لكل سورة في القرآن الكريم سياق بحسب مقاصده الكلية التي ترجع إلى ثلاثة أمور وهي :
= تحقيق معرفة العبد لربه سبحانه وتعالى، (معرفة الله بربوبيته وبألوهيته وبأسمائه وصفاته).
= تحقيق معرفة العبد لما يحقق عبوديته لله تعالى، وذلك في العبادات والمعاملات. (معرفة الأحكام الشرعية).
= معرفة أحوال الناس وقصصهم مع أنبياء الله في دعوتهم إلى ذلك.
وهذا السياق هو المعبر عنه بالوحدة الموضوعية للسورة، أو محور موضوعات السورة.
ولكل آية سياق داخلي وخارجي.
والسياق الداخلي موقع الآية في السورة ودلالته بحسب موضوعات السورة.
والسياق الخارجي وهو سبب النزول.
وسبب النزول يأتي في سياق الدعوة والحال التي عليها الرسول صلى الله عليه وسلم والناس، فمثلاً :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مهتما لأمر البلاغ، يرى باجتهاده أن من مصلحة الدعوة تقصد الكبراء والمتبعين من قومه لما لهم من أثر في قومهم إذا أسلموا وآمنوا، فكان عليه الصلاة والسلام من اجتهادهم يهتم بهم، وفي مرة كان مشتغلا بدعوة أناس من هؤلاء الكبراء الأغنياء أصحاب الأتباع ويعرض عليهم ليؤمنوا جاءه أحد الضعفاء الفقراء رجل أعمى ، يريد أن يسأل الرسول ويتعلم ، فقاطع الرسول صلى الله عليه وسلم في كلامه فعبس الرسول صلى الله عليه وسلم وتولى عن هذا الرجل الأعمى إلى كلامه مع هؤلاء الكفرة أصحاب المكانة والمال في أقوامهم لعلهم يؤمنوا، فنزل قوله تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ( وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾.
فبين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن عليه البلاغ والتذكير، وأن ليس له من الأمر شيء، كما قال تعالى في سورة الغاشية: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)﴾.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنى إيمان قومه، ويتأثر حزنا بسبب إعراضهم، قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف: 6). وقال تعالى: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ (فَاطِرٍ: ، وَقَالَ: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ (النَّحْلِ:127)، وَقَالَ : ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (الشُّعَرَاءِ:3).
وبسبب هذا كان يحرص على هدايتهم، ويدعو صلى الله عليه وسلم على الذين يمنعون الناس من الإيمان، ويؤذون المؤمنين ويقتلونهم، حتى نهاه الله عن ذلك، قال تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (12﴾ [آل عمران: 128].
أخرج البخاري تحت رقم (4070) عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَزَلَتْ ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]- إِلَى قَوْلِهِ - ﴿فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: 128]
أخرج البخاري تحت رقم (4560)، ومسلم تحت رقم (1485)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: " إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " يَجْهَرُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: «اللَّهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، لِأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ» حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128] الآيَةَ.
ففي هذا السياق تأتي سورة عبس وتولي لتحكي مرحلة من مراحل الدعوة، واجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وسلم، حيث علمه الله تعالى أن الضعفاء المصدقين والمؤمنين أولى أن يتولاهم ويكون معهم ويحرص عليهم، ويصبر عليهم، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (2 وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾ (الكهف: 28، 29).
منقول من صفحة الشيخ
= تحقيق معرفة العبد لربه سبحانه وتعالى، (معرفة الله بربوبيته وبألوهيته وبأسمائه وصفاته).
= تحقيق معرفة العبد لما يحقق عبوديته لله تعالى، وذلك في العبادات والمعاملات. (معرفة الأحكام الشرعية).
= معرفة أحوال الناس وقصصهم مع أنبياء الله في دعوتهم إلى ذلك.
وهذا السياق هو المعبر عنه بالوحدة الموضوعية للسورة، أو محور موضوعات السورة.
ولكل آية سياق داخلي وخارجي.
والسياق الداخلي موقع الآية في السورة ودلالته بحسب موضوعات السورة.
والسياق الخارجي وهو سبب النزول.
وسبب النزول يأتي في سياق الدعوة والحال التي عليها الرسول صلى الله عليه وسلم والناس، فمثلاً :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مهتما لأمر البلاغ، يرى باجتهاده أن من مصلحة الدعوة تقصد الكبراء والمتبعين من قومه لما لهم من أثر في قومهم إذا أسلموا وآمنوا، فكان عليه الصلاة والسلام من اجتهادهم يهتم بهم، وفي مرة كان مشتغلا بدعوة أناس من هؤلاء الكبراء الأغنياء أصحاب الأتباع ويعرض عليهم ليؤمنوا جاءه أحد الضعفاء الفقراء رجل أعمى ، يريد أن يسأل الرسول ويتعلم ، فقاطع الرسول صلى الله عليه وسلم في كلامه فعبس الرسول صلى الله عليه وسلم وتولى عن هذا الرجل الأعمى إلى كلامه مع هؤلاء الكفرة أصحاب المكانة والمال في أقوامهم لعلهم يؤمنوا، فنزل قوله تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ( وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾.
فبين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن عليه البلاغ والتذكير، وأن ليس له من الأمر شيء، كما قال تعالى في سورة الغاشية: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)﴾.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنى إيمان قومه، ويتأثر حزنا بسبب إعراضهم، قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف: 6). وقال تعالى: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ (فَاطِرٍ: ، وَقَالَ: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ (النَّحْلِ:127)، وَقَالَ : ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (الشُّعَرَاءِ:3).
وبسبب هذا كان يحرص على هدايتهم، ويدعو صلى الله عليه وسلم على الذين يمنعون الناس من الإيمان، ويؤذون المؤمنين ويقتلونهم، حتى نهاه الله عن ذلك، قال تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (12﴾ [آل عمران: 128].
أخرج البخاري تحت رقم (4070) عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَزَلَتْ ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]- إِلَى قَوْلِهِ - ﴿فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: 128]
أخرج البخاري تحت رقم (4560)، ومسلم تحت رقم (1485)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: " إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " يَجْهَرُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: «اللَّهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، لِأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ» حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128] الآيَةَ.
ففي هذا السياق تأتي سورة عبس وتولي لتحكي مرحلة من مراحل الدعوة، واجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وسلم، حيث علمه الله تعالى أن الضعفاء المصدقين والمؤمنين أولى أن يتولاهم ويكون معهم ويحرص عليهم، ويصبر عليهم، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (2 وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾ (الكهف: 28، 29).
منقول من صفحة الشيخ