بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
أما بعد:أيها الإخوة الأفاضل وأنا أقرأ في"الجامع لأحكام القرآن " للإمام القرطبي-رحمه الله- مرّت علي كثير من المسائل التي يذكرها-رحمه الله- فوجدت فيها فوائد كثيراً فرأيت أن أنلقها لكم من باب التعاون على البر والتقوى.
الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
أما بعد:أيها الإخوة الأفاضل وأنا أقرأ في"الجامع لأحكام القرآن " للإمام القرطبي-رحمه الله- مرّت علي كثير من المسائل التي يذكرها-رحمه الله- فوجدت فيها فوائد كثيراً فرأيت أن أنلقها لكم من باب التعاون على البر والتقوى.
قال تعالى:{الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) }
قال الإمام القرطبي-رحمه الله- فيه سبع مسائل:
الأولى: روى الترمذي عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل)
قلت أبو المقداد:أخرجه النسائي (1/146) ، والترمذي (2/191 - طبع بولاق)، وأحمد(5/114) وقال العلامة الألباني-رحمه الله-صحيح ((التعليق الرغيب)) (2/ 216).
قلت أبو المقداد:أخرجه النسائي (1/146) ، والترمذي (2/191 - طبع بولاق)، وأحمد(5/114) وقال العلامة الألباني-رحمه الله-صحيح ((التعليق الرغيب)) (2/ 216).
أخرج مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب: أن أبا سعيد مولي [عبد الله بن ] عامر بن كريز أخبره أن رسول الله صلى الله عليه سلم نادى أبي بن كعب وهو يصلي، فذكر الحديث. قال ابن عبد البر: أبو سعيد لا يوقف له على اسم وهو معدود في أهل المدينة، روايته عن أبي هريرة وحديثه هذا مرسل، وقد روى هذا الحديث عن أبي سعيد بن المعلى رجل من الصحابة لا يوقف على اسمه أيضا، رواه عنه حفص بن عاصم، وعبيد بن حنين. قلت: كذا قال في التمهيد: (لا يوقف له على اسم). وذكر في كتاب الصحابة الاختلاف في اسمه.
والحديث خرجه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال:( كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ} ثم قال(إني لاعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل لاعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته}.
قال ابن عبد البر وغيره: أبو سعيد بن المعلى من جلة الأنصار، وسادات الأنصار، تفرد به البخاري، واسمه رافع، ويقال: الحارث بن نفيع بن المعلى، ويقال: أوس بن المعلى، ويقال: أبو سعيد بن أوس بن المعلى، توفي سنة أربع وسبعين وهو ابن أربع وستين [سنة]، وهو أول من صلى إلى القبلة حين حولت، وسيأتي.
وقد أسند حديث بن أبي يزيد بن زريع قال: حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: (خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي وهو يصلي)، فذكر الحديث بمعناه. وذكر ابن الأنباري في كتاب الرد له: حدثني أبي حدثني أبو عبيد الله الوراق حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن منصور عن مجاهد قال:(إن إبليس لعنه الله رن أربع رنات: حين لعن، وحين أهبط من الجنة، وحين بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة
الثانية: اختلف العلماء في تفصيل بعض السور والآي على بعض، وتفضيل بعض أسماء الله تعالى الحسنى على بعض، فقال قوم: لا فضل لبعض على بعض، لان الكل كلام الله، وكذلك أسماؤه لا مفاضلة بينها.
ذهب إلى هذا الشيخ أبو الحسن الأشعري، والقاضي أبو بكر بن الطيب، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، وجماعة من الفقهاء.
وروى معناه عن مالك. قال يحيى بن يحيى: تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها.
وقال عن مالك في قول الله تعالى:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها}[البقرة: 106]قال: محكمة مكان منسوخة. وروى ابن كنانة مثل ذلك كله عن مالك.
واحتج هؤلاء بأن قالوا: إن الأفضل يشعر بنقص المفضول، والذاتية في الكل واحدة، وهي كلام الله، وكلام الله تعالى لا نقص فيه. قال البستي: ومعنى هذه اللفظة (ما في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن): أن الله تعالى لا يعطى لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن، إذ الله بفضله فضل هذه الامة على غيرها من الأمم، وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه، وهو فضل منه لهذه الامة. قال ومعنى قوله: (أعظم سورة) أراد به في الأجر، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض. وقال قوم بالتفضيل، وأن ما تضمنه قوله تعالى" وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ" [البقرة: 163] وآية الكرسي، وآخر سورة الحشر، وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [المسد: 1] وما كان مثلها. والتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها، لا من حيث الصفة، وهذا هو الحق. وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين، وهو اختيار القاضي أبي بكر بن العربي وابن الحصار، لحديث أبي سعيد بن المعلى وحديث أبي بن كعب أنه قال قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا أبي أي آية معك في كتاب الله أعظم) قال فقلت:" اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" [البقرة: 255]. قال: فضرب في صدري وقال: (ليهنك العلم يا أبا المنذر)
قال الإمام القرطبي-رحمه الله-أخرجه البخاري ومسلم.
قلت أبو المقداد: لم أجده عند البخاري، وقد أخرجه مسلم برقم[810 ] والله أعلم.
قال ابن الحصار: عجبي ممن يذكر الاختلاف مع هذه النصوص. وقال ابن العربي: قوله: (ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها) وسكت عن سائر الكتب، كالصحف المنزلة والزبور وغيرها، لان هذه المذكورة أفضلها، وإذا كان الشيء أفضل الأفضل، صار أفضل الكل. كقولك: زيد أفضل العلماء فهو أفضل الناس.
وفي الفاتحة من الصفات ما ليس لغيرها، حتى قيل: إن جميع القرآن فيها. وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن.
ومن شرفها أن الله سبحانه قسمها بينه وبين عبده، ولا تصح القربة إلا بها، ولا يلحق عمل بثوابها، وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم، كما صارت{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، إذ القرآن توحيد وأحكام ووعظ، و{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيها التوحيد كله، وبهذا المعنى وقع البيان في قوله عليه السلام لابي.
(أي آية في القرآن أعظم) قال:" اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" [البقرة: 255].
وإنما كانت أعظم آية لأنها توحيد كلها كما صار قوله: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له)
قلت أبو المقداد: رواه الترمذي (5/534/3585) وقال غريب من هذا الوجه.
من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وله شواهد من حديث علي رضي الله عنه وغيره. انظر "الصحيحة" رقم [1503].
قلت أبو المقداد: رواه الترمذي (5/534/3585) وقال غريب من هذا الوجه.
من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وله شواهد من حديث علي رضي الله عنه وغيره. انظر "الصحيحة" رقم [1503].
أفضل الذكر، لأنها كلمات حوت جميع العلوم في التوحيد، والفاتحة تضمنت التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير، ولا يستبعد ذلك في قدرة الله تعالى.
الثالثة: روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وشَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، وقُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ، هذه الآيات معلقات بالعرش ليس بينهن وبين الله حجاب ).
أسنده أبو عمرو الداني في كتاب البيان له.
الرابعة: في أسمائها، وهي اثنا عشر اسما:
الأول: الصلاة ، قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين) الحديث.وقد تقدم.
الأول: الصلاة ، قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين) الحديث.وقد تقدم.
قلت أبو المقداد:أخرجه الإمام مسلم:[ج2 ص9] من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-.
الثاني: [سورة] الحمد، لان فيها ذكر الحمد، كما يقال: سورة الأعراف، والأنفال، والتوبة، ونحوها.
الثالث: فاتحة الكتاب، من غير خلاف بين العلماء، وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا، وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، وتفتتح بها الصلوات.
الرابع: أم الكتاب، وفي هذا الاسم خلاف، جوزه الجمهور، وكرهه أنس والحسن وابن سيرين.
قال الحسن: أم الكتاب الحلال والحرام، قال الله تعالى:{آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} [آل عمران: 7].
وقال أنس وابن سيرين: أم الكتاب اسم اللوح المحفوظ. قال الله تعالى:{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ}. [الزخرف: 4].
الخامس: أم القرآن، واختلف فيه أيضا، فجوزه الجمهور، وكرهه أنس وابن سيرين، والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين. روى الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الحمد لله أم القران وام الكتاب والسبع المثاني) قال القرطبي-حمه الله-: هذا حديث حسن صحيح.
قلت أبو المقداد: صحح إسناده العلامة الألباني-رحمه الله- أنظر"صحيح أبي داود" رقم [ 131].
قلت أبو المقداد: صحح إسناده العلامة الألباني-رحمه الله- أنظر"صحيح أبي داود" رقم [ 131].
وفي البخاري قال: (وسميت أم الكتاب لأنه يبتدأ بكتابتها في المصاحف)، صحيح البخاري:[ج6 ص20].
ويبدأ بقراءتها في الصلاة.
وقال يحيى بن يعمر: أم القرى: مكة، وام خراسان: مرو، وام القرآن: سورة الحمد.
وقيل: سميت أم القرآن لأنها أوله ومتضمنة لجميع علومه، وبه سميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض ومنها دحيت، ومنه سميت الام أما لأنها أصل النسل، والأرض أما، في قول أمية بن أبي الصلت:
فالأرض معقلنا وكانت أمنا ... فيها مقابرنا وفيهــــا نولد
ويقال لراية الحرب: أم، لتقدمها واتباع الجيش لها. واصل أم أمهة، ولذلك تجمع على أمهات، قال الله تعالى:{وَأُمَّهاتُكُمُ}. ويقال أمات بغير هاء. قال:
فرجت الظلام بأماتكا
وقيل: إن أمهات في الناس، وأمات في البهائم، حكاه ابن فارس في المجمل.
السادس: المثاني، سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة.
وقيل: سميت بذلك لأنها استثنيت لهذه الامة فلم تنزل على أحد قبلها ذخرا لها.
السابع: القرآن العظيم، سميت بذلك لتضمنها جميع علوم القرآن، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله، وعلى الامر بالعبادات والإخلاص فيها، والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى، وعلى الابتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم، وكفاية أحوال الناكثين، وعلى بيانه عاقبة الجاحدين.
الثامن: الشفاء، روى الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فاتحة الكتاب شفاء من كل سم) هذا الحديث ضعيف وإسناده هالك: علته سلام الطويل متهم بالوضع ، وزيد العمي ضعيف. راجع "الضعيفة"حديث رقم[3997].
التاسع: الرقية، ثبت ذلك من حديث أبى سعيد الخدري وفية: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للرجل، الذي رقى سيد الحي: (ما أدراك أنها رقية) فقال: يا رسول الله شي ألقى في روعي، الحديث. خرجه الأئمة، وسيأتي بتمامه .
قلت أبو المقداد:أخرجه البخاري (7/ 131) برقم[5736]، ومسلم:[4/1727] وغيرهما.
قلت أبو المقداد:أخرجه البخاري (7/ 131) برقم[5736]، ومسلم:[4/1727] وغيرهما.
يتبع بإذن الله.....
تعليق