بسم الله الرحمن الرحيم
سئل الشَّيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : ماحكم من يعلِّق القرآن و الآياتِ في البيت ؟
فأجاب : أمّا تعليقُ الآيات في البيت , فإن قصد بذلك التّبرُّك فهو بدعة , وكذالك إن قصد التّعبُّد لله فهو بدعة , وإن قصد التّنبيه فلا وجه له , وذالك لأنّ الذين يجلسون في هذا المجلس ربَّما ينتبهون , وربَّما يكون مكتوبًا فوق رءوسِهم قوله تعالى : ﴿ وَلَايَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾( 1 ) , ومجلسهم كلُّه غيبة , وهذا إهانةٌ للقرآن الكريم , وربَّما يُقال : إنه من باب اتّخاذ آيات الله هزوًا , ثم إنَّ السَّلف وهم أشدُّ منّا حرصًا على التَّنبيه والتَّذكير لم يكونوا يفعلون هذا .
ثمَّ إنّ المسألة الآن تطوَّرت , فصاروا يكتبون هذه اللّوحات , وهذه الأوراق , بكتاباتٍ كأنَّها نقوش , وكأنَّها زخارف , حتى ربَّما يكتبون الآية : ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ ﴾ ( 2 )على صورة محراب يكتبون: ﴿ نْ وَ القَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ ﴾ ( 3 ) على صورة قلم وربَّما : ﴿ وَسَخَرْنَا مَعَ دَاوُدَ الِجبَالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ ﴾ ( 4) يكتبه على صورة طير , والجبال يكتبه على صورة جبل , والرُّمَّان يكتبه على صورة شجر الرُّمَّان , كلُّ هذا غَلَط .
وقد اختلف العلماء : هل يجوز أن يكتب القرآن بغير الرَّسم العثماني ؟ فكيف إذا كتب على هذه الأشكال والزَّخارف ؟
ولهذا أنا أنهى عنها , وأقول : لاتضع في مجلسك الخاصِّ أو العامِّ آيات معلَّقة , الآياتُ والحمد الله موجودة في المصحف , ومن أراد أن يتَّعظ بها , فليأخذها من المصحف .
لقاء الباب المفتوح [ 87 /25 ] .
وسُئل الشَّيخ صالح الفوزان – حفظه الله :
هل يجوز للمُسلم أن يعلِّق آية الكرسي أو غيرها من الآيات أو من الأدعية على رقبته أو في بيته أو سيَّارته أو مكتبه تبرُّكًا بها , واعتقادًا بأنَّها سبب في طرد الشَّياطين ؟
فأجاب بقوله :
لايجوز للمسلم أن يعلِّق آية الكرسي أو غيرها من آيات القرآن أو الأدعية الشَّرعيَّة على رقبته لدفع شرِّ الشياطين أو للاستشفاء بها من المرض , هذا هو الصَّحيح من قَوْلَيِ العلماء , لأنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن تعليق التَّمائم , وهذا منه .
قال شيخ الإسلام محمَّد بن عبد الوهَّاب - رحمه الله – في كتاب التوحيد : التَّمائم : شيء يعلَّق على الأولاد يتَّقون به العين , عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنَّ الرُّقى والتَّمائم والتِّولة شِرْك ) ( 5 ) , فتعليق الآيات على الرَّقبة وغيرها من البدن لايجوز على الصَّحيح من قولي العلماء , لعموم النَّهي عن تعليق التَّمائم , وهذا منه , ولأجل سدِّ الذريعة التي تفضي إلى تعليق ماليس من القرآن تعريضًا لامتهانه وعدم احترامه .
وأمَّا تعليق الآيات على غير جسم الإنسان من سيَّارة أو جدارِ بيت أو مكتب للتَّبرُّك وطردِ الشَّياطين , فهذا لا أعلم من قال بجوازه , لأنَّه من اتِّخاذ التمائم المنهيِّ عنها , وفيها امتهان للقرآن , ولم يكن من عمل السَّلف , فما كانوا يعلِّقون الآيات على الجدران تبرُّكا بها ودفعًا للضَّرر بتعليقها , و إنَّما كانوا يحفظون القرآن في صدورهم , ويكتبونه في مصاحفهم , ويعملون به , ويتعلَّمون أحكامه ويتدبَّرون معانيه كما أمر الله بذالك .
[ مجلة الدعوة العدد : 2075 ]
.................................................. ...........................................
1ـ الحجرات : 12
2 ـ سبأ : 13
3ـ القلم : 2
4 ـ الأنبياء : 79
5 ـ رواه أحمد و أبو دواد