أمثلة للانحراف في تفسير كتاب الله لخدمة المناهج المنحرفة
للشَّيخ عادل منصور
الصوتية
التَّفريغ
... وتصديقًا لِما ذكر الشَّيخُ وفطِن لهُ الصَّحابةُ -رضي اللهُ تعالى عنهم وأرضاهُم- لِهذا المَسلك، مِن ذلك ما رواهُ البُخاريُّ –رحمه اللهُ تعالى-، وذكرهُ في صحيحِه عن عبدالله بن عمر قال في هؤلاء الخوارج: "أتوا إلى آيات أُنزلتْ في المُشركِين فجعلُوها في المُسلِمين"، وهذا وجهٌ مِن تأويل القُرآن على غير مُراد الله عزَّ وجلَّ أنْ يُنزَّل الآيةَ على مَن لا يصلُح للدُّخول في حُكمها، وكان كما في قصَّة أبي أيُوب في بيانه معنى قول الله عزَّ وجلَّ "لاتُلقُوا بأيدِيكم إلى التَّهلُكة".للشَّيخ عادل منصور
الصوتية
التَّفريغ
وهكذا في مواطن كثيرة كان الصَّحابةُ يُعظِّمُون شأنَ القولَ بالقُرآن، ويرُدُّون على الَّذين يضِلُّون ويُضِلُّون بتأويلِه على غير مُراد الله عزَّ وجلَّ بسبب الأخذ بظاهرِه، قال العلاَّمةُ عبدالرَّحمن بن حسن الإمام صاحب "فتح المجيد" في بعض رسائله، قال: "وأمَّا الأخذ بظاهر القُرآن دُون الرُّجوع إلى آثار السُّنَّة وآثار الصَّحابة فهذه طريقة أهل البدع والضَّلال كالخوارج وغيرهم".
ومِن ذلك قول شيخ الإسلام أيضًا رحمه اللهُ كما في مجمُوع فتاويه، وذكر رسالة للإمام أحمد أرسلها إلى أبي عبدالرَّحن الجرجانيِّ، وبيَّن لهُ أنَّه لا يجُوز الأخذ بظاهر القُرآن دُون الرُّجُوع إلى السُّنَّة، وهذا تعظيم لشأن القول بالقُرآن، وليس كما يذكُرُه عليُّ الطَّنطاويِّ في "تعريف عام بدِين الإسلام"، يقول: نُريد أنْ يُفسِّر الآن المُسلِمُون، كُلٌّ يُفسِّر القُرآن مِن جهته، فالطَّبيب يُفسِّره مِن جهته، والجيُولوجيُّ مِن جهتِه، والخُبراء مِن جهتِهم، والمُهندس مِن جهتِه! هكذا يقُول: كُلٌّ يُفسِّر القُرآن حسب اختِصاصه، وأنْ لا يُقتصر على ما فسَّرهُ السَّلف، وورَّثُوه لنا!
إذًا هُناك دعوات قائمة إلى أنْ يُنحى بالمُسلِمِين إلى القول في كتاب الله تبارك وتعالى على غير مُراد الله.
إمَّا أنْ تُحمَّل الآية ما لا تدُلُّ عليه، وهذا المعنى الَّذي حمَّلُوها عليه معنًى باطلٌ، وإمَّا أنْ يكُون هذا المعنى في نفسِه حقٌّ، ولكن الآية لا تدُلُّ عليه، فليس كُلُّ معنى حقٌّ دلَّتْ عليه الآية مِن كتاب الله عزَّ وجلَّ، كما مثَّل شيخُ الإسلام ابن تيمية في رسالته "مُقدِّمة أُصول التَّفسير" في قول الله عزَّ وجلَّ عن بعضهم يقُول في سُورة التِّين: "والتِّين والزَّيْتُون، وطُور سنين، وهذا البلد الأمين"، يقُول التِّين والزَّيتُون أبو بكر وعمر، وطُور سنين عُثمان، وهذا البلد الأمين عليّ، وأنَّهم مُرتَّبُون في الخِلافة هكذا!
نقُول ترتيبُهم في الخِلافة هكذا حقٌّ، ولكن الاستِدلال على هذا الحقِّ بهذا الصُّورة على هذه الطَّريقة نوعٌ مِن الاستِهزاء بآيات الله تبارك وتعالى.
وشاهدنا أُناسًا يستدِلُّون بالآيات على غير محلِّها، فالَّذي يستدلُّ على المُظاهرات بقول الله عزَّ وجلَّ: "فسِيرُوا في الأرض"، الله قال فسِيروا في الأرض فتظاهرُوا؟! أو قال فسِيرُوا في الأرض فانظُرُوا؟
ومَن يستدِلُّ على الخُرُوجِ مع جماعة التَّبليغ البِدعيَّة تحت مُسمَّى "أيسر التَّفاسير" وتسهيل التَّفاسير المُناسبة يستدِلُّ بقول الله عزَّ وجلَّ "فسيحُوا في الأرض أربعة أشهر"، هذه الآيات جعلها اللهُ تبارك وتعالى مُدَّة للكُفَّار، فجعلها هذا المُفسِّرُ مُدَّة لخُرُوج جماعة التَّبليغ والأحباب أربعة أشهر.
وآخر يُفسِّرُ قولَ الله عزَّ وجلَّ: "إنَّ لك ألاَّ تجُوع فيها ولا تعرى" لآدم، قال: هذا مِن حُقُوق الرَّعيَّة على الحاكم أنْ يُقيم لهم هذه الحُقُوق، وأنْ يُطالِبُوه بهذه الحُقُوق: أنْ لا يجُوع وأنْ لا يعرى.
وهكذا نماذج مِن هذا العبث، وهذا الهوج، وهذا الضَّلال المُبين في كتاب الله عزَّ وجلَّ دُون أنْ يقُوم قائمٌ إلاَّ مَن وفَّقه الله تبارك وتعالى مِن أهل السُّنَّة والحقِّ لبيان هذا العبث وخُطُورته، ولإصلاح ما أفسدَهُ هؤلاء مِن معاني كلام الله تبارك وتعالى.
هذا كُلُّه تحت مُسمَّى التَّيْسير والاستِدلال بالقُرآن، والرُّجوع إلى القُرآن في كُلِّ شيء، وهُم في الحقيقة يصرِفُون النَّاس عن القُرآن بتأويلِهِ المُحدث.
وأعتذر عن الإطالة، وجزاكُم اللهُ خيرًا.
تعليق