الوِفاقُ في تفسيرِ آيةِ الميثاقِ
{وإِذْ أَخَذَ ربُّك مِن بني آدمَ مِن ظهورِهم ذريَّتَهم}
• مقدمةٌ:
إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعدُ، فإني كنتُ منذ زمنٍ طويلٍ - وإلى الآن - أتطلعُ إلى خدمةِ دينِ اللهِ تعالى، وإلى أنْ يكونَ لي سببٌ إلى رضاه تعالى في حياتي وبعد مماتي، ومِن ذلك أنْ أكونَ أحدَ جنودِ الإسلامِ المدافعين عنه باليدِ واللسانِ، كما في صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (1).
ولَمْ أرَ أنفعَ لدينِ الإسلامِ - عندَ أزمنةِ انتشارِ الجهلِ والشركِ والبعدِ عنِ السنةِ وفشوِّ البدعِ - مِن جهادٍ باللسانِ وفَري بالقلمِ، كما في الحديثِ الصحيحِ (جَاهِدُوا المُشْرِكِيْنَ بِأمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) (2)؛ وذلك بنشرِ السنةِ الصحيحةِ، وبيانِ أصولِ أهلِ الإسلامِ، وقواعدِ الدينِ، ومنهجِ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في فهمِ دينِ الإسلامِ والعملِ به.
وقد رأيتُ التعرضَ لبيانِ معنى آيةِ الميثاقِ لِمَا فيها مِن ردٍّ لشبهةٍ لطالما أوردها أهلُ البدعِ في جملةِ ما يَستشهدون به في سياقِ عدمِ إعذارِهم بالجهلِ، حيثُ استدلوا بآيةِ الميثاقِ على منعِ العذرِ بالجهلِ، لذلك قمتُ - مستعينًا باللهِ تعالى وحده - ومستنيرًا بشروحِ العلماءِ؛ بإعدادِ مقالةٍ لطيفةٍ في بيانِ كلامِ أهلِ العلمِ في معنى آيةِ الميثاقِ - مع التعليقِ على المطلوبِ -؛ على أنْ تكونَ وجيزةً في عبارتِها، مؤديةً لمقصدِها.
ولا أدعي لنفسيَ التفردَ في ردِّ تلك الشبهةِ! وإنما هو الاعتمادُ على شروحِ العلماءِ الأفاضلِ - قديمًا وحديثًا - المعروفين بسلامةِ المنهجِ، ورسوخِ العلمِ، وبُعْدِ النظرِ.
• آيةُ الميثاقِ؛ وتفسيرُها الإجماليُّ:
قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172، 173].
قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه اللهُ: (يُخْبِرُ تعالى أنه استخرجَ ذريةَ بني آدمَ مِن أصلابِهم؛ شاهدين على أنفسهم أنّ اللهَ ربَّهم ومليكَهم؛ وأنه لا إله إلّا هو، كما أنه تعالى فَطَرَهم على ذلك وجَبَلَهم عليه، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]) (3).
• جملةٌ مِن الأحاديثِ المتعلقةِ بآيةِ الميثاقِ:
- حديثُ ((لَمَّا خلَقَ اللهُ آدمَ مَسحَ ظَهرَه؛ فسقَطَ مِن ظَهرِه كُلُّ نَسَمةٍ هو خالِقُها مِن ذُرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ)) (4).
- حديثُ ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا - وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ - أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي؛ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ!)) (5).
- حديثُ ((أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ - يَعْنِي عَرَفَةَ - فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا؛ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173])) (6).
وقال الشيخُ الألبانيُّ رحمه اللهُ - تعليقًا على الحديثِ -: (وجملةُ القولِ أنّ الحديثَ صحيحٌ - بل هو متواترُ المعنى كما سَبَقَ -؛ وأنه لا تَعَارُضَ بينه وبينَ آيةِ أَخْذِ الميثاقِ، فالواجبُ ضَمُّهُ إليها؛ وأَخْذُ الحقيقةِ مِن مجموعِها) (7).
- حديثُ ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِيْنِهِ؛ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ؛ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَعْمَلُوْنَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ؛ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً؛ فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ؛ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُوْنَ). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ فَفِيْمَ العَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى يَمُوْتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوْتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ)) (.
- حديثُ ((كُلُّ مَوْلُوْدٍ يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فأَبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)) (9).
- حديثُ ((يَقُوْلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ - وَفِي رِوَايَةٍ: مُسْلِمِيْنَ -؛ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِيْنُ)) (10).
__________
(1) صحيح مسلم (1631).
وأنا أرجو اللهَ تعالى الكريمَ أنْ يجعلني مِن أهلِ العلمِ العاملين المنتفعِ بهم؛ فإنَّ الدَّالَّ على الخيرِ كفاعلِه - كما ثَبَتَ في الحديثِ -.
(2) صحيح. أبو داود (2504) عن أنس مرفوعًا. صحيح الجامع (3090).
(3) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/ 500).
(4) صحيح. الترمذي (3076) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه ابنُ بطال في ((شرح البخاري)) (3/ 370)، وابنُ العربي في ((أحكام القرآن)) (2/ 333)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (3076).
(5) صحيح البخاري (3334) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا.
(6) صحيح. مسند أحمد (2455) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيق المسند، وكذا الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (1623).
(7) يُنظر: ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (4/ 162).
( صحيح. أبو داود (4703) من حديث عمر رضي الله عنه مرفوعًا، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في تحقيق السُّنَنِ.
ملاحظة: جملةُ "مَسْحِ الظهرِ" ضَعَّفَها الشيخُ الألبانيُّ رحمه اللهُ قديمًا؛ ثم رَجَعَ إلى تصحيحِها بعد أنْ تَنَبَّهَ إلى شواهدَ لها. يُنظر: تخريج الطحاوية (ص 266 - ط 2).
(9) رواه البخاري (135، ومسلم (265 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
(10) صحيح مسلم (2865) من حديث عياض بن غنم رضي الله عنه مرفوعًا.
{وإِذْ أَخَذَ ربُّك مِن بني آدمَ مِن ظهورِهم ذريَّتَهم}
• مقدمةٌ:
إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعدُ، فإني كنتُ منذ زمنٍ طويلٍ - وإلى الآن - أتطلعُ إلى خدمةِ دينِ اللهِ تعالى، وإلى أنْ يكونَ لي سببٌ إلى رضاه تعالى في حياتي وبعد مماتي، ومِن ذلك أنْ أكونَ أحدَ جنودِ الإسلامِ المدافعين عنه باليدِ واللسانِ، كما في صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (1).
ولَمْ أرَ أنفعَ لدينِ الإسلامِ - عندَ أزمنةِ انتشارِ الجهلِ والشركِ والبعدِ عنِ السنةِ وفشوِّ البدعِ - مِن جهادٍ باللسانِ وفَري بالقلمِ، كما في الحديثِ الصحيحِ (جَاهِدُوا المُشْرِكِيْنَ بِأمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) (2)؛ وذلك بنشرِ السنةِ الصحيحةِ، وبيانِ أصولِ أهلِ الإسلامِ، وقواعدِ الدينِ، ومنهجِ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في فهمِ دينِ الإسلامِ والعملِ به.
وقد رأيتُ التعرضَ لبيانِ معنى آيةِ الميثاقِ لِمَا فيها مِن ردٍّ لشبهةٍ لطالما أوردها أهلُ البدعِ في جملةِ ما يَستشهدون به في سياقِ عدمِ إعذارِهم بالجهلِ، حيثُ استدلوا بآيةِ الميثاقِ على منعِ العذرِ بالجهلِ، لذلك قمتُ - مستعينًا باللهِ تعالى وحده - ومستنيرًا بشروحِ العلماءِ؛ بإعدادِ مقالةٍ لطيفةٍ في بيانِ كلامِ أهلِ العلمِ في معنى آيةِ الميثاقِ - مع التعليقِ على المطلوبِ -؛ على أنْ تكونَ وجيزةً في عبارتِها، مؤديةً لمقصدِها.
ولا أدعي لنفسيَ التفردَ في ردِّ تلك الشبهةِ! وإنما هو الاعتمادُ على شروحِ العلماءِ الأفاضلِ - قديمًا وحديثًا - المعروفين بسلامةِ المنهجِ، ورسوخِ العلمِ، وبُعْدِ النظرِ.
• آيةُ الميثاقِ؛ وتفسيرُها الإجماليُّ:
قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172، 173].
قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه اللهُ: (يُخْبِرُ تعالى أنه استخرجَ ذريةَ بني آدمَ مِن أصلابِهم؛ شاهدين على أنفسهم أنّ اللهَ ربَّهم ومليكَهم؛ وأنه لا إله إلّا هو، كما أنه تعالى فَطَرَهم على ذلك وجَبَلَهم عليه، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]) (3).
• جملةٌ مِن الأحاديثِ المتعلقةِ بآيةِ الميثاقِ:
- حديثُ ((لَمَّا خلَقَ اللهُ آدمَ مَسحَ ظَهرَه؛ فسقَطَ مِن ظَهرِه كُلُّ نَسَمةٍ هو خالِقُها مِن ذُرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ)) (4).
- حديثُ ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا - وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ - أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي؛ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ!)) (5).
- حديثُ ((أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ - يَعْنِي عَرَفَةَ - فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا؛ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173])) (6).
وقال الشيخُ الألبانيُّ رحمه اللهُ - تعليقًا على الحديثِ -: (وجملةُ القولِ أنّ الحديثَ صحيحٌ - بل هو متواترُ المعنى كما سَبَقَ -؛ وأنه لا تَعَارُضَ بينه وبينَ آيةِ أَخْذِ الميثاقِ، فالواجبُ ضَمُّهُ إليها؛ وأَخْذُ الحقيقةِ مِن مجموعِها) (7).
- حديثُ ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِيْنِهِ؛ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ؛ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَعْمَلُوْنَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ؛ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً؛ فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ؛ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُوْنَ). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ فَفِيْمَ العَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى يَمُوْتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوْتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ)) (.
- حديثُ ((كُلُّ مَوْلُوْدٍ يُوْلَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فأَبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)) (9).
- حديثُ ((يَقُوْلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ - وَفِي رِوَايَةٍ: مُسْلِمِيْنَ -؛ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِيْنُ)) (10).
__________
(1) صحيح مسلم (1631).
وأنا أرجو اللهَ تعالى الكريمَ أنْ يجعلني مِن أهلِ العلمِ العاملين المنتفعِ بهم؛ فإنَّ الدَّالَّ على الخيرِ كفاعلِه - كما ثَبَتَ في الحديثِ -.
(2) صحيح. أبو داود (2504) عن أنس مرفوعًا. صحيح الجامع (3090).
(3) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/ 500).
(4) صحيح. الترمذي (3076) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه ابنُ بطال في ((شرح البخاري)) (3/ 370)، وابنُ العربي في ((أحكام القرآن)) (2/ 333)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (3076).
(5) صحيح البخاري (3334) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا.
(6) صحيح. مسند أحمد (2455) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيق المسند، وكذا الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (1623).
(7) يُنظر: ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (4/ 162).
( صحيح. أبو داود (4703) من حديث عمر رضي الله عنه مرفوعًا، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في تحقيق السُّنَنِ.
ملاحظة: جملةُ "مَسْحِ الظهرِ" ضَعَّفَها الشيخُ الألبانيُّ رحمه اللهُ قديمًا؛ ثم رَجَعَ إلى تصحيحِها بعد أنْ تَنَبَّهَ إلى شواهدَ لها. يُنظر: تخريج الطحاوية (ص 266 - ط 2).
(9) رواه البخاري (135، ومسلم (265 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
(10) صحيح مسلم (2865) من حديث عياض بن غنم رضي الله عنه مرفوعًا.