ بِـ ( "هَرِمْنا " مِنْ سُوءِ التَّسْييرِ ) ، ( "نَعَمْ" لِلْحُرِّيَةِ وَ التَّطْوِيرِ ) ، وَ أَبْوَاقُ الِإعْلاَمِ مِنْ حَوْلِهِمْ بِالسُّؤْلِ وَ التَّصْوِيرِ ، وَ إِنَّ اللّهَ مَا غَيَّرَ مَا بِهِمْ من النِّعَمِ وَ التَّيْسِيرِ ، حَتَّى غَيَّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ من العَدْلِ33 و التَّنْوِيرِ تَرَاءَى أَرَاذِلُ أَمْصَارٍ هِلَالَ الرَّبِيعِ ، وَ لَكِنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ- بِفَضْلِ الله ِ- لِقَتْرٍ مَنِيعٍ ، فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ صَبْرِهِمْ بُعَيْدَ خِذْلاَنٍ شَنِيعٍ ، إِلَى أَنْ ضَاقَ القَعَّدِيَّةُ 34 مِنَ الْحَمْلِ الْوَدِيعِ ، فَانْتَفَضُوا يُؤَلِّبُونَهُ عَلَى القِّيَادَةِ ، وَ يُمَنُّونَهُ بِالأَلْقَابِ وَ الرِّيَادَةِ ، وَ يُجَنِّونَهُ بِالْبُطُولَةِ وَ السِّيَادَةِ ، حَتَّى اغْترَّ بِضَرُورَةِ العُرُوجِ ، و انْجَرَّ مِنهُ نَحْوَ صُورَةٍ لِخُضْرَةِ الْمُرُوجِ ، وَ رُبَّمَا سَيَرِدُ مَضَرَّةَ الْخُرُوجِ ...فَعَلَى رِسْلِكَ أَبَا أنَاةٍ : قَدْ هَيَّؤُوك بِسُوءِ الْمَكْرِ وَ الْفِكْرِ وَ الْحَزْرِ ، وَ هَيَّجُوكَ لِلشرِّ وَ الْفَقْر وَ الوِزْرِ ، فَارْبأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَرعَى مَعَ الهَمَل ، وارْفَقْ بِحِسِّكَ أَنْ تَسْعَى إِلَى الْغَمَلِ35 ، لَيْت َشِعْرِي لَوْ تَأَمَّلْتَ هَذَا الزَّبَدَ وَ الفَيْضَ ، وَ هَذَا الْكَمَدَ وَ الْغَيْظَ ، مَا أَمَّلْتَ مِنْ بَرَكَتِهِم إلاَّ يَدَ الدُّنيَا الكَنِيفِ ، كَالسَّكَنِ وَ الوَظِيفِ ، وَ الْمَسْكَنِ وَ الْمَرْكَبِ اللَّطِيفِ ، وَ مَا عَلِمُوا أَنَّهَا كَالْبَغِيِّ لاَ تَثْبُتُ مَعَ عَنِيفٍ ، فَهَيْهَات أَنْ يَجَعَلَ اللَّهُ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي تَجْوِيفٍ
فَغَدَوْا يُوبِقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِتَشْرِيعِهِ ، وَ يَتَشَدَّقُونَبِتَلْمِيعِهِ ، وَ يُرَقِّقُونَ حِسَّهْم لِتَمْرِيرِهِ ، وَ يُعَلِّبُونَ نَجْسَهُم لِتَصْدِيرِهِ ، وَ حَتَى لاَ يُفْضَحَ أََمْرُهُمْ ، وَ لاَ يُنْضَحَ مَكْرُهُمْ ، قَامُوا يُنَّفِرُونَ عَنْهُ الذُّبَابَ بِتَلْوِيحِ الْجَرَائِدِ 20، وَ يُشَيِّدُونَ أَعْمَدَةَ مَدِيحٍ فِي الْجَرَائِدِ 21 ، وَ يَشِيدُونَ بُِنكْهَتِه عَلَى الْمَوَائِدِ 22 ، بَلْ مَا مِنْ مَوْضِعٍ فِي أَسْوَاقِ "النّاتِ"، إِلاَّ وَ ميَّزُوهُ بِـ(الرَنَّاتِ)، وَ مَا عَلِمَ الجُّهالُ خُلُوَّهُ مِنَ "الفيتامنَاتِ "... فَآنَسَهُمُ الْجُمْهُورُ بِعَاطِفَةٍ عَنِيفَةٍ 23، وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ قَوْمٌ خِيفَةً ، وَ رَفَسَهُمْ الرَبَّانِيِّونَ كَوْنُهُ جِيفَةً ، وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُم 24بِمَا كَسَبُوا إِلَى ذُعْرٍ وَ رَجِيفَةٍ ، فَلمَّا اشْتَدَّ الوَجَعُ وَ الْأََنِينُ ، وَ امْتَدَّ الوَضْعُ الْمُشِينُ ، دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ، فَهَاهُمْ :عَلَى إِرْثِ الْمَقَاعِدِ يَعْتَرِكُونَ ، وَ عَلَى القَوَاعِدِ 25 يَضْحَكُونَ .. أباَ أنَاةٍ : تأمَّلِ النَّقْلَ ، ثُمَّ سَلِ العَقْلَ : آلسَّلاَمَةُ خَيْرٌ وَ لَوْ خَسِرْتَ دُرَرَا ثَمَنا ، أَمِ النَّدامَةُ وَ لَوْ اخْتَصَرَتَ زَمَنَا ؟ ، فَكَيْفَ بِصِرَاطٍ يَرْبُو عَلَى الْحُسْنَيَيْنِ ، وَ حَفَّتُه أَنْوَارُ الوَحْيَيْنِ ، وَ عُبِّدَ بِفَهْمِ السَّلَفِ الْمُتَّقِينَ ، ( وَ بِالصَّبْرِ وَ الْيَقِينِ ، تُنَالُ الِإمَامَةُ فِي الدِّينِ ) ، ( وَ لَمِثْقَالُ ذَرَةٍٍ مِنْ بِرًّ مَعَ تَقْوَى وَيَقِينٍ ، أَعْظَمُ مِنْ أَمْثَالِ الْجِبَالِ عِبَادَةً مِنَ الْمُغْتَرِينَ ) 26 ....و لو جُمِع هَذَا الغُثَاءُ فِي صَعِيدٍ ، وَ رَمَقتَهُمْ بِبَصَرٍ مِنْ حَدِيدٍ ، مَا سَرَّكَ مِنْ سَوَادِهمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، بَلْ مَلأَ عَيْنَيْكَ الذَّاهِلُ مِنْ سِحْرِ الْعُيُونِ ، النَّاهِلُ مِنْ سِفْرِ التَّلَفِزْيُونِ ، الْجَاهِلُ بِمَا تَنْفْخُهُ الصُّحُفُ وَ الصُّحُونُ، وَ مَا هِيَ فِي الْيَقظَةِ إلاَّ فُقَاعَاتُ الصَّابُونِ 27 ، فَأَنَّى لاَ تَنْقَلِبُ فِي ذِهْنِهِ الْحَقَائِقُ ، وَ لاَ يُوَالِي كُلَّ الطَّرَائِقِ ، وَ لاَ يَرْضَى بِالسَّيْرِ بَيْنَ الْمَضَايقِ ؟ ، وَ قَدْ يَتَخلَّلُهم مُرْجِفٌ تَلوَّث نَعْلُ فِكْرِهِ بِالنَّجَاسَة ، كَالْحِزْبِيَةِ وَ التَّقْرِيبِ 28 ، وَ الخَسَاسَةِ ، وَ مُجَوَّفٌ تَخَمَّرَ عَقْلُهُ بِالإحْبَاطِ وَ السِّياسَةِ ، وَ بُلِي بِِعِشْقِ الْبِلاَطِ و َالرِّيَاسَةِ ، فَأَنَّى تُوِّجُوا بِالكيَاسَةِ ؟ ، وَ مُتَسَاهِلٌ سَكْرَانُ الْهَوَى ، وَ مُتَخَاذِلٌ اسْتَبْدَلَ الأَدْنَى بِالْهُدَى ، وَ حَرَّكَ ذَيْلَهُ طَرباً لِلْعِدَى ، وُ مُتَسَوِّلٌ أَرْخَى رِيقَه لِلْأَطْمَاعِ وَ الْمُنَى ، وَ مُتَقَوِّلٌ مِنَ حُجُرَاتِ الْغَرْبِ29 حَتَّى أَرْغَى زَبَدَهُ مِنَ الوَنَى30 ، وَ مُتَبَوِّلٌ وَجِلٌ مَا كَثَّرَ سَوَادَهُمْ إِلاَّ بِالبنَِى ؟ فـ(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) ...وَ لَكِنْ مَا زَادَتِ الطِّينَةُ بِلَةً وَ لاَ الزَمَانَةُ عِلَّةً ، إِلاَّ لَمَّا صّفَّقَتْ عَمَائِمُ زُورٍ طَرَبًا وَ تَبْجِيلاً ، وَ لَفَقَّتْ أَوْهَى الْحُجَجِ قُرَبًا وَ تَأْوِيلاً ، وَ أَنْفَقَتْ شَوْبًا مِنَ الْحَقِّ حُجُبًا وَ تَضْلِيلاً ، وَ لَكِنَّهَا تَفْرُقُ مِنْ صَدَى الْحَقِّ هَرَبًا وَ عَوِيلاً ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ عَلِيلاً ...وَ ياَ أَسَفَاه .. عَلَى مَنْ أَيْقَنَ الْمَخْرجَ ثُمَّ جَفَاهُ ، وَ وَقَفَ لِسَانَهُ لِلْبَهْرَجِ وَ وَافَاهُ ، فَضَّ اللّه فَاه ، فَرَوْمًا لِلرَّبِيعِ الْمَنْحُول ، وَ اسْتِحْلاَلِ أَنْصافِ الْحُلُولِ ، إِمْتَطَى النَّاسُ الصَّعْبَ وَ الذَّلُولَ ، وَ تَقَرَّبُوا بِصَدَقَةٍ فِيهَا غُلُولٌ ، عَسَى أَنْ يُمِيطُوا - زَعَمًا - أَذَى الْحَاكِمِ الْمَسْؤُولِ ، وَ جَعَلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ 31 مَوْعِدَا ، وَ صَوَّرُوهُ لِلْمُرَابِطِ نَوْمًا مُسْعِدَا ، فَطَارُوا إلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَ وُحْدَانًا ، وَ سَارُوا رجِاَلاً وَ رُكْبَانًا ، فَلمَّا تَسَوَّرُوا مِحْرَابَ سَاحَةِ التَّحْرِيرِ ، وَ تَعَالَى الشَّيْطَانُ يَتَفَكَّهُ بـِ ( التَّغْرِيرِ ) ، وَ خُطُوَاتُهُ تُسَوِّى وَ تُدِير ، اسْتَهَلَّ أَرْبَابٌ بِتَدْفِئَةِ الطَّبْلِ ، وَ سَلَّ شَبَابٌ رِبِاطَ حِجْرِهِمْ للرَّقْصِ وَ الْهَبَلِ32، وَ تنَمَّرَ السُذَّجُ الْجِيَاعُ تَكْثِيفَ الْمَسِيرِ ، وَ شَمَّرَ الْهمَجُ الرِّعاَعُ لِلْحَرْقِ و التَّكْسِيرِ ، يَمُوءُونَ بِـ ( "هَرِمْنا " مِنْ سُوءِ التَّسْييرِ ) ، ( "نَعَمْ" لِلْحُرِّيَةِ وَ التَّطْوِيرِ ) ، وَ أَبْوَاقُ الِإعْلاَمِ مِنْ حَوْلِهِمْ بِالسُّؤْلِ وَ التَّصْوِيرِ ، وَ إِنَّ اللّهَ مَا غَيَّرَ مَا بِهِمْ من النِّعَمِ وَ التَّيْسِيرِ ، حَتَّى غَيَّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ من العَدْلِ33 و التَّنْوِيرِ تَرَاءَى أَرَاذِلُ أَمْصَارٍ هِلَالَ الرَّبِيعِ ، وَ لَكِنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ- بِفَضْلِ الله ِ- لِقَتْرٍ مَنِيعٍ ، فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ صَبْرِهِمْ بُعَيْدَ خِذْلاَنٍ شَنِيعٍ ، إِلَى أَنْ ضَاقَ القَعَّدِيَّةُ 34 مِنَ الْحَمْلِ الْوَدِيعِ ، فَانْتَفَضُوا يُؤَلِّبُونَهُ عَلَى القِّيَادَةِ ، وَ يُمَنُّونَهُ بِالأَلْقَابِ وَ الرِّيَادَةِ ، وَ يُجَنِّونَهُ بِالْبُطُولَةِ وَ السِّيَادَةِ ، حَتَّى اغْترَّ بِضَرُورَةِ العُرُوجِ ، و انْجَرَّ مِنهُ نَحْوَ صُورَةٍ لِخُضْرَةِ الْمُرُوجِ ، وَ رُبَّمَا سَيَرِدُ مَضَرَّةَ الْخُرُوجِ ...فَعَلَى رِسْلِكَ أَبَا أنَاةٍ : قَدْ هَيَّؤُوك بِسُوءِ الْمَكْرِ وَ الْفِكْرِ وَ الْحَزْرِ ، وَ هَيَّجُوكَ لِلشرِّ وَ الْفَقْر وَ الوِزْرِ ، فَارْبأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَرعَى مَعَ الهَمَل ، وارْفَقْ بِحِسِّكَ أَنْ تَسْعَى إِلَى الْغَمَلِ35 ، لَيْت َشِعْرِي لَوْ تَأَمَّلْتَ هَذَا الزَّبَدَ وَ الفَيْضَ ، وَ هَذَا الْكَمَدَ وَ الْغَيْظَ ، مَا أَمَّلْتَ مِنْ بَرَكَتِهِم إلاَّ يَدَ الدُّنيَا الكَنِيفِ ، كَالسَّكَنِ وَ الوَظِيفِ ، وَ الْمَسْكَنِ وَ الْمَرْكَبِ اللَّطِيفِ ، وَ مَا عَلِمُوا أَنَّهَا كَالْبَغِيِّ لاَ تَثْبُتُ مَعَ عَنِيفٍ ، فَهَيْهَات أَنْ يَجَعَلَ اللَّهُ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي تَجْوِيفٍ
رُوَيْدَكَ أَبَا أنَاةٍ لاَ يَغُرَنَّكَ دُعَاةُ الرَّبِيعِ بِالتَّصْبِيرِ و التَلْطِيفِ ، وَ لاَ يُرْهِبَنَّكَ سُعَاةُ التَّلْمِيعِ بِالتَّعْطِيرِ وَ التَّنْظِيفِ ، إِذْ هُمْ - تَا الله - لَرُعَاةُ التَّمْيِيعِ بِالتَّنْفِيرِ وَ التَّطْفِيفِ . أَلاَ أَيُّهَا الرَّاعِي الْغَيُورُ ، مَا هَذِهِ الدَّيَاثَةُ وَ الْفُتُورُ ، وَ شِيَاهُكَ قَدْ هَتَكَتْ قَرَارَها الْمَسْتُورَ ، وَ الْتَحَفَتْ بِالتَّبَرُّجِ وَ السُّفُورِ ، و اشْرأَبَّتْ للتَّغَنُّجِ و النُّفُورِ ،...إِلْحَقْ ! هَا هِيَ نَعْجَةٌ بَلْ نِعَاجٌ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ ارْتِقَاءَ الْحَزَنِ36 ، ليُِعْلَمَ - زَعَمًا - مَا تُخْفِي مِنَ الْهَمِّ وَ الْحُزْنِ ، يُبَعْبِعْنَ بَيْنَ الْأَنْيَابِ بِلاَ صُوفٍ وَ لاَ وَزْنِ ، قَدْ خَانَهَا النَّقْصُ37 بِلاَ مَيْنِ ، وَ هَانَهَا خُلْطَةُ الْعَالَمَيْنِ 38، فَظَنَّتْ أَنَّهَا لِشَقِيقِهَا39 كَالتَّوْأَمَيْنِ ...حَنَانَيْكَ أَبَا أَنَاةٍ مَا تَرْجُو مِنْ رَبِيعِيٍّ ذَلَّلَ الإِسْتِيطَانَ لِلْعَدُوِّ الأَنْجَسِ ، وَ هَلَّلَ لِلشَّيْطَانِ بِزَهْقِ الأَنْفُسِ40 ، وَ نَكَّلَ بِالشَّرَفِ الأَنْفَسِ ، وَ وَكَلَ الْعِلْمَ لِلسَّفِيهِ الأَتْعَسِ ، وَ رَكَلَ حِلْمَ النَّبِيهِ الأَكْيَسِ، وَ نَازَعَ السُّلْطَانَ بِالْخُرُوجِ الْمُفْلِسِ41 ؟ وَ صَدَقَ مَنْ قَال ، وَ سَبَقَ مَنْ إِلَيْهِ مَالَ ، ( سُلْطَانٌ غَشُومٌ خَيْرٌ مِن فِتْنَةٍ تَدُومُ ) ، فَايْأَسْ مِنْ رَجْعِيٍّ عَزَّزَ هَذَىالْكُفَّارِ الفُجَّارِ ، كَالِإضْرَابِ وَ الِإْعتِصَامِ وَ الإِنْتِحَارِ، بَعْدَ أَنْ تَقَزَّزَ مِنْ هُدَى الرُّسُلِ وَ الصَّحْبِ الأَخْيَارِ ، كَالدُّعَاءِ و النُّصْحِ وَ الصَّبْرِ وَ الإِصْطِبَارِ ، وَ حِينَ الفِتَنِ وَ الإخْتِبَار ، يَتَجَلَّى الْعَاقُّ مِنَ الْبَارِّ . إِي وَ اللهِ : إنْ قَصَدُوا رَبِيعَ الْجُيُوبِ ، فَقَمِنٌ فِي النَّفْسِ مَرْغُوبٌ، وَ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْعَارِفِيِنَ مَثْلُوبٌ42 ، إِلاَّ مَا يُقِيمُ صُلْبَ الْمَطْلُوبِ ، فَانْتَهِ عَنِ الفَهْمِ الْمَقْلُوبِ ، بَلْ أَزْهَارُهُمْ لاَ تَتَفَتَّقُ إِلاَّ مِنْ رَبِيعِ الْقُلُوبِ ، أَلاَ وَ هُوَ كَلاَمُ الله الْمَكْتُوبُ ، الْمُنْزَلُ عَلَى الْمُصْطَفَى الْمَحبوب ، و ذلك مِنْ كَثِيرٍ مَسْلُوبٌ ، أَعْنِي تِلَاوَتَهُ بِرَغْبَةٍ وَ تَدَبُّرٍ ، وَ حَلاَوَتَهُ عَنٍ مَحَبَّةٍ وَ تَفَكُّرٍ ، وَ43 ثَمْرَتُهُ إِلتِزَامٌ بالسُّنَةِ و الحُدُودِ ، وَ جَمْرَتُهُ إِلْتِهَامٌ بِالغُنَّة وَ الْمُدُودِ ، فـ ( اللَّهُمَ اجْعَلِ الْقُرْءانَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا وَ نُورَ صُدُورِنَا وَجِلاَءَ حُزْنِناَ ، وَذَهَابَ هُمُومِنَا ) . وُ مُخْتَصرُ شَرْحِ مَا لِأَجْلِهِ ( أَرْهَبُوا وَ تَجَاسَرُوا ) ، وَ ما لِنَيْلِهِ ( نَهَبُوا وَ كَسُرُوا ) : أنَّهُم خَابُوا وَ خَسُرُوا ، فَلاَ لِلتَّنْدِيدِ كَسَرَوا ، وَ لاَ لِلتَّوْحِيدِ نَصَرُوا ، وَ لاَ لِلعَبِيدِ انْتَصَرُوا ، هَلاَّ سَأَلُوا البَرَّ مِنْ فَضْلِهِ ، وَ أَسْنَدُوا الأَمْرَ لِأَهْلِهِ ، وَ صَبَرُوا إِلىَ حين حِلِّهِ ، و مُعْتَصَرُ النُّصْحِ : أنّ مَا بَيْنَ الرَّبِيعَيْنِ ، كَمَا بَيْنَ آصَارِ44 العَمَى وَ إبْصَارِ العَيْنِ ، فَهلْ تَرَاهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ ؟ ، بَلْ إِنَّ السَّيْفَ تُوجِبُ لَهُ النَّقصَ ، إِذَا قُلْتَ : هُوَ أَمْضَى مِنَ العَصَا ، فاتَّخِذْ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، وَ لاَ تَنْتَخِبْ مِنَ العُسُولِ خَلِيلًا ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْعَجُولِ خَذُولًا ، وَ اللهُ الْمُسْتَعَانُ ، وَ نَعُودُ عَلَيْهِ بِالتُّكْلاَنِ ، وَ نَعُوذُ بِهِ مِنَ الْخُذْلاَنِ
بقلم الفقير إلى عفو ربه أبو خليل عبد الرحمان مالكي الجزائري ( عين الدفلى )
بقلم الفقير إلى عفو ربه أبو خليل عبد الرحمان مالكي الجزائري ( عين الدفلى )
الهامش
1- أي قامة ( العلم و التجارب) 2-الهامة : المراد هنا الرأس 3- قُدَامَة : أبو الفرج الكاتب الإخباري أحد البلغاء الذي ضرب الحريري به المثل في قوله: لو أوتي بلاغة قدامة ) تاريخ الإسلام للذهبي 3/ 325 بتصرفٍ 4- قصدت الوصف لا رجلا بعينه 5- (الأناة) أي لا يَعجَل في الأمور، وهو آنٍ وقورٌ.6- أي خَصَلات شرّ، ولا يقال في الخَير 7- ولا تكون الطريق صراطا حتى تتضمن خمسة أمور الإستقامة والإيصال إلى المقصود والقرب وسعته للمارين عليه وتعينه طريقا للمقصود ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الأمور الخمسةفوصفه بالإستقامة يتضمن قربه لأن الخط المستقيم هو أقرب خط فاصلين نقطتين وكلما تعوج طال وبعد واستقامته تتضمن إيصاله إلى المقصود ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته وإضافته إلى المنعم عليهم ووصفه بمخالفة صراط أهل الغضب مدارج السالكين والضلال يستلزم تعينه طريقا ) مدارج السالكين 1/11.. 8- ( الضراط ) الريح الخارجة من الإست مع صوت .9- ( فريق في الجنة و فريق في السعير ) الشورى 7 ... 10- أثرٌ عن عبد الله ابن مسعود سقته بالمعنى.. 11- أَبْلَجُ وضوحُ الشّيء وإشراقُه 12- لَجْلَجٌ، أي يُردَّد من غير أن ينفُذ. 13- و هذا كلام حق مراده باطل 14- فالغاية عندهم الإجتماع ولو بالأبدان فقط 15- وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ )3/4 آل عمران16- ( صحيح البخاري كتاب الإعتصام /باب باب الاِقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ )17- فوضعوا مثلا المجاز لنفي الصفات ، الشرك السياسي لاستحلال الخروج 18- (مصرنا) أي بلدنا الجزائر ففيه عطف الخاص على العام 19- الرجيع : الروث وكل مردود من قول أو فعل يقال خبر رجيعالمعجم الوسيط 1/331 / 20- الْجَرَائِدِ : مفرده جريد أي أغصان النخيل 21- الْجَرَائِد أي الصحف ، 22- الْمَوَائِدِ: أي المؤتمرات ، و الدراسات ، و برامج 23- ( الجمهور يخاطبون بالعاطفة و العقلاء بالعلم ) ذكرها العلامة صالح آل الشيخ في إحدى دروسه 24- الارتكاس : التحول من حال حسنة إلى سيئة 25 - القواعد جمع قاعدة و المراد بها عنا العامة من النّاس26- أثرٌ عن أبي الدرداء رضي الله 27- كلمة للعلامة الألباني رحمه الله في فوز أحَدِ الأحزاب الإسلامية 28- أي التقريب بين السنة و الرفض ، و وحدة الأديان . 29- وَ حسبك ما تبتثه ( الجزيرة ، رشاد ، المستقلة )30- الوَنَى: الضعف 31- حتى يعطى صبغة شرعية 32- الهَبَلُ هنا ِفَقْدُ العَقْلِ والتَّمْيِيز 33- أعدل العدل هو توحيد الله 34- القَعَّدِيَّةُ ( يزينون الخروج على الأئمة و يقعدون عنه )35- الغَمَلُ بالتحريك : فسادُ الجُرْحِ من العُصابِ 36- الحَزْن : الغلظ من الأرض 37- النقص في العَقْل وَ الدِين 38- أي عالم الرجال و النساء..39- ( إن النساء شقائق الرجال ) صحيح الجامع .40- سوريا وحدها تجاوزَ 5 آلافِبينهم 300 طفل كما صرحت مبعوثة الأمم المتحدة ، و الفاتورة تتضخم يوميا 41- ( وقد جرب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشر ) التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ص199 .. 42- قَالَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لرَبِيعَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَلْنِي ، فَقال : مُرَافَقَتُكَ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ فَقُال : هُوَ ذَاكَ ...) ( أخرجه مسلم ، باب فَضْلِ السُّجُودِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ ) 43- الواو للإستئناف . 44- الإِصْرُ الذَّنْبُ والثِّقْلُ وجمعُه آصَارٌ
تعليق