قيل لأعرابي: من لم يتزوج امرأتين لم يذق حلاوة العيش فتزوج امرأتين ثم ندم فأنشأ يقول:
تزوجت اثنتين لفرط جهلي... بما يشقى به زوج اثنتين
فقلت أصير بينهما خروفاً ... أنعم بين أكرم نعجتين
فصرت كنعجة تضحي وتمسي ... تداول بين أخبث ذئبتين
رضى هذي يهيج سخط هذي ... فما أعرى من إحدي السخطتين
وألقى في المعيشة كلّ ضرّ ... كذاك الضّرّ بين الضرتين
لهذي ليلة ولتلك أخرى ... عتابٌ دائمٌ في الليلتين
فإن أحببت أن تبقى كريماً ... من الخيرات مملوء اليدين
وتدرك ملك ذي يزن وعمرو ... وذي جدثنٍ وملك الحارثين
وملك المنذرين وذي نواسٍ ... وتبعٍ القديم وذي رعين
فعش عزباً فإن لم تستطعه ... فضرباً في عراض الحجفلين
المعارضة اللطيفـة
لقصيدة الأعرابي ( تزوجت اثنتين ) الظريفـة
- تزوجْتُ اثنتين لحسْن حظِّي[1] * * * بمـا يسلـو بـه زوجُ اثنتين
- لهذي ليلـةٌ ولتلك أخرى * * * سـرورٌ حـاصِـلٌ في الليلتين
- رضا هذي يحسِّنُ فِعْل هذي * * * فأحظـى بالسعـادة مـرتين
- فعشتُ مدلَّلاً بالودِّ أبقى * * * أنعَّمُ بين ألْـطـف زوجتين
- فإنْ سافرتُ عدْتُ على هيام * * * لأقطِفَ زهـرةً من زهرتين
- وإنْ قابلتُ إحداهن يومـاً * * * تولَّى مـا لقيتُ من الحنـين
- وألقى في المعيشة كـلَّ خيرٍ * * * فإنَّ الخير عنـد الجـارتين [2]
- هما سكَنُ الفؤاد ودِفْءُ عيشي * * * هما نورُ الحيـاة ومِلْءُ عيني
- فإنْ أحببتَ أنْ تبقى عزيزاً * * * جليلَ القَدْر مرفـوعَ الجبين
- وتُدرِكَ هدْيَ خيرِ الخلقِ نهجاً * * * نبيِّ الله ذي صـدْقٍ أمينِ
- وتدركَ نهجَ أصحـابٍ كرامٍ * * * ونهجَ معـدِّدٍ فـوق اثنتين
- تزوجْ زوجةً من بعد أُخرى * * * لأربعَ [3] شرْعُ خير المرسلينِ[4]
- ودَعْ ما قاله الأعراب جهلاً * * * فليـس لقولهم وزْنٌ بديني[5]
- فكمْ من عازبٍ يمسي وحيداً * * * بلا زوجٍ يؤانِسُ أو بنـين
- يــودُّ لَـوَ انَّه يلقى خليلاً * * * يعاشـرُه ولو في سـاعتين
- لهذا لا تعِشْ عزَبـاً عزوفـاً * * * فـذا والله مِن نقصان دين[6]
- وحاذرْ أنْ تبيتَ مع المعاصي * * * ولا تجلـدْ عُمـيرةَ باليدَين[7]
- فما هذا من التَّزْواج شرْعاً * * * ولا ذيَّـاكَ مِنْ ملْك اليمين
- فذاك من التعدِّي دون ريبٍ[8] * * * ويُذهبُ نضرةَ الوجْهِ الحَسِين
- وكثِّرْ زُمـرةَ الأزواج جهراً * * * ليرتسمَ السرورُ على الجبين
- فأمْـرُ الله بالإنكاح شرْعٌ * * * بما قد طابَ من أصْلٍ ودينِ
- فذلك كلُّـه خير وأبقى * * * وعنـد الله نيـلُ الحسنيين
كان الفراغ منها في مساء يوم الأربعاء
16/ من شهر الله المحرم / 1432هـ
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبد الله بن عيسى الموري
وفقه الله
16/ من شهر الله المحرم / 1432هـ
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبد الله بن عيسى الموري
وفقه الله
[1] من الطرائف والموافقات العفوية الجميلة أني كتبت بعض أبيات هذه القصيدة قبل ثلاث سنوات ولم أستطع إكمالها حينئذ , وكانت بدايتها بهذا الشطر الذي افتتحت به القصيدة أعلاه , ونشطت هذه الأيام لإكمالها بما تستحقه فنظرت في الشبكة العنكبوتية بحثاً عن متن قصيدة الأعرابي ليكون الرد أقعد , ففوجئت بأنه قد عورضت من أبي سهيل المصري وقد افتتح معارضته بنفس الشطر الذي افتتحت به معارضتي قبل ثلاث سنوات , فكانت موافقة لطيفة , وإنما ذكرت هذا حتى لا يكون ثمةَ لبس .
[2] لما أخرج مسلم في صحيحه حديث أم زرع عن عائشة رضي الله عنها , وفيه : بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا., قلت : ومن معاني الجارة : الضرة , وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (20 / 66) وقيل العرب تكني عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر .
وفي فيض القدير - (3 / 272) قال الطيبي : أرشد إلى أن التهادي يزيل الضغائن ثم بالغ حتى ذكر أحقر الأشياء من أبغض البغيضين إذا حملت الجارة على الضرة وهو الظاهر كما يدل له خبر أم زرع للمجـورة بينهما اه . وسبقه الزمخشري فقال : كنوا عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر
[3] إشارة إلى قوله تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء : 3] .
[4] وهذا على حد قول القائل :
ومـاذا تبتغي الشعـراءُ منِّي * * * وقد جـاوزتُ حدَّ الأربعـينِ
فكسر نونَ جمع المذكر السالم على غير القاعدة العامة في فتحه .
[5] لأن الله يقول : الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة : 97]
[6] إشارة إلى حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي . أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 8794 والبيهقي في الشعب 5486 كلاهما من طريق يزيد الرقاشي وفيه ضعف .
ولكن يغني عنه ما في الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا : مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ . دلَّ ذلك على أن عدم حصول الزواج والصيام يوقع فيما يحصل به النقص في الدين .
[7] العرب تكني عن الاستمناء بجلد عميرة كما قال شاعرهم :
إذا نزلتَ بـواد لا أنيـس به * * * فاجلـدْ عميرة لا غي ولا رشَـد
أراد أن الاستمناء من قبيل المباح , وقد أخطأ , لهذا فقد رد شيخنا الوادعي رحمه على الشوكاني رحمه الله حينما قال بجوازه .في رسالته المسماة : بلوغ الأماني في الرد على الإمام الشوكاني .
[8] إشارة إلى قوله تعالى : وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون : 5 - 7] و [المعارج : 29 - 31] .
[2] لما أخرج مسلم في صحيحه حديث أم زرع عن عائشة رضي الله عنها , وفيه : بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا., قلت : ومن معاني الجارة : الضرة , وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (20 / 66) وقيل العرب تكني عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر .
وفي فيض القدير - (3 / 272) قال الطيبي : أرشد إلى أن التهادي يزيل الضغائن ثم بالغ حتى ذكر أحقر الأشياء من أبغض البغيضين إذا حملت الجارة على الضرة وهو الظاهر كما يدل له خبر أم زرع للمجـورة بينهما اه . وسبقه الزمخشري فقال : كنوا عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر
[3] إشارة إلى قوله تعالى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء : 3] .
[4] وهذا على حد قول القائل :
ومـاذا تبتغي الشعـراءُ منِّي * * * وقد جـاوزتُ حدَّ الأربعـينِ
فكسر نونَ جمع المذكر السالم على غير القاعدة العامة في فتحه .
[5] لأن الله يقول : الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة : 97]
[6] إشارة إلى حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي . أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 8794 والبيهقي في الشعب 5486 كلاهما من طريق يزيد الرقاشي وفيه ضعف .
ولكن يغني عنه ما في الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا : مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ . دلَّ ذلك على أن عدم حصول الزواج والصيام يوقع فيما يحصل به النقص في الدين .
[7] العرب تكني عن الاستمناء بجلد عميرة كما قال شاعرهم :
إذا نزلتَ بـواد لا أنيـس به * * * فاجلـدْ عميرة لا غي ولا رشَـد
أراد أن الاستمناء من قبيل المباح , وقد أخطأ , لهذا فقد رد شيخنا الوادعي رحمه على الشوكاني رحمه الله حينما قال بجوازه .في رسالته المسماة : بلوغ الأماني في الرد على الإمام الشوكاني .
[8] إشارة إلى قوله تعالى : وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون : 5 - 7] و [المعارج : 29 - 31] .