بسم الله الرحمن الرحيم
موعظة للشيخ محمد سعيد رسلان
التفريغ:
عبادَ الله، أمةَ محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - القرآنُ حياتكم، القرآن لحمكم، القرآن دمائكم، القرآن عَصَبُكم، القرآن عِرضكم، القرآن دنياكم والقرآن آخرتكم. القرآن العظيم سبب عِزِّكم، القرآن العظيم سبب رِفعتكم.
عباد الله، القرآن العظيم لو جعلتموه خلفكم، كنتم في ذِلة وفي مَسْكَنَة لأنه حَبْلُ اللهِ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا. وحبلُ اللهِ دينُه وقرآنُه المجيد، في أطهر أقوال المفسرين.
عارٌ - وأيُّ عار- أن تتقن الإنكليزية على وجهها كأنما قد تعلمتَها على أهلها ومن وُلِدوا راضعين لحروفها وآدابها، عارٌ عليك أن تتقن لغة ولغتين وثلاث لغات من لغات الأعاجم، ولا تستطيع أن تُقِيم لغتك العربية في جملة واحدة يَفْهَمُ منك الفَاهِمُ بياناً ويَسْمَعُ منك الفصيح بلاغةً.
عارٌ عليك أن تَدَعَ سبب عزَّتك وتتمسك بأسباب ذِلَّتك. عارٌ عليك، فهذا لا يدل إلا على [فسولة] الرأي، ولا يدل إلا على طمس البصيرة.
عارٌ عليك أن يكون كتاب الله جلَّ وعلا عندك في بيتك وبين يديك قد علاه الغبارُ.
عارٌ عليك أن لا تُقبلَ على كتاب الله إلا إذا أصابتك المصيبة، وإلا إذا لُوِيَ منك خلف الظَهْرِ الذراعُ.
عارٌ عليك ألا تعود إلى الله إلا إذا مرضْتَ فعجزْتَ.
عارٌ عليك أن لا تلتفت إلى نعمة الله عليك.
عارٌ عليك أن تجعل القرآن خلفك ظِهرياً، ثم لا تنظر فيه مُصبحاً وممسياً.
عارٌ عليك أن لا تكون (...) لسورة قصيرة في كتاب الله جلَّ وعلا.
عارٌ عليك أن لا يقوم لسانك بكلام ربك جلَّ وعلا.
عباد الله، ينبغي علينا أن نفيق وينبغي علينا أن نكون عاقلين. ينبغي علينا أن نكون واعين، لأننا إذا لم نحرص على صالحنا نحن، فلن يحرص على صالحنا أعداؤُنا. وإذا لم نَحْمِ أعراضنا نحن، فإنه لا يُنتظر من أعدائنا أن يصونوا أعراضنا. وإذا لم ندافع عن ديننا نحن، فإن الله جلَّ وعلا لن يُنزل نُصرةً من السماء إلا إذا استَبْدَلَنَا وأذهبنا ظاهراً وباطناً، وإنْ تتولوا يَسْتَبْدِلْ قوماً غيرَكم ثمَّ لا يكونوا أمثالكم.
إلى متى ضياعكم، إلى متى خنوعكم، إلى متى ذُلكم، إلى متى قعودكم، إلى متى رُقودكم، إلى متى هذا السُّباتُ عبادَ الله، والقرآن المجيد يقرع آذان القلوب في الصباح وفي المساء، وما من مجيب. والنبي يشكوكم إلى ربه: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} [سورة الفرقان:30].
تفقهوا في كتاب الله، ولا تذروا يوماً يَمُرُّ من غير أن تنظروا في القرآن العظيم.