هناك بعض الآيات المتشابهات في القرآن الكريم التي تبدو للوهلة الأولى كأنها نفس الآية التي ذكرت في سورة قبلها، إلاّ أنّ المدقّق قليلا يجد فرقا في أحرف بسيطة ربّما (فـ)، بدل (واو) أو اختلاف في الفعل (انفجرت) بدل (انبجست) أو ربّما تطابقا تامّا في الآية، إلاّ أنّ هذا التّطابق لا يعني التّطابق في المعنى، لهذا كانت بعض دراسات أهل اللّغة تهتمّ بهذه الجزئيّّة من الذّكر الحكيم، وهذه بعض الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر على اتّفاق اللّفظ واختلاف المعنى.
جاء في كتاب (أسرار التكرار في القرآن) لصاحبه (محمود بن حمزة الكرماني الشافعي)
(( جاء في قوله تعالى، (اسْكُن أنتَ وزوجُكَ الجنة وكُلاَ) البقرة/35 بالواو وفي الأعراف (فكُلا) الأعراف/19 بالفاء، (اسكُن) في الآيتين ليس بأمر بالسّكون الذي هو ضدّ الحركة وإنّما الذي في البقرة من السّكون الذي معناه الإقامة (وذلك يستدعي زمانا ممتدّا) فلم يصحّ إلاّ بالواو، لأنّ المعنى: اجمع بين الإقامة فيها والأكل من ثمارها، ولو كان (الفاء) مكان (الواو) لوجب تأخير الأكل إلى الفراغ من الإقامة، لأنّ الفاء للتعقيب والتّرتيب، والذي في الأعراف من السّكنى الذي معناها: (اتخاذ الموضع مسكنا)، لأنّ الله تعالى أخرج إبليس من الجنّة بقوله (اخرُج منهَا مذءُوما) الأعراف/18 وخاطب آدام فقال (ويا آدم اسُكن أنتَ وزوجُكَ الجنَّة) الأعراف/19 أي اتّخاذها لأنفسكما مسكنا (فكُلا من حيث شئتمَا) فكانت الفاء أولى، لأنّ اتخاذ المسكن لا يستدعي زمانا ممتدّا، ولا يمكن الجمع بين الاتخاذ والأكل فيه، بل يقع الاكل عقيبه، وزاد في البقرة (رغدا) لمّا زاد في الخبر تعظيما، بقوله، (وقلنا) بخلاف سورة الأعراف، فإنّ فيها (قال)، والخطيب (درة التنزيل وغرة التأويل) ذهب إلى أنّ ما في الأعراف خطاب لهما قبل الدّخول، وما في البقرة بعد الدّخول.
قوله تعالى: (( وإذ قُلنا ادخُلوا هذه القريةَ فَكُلوا))البقرة/58، بالفاء، وفي الأعراف/161 بالواو، لأنّ الدخول سريع الانقضاء، فيتبعه الأكل، وفي الأعراف: (وإذا قيل لهم اسكُنوا) المعنى أقيموا فيها، وذلك ممتد فذكر الواو، أي اجمعوا بين الأكل والسّكون، وزاد في البقرة (رغدًا) لأنّه سبحانه أسنده إليه بلفظ التعظّم وقوله: (وإذ قلنا) خلاف ما في الأعراف، فإنّ فيه: ( وإذ قيلَ)، وقدّم (وادخُلوا الباب سجّدا) على قوله و(قولُوا حطّة) في هذه السورة، وأخّرها في الأعراف، لأنّ السابق في هذه السّورة (ادخلُوا) فبيّن كيفية الدّخول، وفي هذه السورة (خطاياكم)بالإجماع، وفي الأعراف (خطيئاتكم) مختلف لأنّ الخطايا صيغة الجمع الكثير ومغفرتها أليق في الآية بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه.
وفي هذه السورة (وسنزيد) وفي الأعراف (سنزيد) بغير واو، لأنّ اتصالها في هذه السورة أشد لاتفاق اللفظين واختلفا في الإعراب لأنّ اللائق (سنزيد) محذوف الواو ليكون استئناف للكلام، وفي هذه السورة (فبدّل الذين ظلموا قولا)، وفي الأعراف (ظُلموا منهم) لأنّ في الأعراف (ومِن قومِ مُوسى)ولقوله (منهُم الصالحون ومنهُم دونَ ذلك)
وفي هذه السورة (فأنزلنا علَى الذِين ظَلمُوا) وفي الأعراف (فأرسلنا) لأنّ لفظ الرّسول والرّسالة كثرت في الأعراف، فجاء وفقا لما قبله، وليس كذلك في سورة البقرة.
و كذلك قوله عزّ وجل (( فَتَمنوا الموتَ إن كُنتم صَادقينَ، ولن يتمنَّوه) البقرة/95، وفي الجمعة (ولا يتمنَّونه)/7، لأنّ دعواهم في هذه السورة بالغة قاطعة، وهي كون الجنّة لهم بصفة الخلوص، فبالغ في الردّ عليهم بـ(لن)، وهو أبلغ ألفاظ النفي، ودعواهم في الجمعة قاصرة مترددة، وهي زعمهم أنهم أولياء الله، فاقتصر على (لا).
وقوله عز وجل (رسالات ربي) الأعراف، في جميع القصص، إلاّ في قصّة "صالح" ـ عليه السلام ـ، فإن فيها (رسالة) على الواحدة، لأنّه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمَروا قومهم بها، إلاّ في قصة "صالح"، فإن فيها ذكر الناقة كأنها رسالة واحدة.
وقوله تعالى (ذلكُم وصاكم به لعلَّكم تَعقلون) الأنعام/151، وفي الثانية (لعلكم تذكّرون) 152،وفي الثالثة (لعلكم تتقون)، لأن الآية الأولى: مشتملة على خمسة أشياء كلّها عظام جسام، فكانت الوصية بها من أبلغ الوصايا، فختم الآية الأولى بما في الإنسان من أشرف السجايا وهو العقل، الذي امتاز به الإنسان عن سائر الحيوان، والآية الثانية: مشتملة على خمسة أشياء يقبح تعاطي ضدها وارتكابها، وكانت الوصية بها تجري مجرى الزجر والوعظ، فختم الآية بقوله، (تذكَّرون)، أي تتعظون بمواعظ الله، وفي الآية الثالة: مشتملة على ذكر الصراط المستقيم والتحريض على اتباعه، واجتناب مناهيه، فختم الآية بالتقوى التي هي ملاك العمل وخير الزّاد.))
هذه بعض الأمثلة اليسيرة في هذا الباب، وهناك بقيّة إن شاء الله
جاء في كتاب (أسرار التكرار في القرآن) لصاحبه (محمود بن حمزة الكرماني الشافعي)
(( جاء في قوله تعالى، (اسْكُن أنتَ وزوجُكَ الجنة وكُلاَ) البقرة/35 بالواو وفي الأعراف (فكُلا) الأعراف/19 بالفاء، (اسكُن) في الآيتين ليس بأمر بالسّكون الذي هو ضدّ الحركة وإنّما الذي في البقرة من السّكون الذي معناه الإقامة (وذلك يستدعي زمانا ممتدّا) فلم يصحّ إلاّ بالواو، لأنّ المعنى: اجمع بين الإقامة فيها والأكل من ثمارها، ولو كان (الفاء) مكان (الواو) لوجب تأخير الأكل إلى الفراغ من الإقامة، لأنّ الفاء للتعقيب والتّرتيب، والذي في الأعراف من السّكنى الذي معناها: (اتخاذ الموضع مسكنا)، لأنّ الله تعالى أخرج إبليس من الجنّة بقوله (اخرُج منهَا مذءُوما) الأعراف/18 وخاطب آدام فقال (ويا آدم اسُكن أنتَ وزوجُكَ الجنَّة) الأعراف/19 أي اتّخاذها لأنفسكما مسكنا (فكُلا من حيث شئتمَا) فكانت الفاء أولى، لأنّ اتخاذ المسكن لا يستدعي زمانا ممتدّا، ولا يمكن الجمع بين الاتخاذ والأكل فيه، بل يقع الاكل عقيبه، وزاد في البقرة (رغدا) لمّا زاد في الخبر تعظيما، بقوله، (وقلنا) بخلاف سورة الأعراف، فإنّ فيها (قال)، والخطيب (درة التنزيل وغرة التأويل) ذهب إلى أنّ ما في الأعراف خطاب لهما قبل الدّخول، وما في البقرة بعد الدّخول.
قوله تعالى: (( وإذ قُلنا ادخُلوا هذه القريةَ فَكُلوا))البقرة/58، بالفاء، وفي الأعراف/161 بالواو، لأنّ الدخول سريع الانقضاء، فيتبعه الأكل، وفي الأعراف: (وإذا قيل لهم اسكُنوا) المعنى أقيموا فيها، وذلك ممتد فذكر الواو، أي اجمعوا بين الأكل والسّكون، وزاد في البقرة (رغدًا) لأنّه سبحانه أسنده إليه بلفظ التعظّم وقوله: (وإذ قلنا) خلاف ما في الأعراف، فإنّ فيه: ( وإذ قيلَ)، وقدّم (وادخُلوا الباب سجّدا) على قوله و(قولُوا حطّة) في هذه السورة، وأخّرها في الأعراف، لأنّ السابق في هذه السّورة (ادخلُوا) فبيّن كيفية الدّخول، وفي هذه السورة (خطاياكم)بالإجماع، وفي الأعراف (خطيئاتكم) مختلف لأنّ الخطايا صيغة الجمع الكثير ومغفرتها أليق في الآية بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه.
وفي هذه السورة (وسنزيد) وفي الأعراف (سنزيد) بغير واو، لأنّ اتصالها في هذه السورة أشد لاتفاق اللفظين واختلفا في الإعراب لأنّ اللائق (سنزيد) محذوف الواو ليكون استئناف للكلام، وفي هذه السورة (فبدّل الذين ظلموا قولا)، وفي الأعراف (ظُلموا منهم) لأنّ في الأعراف (ومِن قومِ مُوسى)ولقوله (منهُم الصالحون ومنهُم دونَ ذلك)
وفي هذه السورة (فأنزلنا علَى الذِين ظَلمُوا) وفي الأعراف (فأرسلنا) لأنّ لفظ الرّسول والرّسالة كثرت في الأعراف، فجاء وفقا لما قبله، وليس كذلك في سورة البقرة.
و كذلك قوله عزّ وجل (( فَتَمنوا الموتَ إن كُنتم صَادقينَ، ولن يتمنَّوه) البقرة/95، وفي الجمعة (ولا يتمنَّونه)/7، لأنّ دعواهم في هذه السورة بالغة قاطعة، وهي كون الجنّة لهم بصفة الخلوص، فبالغ في الردّ عليهم بـ(لن)، وهو أبلغ ألفاظ النفي، ودعواهم في الجمعة قاصرة مترددة، وهي زعمهم أنهم أولياء الله، فاقتصر على (لا).
وقوله عز وجل (رسالات ربي) الأعراف، في جميع القصص، إلاّ في قصّة "صالح" ـ عليه السلام ـ، فإن فيها (رسالة) على الواحدة، لأنّه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمَروا قومهم بها، إلاّ في قصة "صالح"، فإن فيها ذكر الناقة كأنها رسالة واحدة.
وقوله تعالى (ذلكُم وصاكم به لعلَّكم تَعقلون) الأنعام/151، وفي الثانية (لعلكم تذكّرون) 152،وفي الثالثة (لعلكم تتقون)، لأن الآية الأولى: مشتملة على خمسة أشياء كلّها عظام جسام، فكانت الوصية بها من أبلغ الوصايا، فختم الآية الأولى بما في الإنسان من أشرف السجايا وهو العقل، الذي امتاز به الإنسان عن سائر الحيوان، والآية الثانية: مشتملة على خمسة أشياء يقبح تعاطي ضدها وارتكابها، وكانت الوصية بها تجري مجرى الزجر والوعظ، فختم الآية بقوله، (تذكَّرون)، أي تتعظون بمواعظ الله، وفي الآية الثالة: مشتملة على ذكر الصراط المستقيم والتحريض على اتباعه، واجتناب مناهيه، فختم الآية بالتقوى التي هي ملاك العمل وخير الزّاد.))
هذه بعض الأمثلة اليسيرة في هذا الباب، وهناك بقيّة إن شاء الله
تعليق