خطبة هذا الأسبوع
تأمُّلات في سورة العَصرِ
للشيخ صالح الفوزان حفظه الله
[بتصرف]
تأمُّلات في سورة العَصرِ
للشيخ صالح الفوزان حفظه الله
[بتصرف]
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ لله نحمده ونستعينُه ونستغفرُه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70-71]. ألا وإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدْيِ هدْيُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ مُحدَثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ تعالى -عبادَ اللهِ- حقَّ التقوى، وتمسَّكوا مِن الإسلامِ بالعُروةِ الوُثقى، واحذَروا أسبابَ سخطِ الجبَّارِ؛ فإنَّ أجسامَكم على النارِ لا تَقْوَى.
عبادَ الله! سُورةٌ وَجيزةٌ مِن كتابِ اللهِ تعالى حَوَتْ عِلماً كثيراً -وفي كلِّ كتابِ اللهِ الهُدى والنورُ، وفيه شِفاءٌ لِما في الصدورِ-. هذه السورةُ القصيرةُ في آياتِها العظيمةِ، في معانيها وأحكامِها وعِظاتِها؛ قال عنها الإمامُ الشافعيُّ -رحمه الله-: " لو تَدَبَّر الناسُ هذه السورةَ؛ لَوَسِعَتْهُم"، تِلكم -عبادَ الله- هي: سورةُ العَصر.
هذه السورةُ العظيمةُ التي عرفَ الصحابةُ الكرامُ -رضي الله عنهم- فَضلَها وعَظَمَتَها وَعَظمةَ ما جاء فيها مِن توجيهاتٍ مِن عند اللهِ تبارك وتعالى. فقد كان الرَّجُلان مِن أصحابِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- إذا الْتَقَيا لا يَفتَرِقان حتى يَقرأَ أحدُهما على الآخَرِ سُورةَ العصرِ؛ وهذا العملُ منهم لا يَكونُ إلا بِتَوْقيفٍ مِنْ مُعَلِّمِهم ورَسولِهم -عليه أفضلُ الصلاةِ وأزكى التسليمِ-؛ إمَّا قولاً أو فِعلاً أو تَقريراً؛ ذلك لأنهم -رِضوانُ اللهِ عليهم- أبعدُ الناسِ عن إحداثِ عبادةٍ في الدِّينِ يتقرَّبون بها إلى اللهِ تعالى، بل لا بُدَّ مِن ذلك التوقِيفِ الذي أخذوه منه -عليه الصلاةُ والسلام-؛ لأنهم كانوا على الهُدى المستقيمِ، ولا يَجتمعون على ضلالةٍ قطُّ. ولفظُ هذا الخَبَرِ -الذي له حُكمُ الرَّفْعِ قَطعاً كما تقدَّم-: (كانَ الرَّجُلانِ مِن أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- إذا الْتَقَيا لَمْ يَتفرَّقا حتى يَقرأَ أحدُهُما على الآخَرِ: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، ثُم يُسَلِّمُ أحدُهُما على الآخَرِ)؛ وهذا مِن أجلِ أن يُذَكِّروا بعضَهم بهذه السورةِ العظيمةِ؛ فَيَعْمَلوا بها ويَلتَزِموها ظاهراً وباطناً.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. ففي هذه الآياتِ: بَيانُ أسبابِ الخُسرانِ والرِّبحِ. ولا شكَّ أنَّ كلَّ عاقلٍ يريدُ الرِّبحَ ولا يريدُ الخسارةَ، ولكنَّ بعضَ الناسِ لا يعلمون الطريقَ المُوصلةَ إلى الخسارةِ فَيَتَجنَّبَها، والأسبابَ الموصلةَ إلى الربحِ فَيَطْلُبَها. وقد بيَّن اللهُ لهم ذلك في سورةٍ يَحفظُها الصغيرُ والكبيرُ، والعامِّيُّ والمُتَعَلِّمُ؛ لِتقومَ بذلك الحجةُ على خَلْقِه، ولِيعملَ مَن يريدُ النجاةَ لِنفسِه. فَلِلَّهِ الحمدُ والمنةُ وله الحجةُ البالغةُ على خَلْقِه.
أقسم اللهُ بالعصرِ الذي هو الوقتُ الذي يعيشُ فيه الإنسانُ في هذه الحياةِ، وللهِ تعالى أنْ يُقسِمَ بما شاء مِن مخلوقاتِه، أما المخلوقُ؛ فلا يجوزُ له أن يُقسِمَ إلا باللهِ تعالى؛ لأن ذلك شِركٌ. واللهُ تعالى لا يُقسمُ بشيءٍ إلا وفيه سِرٌّ عظيمٌ، وحكمةٌ بالغةٌ؛ مِن أجلِ أن يُلفِتَ الأنظارَ إليه؛ إمَّا للاعتبارِ أو للاستفادةِ منه. وهو هنا أقسمَ بالعصرِ الذي هو الزمانُ، بما فيه مِنَ العِبرِ، مِن تَقلُّبِ الليلِ والنهارِ، وبما فيه مِنَ الحوادثِ والعِبَرِ والمتغيِّراتِ والمتضادَّاتِ، وما فيه مِنَ الفائدةِ العظيمةِ للإنسانِ إذا أحسَنَ استغلالَه فيما يَنفَعُهُ ويُفيدُه. أقسم بذلك على أنَّ كلَّ إنسانٍ في خسارةٍ وهلاكٍ في الدنيا والآخرةِ، إلا مَنِ استغلَّ هذا الوقتَ بأربعةِ أشياء: الإيمانِ، والعملِ الصالحِ، والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ.
فقولُه تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا}: فالإيمانُ: هو تصديقُ القلبِ ولا ينفعُ بِدونِ عَملٍ، كما قال الحسنُ البصريُّ: (ليس الإيمانُ بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، ولكنه ما وَقَرَ في القلبِ وصدَّقهُ العملُ). وما كلُّ عَملٍ يكونُ صالِحاً إلا إذا توفَّر فيه الإخلاصُ للهِ مِن جميعِ أنواعِ الشِّركِ، والمتابعةُ للرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، وتَركُ جميعِ البدعِ والمحدثاتِ. وهناك مِنَ الخَلْقِ مَن يَعمَلون أعمالاً يَرجُونَ أجْرَها وثَوابَها، وهي تُبْعِدُهم عن اللهِ وعن جنَّتِه، وتُدخِلُهم نارَ جهنَّم؛ لَمَّا كانت فاقِدةً لِهذَيْنِ الشَّرْطَيْن أو أحدِهما.
وقولُه تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: والحقُّ: كلُّ ما كان ضدَّ الباطلِ. وهو: عَملُ الطاعاتِ وتَركُ المعاصي؛ فيشملُ بذلك الشريعةَ كلَّها. ومِنَ التواصي بالحقِّ: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ والدعوةُ إلى اللهِ على بصيرةٍ وبِحكمةٍ، وتعليمُ الجاهلِ وتذكيرُ الغافِل. فلا يكفي أنَّ الإنسانَ يعملُ العملَ الصالِحَ ويقتصرُ على إصلاحِ نفسِه، بل لا بُدَّ أن يعملَ على إصلاحِ غيرِه؛ لأنه لا يكونُ مؤمناً حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه، ولا يكونُ ناجياً مِنَ الخسارةِ حاصلاً على الرِّبحِ حتى يُصلحَ نفسَه ويُصلحَ غيرَه. وهذا يدلُّ على وجوبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، ولا يُعدُّ تَدَخُّلاً في أمورِ الناسِ؛ كما يقولُ بعضُ السفهاءِ في هذه الأيامِ: (إنَّ هيئاتِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ تتدخلُ في أمورِ الناس)!! ولا يدري هذا الجاهلُ أنَّ الآمِرِين بالمعروفِ والناهِين عن المنكرِ يُريدون الخيرَ للناسِ، والنجاةَ لهم مِن عذابِ اللهِ، وإنقاذَهم مِن الهلاكِ؛ فقد جاء في الحديثِ: "إنَّ الناسَ إذا رَأَوا المنكرَ ولم يُغَيِّروه أَوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقابٍ مِنه"، وقد لعن اللهُ بني إسرائيلَ؛ لأنهم كانوا لا يَتناهَوْن عن منكرٍ فَعلوه.
وقوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: الصبرُ: هو حبسُ النفسِ على طاعةِ اللهِ وإبعادِها عن معصِيَتِه؛ وهو ثلاثةُ أنواعٍ: 1- صبرٌ على طاعةِ اللهِ. 2- وصبرٌ عن مَحارمِ اللهِ. 3- وصبرٌ على أقدارِ اللهِ المؤلِمةِ. ومُناسبةُ ذِكرِ الصبرِ بعد ذِكرِ التواصي بالحقِّ؛ لأن الذي يأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ لا بُد أن يتعرَّضَ لأذيةِ الناسِ القوليةِ والفعليةِ؛ فعَلَيْهِ أن يصبرَ على ذلك، ويستمرَّ في الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، حتى لَو أُوذِيَ، فيتَحَمَّلُ ما يَنالُه مِن الأذى. والذي لا يَصبرُ على أذى الناسِ؛ لا يستطيعُ أن يستمرَّ على نصيحَتِهم. وقد قال الأنبياءُ: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12]. وجاء في الآيةِ الأخرى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17]، وبهذه الوصايا الثلاثِ: التواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ والتواصي بالمرحمةِ؛ تكتملُ مُقوِّماتُ المجتمعِ المتكامِل؛ لأن التواصيَ بالحقِّ إقامةُ الحقِّ واستقامةٌ على الطريقِ المستقيمِ، وبالتواصي بالصبرِ يَستطيعون مُواصلةَ سَيْرِهم على هذا الصراطِ ويَتَخطَّوْن كلَّ عقباتٍ تُواجَه، وبالتواصي بالمَرْحَمة: يكونون مُرتَبِطين كالجسدِ الواحدِ. وتلك أعطياتٌ لم يُعطِها إلا القرآنُ، وأعطاها في هذه السورةِ الموجزة).
فتدبَّروا -رَحمني اللهُ وإياكم- هذه السورةَ العظيمةَ؛ فهي سورةٌ مُعجزةٌ وَجيزةٌ في ألفاظِها غزيرةٌ في مَعانيها، جامعةٌ لأسبابِ السعادةِ بِحذافِيرها، ومُحذرةً مِن أسبابِ الشقاوةِ جميعِها. ولو أراد أبلغُ الناسِ وأفصحُهم أن يُبيِّنَ أسبابَ السعادةِ وأسبابَ الشقاوةِ؛ لاحتاج إلى مجلداتٍ، وقد لا يَصِلُ إلى المطلوبِ! ولكنْ هذا كلامُ الله الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن بين يدَيْه ولا مِن خلفِه تَنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ، ولا يستطيعُ الجنُّ والإنسُ أن يأتوا بسورةٍ مِن مِثلِه. فاتَّقوا اللهَ -عبادَ الله- واجعلوا سورةَ العصرِ مِنهاجاً تَسيرون عليه في طريقِكم إلى اللهِ، ولا تُضيِّعوا العمَلَ بها فتكونوا مِن الخاسِرين.
أقول ما تسمعون، وأستغفرُ الله لي ولكم مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، جعل الليلَ والنهارَ خِلفةً لِمَن أراد أن يذًّكَّر أو أرادَ شُكوراً، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، سبحانه وتعالى عمَّا يقولُ الظالِمون عُلوًّا كبيرًا، وأشهدُ أن نبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه أرسله شاهداً ومُبشِّراً ونذيراً.
أما بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ الله- واحفظوا أوقاتَكم وأعمارَكم مِن الضياعِ، وأعمالَكم مِن الفسادِ، واغتنموا أعمارَكم بالطاعةِ والعبادةِ والأعمالِ الصالحةِ قبل أن تَندَمُوا على فواتِها يومَ لا ينفعُ الندمُ، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ - أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:58]، إنه عُمُرُك -أيها الإنسانُ- فلا تُضيِّعْه باللهوِ واللعبِ والغفلةِ والإعراضِ والمعاصي والذنوبِ والبِدَعِ والمحُدَثاتِ؛ فإن كثيراً مِن الناسِ يُعطي نفسَه ما تَشتهي، ولو كانت مِن الأمورِ المحرَّمةِ التي فيها مَضرَّتُها وشقاوَتُها، لا يُفكِّرُ في الموتِ ولا في القبرِ ولا في الحشرِ والحسابِ، ولا يتأملُ في سورةِ العصرِ وما تَطلبُه منه مِنَ الإيمانِ والعملِ الصالحِ والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ! ولذلك قال الإمامُ الشافعيُّ -رحمه الله- عن هذه السورةِ: " لو تَدَبَّر الناسُ [في] هذه السورة؛ لَوَسِعَتْهُم"، وصدَق -رحمه الله-؛ فإن هذه السورةَ سورةٌ يغفلُ عن معانيها كثيرٌ مِن الناسِ، ولو تأمَّلوها وتدبَّروها؛ لَعَلِموا أن سعادتَهم أو شقاوتَهم مُترتِّبةٌ على فَهمِها والعملِ بها. فما أعظمَ فَهْمَ الصحابةِ الذين كانوا إذا اجْتَمعوا لا يتفرَّقون حتى يقرأَ بعضُهم على بعضٍ هذه السورةَ العظيمةَ! وما أعظمَ فَهْمَ الإمامِ الشافعيِّ ومقولَتَه عن هذه السورةِ!
اللهمَّ! فقِّهْنا في الدِّينِ وعَلِّمنا التأويلَ وارزقنا تدبُّرَ كتابِكِ والعملَ به يا سميعَ الدعاء! اللهمَّ! اجعلْه حُجةً لنا ولا تجعلْه حجةً علينا، اللهمَّ! اجعلْه قائِدَنا ودليلَنا إليكَ وإلى جناتِكَ جناتِ النعيمِ برحمتِكَ يا أرحمَ الراحِمين ... إلخ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.
منقولة من سحاب
----------------------------
المصدر
إنّ الحمدَ لله نحمده ونستعينُه ونستغفرُه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70-71]. ألا وإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدْيِ هدْيُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ مُحدَثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ تعالى -عبادَ اللهِ- حقَّ التقوى، وتمسَّكوا مِن الإسلامِ بالعُروةِ الوُثقى، واحذَروا أسبابَ سخطِ الجبَّارِ؛ فإنَّ أجسامَكم على النارِ لا تَقْوَى.
عبادَ الله! سُورةٌ وَجيزةٌ مِن كتابِ اللهِ تعالى حَوَتْ عِلماً كثيراً -وفي كلِّ كتابِ اللهِ الهُدى والنورُ، وفيه شِفاءٌ لِما في الصدورِ-. هذه السورةُ القصيرةُ في آياتِها العظيمةِ، في معانيها وأحكامِها وعِظاتِها؛ قال عنها الإمامُ الشافعيُّ -رحمه الله-: " لو تَدَبَّر الناسُ هذه السورةَ؛ لَوَسِعَتْهُم"، تِلكم -عبادَ الله- هي: سورةُ العَصر.
هذه السورةُ العظيمةُ التي عرفَ الصحابةُ الكرامُ -رضي الله عنهم- فَضلَها وعَظَمَتَها وَعَظمةَ ما جاء فيها مِن توجيهاتٍ مِن عند اللهِ تبارك وتعالى. فقد كان الرَّجُلان مِن أصحابِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- إذا الْتَقَيا لا يَفتَرِقان حتى يَقرأَ أحدُهما على الآخَرِ سُورةَ العصرِ؛ وهذا العملُ منهم لا يَكونُ إلا بِتَوْقيفٍ مِنْ مُعَلِّمِهم ورَسولِهم -عليه أفضلُ الصلاةِ وأزكى التسليمِ-؛ إمَّا قولاً أو فِعلاً أو تَقريراً؛ ذلك لأنهم -رِضوانُ اللهِ عليهم- أبعدُ الناسِ عن إحداثِ عبادةٍ في الدِّينِ يتقرَّبون بها إلى اللهِ تعالى، بل لا بُدَّ مِن ذلك التوقِيفِ الذي أخذوه منه -عليه الصلاةُ والسلام-؛ لأنهم كانوا على الهُدى المستقيمِ، ولا يَجتمعون على ضلالةٍ قطُّ. ولفظُ هذا الخَبَرِ -الذي له حُكمُ الرَّفْعِ قَطعاً كما تقدَّم-: (كانَ الرَّجُلانِ مِن أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- إذا الْتَقَيا لَمْ يَتفرَّقا حتى يَقرأَ أحدُهُما على الآخَرِ: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، ثُم يُسَلِّمُ أحدُهُما على الآخَرِ)؛ وهذا مِن أجلِ أن يُذَكِّروا بعضَهم بهذه السورةِ العظيمةِ؛ فَيَعْمَلوا بها ويَلتَزِموها ظاهراً وباطناً.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. ففي هذه الآياتِ: بَيانُ أسبابِ الخُسرانِ والرِّبحِ. ولا شكَّ أنَّ كلَّ عاقلٍ يريدُ الرِّبحَ ولا يريدُ الخسارةَ، ولكنَّ بعضَ الناسِ لا يعلمون الطريقَ المُوصلةَ إلى الخسارةِ فَيَتَجنَّبَها، والأسبابَ الموصلةَ إلى الربحِ فَيَطْلُبَها. وقد بيَّن اللهُ لهم ذلك في سورةٍ يَحفظُها الصغيرُ والكبيرُ، والعامِّيُّ والمُتَعَلِّمُ؛ لِتقومَ بذلك الحجةُ على خَلْقِه، ولِيعملَ مَن يريدُ النجاةَ لِنفسِه. فَلِلَّهِ الحمدُ والمنةُ وله الحجةُ البالغةُ على خَلْقِه.
أقسم اللهُ بالعصرِ الذي هو الوقتُ الذي يعيشُ فيه الإنسانُ في هذه الحياةِ، وللهِ تعالى أنْ يُقسِمَ بما شاء مِن مخلوقاتِه، أما المخلوقُ؛ فلا يجوزُ له أن يُقسِمَ إلا باللهِ تعالى؛ لأن ذلك شِركٌ. واللهُ تعالى لا يُقسمُ بشيءٍ إلا وفيه سِرٌّ عظيمٌ، وحكمةٌ بالغةٌ؛ مِن أجلِ أن يُلفِتَ الأنظارَ إليه؛ إمَّا للاعتبارِ أو للاستفادةِ منه. وهو هنا أقسمَ بالعصرِ الذي هو الزمانُ، بما فيه مِنَ العِبرِ، مِن تَقلُّبِ الليلِ والنهارِ، وبما فيه مِنَ الحوادثِ والعِبَرِ والمتغيِّراتِ والمتضادَّاتِ، وما فيه مِنَ الفائدةِ العظيمةِ للإنسانِ إذا أحسَنَ استغلالَه فيما يَنفَعُهُ ويُفيدُه. أقسم بذلك على أنَّ كلَّ إنسانٍ في خسارةٍ وهلاكٍ في الدنيا والآخرةِ، إلا مَنِ استغلَّ هذا الوقتَ بأربعةِ أشياء: الإيمانِ، والعملِ الصالحِ، والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ.
فقولُه تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا}: فالإيمانُ: هو تصديقُ القلبِ ولا ينفعُ بِدونِ عَملٍ، كما قال الحسنُ البصريُّ: (ليس الإيمانُ بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، ولكنه ما وَقَرَ في القلبِ وصدَّقهُ العملُ). وما كلُّ عَملٍ يكونُ صالِحاً إلا إذا توفَّر فيه الإخلاصُ للهِ مِن جميعِ أنواعِ الشِّركِ، والمتابعةُ للرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، وتَركُ جميعِ البدعِ والمحدثاتِ. وهناك مِنَ الخَلْقِ مَن يَعمَلون أعمالاً يَرجُونَ أجْرَها وثَوابَها، وهي تُبْعِدُهم عن اللهِ وعن جنَّتِه، وتُدخِلُهم نارَ جهنَّم؛ لَمَّا كانت فاقِدةً لِهذَيْنِ الشَّرْطَيْن أو أحدِهما.
وقولُه تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: والحقُّ: كلُّ ما كان ضدَّ الباطلِ. وهو: عَملُ الطاعاتِ وتَركُ المعاصي؛ فيشملُ بذلك الشريعةَ كلَّها. ومِنَ التواصي بالحقِّ: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ والدعوةُ إلى اللهِ على بصيرةٍ وبِحكمةٍ، وتعليمُ الجاهلِ وتذكيرُ الغافِل. فلا يكفي أنَّ الإنسانَ يعملُ العملَ الصالِحَ ويقتصرُ على إصلاحِ نفسِه، بل لا بُدَّ أن يعملَ على إصلاحِ غيرِه؛ لأنه لا يكونُ مؤمناً حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه، ولا يكونُ ناجياً مِنَ الخسارةِ حاصلاً على الرِّبحِ حتى يُصلحَ نفسَه ويُصلحَ غيرَه. وهذا يدلُّ على وجوبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، ولا يُعدُّ تَدَخُّلاً في أمورِ الناسِ؛ كما يقولُ بعضُ السفهاءِ في هذه الأيامِ: (إنَّ هيئاتِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ تتدخلُ في أمورِ الناس)!! ولا يدري هذا الجاهلُ أنَّ الآمِرِين بالمعروفِ والناهِين عن المنكرِ يُريدون الخيرَ للناسِ، والنجاةَ لهم مِن عذابِ اللهِ، وإنقاذَهم مِن الهلاكِ؛ فقد جاء في الحديثِ: "إنَّ الناسَ إذا رَأَوا المنكرَ ولم يُغَيِّروه أَوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقابٍ مِنه"، وقد لعن اللهُ بني إسرائيلَ؛ لأنهم كانوا لا يَتناهَوْن عن منكرٍ فَعلوه.
وقوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: الصبرُ: هو حبسُ النفسِ على طاعةِ اللهِ وإبعادِها عن معصِيَتِه؛ وهو ثلاثةُ أنواعٍ: 1- صبرٌ على طاعةِ اللهِ. 2- وصبرٌ عن مَحارمِ اللهِ. 3- وصبرٌ على أقدارِ اللهِ المؤلِمةِ. ومُناسبةُ ذِكرِ الصبرِ بعد ذِكرِ التواصي بالحقِّ؛ لأن الذي يأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ لا بُد أن يتعرَّضَ لأذيةِ الناسِ القوليةِ والفعليةِ؛ فعَلَيْهِ أن يصبرَ على ذلك، ويستمرَّ في الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، حتى لَو أُوذِيَ، فيتَحَمَّلُ ما يَنالُه مِن الأذى. والذي لا يَصبرُ على أذى الناسِ؛ لا يستطيعُ أن يستمرَّ على نصيحَتِهم. وقد قال الأنبياءُ: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12]. وجاء في الآيةِ الأخرى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17]، وبهذه الوصايا الثلاثِ: التواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ والتواصي بالمرحمةِ؛ تكتملُ مُقوِّماتُ المجتمعِ المتكامِل؛ لأن التواصيَ بالحقِّ إقامةُ الحقِّ واستقامةٌ على الطريقِ المستقيمِ، وبالتواصي بالصبرِ يَستطيعون مُواصلةَ سَيْرِهم على هذا الصراطِ ويَتَخطَّوْن كلَّ عقباتٍ تُواجَه، وبالتواصي بالمَرْحَمة: يكونون مُرتَبِطين كالجسدِ الواحدِ. وتلك أعطياتٌ لم يُعطِها إلا القرآنُ، وأعطاها في هذه السورةِ الموجزة).
فتدبَّروا -رَحمني اللهُ وإياكم- هذه السورةَ العظيمةَ؛ فهي سورةٌ مُعجزةٌ وَجيزةٌ في ألفاظِها غزيرةٌ في مَعانيها، جامعةٌ لأسبابِ السعادةِ بِحذافِيرها، ومُحذرةً مِن أسبابِ الشقاوةِ جميعِها. ولو أراد أبلغُ الناسِ وأفصحُهم أن يُبيِّنَ أسبابَ السعادةِ وأسبابَ الشقاوةِ؛ لاحتاج إلى مجلداتٍ، وقد لا يَصِلُ إلى المطلوبِ! ولكنْ هذا كلامُ الله الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن بين يدَيْه ولا مِن خلفِه تَنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ، ولا يستطيعُ الجنُّ والإنسُ أن يأتوا بسورةٍ مِن مِثلِه. فاتَّقوا اللهَ -عبادَ الله- واجعلوا سورةَ العصرِ مِنهاجاً تَسيرون عليه في طريقِكم إلى اللهِ، ولا تُضيِّعوا العمَلَ بها فتكونوا مِن الخاسِرين.
أقول ما تسمعون، وأستغفرُ الله لي ولكم مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، جعل الليلَ والنهارَ خِلفةً لِمَن أراد أن يذًّكَّر أو أرادَ شُكوراً، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، سبحانه وتعالى عمَّا يقولُ الظالِمون عُلوًّا كبيرًا، وأشهدُ أن نبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه أرسله شاهداً ومُبشِّراً ونذيراً.
أما بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ الله- واحفظوا أوقاتَكم وأعمارَكم مِن الضياعِ، وأعمالَكم مِن الفسادِ، واغتنموا أعمارَكم بالطاعةِ والعبادةِ والأعمالِ الصالحةِ قبل أن تَندَمُوا على فواتِها يومَ لا ينفعُ الندمُ، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ - أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:58]، إنه عُمُرُك -أيها الإنسانُ- فلا تُضيِّعْه باللهوِ واللعبِ والغفلةِ والإعراضِ والمعاصي والذنوبِ والبِدَعِ والمحُدَثاتِ؛ فإن كثيراً مِن الناسِ يُعطي نفسَه ما تَشتهي، ولو كانت مِن الأمورِ المحرَّمةِ التي فيها مَضرَّتُها وشقاوَتُها، لا يُفكِّرُ في الموتِ ولا في القبرِ ولا في الحشرِ والحسابِ، ولا يتأملُ في سورةِ العصرِ وما تَطلبُه منه مِنَ الإيمانِ والعملِ الصالحِ والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ! ولذلك قال الإمامُ الشافعيُّ -رحمه الله- عن هذه السورةِ: " لو تَدَبَّر الناسُ [في] هذه السورة؛ لَوَسِعَتْهُم"، وصدَق -رحمه الله-؛ فإن هذه السورةَ سورةٌ يغفلُ عن معانيها كثيرٌ مِن الناسِ، ولو تأمَّلوها وتدبَّروها؛ لَعَلِموا أن سعادتَهم أو شقاوتَهم مُترتِّبةٌ على فَهمِها والعملِ بها. فما أعظمَ فَهْمَ الصحابةِ الذين كانوا إذا اجْتَمعوا لا يتفرَّقون حتى يقرأَ بعضُهم على بعضٍ هذه السورةَ العظيمةَ! وما أعظمَ فَهْمَ الإمامِ الشافعيِّ ومقولَتَه عن هذه السورةِ!
اللهمَّ! فقِّهْنا في الدِّينِ وعَلِّمنا التأويلَ وارزقنا تدبُّرَ كتابِكِ والعملَ به يا سميعَ الدعاء! اللهمَّ! اجعلْه حُجةً لنا ولا تجعلْه حجةً علينا، اللهمَّ! اجعلْه قائِدَنا ودليلَنا إليكَ وإلى جناتِكَ جناتِ النعيمِ برحمتِكَ يا أرحمَ الراحِمين ... إلخ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.
منقولة من سحاب
----------------------------
المصدر