لماذا لا يتقدم الفاعل على فعله ؟
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب تأخير الفاعل عن فعله،وأنه لا يصح تقديمه عليه.
وأجاز الكوفيون تقديم الفاعل على الفعل،فقولنا ( محمد سافر ) ( محمد ) مبتدأ عند البصريين و الكوفيين ويجوز أيضا أن يكون فعلا على رأي الكوفيين.
ولكن هناك إشكالات في إعراب الاسم المتقدم فاعلا:
1- إذا أعربنا " محمد " فاعلا في جملة ( محمد سافر) فماذا نعربه إذا أدخلنا عليه " إن "؟
أنعربه فاعلا منصوبا أم اسم " إن " ؟ وإذا أعربته اسم " إن " فأين فاعل سافر ؟
وكذلك في قولنا ( رأيت محمدا يعمل ) فما إعراب محمد على رأي من يرى تقديم الفاعل على فعل؟ أهو مفعول به ؟
وماذا في قولنا ( جاء محمد يركض ) فهل يكون محمد فعلا للفعلين معا أم لواحد منهما ؟.
2- قد يحول بين الاسم المرفوع والفعل ما له الصدارة في الكلام أو ما لا يعمل ما بعده فيما قبله فيمنع من إعرابه فاعلا،وذلك نحو قولنا ( محمد هل حضر؟ ) فلا يصح أن نعرب محمدا فاعلا لحضر ولذلك لوجود " هل " بينهما.
ومثل قولنا ( محمد ما حضر ) و ( عبد الله إن يذهب أذهب معه ) فعهنا نضطر إلى إعراب الاسم المرفوع مبتدأ ، فلا تعربها فاعلا لأن " ما " و " إن " لا يعلم ما قبلهما فيما بعدهما.
3- إذا كان المتقدم اسما موصولا كقوله تعالى :" الذي خلقني فهو يهدين " ونحو ( الذي حضر أكرمته ) فماذا يُعرب الاسم الموصول ههنا ؟ أيعرب فاعلا وتبقى جملة الصلة بلا عائد ؟ أم يعرب مبتدأ ويضطر إلى تقدير ضمير مستتر يكون فاعلا للفعل فنوافق الجمهور ؟
4- إذا لم نأخذ برأي الجمهور اضطررنا أن نعرب الاسم الواحد إعرابين في وقت واحد وذلك نوح ( رجل يقوم أعجب إلي من رجل لا يقوم )
فإن " رجلا " فاعل للفعل " يقوم " ،وهو مبتدأ أيضا خبره " أعجب "
قال الدكتور فاضل السامرائي_حفظه الله تعالى_:وهناك سبب آخر أظنه الذي جعلهم يقولون بتقديم الفاعل على فعله في نحل ( محمد سافر ) وهو الفرار من تقدير ضميرفي " سافر " يكون فاعلا له
إذ لا داعي لتقدير ضمير ،وقد تقدم الاسم الظاهر فهم يغني عن ضميره.
ولكن هذا الضمير موجود في الواقع وقد يجب إبرازه وفصله بعد إلا أو إنما أو إما وغيرها من المواطن .كما في قولنا ( محمد سافر ) فإذا أردنا القصر قلنا ( محمد ما سافر إلا هو ) و ( المحمدون إنما يسافر هم) و( محمد سافر إما هو وإما أخوه ) فلو لم يكون في الفعل ضمير لما برز .
موقف الموفيين : الكوفيون يُعربون الاسم الظاهر في نخو ما مر مبتدأ في الغالب،وقلما يعربونه غير ذلك،وإنما قالوا بجواز تقديم الفاعل على فعله.
والذي دفعني إلى كتابة هذا الموضوع إليكم أن هناك من المعاصرين من ذهب إلى أن الفعل يتقدم على فعله وأن نحو " محمد سافر " فيه فاعل لا مبتدأ.
ولمن أرد المزيد فليراجع :
1-( في النحو العربي نقد وتوجه) للدكتور/ مهدي المخزمي ( ممن تبنّى هذا الرأي)
2-( تحقيقات نحوية) للدكتور/ فاضل السامرائي ( ومنه نقلت هذا المقال بتصرف ) إذ رد على المخالفين للجمهور.
والله من وراء القصد