الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أما بعد:
فقد ذكر العلامة أحمد شاكر -رحمه الله-فى مقدمة عمدة التفسير ما ذكره الحافظ الجبل ابن كثير -رحمه الله-عن الاسرائيليات و أقسامها وذكرها فى مواضع التفسير و قد علق الشيخ -رحمه الله-على ذكر بعض الاسرائيليات و الاستشهاد بها فى التفسير تعليقا طيبا يريح العقل و يزح الشبهة عن الأمر و إليكم ما ذكر:
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-فى مقدمة تفسيره (صـــ43،44) بعد أن ذكر حديث:( بلغوا عنى و لو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل و لاحرج، و من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار): (( ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تُذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد. فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ماعلمنا صحته مما بأيدينا مما نشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثانى: ماعلمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل و لا من هذا القبيل فلا نؤمن به و لا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم.
وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر دينى و لهذا يختلف علماء أهل الكتاب فى مثل هذا كثيراً و يأتى عن المفسرين خلاف بسبب ذلك.كمايذكرون فى مثل أسماء أصحاب الكهف و لون كلبهم و عدتهم و عصا موسى من أى شجر كانت؟ و أسماء الطيور التى أحياها الله لإبراهيم و تعيين البعض الذى ضرب به القتيل من البقرة و نوع الشجرة التى كلم الله منها موسى....إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى فى القرآن مما لا فائدة فى تعيينه تعود على المكلفين فى دنياهم و لا دينهم و لكن نقل الخلاف عنهم فى ذلك جائز.كماقال تعالى:( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) إلى آخر الآية -الكهف:22-.
ثم علق العلامة أحمد شاكر -رحمه الله-على ما ذكره الحافظ -رحمه الله-بمزيد بيان و إزالة إبهام و دحض شبهة قُصاص أوعوام قائلاً:
إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه و لا كذبه شئ، و ذكر ذلك فى تفسير القرآن، و جعله قولاً أو رواية فى معنى الآيات، أو فى تعيين ما لم يعين فيها، أو فى تفصيل ما أجمل فيها شئ آخر !!
لأن فى إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله، ما يوهم أن هذا الذى لا نعرف صدقه و لا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه، و مفصل لما أجمل فيه !وحاشا لله ولكتابه من ذلك.
(قلت: و هذا كلام رائع قد يستعين به طالب العلم فى إزالة شبهات عوام المسلمين و الملبس عليهم من قِبل القُصَّاص و من المعلوم أن العوام يحبون القصص حباً جماً و يلعب على ذلك الوتر أهل البدع من الصوفية و التبلغيين و غيرهم).
ثم يقول الشيخ رحمه الله: وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أذن بالتحدث عنهم أمرنا ألا نصدقهم و لانكذبهم، فأى تصديق لرواياتهم و أقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله و نضعها منه موضع التفسير أو البيان ؟!اللهم غفراً.اهـ
و بالمرفقات استشهاد الشيخ -رحمه الله- بقول الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنهما- فى هذه المسألة
ومن أراد مزيد إيضاح و بيان فعليه بمقدمة عمدة التفسير لمعرفة أكثر ما فى الأمر من برهان.
.................................................. .....................
عمدةالتفسير عن الحافظ ابن كثير (مختصرتفسير القرآن العظيم)- للشيخ أحمد شاكر
قراءة صوتية للكتاب