[سؤال] هل الآيتان: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} خاصتان بالكفار؟

[أبو عبد الرحمن صلاح السلفي]

السلام عليكم ورحمة الله؛ هل الآيتان: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} خاصتان بالكفار؟

[أم لبابة السلفية]

رد: هل الآيتان: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} خاصتان بالكفار؟

:: بسم الله الرحمن الرحيم ::

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ ﴿الأنعام: 116﴾.


قالَ الإمامُ الحافظ ابن كثير (ت: 774هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تفسيره: «يُخبر تَعَالَى عَنْ حالِ أكثر أهل الأرض مِنْ بني آدم أنَّهُ الضَّلال؛ كما قالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ﴿الصَّافَّات: 71﴾.

وقالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿يُوسف: 103﴾، وهُم في ضلالهم ليسوا على يقينٍ مِنْ أمرهم، وإنَّما هُم في ظُنونٍ كاذبةٍ، وحُسبانٍ باطلٍ؛ ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾، فإنَّ الخرص هُوَ الحزر، ومنه خرص النَّخل، وهُوَ حزر ما عليها مِنَ التَّمر، وذلك كلَّه عَنْ قدر الله ومشيئته».اهـ.

([«تفسير القُرآن العظيم» (3/332)])

وقالَ الشَّيخ العلاَّمة عبد الرَّحمن بن ناصر السّعديُّ (ت: 1376هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «يقولُ تَعَالَى، لنَبيِّهِ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، محذِّرًا عَنْ طاعة أكثر النَّاس: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ﴾ فإنَّ أكثرهم قد اِنْحرفوا في أديانهم وأعمالهم، وعُلومهم. فأديانهم فاسدة، وأعمالهم تبعٌ لأهوائهم، وعُلومهم ليس فيها تحقيقٌ، ولا إيصال لِسَواء الطَّريق.

بل غايتهم أنَّهم يتَّبعون الظَّنَّ، الَّذي لا يُغني مِنَ الحقِّ شيئًا، ويتخرَّصون في القول على الله ما لا يعلمون، ومَنْ كان بهذه المثابة، فحريٌّ أنْ يُحذِّر الله منه عبادَه، ويصف لهم أحوالهم؛ لأنَّ هذا ـ وإنْ كانَ خطابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فإنَّ أُمَّته أسْوةٌ لهُ في سائر الأحكام، الَّتي ليست مِنْ خصائصه».اهـ.


([«تيسير الكريم الرَّحمن» ص: (270)])

وقالَ الشَّيخ العلاَّمة مُحمَّد الأمين الشّنْقيطيّ (ت: 1393هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «قَوْلهِ تَعَالَى: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ﴾. ذكرَ في هذه الآية الكريمة أنَّ إطاعة أكثر أهل الأرض ضلالٌ، وبيَّن في مواضعٍ أُخر أنَّ أكثر أهل الأرض غير مؤمنين، وأنَّ ذلك واقع في الأُمم الماضية، كقَوْلهِ: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿الرَّعد: 1﴾.

وقَوْلهِ: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿يُوسف: 103﴾، وقَوْلهِ: ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ﴿الصَّافَّات: 71 ﴾، وقَوْلهِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ﴿الشُّعراء: 8﴾، إلى غير مِنَ الآيات».اهـ.


([«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقُرآن» (2/24)])