السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
قوله تعالى :{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِۦ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَآ أَن رَّءَا بُرْهَـٰنَ رَبِّهِۦ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلْفَحْشَآءَ ۚ إِنَّهُۥ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ } ﴿٢٤﴾ يوسف .
و هَمُّ يوسف اختلف فيه أقوال و أنظار أهل العلم ، فمنهم من قال بأنَّ يوسف لم يَهُمَّ أصلا لأنَّ ( لولا ) تفيد الإمتناع للوجود ، كما تقول : قَتَلْتُكَ لَولاَ صُرَاخُكَ ...فلمَّا وُجِد الصراخ امتنع القتل .
و قوله تعالى : {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَـٰرِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِۦ لَوْلَآ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }﴿١٠﴾ القصص ...فلولا الربط على قلبها لأبدت به و هي لم تبدي به أصلا .
- و يعكر على هذا أنَّ جواب ( لولا ) لا يسبقها ، و هذا النظر في الآية بهذه الصورة يجعل ( و هَمَّ بها ) و هو جوابها يكون سابقا عليها ، فقالوا لا ، بل الجواب محذوف و هذا دليل عليه ، فيكون التقدير :
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَآ أَن رَّءَا بُرْهَـٰنَ رَبِّهِ هَمَّ بها ...و جواب( لولا ) محذوف ، و أمَّا (هَمَّ بِهَا ) الذي ذكر قبلها إنَّما هو دليل على الجواب المحذوف .
- و القراء المجُِيدُون يفصلون بين هَمِهَا و هَمِهِ فيقفون على قوله تعالى :{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } ...ثمَّ يبدؤون { وَهَمَّ بِهَا ...} .
- و من أهل العلم من قال : إنَّ الهَمَّ مرحلة دون الفعل و هو شيء يكون في النفس و لم يظهر له أثر في الوجود بعد ، فالإنسان إذا همَّ بالشيء ثم رجع عنه فهو لم يفعله كما قال الله جلى و على فيما بَيَّنَ النبي – صلى الله عليه و سلم - : { ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة...} إذن هو لم يعملها .
ففي هَمِّ يوسف عليه السلام كثير من الأقوال و الأنظار لكنَّه يبقى عندنا أنَّه صبر على معصية الله .
التعليق والتهذيب على جامع العلوم والحِكَم لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان .