«التنوين في اللغة: التصويت»
كثيرًا ما نسمع بهذا الكلام ونقرؤه في كتب التجويد، فهل هو صحيح؟
التنوين مصدرُ (نَوَّنَ)، وهذا الفعل لم أجده فيما وقفتُ عليه من معاجم اللغة دالًّا على معنىً غيرِ التنوين المعروف، ففي «لسان العرب» مثلا: «التنوين والتنوينة: معروف. ونَوَّنَ الاسمَ: ألْـحَقَه التنوينَ. والتنوين: أن تُنَوِّنَ الاسمَ إذا أجريتَه، تقول: نَوَّنْتُ الاسمَ تنوينًا».
ونحوُ ذلك في «تاج العروس».
وهذان أوسع معاجم اللغة.
وزادوا في «المعجم الوسيط» معنى آخر وهو قولهم: «نوَّنَ النونَ إذا خطَّها وكَتَبَها»، وهذا المعنى الأخير غير مشتهر في المعاجم.
وبعضُ المعاجم لم تذكر هذه الكلمة أصلًا، وذلك مثل: «العين» و«جمهرة اللغة» و«مقاييس اللغة»، ولعل سبب ذلك أن التنوينَ (بالمعنى المعروف) لم يكن موجودًا عند العرب قبل نشأة علوم العربية. وهذا مجردُ تـخمينٍ فقط، يحتمل الخطأ والصواب.
ويقابل التنوين في بعض اللغات شيءٌ يسمى: (التمييم)، وهو إلحاق ميم زائدة بآخر الكلمة. وهذه الظاهرة كانت موجودة في بعض اللغات العربية القديمة، فيقولون: (كتابُم) بدلًا من (كتابٌ)، وكذلك توجد في بعض اللغات السامية؛ كالعبرية، وخصوصا العبرية القديمة، فيقولون (سِفْرُم)، أي: كتابٌ.
وقد بحثتُ عن معاني كلمة: (نُون) في المعاجم فوجدتُ أنها تُطلق على الحرف المعروف، وعلى الحوت، وعلى شفرة السيف، وعلى الدواة، وكان اسمُ أبي يوشع فتى موسى: (نون)، وكان هناك سيفٌ لبعض العرب يسمى: (ذا النون).
وأما ما يذكره كثير من المتأخرين مِن أن التنوين في اللغة: التصويت، فلم أجده، مع كثرة البحث عنه في كتب اللغة. ولعله وَهمٌ وقعَ من بعضهِم ثمَّ تُوبِعَ عليه مِن غير تحقُّقٍ، ومما يقوّي هذا الاحتمال أن هذا المعنى منتشر بين شراح الآجرومية، والمؤلفين في التجويد، ولا يخفى أن كثيرًا من المؤلفين في هذين الفنين يأخذ عمن سبقه (كما هو الحال في غيرهما من العلوم). وأقدمُ مَن رأيتُه يذكر هذا المعنى هو حسن بن علي الكفراوي (ت1202هـ) في «شرح الآجرومية».
علي المالكي
أستاذ اللغويات بكلية التربية - جامعة بنغازي
كثيرًا ما نسمع بهذا الكلام ونقرؤه في كتب التجويد، فهل هو صحيح؟
التنوين مصدرُ (نَوَّنَ)، وهذا الفعل لم أجده فيما وقفتُ عليه من معاجم اللغة دالًّا على معنىً غيرِ التنوين المعروف، ففي «لسان العرب» مثلا: «التنوين والتنوينة: معروف. ونَوَّنَ الاسمَ: ألْـحَقَه التنوينَ. والتنوين: أن تُنَوِّنَ الاسمَ إذا أجريتَه، تقول: نَوَّنْتُ الاسمَ تنوينًا».
ونحوُ ذلك في «تاج العروس».
وهذان أوسع معاجم اللغة.
وزادوا في «المعجم الوسيط» معنى آخر وهو قولهم: «نوَّنَ النونَ إذا خطَّها وكَتَبَها»، وهذا المعنى الأخير غير مشتهر في المعاجم.
وبعضُ المعاجم لم تذكر هذه الكلمة أصلًا، وذلك مثل: «العين» و«جمهرة اللغة» و«مقاييس اللغة»، ولعل سبب ذلك أن التنوينَ (بالمعنى المعروف) لم يكن موجودًا عند العرب قبل نشأة علوم العربية. وهذا مجردُ تـخمينٍ فقط، يحتمل الخطأ والصواب.
ويقابل التنوين في بعض اللغات شيءٌ يسمى: (التمييم)، وهو إلحاق ميم زائدة بآخر الكلمة. وهذه الظاهرة كانت موجودة في بعض اللغات العربية القديمة، فيقولون: (كتابُم) بدلًا من (كتابٌ)، وكذلك توجد في بعض اللغات السامية؛ كالعبرية، وخصوصا العبرية القديمة، فيقولون (سِفْرُم)، أي: كتابٌ.
وقد بحثتُ عن معاني كلمة: (نُون) في المعاجم فوجدتُ أنها تُطلق على الحرف المعروف، وعلى الحوت، وعلى شفرة السيف، وعلى الدواة، وكان اسمُ أبي يوشع فتى موسى: (نون)، وكان هناك سيفٌ لبعض العرب يسمى: (ذا النون).
وأما ما يذكره كثير من المتأخرين مِن أن التنوين في اللغة: التصويت، فلم أجده، مع كثرة البحث عنه في كتب اللغة. ولعله وَهمٌ وقعَ من بعضهِم ثمَّ تُوبِعَ عليه مِن غير تحقُّقٍ، ومما يقوّي هذا الاحتمال أن هذا المعنى منتشر بين شراح الآجرومية، والمؤلفين في التجويد، ولا يخفى أن كثيرًا من المؤلفين في هذين الفنين يأخذ عمن سبقه (كما هو الحال في غيرهما من العلوم). وأقدمُ مَن رأيتُه يذكر هذا المعنى هو حسن بن علي الكفراوي (ت1202هـ) في «شرح الآجرومية».
علي المالكي
أستاذ اللغويات بكلية التربية - جامعة بنغازي