الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،
أما بعد:
فقد ورد في بعض المواطن من آيات الكتاب العزيز ذكر إثبات السؤال يوم القيامة،
كقوله تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ }( العنكبوت
: 13 )، وقوله تعالى:{ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ }( الأعراف : 6 ) ،وقوله تعالى
:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }( الحجر92 0 93 ) ،
وذكر نفيه-أي السؤال - في مواطن أخرى، كقوله تعالى:{ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }( القصص : 78 ) ، وقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ }، مما يورد-في عقل من يجهل - إيهاما بالتعارض.
وهنا ننقل ما قاله بعض أهل العلم في هذا الموطن:
قال ( الشنقيطي ) -رحمه الله - في كتابه " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " : " والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه :
الأول : وهو أوجهها لدلالة القرآن عليه ، وهو أن السؤال قسمان : سؤال توبيخ وتقريع، وأداته غالبا ( لم) ، وسؤال استخبار واستعلام ، وأداته غالبا ( هل ) فالمثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع , والمنفي هو سؤال : الاستخبار والاستعلام ، وجه دلالة القرآن على هذا أن سؤاله لهم المنصوص في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ , مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ}, وكقوله جل شأنه : {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}، وكقوله جل شأنه : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}، وكقوله عز وجل : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}، إلى غير ذلك من الآيات ، وسؤال الله للرسل (ماذا أجبتم) لتوبيخ الذين كذبوهم ، كسؤال الموءودة بأي ذنب قتلت لتوبيخ قاتلها.
الوجه الثاني : أن في القيامة مواقف متعددة ، ففي بعضها يسألون ، وفي بعضها لا يسألون.
الوجه الثالث: هو ما ذكره الحليمي من أن إثبات السؤال محمول على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل ، وعدم السؤال محمول على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه ، ويدل لهذا قوله تعالى: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} والعلم عند الله تعالى".
وقال أيضا في كتاب ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ): " أن السؤال المنفي في الآيات المذكورة ، أخص من السؤال المثبت فيها ؛ لأن السؤال المنفي فيها مقيد بكونه سؤالاً عن ذنوب خاصة ، فإنه قال : { وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} ، فخصه بكونه عن الذنوب ، وقال : {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ}، فخصه بذلك أيضاً ، فيتضح من ذلك أن سؤال الرسل والموءودة مثلاً ليس عن ذنب فعلوه فلا مانع من وقوعه؛ لأن المنفي خصوص السؤال عن ذنب ، ويزيد ذلك إيضاحاً قوله تعالى : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} ( الأحزاب : 8 ) ، وقوله بعد سؤاله لعيسى المذكور في قوله : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ..... }( المائدة : 116 ) ، {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} ( المائدة : 119 ) ، والسؤال عن الذنوب المنفي في الآيات المراد به سؤال الاستخبار والاستعلام؛ لأنه جل وعلا محيط علمه بكل شيء ، ولا ينافي نفي هذا النوع من السؤال ثبوت نوع آخر منه هو سؤال التوبيخ والتقريع؛ لأنه نوع من أنواع العذاب ، ويدل لهذا أن سؤال الله للكفار في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ} ( الصافات : 24 – 25 ) ، وقوله: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} ( الطور : 15 ) ، إلى غير ذلك من الآيات"
والحمد لله رب العالمين.
أما بعد:
فقد ورد في بعض المواطن من آيات الكتاب العزيز ذكر إثبات السؤال يوم القيامة،
كقوله تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ }( العنكبوت
: 13 )، وقوله تعالى:{ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ }( الأعراف : 6 ) ،وقوله تعالى
:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }( الحجر92 0 93 ) ،
وذكر نفيه-أي السؤال - في مواطن أخرى، كقوله تعالى:{ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }( القصص : 78 ) ، وقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ }، مما يورد-في عقل من يجهل - إيهاما بالتعارض.
وهنا ننقل ما قاله بعض أهل العلم في هذا الموطن:
قال ( الشنقيطي ) -رحمه الله - في كتابه " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " : " والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه :
الأول : وهو أوجهها لدلالة القرآن عليه ، وهو أن السؤال قسمان : سؤال توبيخ وتقريع، وأداته غالبا ( لم) ، وسؤال استخبار واستعلام ، وأداته غالبا ( هل ) فالمثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع , والمنفي هو سؤال : الاستخبار والاستعلام ، وجه دلالة القرآن على هذا أن سؤاله لهم المنصوص في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ , مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ}, وكقوله جل شأنه : {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}، وكقوله جل شأنه : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}، وكقوله عز وجل : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}، إلى غير ذلك من الآيات ، وسؤال الله للرسل (ماذا أجبتم) لتوبيخ الذين كذبوهم ، كسؤال الموءودة بأي ذنب قتلت لتوبيخ قاتلها.
الوجه الثاني : أن في القيامة مواقف متعددة ، ففي بعضها يسألون ، وفي بعضها لا يسألون.
الوجه الثالث: هو ما ذكره الحليمي من أن إثبات السؤال محمول على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل ، وعدم السؤال محمول على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه ، ويدل لهذا قوله تعالى: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} والعلم عند الله تعالى".
وقال أيضا في كتاب ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ): " أن السؤال المنفي في الآيات المذكورة ، أخص من السؤال المثبت فيها ؛ لأن السؤال المنفي فيها مقيد بكونه سؤالاً عن ذنوب خاصة ، فإنه قال : { وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} ، فخصه بكونه عن الذنوب ، وقال : {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ}، فخصه بذلك أيضاً ، فيتضح من ذلك أن سؤال الرسل والموءودة مثلاً ليس عن ذنب فعلوه فلا مانع من وقوعه؛ لأن المنفي خصوص السؤال عن ذنب ، ويزيد ذلك إيضاحاً قوله تعالى : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} ( الأحزاب : 8 ) ، وقوله بعد سؤاله لعيسى المذكور في قوله : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ..... }( المائدة : 116 ) ، {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} ( المائدة : 119 ) ، والسؤال عن الذنوب المنفي في الآيات المراد به سؤال الاستخبار والاستعلام؛ لأنه جل وعلا محيط علمه بكل شيء ، ولا ينافي نفي هذا النوع من السؤال ثبوت نوع آخر منه هو سؤال التوبيخ والتقريع؛ لأنه نوع من أنواع العذاب ، ويدل لهذا أن سؤال الله للكفار في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ} ( الصافات : 24 – 25 ) ، وقوله: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} ( الطور : 15 ) ، إلى غير ذلك من الآيات"
والحمد لله رب العالمين.
الأدلة هذه منقولة مع شيء من التعديل من إحدى المقالات المنشورة على مواقع الشبكة العنكبوتية، وتم التأكد من صحة نسبتها إلى كاتبها وهو الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى.