قال تعالى: ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون)
الموازين: جمع ميزان، وقد وردت في الكتاب والسنة مجموعة ومفردة فقال الله تعالى هنا: ( فمن ثقلت موازينه ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)فقال في الميزان ولم يقل في الموازين فجمعت مرة وأفردت أخرى؛ وذلك لكثرة ما يوزن، فلكثرة ما يوزن جمعت، ولكون الميزان واحداً ليس فيه ظلم ولا بخس أفردت .أما الذي يوزن فقد قال بعض العلماء: إن الذي يوزن هو العمل، وقال بعض العلماء: الذي يوزن العامل نفسه؛ وذلك لأن كلاً منها جاءت به أحاديث .أما الذين يقولون: إن الذي يوزن هو العمل فاستدلوا بقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره )، فجعل الوزن للعمل .والذين قالوا: إن الذي يوزن صحائف العمل استدلوا بحديث صاحب البطاقة الذي يأتي يوم القيامة فيمد له سجل يعني أوراقاً كثيرة مد البصر كلها سيئا ، حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله له: ( إن لك عندنا حسنة فيؤتى ببطاقة فيها لا إلهإلا الله ) قالها من قلبه فتوضع البطاقة في كفة، وتلك السجلات في كفة فترجح البطاقة بها، فهذا يدل على أن الذي يوزن صحائف العمل .وأما الذين قالوا: إن الذي يوزن هو العامل نفسه، فاستدلوا بقوله تعالى: (فلا نقيم لهم يوم القيامةوزنا) والمهم أنه يوم القيامة توزن الأعمال أو صحائف الأعمال أو العمال (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون*ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن ثقلت موازينهم ومن المفلحين الفائزين برضوان الله.شرح الرياض للشيخ ابن عثيمين