مِن حُسن الأسماء الحسنىٰ
"هٰذه الآيات الكريمات قد اشتملت علىٰ كثيرٍ مِن أسماءِ الله الحسنىٰ وأوصافِه العلىٰ، عظيمة الشأن، وبديعة البرهان، فأخبر أنه ﴿اللهُ﴾ المألوه المعبود، ﴿الَّذِي لا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ﴾، وذٰلك لكماله العظيم، وإحسانه الشامل، وتدبيره العام، وكلُّ إلٰهٍ سواه فإنه باطل، لا يَستحق مِن العبادة مثقال ذرة؛ لأنه فقير عاجزٌ ناقص، لا يملك لنفْسِه ولا لغيره شيئًا.
ثم وصف نفْسَه بعموم العِلم الشامل لِمَا غاب عنِ الخَلق وما يشاهدونه، وبعمومِ رحمته التي وسعتْ كلَّ شيء، ووصلتْ إلىٰ كلِّ حي.
ثم كرَّر [ذِكرَ] عمومِ إلٰهيَّتِه وانفرادِه بها، وأنه المالك لجميع الممالِك، فالعالمُ العُلويُّ والسُّفليُّ وأهلُه، الجميعُ مماليكٌ لِلّٰه، فقراءُ مدبَّرون.
﴿الْقُدُّوسُ السَّلامُ﴾ أي: المقدَّس السالم مِن كلِّ عيبٍ وآفةٍ ونقْص، المعظَّم الممَجَّد؛ لأنَّ القُدُّوسَ يدلُّ علىٰ التنزيهِ عن كلِّ نقْصٍ، والتعظيمِ لِلّٰه في أوصافه وجلاله.
﴿الْمُؤْمِنُ﴾ أي: المصدِّق لِرُسُله وأنبيائه، بما جاءوا به، بالآيات البيِّنات، والبراهينِ القاطعات، والحُجَجِ الواضحات.
﴿الْعَزِيزُ﴾ الذي لا يُغالَب ولا يمانَع، بل قد قَهَرَ كلَّ شيء، وخَضع له كلُّ شيء.
﴿الْجَبَّارُ﴾ الذي قَهَرَ جميعَ العِباد، وأَذْعَن له سائرُ الخَلق، الذي يَجبر الكَسير، ويُغني الفقير.
﴿الْمُتَكَبِّرِ﴾ الذي له الكبرياءُ والعظَمة، المتنزِّه عن جميعِ العُيوبِ والظُّلم والجَور.
﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ وهٰذا تنزيهٌ عامٌّ عن كلِّ ما وَصَفَه به مَن أَشْرَك به وعانَده.
﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ﴾ لجميع المخلوقات ﴿الْبَارِئُ﴾ لِلمَبْروءات ﴿الْمُصَوِّرُ﴾ للمُصَوَّرات.
وهٰذه الأسماءُ متعلِّقةٌ بالخَلق والتدبيرِ والتقدير، وأنَّ ذٰلك كلَّه قدِ انفرد اللهُ به، لم يُشاركْه فيه مشارِكٌ.
﴿لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ أي: له الأسماءُ الكثيرةُ جدًّا، التي لا يُحْصيها ولا يَعلمها أحدٌ إلَّا اللهُ هو، ومع ذٰلك؛ فكلُّها حُسنىٰ أي: صفاتُ كمالٍ، بل تدلُّ علىٰ أكملِ الصفاتِ وأعظمِها، لا نقْصَ في شيءٍ منها بوَجْهٍ مِن الوجوه. ومِن حُسْنِها:
▪ أنَّ اللهَ يُحِبُّها.
▪ ويحِبُّ مَن يُحِبُّها.
▪ ويحِبُّ مِن عِبادِه أن يَدْعُوه ويَسألوه بها.
ومِن كمالِه وأنَّ له الأسماءُ الحسنىٰ، والصفاتُ العليا:
أنَّ جميعَ مَن في السماوات والأرض مُفتقِرون إليه على الدَّوام، يُسبِّحون بِحمدِه، ويَسألونَه حوائجَهم، فيُعطِيهم مِن فضلِه وكرمِه ما تقتضيه رحمتُه وحكمتُه.
﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ الذي لا يريد شيئًا إلَّا ويكون، ولا يكوِّن شيئًا إلَّا لحكمة ومصلحة"
اﻫ من "تيسير الكريم الرحمٰن" ص 854.
سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية في 7/19/2014