الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد
فقد رأيت مؤخرًا- بل سمعتها ربما قبل سنوات من بعضهم- انتقاد استخدام كلمة "أستاذ"، وذلك لكونها مستخدمة لدى بعض الجماعات و....، فأحببت أن أضع هذه الكلمات اليسيرة المختصرة لبيان
أولا: تقرير عدم أصالتها من حيث اللغة العربية.
ثانيا: ثبوت استخدامها بين قدماء العلماء والأئمة.
ثالثا: بيان مرتبة مَن قيلت فيه.
أولا : من حيث النسبة للغة الفصيحة:
جاء تاج العروس:
س ت ذ
واستدرك شيخُنَا لفظَ الأُستاذ وهو من الألفاظ الدائرة المشهورة التي يَنْبَغِي التعرُّض لها وإيضاحها وإن كان عَجَمِيّاً وكون الهمزةِ أصْلاً هو الّذي يقتضيه صنيع الشهاب الفيّوميّ لأَنَّه ذكره في الهمزة وقال : الأُستاذ : كلمة أَعجميّة ومعناها الماهِرُ بالشيءِ العظيم وفي شفاءِ الغليل : ولم يوجد في كلامٍ جاهليٍّ والعامّة تقولُه بمعنى الخَصِيّ لأَنّه يُؤَدّب الصِّغَار غَالِباً وقال الحافظ أَبو الخطّاب بن دِحْيَةَ في كتابٍ له سمّاهُ المُطرِب في أَشعار أَهْل المغرِب : الأُسْتَاذ : كلمةٌ ليستْ بِعَربيَّةٍ ولا تُوجد في الشِّعْرِ الجاهليّ واصطلَحَتِ العامَّةُ إذا عَظَّمُوا المَحْبُوب أن يخاطبوه بالأُستاذِ وإنما أَخذُوا ذلك من الماهرِ بِصَنْعَتِه لأَنَّه ربّما كانَ تَحْتَ يدِه غِلمانٌ يُؤَدِّبُهم فكأنَّه أُستاذٌ في حُسْنِ الأدبِ حَدَّثنا بهذا جماعةٌ ببغدادَ منهم أَبو الفرج بن الجَوْزِيّ قال : سمعتُه من شيخِنَا اللُّغوِيّ أبي مَنصور الجَوَالِيق في كتابه المُعَرّب من تأْليفه قاله شيخُنَا ا.هــ
ففي هذا النص السابق فوائد:
1- أنَّها ليست أصيلة في العربية.
2- قِدَم استعمالها بمعنى المؤدِّب فهذا ابن الجوزي ينقلها عن شيخه أبي منصور.
3- أنَّ معناها الجامع "الماهِرُ بالشيءِ العظيم" [وانظر القسم الثالث]
ثانيًا: صحة استخدامها بين العلماء :
قد ورد في النص السابق اشتهار استخدامها عند العامة وهذا في زمانهم ، بل قد أوردها كما ترى في تاج العروس، ولكن قد أتى استخدامها قبل ذلك، فقد روى الحاكم في "معرفة علوم الحديث" فقال:
حدثني أبو نصر أحمد بن محمد الوراق قال سمعت أبا أحمد بن حمدون القصار يقول سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله حدثك محمد بن سلام قال ثنا مخلد بن يزيد الحراني قال أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في كفارة المجلس فما علته ؟ قال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل هذا أولى فإنه لا يذكر لـموسى بن عقبة سماعا من سهيل ا.هـ
فهذا ظاهرٌ في الدلالة على المراد، وأمَّا ما سطرته أقلام العلماء في التراجم فهو والله أصعب من أن يُجمع وأشهر من سُمِّي بهذا وصار لقبًا له أبوحامد وأبو إسحاق وأبوطاهر الإسفرائنيين.
ثالثا: مرتبة مَن قيلت فيه:
قال في تاج العروس أيضًا:
الأُستاذُ ، بالضمّ ، بناءً على أَصَالة الأَلف ، وهو الرئيس . قلْت : وهو لقب أَبي محمّد عبد الله بن محمد بن يعقوب البُخَارِيّ السيذمُونِيّ ، توفِّي سنة 340 ا.هــ
قلت: ومن هذا النقل والنقل السابق نستطيع أن نفهم كون الأستاذ هو من كانت فيه صفات المهارة والرئاسة في فنه الذي أُطلق عليه لفظ الأستاذية بسببه.
فلا يطلق إذن إلا على من بلغ الغاية في العلم و تفنن، ولو تتبعت من لُقِّب بها في كتب التراجم لوجدت في تراجمهم الإشارة لكونهم قد حووا فنونا عدة، وذكر بعض العصريين اشتراط اثني عشر علمًا وقد كنت سمعته قديمًا، وحاولت البحث عن هذا في كتب القدماء فببحثي القاصر لم أجدها لكن هذا مع (عدم) تتبعي، ويمكن حمل هذا على ما كان متعارفًا عليه في الأزهر وغيره فكان لا يُعطى الدارس لقب الأستاذية العالمية إلا بعد أن يُختبر في اثني عشر علمًا، وما أظنه أراد إلا هذا والله أعلم
فقد رأيت مؤخرًا- بل سمعتها ربما قبل سنوات من بعضهم- انتقاد استخدام كلمة "أستاذ"، وذلك لكونها مستخدمة لدى بعض الجماعات و....، فأحببت أن أضع هذه الكلمات اليسيرة المختصرة لبيان
أولا: تقرير عدم أصالتها من حيث اللغة العربية.
ثانيا: ثبوت استخدامها بين قدماء العلماء والأئمة.
ثالثا: بيان مرتبة مَن قيلت فيه.
أولا : من حيث النسبة للغة الفصيحة:
جاء تاج العروس:
س ت ذ
واستدرك شيخُنَا لفظَ الأُستاذ وهو من الألفاظ الدائرة المشهورة التي يَنْبَغِي التعرُّض لها وإيضاحها وإن كان عَجَمِيّاً وكون الهمزةِ أصْلاً هو الّذي يقتضيه صنيع الشهاب الفيّوميّ لأَنَّه ذكره في الهمزة وقال : الأُستاذ : كلمة أَعجميّة ومعناها الماهِرُ بالشيءِ العظيم وفي شفاءِ الغليل : ولم يوجد في كلامٍ جاهليٍّ والعامّة تقولُه بمعنى الخَصِيّ لأَنّه يُؤَدّب الصِّغَار غَالِباً وقال الحافظ أَبو الخطّاب بن دِحْيَةَ في كتابٍ له سمّاهُ المُطرِب في أَشعار أَهْل المغرِب : الأُسْتَاذ : كلمةٌ ليستْ بِعَربيَّةٍ ولا تُوجد في الشِّعْرِ الجاهليّ واصطلَحَتِ العامَّةُ إذا عَظَّمُوا المَحْبُوب أن يخاطبوه بالأُستاذِ وإنما أَخذُوا ذلك من الماهرِ بِصَنْعَتِه لأَنَّه ربّما كانَ تَحْتَ يدِه غِلمانٌ يُؤَدِّبُهم فكأنَّه أُستاذٌ في حُسْنِ الأدبِ حَدَّثنا بهذا جماعةٌ ببغدادَ منهم أَبو الفرج بن الجَوْزِيّ قال : سمعتُه من شيخِنَا اللُّغوِيّ أبي مَنصور الجَوَالِيق في كتابه المُعَرّب من تأْليفه قاله شيخُنَا ا.هــ
ففي هذا النص السابق فوائد:
1- أنَّها ليست أصيلة في العربية.
2- قِدَم استعمالها بمعنى المؤدِّب فهذا ابن الجوزي ينقلها عن شيخه أبي منصور.
3- أنَّ معناها الجامع "الماهِرُ بالشيءِ العظيم" [وانظر القسم الثالث]
ثانيًا: صحة استخدامها بين العلماء :
قد ورد في النص السابق اشتهار استخدامها عند العامة وهذا في زمانهم ، بل قد أوردها كما ترى في تاج العروس، ولكن قد أتى استخدامها قبل ذلك، فقد روى الحاكم في "معرفة علوم الحديث" فقال:
حدثني أبو نصر أحمد بن محمد الوراق قال سمعت أبا أحمد بن حمدون القصار يقول سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله حدثك محمد بن سلام قال ثنا مخلد بن يزيد الحراني قال أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في كفارة المجلس فما علته ؟ قال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل هذا أولى فإنه لا يذكر لـموسى بن عقبة سماعا من سهيل ا.هـ
فهذا ظاهرٌ في الدلالة على المراد، وأمَّا ما سطرته أقلام العلماء في التراجم فهو والله أصعب من أن يُجمع وأشهر من سُمِّي بهذا وصار لقبًا له أبوحامد وأبو إسحاق وأبوطاهر الإسفرائنيين.
ثالثا: مرتبة مَن قيلت فيه:
قال في تاج العروس أيضًا:
الأُستاذُ ، بالضمّ ، بناءً على أَصَالة الأَلف ، وهو الرئيس . قلْت : وهو لقب أَبي محمّد عبد الله بن محمد بن يعقوب البُخَارِيّ السيذمُونِيّ ، توفِّي سنة 340 ا.هــ
قلت: ومن هذا النقل والنقل السابق نستطيع أن نفهم كون الأستاذ هو من كانت فيه صفات المهارة والرئاسة في فنه الذي أُطلق عليه لفظ الأستاذية بسببه.
فلا يطلق إذن إلا على من بلغ الغاية في العلم و تفنن، ولو تتبعت من لُقِّب بها في كتب التراجم لوجدت في تراجمهم الإشارة لكونهم قد حووا فنونا عدة، وذكر بعض العصريين اشتراط اثني عشر علمًا وقد كنت سمعته قديمًا، وحاولت البحث عن هذا في كتب القدماء فببحثي القاصر لم أجدها لكن هذا مع (عدم) تتبعي، ويمكن حمل هذا على ما كان متعارفًا عليه في الأزهر وغيره فكان لا يُعطى الدارس لقب الأستاذية العالمية إلا بعد أن يُختبر في اثني عشر علمًا، وما أظنه أراد إلا هذا والله أعلم
تعليق