وسُئِل فضيلة الشَّيخ ابن عُثيمين -رحمه الله- ما نصُّه:
أنَّ فيه ناس مِن الَّذين يُجيدون الكتابة الممتازة بالخطِّ العريض، وبعض
هذه الكتابات: إنَّهم يكتبون آية كريمة على شكل رجلٍ يصلِّي؛ فهل هذا يجوز؟
أفيدونا، وشكراً.
فأجاب -رحمه الله -بقوله:
الَّذي يظهر لي أنَّه لا يجوز، وأنَّ هذا من التعمُّق والتَّنطُّع، وقد قال
النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "هلك المتنطِّعون"، ثم إنَّ الكتابة
العربيَّة -بالحروف العربيَّة- لا بدَّ أنْ يحصل فيها تغييرٌ، إذا هي
عُصِفَتْ حتَّى تكونَ على هيئة المصلِّي، ثمَّ إنَّ هيئة المصلِّي قد يكون
فيها -أو مِن جملة الهيئاتِ- أنْ يكون ساجداً؛ وحينئذٍ يكون أعلى القرآن،
أو أعلى الصَّحيفة وأسفلها مختلفًا، ويكون القرآن مُعبِّراً عَن ساجدٍ، وقد
قال النَّبيُّ -عليه الصلاة والسَّلام-: ((ألا وإنّي نُهيتُ أنْ أقرأ
القرآن راكعًا أو ساجدًا))؛ فكلُّ شيءٍ يُوهم أنَّ هذا القرآن في منزلةٍ
أسفل؛ فإنَّه منهيٌّ عنه، وإذا كان النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-
نهى أنْ يقرأ الإنسان القرآن راكعًا أو ساجدًا؛ لأنَّ هيئته هيئةُ ذلٍّ
بالغ، والقرآن ينبغي أنْ يكون في محلِّ القيام؛ الَّذي يكون محلَّ انتصابٍ
وارتفاع؛ فالحاصل: أنَّ هذه الكتابة نرى أنَّها لا تجوز. ثمَّ إنَّ من
المغالاة أنْ يُدعى النَّاس إلى شريعة الله بمثل هذه الأمور.
وبهذه المناسبة: أودُّ أنْ أنبِّـه أيضًا إلى ما يُعلَّق مِن بعض الآيات في
المجالس؛ فإنَّ هذا أيضًا مِنَ الأمور الْمُبتدَعَة المحدَثة، الَّتي وإنْ
كان فاعلوها يقصدونَ إمَّا التَّبرُّك، وإمَّا التَّذكير؛ فهذا لا ينبغي؛
لأنَّ التَّبرُّك على هذا الوجه بالقرآن الكريم لم يَرِدْ، وأما التَّذكير؛
فإنَّها -في الحقيقة- لا تُذكِّر في الغالب، بل إنَّك تجد في هذا المجلس
الذي عُلِّقت فيه هذه الآيات؛ تجد فيه من اللَّغو، والسِّباب، والشَّتم، أو
مِن الأفعال المنكَرة، مِن شرب دخانٍ، أو مِن استماع إلى ما لا يجوز
الاستماع إليه، أو ما أشبه ذلك، وهذا -لا شكَّ- أنَّه يكون كالاستهزاء
بآيات الله تعالى؛ حيث تكون آيات الله تعالى فوق رؤوس النَّاس الجالسين،
وهم ينابذون الله تعالى بالمعاصي، وبالسّباب، والشَّتم، والغيبة، ونحو ذلك؛
فلهذا: نرى أنَّ للمسلمين غنىً عَن هذه الأمور؛ التي تُلُقِّيَتْ عن غيرِ
رويَّة، ومن غير تأمُّلٍ، وخيرُ هديٍ هديُ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه
وسلَّم- وسلفِ هذه الأُمَّة الصَّالح؛ فالذي أنصح به إخواني المسلمين: أنْ
لا يُعلِّقوا مثلَ هذه الآيات في بيوتهم؛ لأنَّ فيها من المفاسد ما أشرنا
إليه آنفًا، والحمد لله في المصاحف غنىً عن هذا، ومن أراد كلام الله،
والتَّمَتُّعَ بتلاوته، أو التدبُّر لآياته؛ وَجَدَهُ مكتوبا في المصاحف،
والله الموفِّق.
المصدر: فتاوى "نـور على الدَّرب"، ب050، (00:11:01
أنَّ فيه ناس مِن الَّذين يُجيدون الكتابة الممتازة بالخطِّ العريض، وبعض
هذه الكتابات: إنَّهم يكتبون آية كريمة على شكل رجلٍ يصلِّي؛ فهل هذا يجوز؟
أفيدونا، وشكراً.
فأجاب -رحمه الله -بقوله:
الَّذي يظهر لي أنَّه لا يجوز، وأنَّ هذا من التعمُّق والتَّنطُّع، وقد قال
النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "هلك المتنطِّعون"، ثم إنَّ الكتابة
العربيَّة -بالحروف العربيَّة- لا بدَّ أنْ يحصل فيها تغييرٌ، إذا هي
عُصِفَتْ حتَّى تكونَ على هيئة المصلِّي، ثمَّ إنَّ هيئة المصلِّي قد يكون
فيها -أو مِن جملة الهيئاتِ- أنْ يكون ساجداً؛ وحينئذٍ يكون أعلى القرآن،
أو أعلى الصَّحيفة وأسفلها مختلفًا، ويكون القرآن مُعبِّراً عَن ساجدٍ، وقد
قال النَّبيُّ -عليه الصلاة والسَّلام-: ((ألا وإنّي نُهيتُ أنْ أقرأ
القرآن راكعًا أو ساجدًا))؛ فكلُّ شيءٍ يُوهم أنَّ هذا القرآن في منزلةٍ
أسفل؛ فإنَّه منهيٌّ عنه، وإذا كان النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-
نهى أنْ يقرأ الإنسان القرآن راكعًا أو ساجدًا؛ لأنَّ هيئته هيئةُ ذلٍّ
بالغ، والقرآن ينبغي أنْ يكون في محلِّ القيام؛ الَّذي يكون محلَّ انتصابٍ
وارتفاع؛ فالحاصل: أنَّ هذه الكتابة نرى أنَّها لا تجوز. ثمَّ إنَّ من
المغالاة أنْ يُدعى النَّاس إلى شريعة الله بمثل هذه الأمور.
وبهذه المناسبة: أودُّ أنْ أنبِّـه أيضًا إلى ما يُعلَّق مِن بعض الآيات في
المجالس؛ فإنَّ هذا أيضًا مِنَ الأمور الْمُبتدَعَة المحدَثة، الَّتي وإنْ
كان فاعلوها يقصدونَ إمَّا التَّبرُّك، وإمَّا التَّذكير؛ فهذا لا ينبغي؛
لأنَّ التَّبرُّك على هذا الوجه بالقرآن الكريم لم يَرِدْ، وأما التَّذكير؛
فإنَّها -في الحقيقة- لا تُذكِّر في الغالب، بل إنَّك تجد في هذا المجلس
الذي عُلِّقت فيه هذه الآيات؛ تجد فيه من اللَّغو، والسِّباب، والشَّتم، أو
مِن الأفعال المنكَرة، مِن شرب دخانٍ، أو مِن استماع إلى ما لا يجوز
الاستماع إليه، أو ما أشبه ذلك، وهذا -لا شكَّ- أنَّه يكون كالاستهزاء
بآيات الله تعالى؛ حيث تكون آيات الله تعالى فوق رؤوس النَّاس الجالسين،
وهم ينابذون الله تعالى بالمعاصي، وبالسّباب، والشَّتم، والغيبة، ونحو ذلك؛
فلهذا: نرى أنَّ للمسلمين غنىً عَن هذه الأمور؛ التي تُلُقِّيَتْ عن غيرِ
رويَّة، ومن غير تأمُّلٍ، وخيرُ هديٍ هديُ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه
وسلَّم- وسلفِ هذه الأُمَّة الصَّالح؛ فالذي أنصح به إخواني المسلمين: أنْ
لا يُعلِّقوا مثلَ هذه الآيات في بيوتهم؛ لأنَّ فيها من المفاسد ما أشرنا
إليه آنفًا، والحمد لله في المصاحف غنىً عن هذا، ومن أراد كلام الله،
والتَّمَتُّعَ بتلاوته، أو التدبُّر لآياته؛ وَجَدَهُ مكتوبا في المصاحف،
والله الموفِّق.
المصدر: فتاوى "نـور على الدَّرب"، ب050، (00:11:01
تعليق