بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم هداية للناس, بلسان عربي مبين, وجعله الآية العظمى لنبوة رسوله الكريم, وصلى الله على نبينا محمد صاحب المعجزات الباهرة, وعلى آله وصحبه وتابعيهم الخيرة البررة, أما بعد:
فإن من أشرف العلوم وأفضلها: القرآن الكريم, حفظاً وفهماً وتلاوة, قال النبي r : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه ". ([1])
ويقول عليه الصلاة والسلام: " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوماً ويضع به آخرين ". ([2])
ولقد بذل العلماء رحمهم الله جهوداً طيبة في سبيل وضع قواعد نظرية مناسبة لتلاوة القرآن الكريم, وكانت الغاية من وضع هذا العلم: تثبيت أصول التلاوة وفق قراءة الرسول r التي تلا بها القرآن الكريم على أصحابه رضي الله عنهم أجمعين .
ولما كان تعلم القرآن بهذه المنزلة العالية الرفيعة؛ اهتم أهل العلم بتعلمه وتعليمه, وانتشرت كتب هذا الفن وسميت بكتب (القراءات) و(التجويد), وذهب جمع كثير من أهل العلم إلى وجوب تعلم التجويد مستدلين بالقرآن الكريم, وسنة النبي الأمين, وأقوال السلف الصالحين:
قال الله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا). ([3])
وقال تعالى: (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا). ([4])
وقال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ). ([5])
وقال تعالى: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). ([6])
في هذه النصوص: الأمر بترتيل القرآن الكريم, وأنه أنزل مرتلاً من عند الله, فلا يجوز العدول عن هذه الصفة لكلام الله عز وجل إلى غيرها.
أما الأدلة من السنة:
فقوله r: "الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".([7])
قال النووي -رحمه الله-: " النصيحة لكتاب الله: تلاوته حق التلاوة وتحسينها, والخشوع عندها, وإقامة حروفه في التلاوة، ومن تمام النصح لهذا الكتاب أن تقرأه بقراءة سليمة بلا سرعة مخلة ولا لحن"اهـ.
وقال عليه الصلاة والسلام: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".([8])
وأما الدليل من أقوال السلف:
فعن عبد الله بن مسعود t أنه سمع رجلاً يقرأ قوله عز وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ). مرسلة فقال: "ما هكذا أقرأنيها رسول الله r", قال له: فكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: "(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ)".ومدها. ([9])
والشاهد من هذا الأثر: إنكار عبد الله بن مسعود هذه القراءة على هذا القارئ, مع أن هذا اللحن لا يفسد المعنى.
وقال ابن الجزري -رحمه الله-: وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لاَزِمُ ... مَنْ لَمْ يُجَوْدِ الْقُرَآنَ آثِمُ
وسأجعل هذا البحث -إن شاء الله- على شكل سؤال وجواب, مع الأمثلة لكل حكم من أحكام التجويد,
نسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
([1]) رواه البخاري عن عثمان رضي الله عنه.
([2]) رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه.
([3]) المزمل: (4).
([4]) الفرقان: (32).
([5]) البقرة: (91).
([6]) الزمر: (2.
([7]) رواه مسلم عن أبي رقية.
([8]) رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
([9]) السلسلة الصحيحة (ج 5 رقم 2297).
◄ حمل البحث على شكل ملف PDF مفهرس وعلى شكل ملف وورد من المرفقات
تعليق