(كلا إن الإنسان ليطغى) (كلا) في القرآن الكريم ترد على عدة معاني منها: أن تكون بمعنى حقًّا كما في هذه الآية فـ(كلا) بمعنى حقًّا، يعني أن الله تعالى يثبت هذا إثباتاً لا مرية فيه (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) الإنسان هنا ليس شخصاً معيناً، بل المراد الجنس، كل إنسان من بني آدم إذا رأى نفسه استغنى فإنه يطغى، من الطغيان وهو مجاوزة الحد، إذا رأى أنه استغنى عن رحمة الله طغى ولم يبالِ، إذا رأى أنه استغنى عن الله عز وجل في كشف الكربات وحصول المطلوبات صار لا يلتفت إلى الله ولا يبالي، إذا رأى أنه استغنى بالصحة نسي المرض، وإذا رأى أنه استغنى بالشبع نسي الجوع، إذا رأى أنه استغنى بالكسوة نسي العري، وهكذا فالإنسان من طبيعته الطغيان والتمرد متى رأى نفسه في غنى، ولكن هذا يخرج منه المؤمن، لأن المؤمن لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين، فهو دائماً مفتقر إلى الله سبحانه وتعالى، يسأل ربه كل حاجة، ويلجأ إليه عند كل مكروه، ويرى أنه إن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف وعجز وعورة، وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضًّرا، هذا هو المؤمن، لكن الإنسان من حيث هو إنسان من طبيعته الطغيان، وهذا كقوله تعالى: (وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا)[الأحزاب: 72]. ثم قال عز وجل مهدداً هذا الطاغية (إن إلى ربك الرجعى) أي المرجع يعني مهما طغيت وعلوت واستكبرت واستغنيت فإن مرجعك إلى الله عز وجل
المكتبة المقروءة : التفسير : جزء عَم
* العلق
الشيخ صالح العثيمين
المكتبة المقروءة : التفسير : جزء عَم
* العلق
الشيخ صالح العثيمين