تأويل الآيات التسع في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}
قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101]
ذكر طائفة من أهل التفسير آثارا عن السلف في تأويل هذه الآيات التسع، ومنهم من أوصلها إلى ستة أقوال كالقرطبي رحمه الله. وتفصيل تلك الأقوال:
"الأول: هي بمعنى آيات الكتاب وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى سلطان فيقتله ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف - شك شعبة - وعليكم يا معشر اليهود خاصة ألا تعدوا في السبت" من حديث صفوان بن عسال المرادي.
أما بقية الأقوال الخمسة ففيها اتفاق على ست آيات وهي: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا.
وتفصيل ما اختلفوا في تأويله من تتمة التسع هي:
1 - قال ابن عباس والضحاك: اليد واللسان والبحر.
2 - قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة ومطر الوراق وقتادة والحسن والشعبي: اليد والسنون والنقص من الثمرات
3 - قال الحسن: اليد و[السنون والنقص من الثمرات] واحدة، وجعل التاسعة تلقف العصا ما يأفكون.
4 - قال مالك: اليد والبحر والجبل
5 - قال محمد بن كعب القرظي: البحر والحجر والطمس على أموالهم" [1]
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره بعدما ذكر جملة من الأقوال:
وقد أوتي موسى عليه السلام آيات أخر كثيرة ، منها ضربه الحجر بالعصا، وخروج الأنهار منه، ومنها تظليلهم بالغمام، وإنزال المن والسلوى، وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر هاهنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد...[2]
ثم قال رحمه معلقا على الحديث بعد ذكر لفظه: فهذا الحديث رواه هكذا الترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن جرير في تفسيره من طرق عن شعبة بن الحجاج به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مختصر من تفسير: القرطبي - الطبري - البغوي - ابن كثير.
2. ثم ذكر رحمه الله حديث صفوان بن عسال المرادي، سبق ذكر الشاهد منه. لفظه:
حدثنا يزيد ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة يحدث ، عن صفوان بن عسال المرادي - رضي الله عنه - قال : قال يهودي لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي [ صلى الله عليه وسلم ] حتى نسأله عن هذه الآية : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) فقال : لا تقل له : نبي ؛ فإنه لو سمعك لصارت له أربع أعين . فسألاه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ، ولا تقذفوا محصنة - أو قال : لا تفروا من الزحف -شعبة الشاك - وأنتم يا يهود ، عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت " . فقبلا يديه ورجليه ، وقالا : نشهد أنك نبي . [ قال : " فما يمنعكما أن تتبعاني ؟ " قالا : لأن داود ، عليه السلام ، دعا ألا يزال من ذريته نبي ] ، وإنا نخشى إن أسلمنا أن تقتلنا يهود.