بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فما هو حُكْمُ الخلطِ بين القراءاتِ أو الرواياتِ أو الطُّرُقِ؟
الجواب: لنعرِفْ أوّلًا ما هو الخلط.
الخلطُ: هو التنقل بين القراءات أثناء التلاوة مِن غيرِ إعادةٍ لأوجُهِ الخلافِ, ودون الالتزام بروايةٍ معيَّنةٍ؛ كأن يقرأ: {وهو} في موضعٍ بِضَمِّ الهاءِ وفي موضعٍ آخرَ بإسكانِها.
ويعبَّر عنه بـ: (الخلط), و(التلفيق), و(التركيب).
انظر: "مختصر العبارات لمعجم مصطلحات القراءات" لإبراهيم الدوسري (ص46).
وقد اختلف العلماء في حكمه على أقوال, ذَكَرَها إمامُ الفن المحققُ ابنُ الجزري في "النشر"؛ فقال (1/ 18 ): "...ولذلك مَنَعَ بعضُ الأئمةِ تركيبَ القراءات بعضِها ببعض, وخطَّأَ القارئَ بها في السنة والفرض.
قال الإمام أبو الحسن علي بن محمد السخاوي في كتابه" "جمال القراء" : "وخَلْطُ هذه القراءات بعضها ببعض خطأٌ".
وقال الحبر العلامة أبو زكريا النووي في كتابه: "التبيان" : "وإذا ابتدأ القارئ بقراءةِ شخصٍ مِن السبعة فينبغي أن لا يَزال على تلك القراءة ما دام للكلامِ ارتباطٌ, فإذا انقضى ارتباطُه فله أن يقرأ بقراءةِ آخَرَ من السبعة. والأولى دوامُه على تلك القراءة في ذلك المجلس".
قلت: وهذا معنى ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح في "فتاويه".
وقال الأستاذ أبو إسحاق الجَعْبَري: "والتركيب ممتنع في كلمة وفي كلمتين إن تعلق أحدهما بالآخر, وإلا كُرِه".
قلت: وأجازها أكثرُ الأئمة مطلقًا, وجَعَلَ خطأَ مانِعي ذلك محقَّقًا.
والصواب عندنا في ذلك التفصيل, والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل, فنقول:
إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنعُ من ذلك منْعُ تحريم, كمن يقرأ: {فتلقى آدم من ربه كلمات} بالرفع فيهما أو بالنصب؛ آخذا رفْعَ (آدم) من قراءةِ غيرِ ابن كثير, وَرَفْعَ (كلمات) من قراءة ابن كثير.
ونحو: {وكفلها زكريا} بالتشديد مع الرفع أو عكس ذلك.
ونحو: {أخذ ميثاقكم} وشِبْهِه مما يركَّب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة.
وأما ما لم يكن كذلك فإنا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرِها؛ فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضًا من حيثُ إنه كَذِبٌ في الرواية وتخليطٌ على أهل الدراية، وإن لم يكن على سبيل النقل بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح ومقبول لا مَنْعَ منه ولا حَظْرَ, وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات؛ مِن وجْهِ تساوي العلماء بالعوام, لا مِن وجْهِ أن ذلك مكروه أو حرام, إذ كلٌّ مِن عند الله, نزل به الروح الأمين, على قلب سيد المرسلين, تخفيفا عن الأمة، وتهوينا على أهل هذه الملة، فلو أوجبنا عليهم قراءةَ كل روايةٍ على حِدَةٍ لَشَقَّ عليهم تمييزُ القراءة الواحدة وانعكس المقصود من التخفيف وعاد بالسهولة إلى التكليف.
وقد روينا في "المعجم الكبير" للطبراني بسند الصحيح عن إبراهيم النخعي قال: قال عند الله بن مسعود: "ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض, ولكن الخطأ أن يُلحِقوا به ما ليس منه"...." انتهى كلام ابن الجزري –رحمه الله-.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فما هو حُكْمُ الخلطِ بين القراءاتِ أو الرواياتِ أو الطُّرُقِ؟
الجواب: لنعرِفْ أوّلًا ما هو الخلط.
الخلطُ: هو التنقل بين القراءات أثناء التلاوة مِن غيرِ إعادةٍ لأوجُهِ الخلافِ, ودون الالتزام بروايةٍ معيَّنةٍ؛ كأن يقرأ: {وهو} في موضعٍ بِضَمِّ الهاءِ وفي موضعٍ آخرَ بإسكانِها.
ويعبَّر عنه بـ: (الخلط), و(التلفيق), و(التركيب).
انظر: "مختصر العبارات لمعجم مصطلحات القراءات" لإبراهيم الدوسري (ص46).
وقد اختلف العلماء في حكمه على أقوال, ذَكَرَها إمامُ الفن المحققُ ابنُ الجزري في "النشر"؛ فقال (1/ 18 ): "...ولذلك مَنَعَ بعضُ الأئمةِ تركيبَ القراءات بعضِها ببعض, وخطَّأَ القارئَ بها في السنة والفرض.
قال الإمام أبو الحسن علي بن محمد السخاوي في كتابه" "جمال القراء" : "وخَلْطُ هذه القراءات بعضها ببعض خطأٌ".
وقال الحبر العلامة أبو زكريا النووي في كتابه: "التبيان" : "وإذا ابتدأ القارئ بقراءةِ شخصٍ مِن السبعة فينبغي أن لا يَزال على تلك القراءة ما دام للكلامِ ارتباطٌ, فإذا انقضى ارتباطُه فله أن يقرأ بقراءةِ آخَرَ من السبعة. والأولى دوامُه على تلك القراءة في ذلك المجلس".
قلت: وهذا معنى ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح في "فتاويه".
وقال الأستاذ أبو إسحاق الجَعْبَري: "والتركيب ممتنع في كلمة وفي كلمتين إن تعلق أحدهما بالآخر, وإلا كُرِه".
قلت: وأجازها أكثرُ الأئمة مطلقًا, وجَعَلَ خطأَ مانِعي ذلك محقَّقًا.
والصواب عندنا في ذلك التفصيل, والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل, فنقول:
إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنعُ من ذلك منْعُ تحريم, كمن يقرأ: {فتلقى آدم من ربه كلمات} بالرفع فيهما أو بالنصب؛ آخذا رفْعَ (آدم) من قراءةِ غيرِ ابن كثير, وَرَفْعَ (كلمات) من قراءة ابن كثير.
ونحو: {وكفلها زكريا} بالتشديد مع الرفع أو عكس ذلك.
ونحو: {أخذ ميثاقكم} وشِبْهِه مما يركَّب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة.
وأما ما لم يكن كذلك فإنا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرِها؛ فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضًا من حيثُ إنه كَذِبٌ في الرواية وتخليطٌ على أهل الدراية، وإن لم يكن على سبيل النقل بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح ومقبول لا مَنْعَ منه ولا حَظْرَ, وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات؛ مِن وجْهِ تساوي العلماء بالعوام, لا مِن وجْهِ أن ذلك مكروه أو حرام, إذ كلٌّ مِن عند الله, نزل به الروح الأمين, على قلب سيد المرسلين, تخفيفا عن الأمة، وتهوينا على أهل هذه الملة، فلو أوجبنا عليهم قراءةَ كل روايةٍ على حِدَةٍ لَشَقَّ عليهم تمييزُ القراءة الواحدة وانعكس المقصود من التخفيف وعاد بالسهولة إلى التكليف.
وقد روينا في "المعجم الكبير" للطبراني بسند الصحيح عن إبراهيم النخعي قال: قال عند الله بن مسعود: "ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض, ولكن الخطأ أن يُلحِقوا به ما ليس منه"...." انتهى كلام ابن الجزري –رحمه الله-.