بسم الله الرحمن الرحيم
حال سلسلة محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن جده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- كثيرة الدوران في تفسير الطبري [ابن تيمية ، ابن عبد الهادي، أحمد شاكر، الوادعي ، الرازحي..]
يقول الطبري في تفسيره ((حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس))حال سلسلة محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن جده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- كثيرة الدوران في تفسير الطبري [ابن تيمية ، ابن عبد الهادي، أحمد شاكر، الوادعي ، الرازحي..]
هذه سلسلة كثيرة الدوران في تفسير ابن جرير الطبري -رحمه الله- وربما لم يعرف الطالب حالها لبعض الاشتباه في أسماء رواتها، فأحببت نقل كلام العلامة أحمد شاكر -رحمه الله-، وهكذا ما أفاده الشيخ علي الرازحي -وفقه الله- عن موقف العلامة الوادعي -رحمه الله- من هذه السلسلة، ثم خلاصة كلام الشيخ الرازحي -وفقه الله- من خلال كتابه "التيسير لمعرفة المشهور من أسانيد وكتب التفسير"، ودونكم كلامهم وليس لي فيه إلا الجمع:
قال العلامة أحمد شاكر-رحمه الله- في تعليقه على تفسير الطبري:
(1) الخبر 305- هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير الطبري ، وقد مضى أول مرة 118 ، ولم أكن قد اهتديت إلى شرحه . وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة ، إن صح هذا التعبير! وهو معروف عند العلماء بـ "تفسير العوفي" ، لأن التابعي -في أعلاه- الذي يرويه عن ابن عباس ، هو"عطية العوفي" ، كما سنذكر . قال السيوطي في الإتقان 2 : 224 : "وطريق العوفي عن ابن عباس ، أخرج منها ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، كثيرا . والعوفي ضعيف ، ليس بواه ، وربما حسن له الترمذي" . وسنشرحه هنا مفصلا ، إن شاء الله :
محمد بن سعد ، الذي يروى عنه الطبري : هو محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي ، من"بني عوف بن سعد" فخذ من"بني عمرو بن عياذ بن يشكر بن بكر بن وائل" . وهو لين في الحديث ، كما قال الخطيب . وقال الدارقطني : "لا بأس به" . مات في آخر ربيع الآخر سنة 276 . ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد 5 : 322 - 323 . والحافظ في لسان الميزان 5 : 174 . وهو غير"محمد بن سعد بن منيع" كاتب الواقدي ، وصاحب كتاب الطبقات الكبير ، فهذا أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين ، قديم الوفاة ، مات في جمادي الآخرة سنة 230 .
أبوه"سعد بن محمد بن الحسن العوفي" : ضعيف جدا ، سئل عنه الإمام أحمد ، فقال : "ذاك جهمي" ، ثم لم يره موضعا للرواية ولو لم يكن ، فقال : "لو لم يكن هذا أيضا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه ، ولا كان موضعا لذاك" . وترجمته عند الخطيب 9 : 136 - 127 ، ولسان الميزان 3 : 18 - 19 .
عن عمه : أي عم سعد ، وهو"الحسين بن الحسن بن عطية العوفي" . كان على قضاء بغداد ، قال ابن معين : "كان ضعيفا في القضاء . ضعيفا في الحديث" . وقال ابن سعد في الطبقات : "وقد سمع سماعا كثيرا ، وكان ضعيفا في الحديث" . وضعفه أيضا أبو حاتم والنسائي . وقال ابن حبان في المجروحين : "منكر الحديث . . ولا يجوز الاحتجاج بخبره" . وكان طويل اللحية جدا ، روى الخطيب من أخبارها طرائف ، مات سنة 201 . مترجم في الطبقات 7/2/ 74 ، والجرح والتعديل 1/2/ 48 ، وكتاب المجروحين لابن حبان ، رقم 228 ص 167 ، وتاريخ بغداد 8 : 29 - 32 ، ولسان الميزان 2 : 278 .
عن أبيه : وهو"الحسن بن عطية بن سعد العوفي" ، وهو ضعيف أيضا ، قال البخاري في الكبير : "ليس بذاك" ، وقال أبو حاتم : " ضعيف الحديث" . وقال ابن حبان : "يروى عن أبيه ، روى عنه ابنه محمد بن الحسن ، منكر الحديث ، فلا أدري : البلية في أحاديثه منه ، أو من أبيه ، أو منهما معا؟ لأن أباه ليس بشيء في الحديث ، وأكثر روايته عن أبيه ، فمن هنا اشتبه أمره ، ووجب تركه" . مترجم في التاريخ الكبير 1/2/ 299 ، وابن أبي حاتم 1/2/ 26 ، والمجروحين لابن حبان ، رقم 210 ص 158 ، والتهذيب .
عن جده : وهو"عطية بن سعد بن جنادة العوفي" ، وهو ضعيف أيضا ، ولكنه مختلف فيه ، فقال ابن سعد : "كان ثقة إن شاء الله ، وله أحاديث صالحة . ومن الناس من لا يحتج به" ، وقال أحمد : "هو ضعيف الحديث . بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير . وكان الثوري وهشيم يضعفان حديث عطية" . قال : صالح" .
وقد رجحنا ضعفه في شرح حديث المسند : 3010 ، وشرح حديث الترمذي : 551 ، وإنما حسن الترمذي ذاك الحديث لمتابعات ، ليس من أجل عطية . وقد ضعفه النسائي أيضا في الضعفاء : 24 . وضعفه ابن حبان جدا ، في كتاب المجروحين ، قال : " . . فلا يحل كتبة حديثه إلا على وجه التعجب" ، الورقة : 178 . وانظر أيضا : ابن سعد 6 : 212 - 213 والكبير البخاري 4/1/ 8 - 9 . والصغير 126 . وابن أبي حاتم 3/1/ 382 - 383 . والتهذيب .
والخبر نقله ابن كثير 1 : 85 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 29 ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم . وكذلك صنع الشوكاني 1 : 28 . ا.هـــــــــــــ
وخلاصة كلام الشيخ أحمد شاكر أنها شديدة الضعف، وللشيخ اختيار مشهور في الاستشهاد بما اشتد ضعفه، لكن هل يشمل هذا مَن قيل فيه : جهمي؟!
العلامة مقبل الوادعي-رحمه الله-:
قال الشيخ علي الرازحي في حاشية ص76:
وقد سمعته يقول في بعض دروسه: إن هذه السلسة صالحة في الشواهد ا.هــ
الشيخ علي الرازحي -وفقه الله-:
الحكم على هذا السند ، سند ضعيف جدا، مسلسل بالضعفاء، لا يصلح للاعتبار به، وتكلم في هذا السند شيخ الإسلام في "الرد على البكري" (1/ 75) بما حاصله تضعيف هذه الطريق ا.هـ ص46 المرجع السابق.
وقال تعليقا على كلام الشيخ مقبل -رحمه الله-:
قلت: وذلك متعقب بأمرين:
الأول: أنها مسلسلة بالضعفاء وهذا يوهنها.
الثاني: أن فيها كما سبق من لا يصلح في الشواهد وهو سعد بن محمد ..هذا والله أعلم ا.هـــ
قلت: وخلاصة الكلام إن هذه الطريق شديدة الضعف لا تصلح في الشواهد والاعتبار لما قيل في سعد بن محمد، ولو مشينا على كلام ابن حبان لزدنا عليه روايان. ثم قول من قال: روايتهم هذه رواية كتاب وصحف، ورواية الكتاب مقبولة ولو من الضعيف، ثم هم أهل بيت واحد فهم أضبط لمروياتهم.
فيقال جوابا على هذا : هم لم ينكر عليهم إلا بروايتهم عن بعضهم البعض، فالمناكير واقعة فيما ادعيت اختصاصهم به.
ثم هذا وإن كان فيه بعض الحق ، فلا يتسامح مع مَن رُمي بالتجهم والعياذ بالله .. نعم لو لم يصح ذا فتبقى المسألة محل تأمل، وكأن الحافظ ابن عبد الهادي يميل إلى هذا قال في التنقيح:
ز : محمد بن سعد هو : العوفي، وهذا الإسناد مشهورٌ ، وإن كان في بعض رواته كلامٌ ، وقد روى نسخة عن ابن عبَّاس يرويها ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما o .ا.هـــ [5/ 46] كلامه
ولم يزد على هذا مع أنّ عادته بيان العلل وتتبع مواطن الضعف في الإسناد، وقد وقع في بعض طبعات التنقيح تصرف في كلام ابن عبد الهادي بحيث يفهم القارئ تصحيحه لهذه الطريق، وعلى كل فالمسألة محل نظر وتأمل، لكن هناك فرقٌ بين تمشية الرواية في الجملة ما لم تخالف المشهور عن ابن عباس أو تخالف مرفوعا أو موقوفا صحيحا، وبين الحكم بصحتها ، ولذا فتجد الإمام ابن تيمية -رحمه الله- يستشهد كثيرا بروايات تفسيرية لابن عباس من طريق العوفي عنه لكنه مع هذا صرح بتضعيفها كما أشار الشيخ الرازحي سابقا، كما في الرد على البكري حيث قال:
و أما التفاسير المضافة إليه ...وتفسير آخر يرويه محمد بن سعد العوفي عن آبائه عن عطية العوفي عن ابن عباس و عطية بن سعد ضعيف تكلم الناس فيه ا.هـــ
ففرق بين الاستئناس والتمشية وبين التحسين والتصحيح...هذا والله تعالى أعلى وأعلم بالصواب.
ومن عنده إضافة في تصرفات الأئمة مع هذه السلسلة فليفدنا، وإلا فالتوسع في ترجمة هؤلاء ممكن متيسر والحمد لله رب العالمين...
تعليق