الفتوى رقم: 1179
الصنف: فتاوى القرآن وعلومه
في حكم إتلاف المصحف عند قيام المقتضي
السؤال:
هل لآحاد الناسِ حقُّ إتلاف المصحف أو الأجزاء القرآنية إذا قام المقتضي الشرعيُّ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإتلافُ المصحفِ الكريمِ على وجه الاستهانةِ والاحتقارِ حرامٌ ـ إجماعًا ـ ولو قام المقتضي الشرعيُّ لذلك، وقد يبلغ مرتكِبُه ـ بهذا الاعتبار ـ درجةَ الكفر وحَدَّ الرِّدَّةِ كما صرَّح به أهلُ العلم(ظ،).
فإِنْ خَلَا مِنِ احتمال الاستخفاف والعبث، ولم يُوجَدِ المقتضي الشرعيُّ في إتلافه: كبقاء المصحف على طهارةِ أوراقِه وسلامةِ صفحاته، صالحًا للانتفاع به؛ فإنَّ الأصل فيه امتناعُ إتلاف المنافع بأيِّ شكلٍ أو وسيلةٍ كانَتْ لا بتحريقٍ ولا دفنٍ ولا غَسْلٍ، بل الواجبُ تعظيمُ كلام الله واحترامُه وتكريمُه، باعتبارِ كونِ المصحف أَجَلَّ كتابٍ في الوجود.
أمَّا إِنْ وُجِدَ المقتضي الشرعيُّ لإتلافه كأَنْ يكون المصحفُ عتيقًا باليًا تَعطَّلَ نفعُه، أو تنجَّسَتْ أوراقُه بحيث يَتعذَّرُ تطهيرُها، أو دَخَله خللٌ، أو دُسَّ فيه ما ليس منه ونحو ذلك؛ فإِنْ تَقرَّرَ ذلك فإنَّ المصحف:
ـ إِنْ كان مِلْكًا خاصًّا بشخصٍ فإنه يجوز له ـ بهذا الاعتبار ـ إتلافُه مِنْ غيرِ استخفافٍ ولا احتقارٍ ـ كما تَقدَّم ـ ومذهبُ الجمهور على جواز تحريق المصحف إذا اقتضَتْه مصلحةٌ شرعيةٌ راجحةٌ؛ لأنَّ عثمان رضي الله عنه أَمَرَ بتحريقِ ما خالَفَ المصحفَ الإمام(ظ¢) بحضرةٍ مِنَ الصحابة مِنْ غير نكيرٍ، وفيه اختلافٌ بين أهل العلم في هذه الوسيلة الإتلافية، قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وأَكْثَرُ الروايات صريحٌ في التحريق فهو الذي وَقَعَ»(ظ£)، لكِنْ لم يختلفوا في دفنِ المصحف؛ لِمَا رواهُ أبو عُبَيْدٍ ـ رحمه الله ـ في «فضائل القرآن» بسنده عن إبراهيم النَّخَعيِّ ـ رحمه الله ـ: «وَكَانُوا يَأْمُرُونَ بِوَرَقِ المُصْحَفِ إِذَا بَلِي أَنْ يُدْفَنَ»(ظ¤)، وعن طلحةَ بنِ مُصرِّفٍ ـ رحمه الله ـ قال: «دَفَنَ عُثْمَانُ المَصَاحِفَ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ»(ظ¥)، فإِنْ صحَّتْ هذه الآثارُ فيُمْكِنُ الجمعُ ـ في الإتلاف ـ بين الإحراق والدفن؛ فيُحْرَقُ المصحفُ أوَّلًا، ثمَّ يُدْفَنُ ما بَقِيَ مِنَ التحريق ثانيًا؛ توفيقًا بين الروايتين المختلفتين.
ـ أمَّا إِنْ كان مِلْكًا لغيره أو مِلْكًا وقفيًّا: فإنه لا يجوز له التصرُّفُ في مِلْك غيره إلَّا بإذنه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(ظ¦)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(ظ§).
ويكون التصرُّفُ بالإتلاف في مال الوقف بإذنِ ناظِرِ الوقف أو مَنْ يقوم مَقامَه.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الصنف: فتاوى القرآن وعلومه
في حكم إتلاف المصحف عند قيام المقتضي
السؤال:
هل لآحاد الناسِ حقُّ إتلاف المصحف أو الأجزاء القرآنية إذا قام المقتضي الشرعيُّ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإتلافُ المصحفِ الكريمِ على وجه الاستهانةِ والاحتقارِ حرامٌ ـ إجماعًا ـ ولو قام المقتضي الشرعيُّ لذلك، وقد يبلغ مرتكِبُه ـ بهذا الاعتبار ـ درجةَ الكفر وحَدَّ الرِّدَّةِ كما صرَّح به أهلُ العلم(ظ،).
فإِنْ خَلَا مِنِ احتمال الاستخفاف والعبث، ولم يُوجَدِ المقتضي الشرعيُّ في إتلافه: كبقاء المصحف على طهارةِ أوراقِه وسلامةِ صفحاته، صالحًا للانتفاع به؛ فإنَّ الأصل فيه امتناعُ إتلاف المنافع بأيِّ شكلٍ أو وسيلةٍ كانَتْ لا بتحريقٍ ولا دفنٍ ولا غَسْلٍ، بل الواجبُ تعظيمُ كلام الله واحترامُه وتكريمُه، باعتبارِ كونِ المصحف أَجَلَّ كتابٍ في الوجود.
أمَّا إِنْ وُجِدَ المقتضي الشرعيُّ لإتلافه كأَنْ يكون المصحفُ عتيقًا باليًا تَعطَّلَ نفعُه، أو تنجَّسَتْ أوراقُه بحيث يَتعذَّرُ تطهيرُها، أو دَخَله خللٌ، أو دُسَّ فيه ما ليس منه ونحو ذلك؛ فإِنْ تَقرَّرَ ذلك فإنَّ المصحف:
ـ إِنْ كان مِلْكًا خاصًّا بشخصٍ فإنه يجوز له ـ بهذا الاعتبار ـ إتلافُه مِنْ غيرِ استخفافٍ ولا احتقارٍ ـ كما تَقدَّم ـ ومذهبُ الجمهور على جواز تحريق المصحف إذا اقتضَتْه مصلحةٌ شرعيةٌ راجحةٌ؛ لأنَّ عثمان رضي الله عنه أَمَرَ بتحريقِ ما خالَفَ المصحفَ الإمام(ظ¢) بحضرةٍ مِنَ الصحابة مِنْ غير نكيرٍ، وفيه اختلافٌ بين أهل العلم في هذه الوسيلة الإتلافية، قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وأَكْثَرُ الروايات صريحٌ في التحريق فهو الذي وَقَعَ»(ظ£)، لكِنْ لم يختلفوا في دفنِ المصحف؛ لِمَا رواهُ أبو عُبَيْدٍ ـ رحمه الله ـ في «فضائل القرآن» بسنده عن إبراهيم النَّخَعيِّ ـ رحمه الله ـ: «وَكَانُوا يَأْمُرُونَ بِوَرَقِ المُصْحَفِ إِذَا بَلِي أَنْ يُدْفَنَ»(ظ¤)، وعن طلحةَ بنِ مُصرِّفٍ ـ رحمه الله ـ قال: «دَفَنَ عُثْمَانُ المَصَاحِفَ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ»(ظ¥)، فإِنْ صحَّتْ هذه الآثارُ فيُمْكِنُ الجمعُ ـ في الإتلاف ـ بين الإحراق والدفن؛ فيُحْرَقُ المصحفُ أوَّلًا، ثمَّ يُدْفَنُ ما بَقِيَ مِنَ التحريق ثانيًا؛ توفيقًا بين الروايتين المختلفتين.
ـ أمَّا إِنْ كان مِلْكًا لغيره أو مِلْكًا وقفيًّا: فإنه لا يجوز له التصرُّفُ في مِلْك غيره إلَّا بإذنه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(ظ¦)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(ظ§).
ويكون التصرُّفُ بالإتلاف في مال الوقف بإذنِ ناظِرِ الوقف أو مَنْ يقوم مَقامَه.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الشيخ فركوس
تعليق