فائدة بديعة
في تفسير قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}
في تفسير قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}
قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم} (سورة الفاتحة: الآيتان 6ــــ7) فيها عشرون مسألة:
ــــ الأولى: ما فائدة البدل في الدعاء والداعي مخاطب لمن لا يحتاج إلى البيان والبدل القصد به بيان الاسم الأول.
ــــ الثانية: ما فائدة تعريف {الصراط المستقيم} باللام وهلا أخبر عنه بمجرد اللفظ دونها كما قال: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (سورة الشورى: الآية 52).
ــــ الثالثة: ما معنى الصراط ومن أي شيء اشتقاقه ولم جاء على وزن فعال، ولم ذكر في أكثر المواضع في القرآن بهذا اللفظ، وفي سورة الأحقاف ذكر بلفظ الطريق فقال: {يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم} (سورة الأحقاف: الآية 30).
ــــ الرابعة: ما الحكمة في إضافته إلى قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم} (سورة الفاتحة: الآية 7) بهذا اللفظ ولم يذكرهم بخصوصهم فيقول صراط النبيين والصديقين فلم عدل إلى لفظ المبهم دون المفسر؟
ــــ الخامسة: ما الحكمة في التعبير عنهم بلفظ الذي مع صلتها دون أن يقال المنعم عليهم وهو أخصر. كما قال: {المغضوب عليهم} (سورة الفاتحة: الآية 7) وما الفرق؟
ــــ السادسة: لم فرق بين المنعم عليهم والمغضوب عليهم، فقال في أهل النعمة الذين أنعمت، وفي أهل الغضب المغضوب بحذف الفاعل.
ــــ السابعة: لم قال: {اهدنا الصراط المستقيم} فعدى الفعل بنفسه ولم يعده بــــ (إلى) كما قال تعالى، {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (سورة الشورى: الآية 52) وقال تعالى: {واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} (سورة الأنعام: الآية 87).
ــــ الثامنة: أن قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم} (سورة الفاتحة: الآية 7) يقتضي أن نعمته مختصة بالأولين دون المغضوب عليهم ولا الضالين، وهذا حجة لمن ذهب إلى أنه لا نعمة له على كافر فهل هذا استدلال صحيح أم لا؟
ــــ التاسعة: أن يقال: لم وصفهم بلفظ غير، وهلا قال تعالى لا المغضوب عليهم كما قال والضالين، وهذا كما تقول: مررت بزيد لا عمرو وبالعاقل لا الأحمق.
ــــ العاشرة: كيف جرت غير صفة على الموصول وهي لا تتعرف بالإضافة وليس المحل محل عطف بيان إذ بابه الإعلام ولا محل لذلك، إذ المقصود في باب البدل هو الثاني والأول توطئة، وفي باب الصفات المقصود الأول والثاني بيان وهذا شأن هذا الموضع، فإن المقصود ذكر المنعم عليهم ووصفهم بمغايرتهم معنى الغضب والضلال.
ــــ الحادية عشرة: إذا ثبت ذلك في البدل فالصراط المستقيم مقصود الإخبار عنه بذلك وليس في نية الطرح، فكيف جاء صراط الذين أنعمت عليهم بدلاً منه وما فائدة البدل هنا؟
ــــ الثانية عشرة: إنه قد ثبت في الحديث الذي رواه الترمذي والإمام أحمد وأبو حاتم تفسير المغضوب عليهم بأنهم (اليهود، والنصارى بأنهم الضالون) فما وجه هذا التقسيم والاختصاص وكل من الطائفتين ضال مغضوب عليه.
ــــ الثالثة عشرة: لم قدم المغضوب عليهم في اللفظ على الضالين.
ــــ الرابعة عشرة: لم أتى في أهل الغضب بصيغة مفعول المأخوذة من فعل ولم يأت في أهل الضلال بذلك، فيقال: المضلين بل أتى فيهم بصيغة فاعل المأخوذة من فعل.
ــــ الخامسة عشرة: ما فائدة العطف بــــ (لا) هنا ولو قيل المغضوب عليهم والضالين لم يختل الكلام وكان أوجز؟
ــــ السادسة عشرة: إذ قد عطف بها فيأتي العطف بها مع الواو للمنفي نحو ما قام زيد ولا عمرو وكقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ماينفقون حرج} إلى قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أَتوك لتحملهم} (سورة التوبة: الآيتان 91ــــ92) وأما بدون الواو فبابها الإيجاب نحو مررت بزيد لا عمرو فهذه ست عشرة مسألة في ذلك.
ــــ السابعة عشرة: هل الهداية هنا هداية التعريف والبيان أو هداية التوفيق والإلهام؟
ــــ الثامنة عشرة: كل مؤمن مأمور بهذا الدعاء أمراً لازماً لا يقوم غيره مقامه ولابد منه، وهذا إنما نسأله في الصلاة بعد هدايته فما وجه السؤال لأمر حاصل وكيف يطلب تحصيل الحاصل؟
ــــ التاسعة عشرة: ما فائدة الإتيان بضمير الجمع في: {اهدنا}، والداعي يسأل ربه لنفسه في الصلاة وخارجها ولا يليق به ضمير الجمع ولهذا يقول (رب اغفر لي وارحمني وتب علي).
ــــ العشرون: ما حقيقة الصراط المستقيم الذي يتصوره العبد وقت سؤاله. فهذه أربع مسائل حقها أن تقدم أولا ولكن جر الكلام إليها بعد ترتيب المسائل الست عشرة.
من كتاب بدائع الفوائد لابن القيم
زمن كتاب تفسير سورة الفاتحة لابن القيم جمع وتحقيق وتعليق شيخنا الشيخ يوسف مبيض
_________________________
لمشاهدة الجواب حمل الملف المرفق
أرجو أن يكون عملي هذا خالصا لوجه الله تعالى