إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[تفسير الآية 22-23 من سورة القيامة] سلوا الكريم من فضله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تفسير الآية 22-23 من سورة القيامة] سلوا الكريم من فضله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

    فهذه وقفة عظيمة مع تفسير آيتين عظيمتين تطير بها القلوب فرحا ورغبة،، نسأل الله أن يكرمنا وأن يعاملنا بما هو أهله سبحانه وبحمده.

    {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إلى رَبّها ناظِرَةٌ}

    -قال السعدي -رحمه الله-

    ثم ذكر ما يدعو إلى إيثار الآخرة، ببيان حال أهلها وتفاوتهم فيها، فقال في ‏جزاء المؤثرين للآخرة على الدنيا: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } أي: حسنة بهية، ‏لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، ‏‏{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أي: تنظر إلى ربها على حسب مراتبهم: منهم من ‏ينظره كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظره كل جمعة مرة واحدة، ‏فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء، ‏فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم من اللذة والسرور ما لا ‏يمكن التعبير عنه، ونضرت وجوههم فازدادوا جمالا إلى جمالهم، فنسأل الله ‏الكريم أن يجعلنا معهم.‏

    - قال القرطبى -رحمه الله-

    قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة" الأول من النضرة التي ‏هي الحسن والنعمة. والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ‏ناعمة؛ يقال: نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة وهو الإشراق والعيش ‏والغنى؛ ومنه الحديث (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها). "إلى ربها" إلى ‏خالقها ومالكها "ناظرة" من النظر أي تنظر إلى ربها؛ على هذا جمهور ‏العلماء. وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في "يونس" عند ‏قوله تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس: 26]. وكان ابن عمر ‏يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية؛ ثم تلا ‏هذه الآية: "وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة" وروى يزيد النحوي عن ‏عكرمة قال: تنظر إلى ربها نظرا. وكان الحسن يقول: نضرت وجوههم ‏ونظروا إلى ربهم.‏

    -قال الطبرى -رحمه الله-

    ‏ إلى رَبها ناظِرَة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ‏ذلك: أنها تنظر إلى ربها. ذكر من قال ذلك:‏
    ‏ حدثنا محمد بن منصور الطوسي, وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا: ‏حدثنا عليّ بن الحسن بن شقيق, قال: حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد ‏النحويّ, عن عكرِمة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر إلى ‏ربها نظرا.‏
    ‏ حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق, قال: سمعت أبي يقول: ‏أخبرني الحسين بن واقد في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ من النعيم إلى رَبّها ‏ناظِرَةٌ قال: أخبرني يزيد النحوي, عن عكرِمة وإسماعيل بن أبي خالد, ‏وأشياخ من أهل الكوفة, قال: تنظر إلى ربها نظرا.‏
    ‏ حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, قال: حدثنا آدم قال: حدثنا المبارك, ‏عن الحسن, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: حسنة إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنظر إلى الخالق, وحُقّ لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏
    ‏ حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: حدثنا خالد بن عبد ‏الرحمن, قال: حدثنا أبو عرفجة, عن عطية العوفي, في قوله: وُجُوهٌ ‏يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: هم ينظرون إلى الله لا تحيط ‏أبصارهم به من عظمته, وبصره محيط بهم, فذلك قوله: لا تُدْرِكُهُ ‏الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ.‏
    ‏ وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها تنتظر الثواب من ربها. ذكر من قال ‏ذلك:‏
    ‏ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عمر بن عبيد, عن منصور, عن مجاهد ‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر منه الثواب.‏
    ‏ قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر الثواب من ربها.‏
    ‏ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن ‏منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏
    ‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور عن ‏مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب من ربها, لا يراه من خلقه ‏شيء.‏
    ‏ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: حدثنا أبي, عن أبيه, عن ‏جدّه, عن الأعمش, عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: نضرة من النعيم ‏إلى رَبّها ناظِرَةً قال: تنتظر رزقه وفضله.‏
    ‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, قال: ‏كان أناس يقولون في حديث, «فيرون ربهم» فقلت لمجاهد: إن ناسا ‏يقولون إنه يُرَى, قال: يَرى ولا يراه شيء.‏
    ‏ قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر من ربها ما أمر لها.‏
    ‏ حدثني أبو الخطاب الحساني, قال: حدثنا مالك, عن سفيان, قال: حدثنا ‏إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى ‏رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏
    ‏ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا الأشجعي, عن سفيان, عن ثوير, عن ‏مجاهد, عن ابن عمر, قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى ‏مُلكه وسُرُرِه وخدمه مسيرة ألف سنة, يرى أقصاه كما يرى أدناه, وإن ‏أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الله بُكرة وعشية».‏
    ‏ قال: ثنا ابن يمان, قال: حدثنا أشجع, عن أبي الصهباء الموصلي, قال: ‏‏«إن أدنى أهل الجنة منزلة, من يرى سرره وخدمه ومُلكَهُ في مسيرة ألف ‏سنة, فيرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أفضلهم منزلة, من ينظر إلى وجه ‏الله غدوة وعشية».‏
    ‏ وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن ‏وعكرِمة, من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها, وبذلك جاء الأثر عن ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏
    ‏ حدثني عليّ بن الحسين بن أبجر, قال حدثنا مصعب بن المقدام, قال: ‏حدثنا إسرائيل بن يونس, عن ثوير, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: «إنّ أدْنى أهْلِ الجَنّةِ مَنْزِلَةً, لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ ‏ألْفَيْ سَنَةٍ قال: وإنّ أفضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَن يَنْظُرُ في وَجْهِ اللّهِ كُلّ يَوْم مَرّتَينِ ‏قال: ثم تلا: وُحُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إلى رَبّها ناظِرَةٌ. قال: بالبياض ‏والصفاء, قال: إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر كلّ يوم في وجه الله عزّ ‏وجلّ».‏

    -قال ابن كثير -رحمه الله-

    ثم قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة} من النضارة أي حسنة بهية مشرقة ‏مسرورة {إلى ربها ناظرة} أي تراه عياناً كما رواه البخاري رحمه الله ‏تعالى في صحيحه «إنكم سترون ربكم عياناً». وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله ‏عز وجل في الدار الاَخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند ‏أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها, لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما ‏في الصحيحين أنا ناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال: ‏‏«هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟» قالوا: لا, ‏قال: «فإنكم ترون ربكم كذلك».‏
    ‎ ‎وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ‏القمر ليلة البدر فقال: «إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر! فإن استطعتم ‏أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا» وفي ‏الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏‏«جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما, وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وما ‏بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه ‏في جنة عدن}. وفي أفراد مسلم عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ يقول الله تعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ‏؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: ‏فيكشف الحجاب, فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي ‏الزيادة» ثم تلا هذه الاَية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وفي أفراد مسلم ‏عن جابر في حديثه «إن الله يتجلى للمؤمنين يضحك» يعني في عرصات ‏القيامة ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في ‏العرصات وفي روضات الجنات, وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, ‏حدثنا عبد الملك بن أبحر, حدثنا ثوير بن أبي فاخته عن ابن عمر قال: قال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ‏ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, ينظر إلى أزواجه وخدمه, وإن ‏أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين» ورواه الترمذي عن عبد ‏بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عن ثوير قال: سمعت ابن عمر فذكره, ‏قال: ورواه عبد الملك بن أبحر عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر, وكذلك ‏رواه الثوري عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر ولم يرفعه, ولولا خشية ‏الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد ‏والسنن, ولكن ذكرنا ذلك مفرقاً في مواضع من هذا التفسير وبالله التوفيق.‏
    ‎ ‎وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما ‏هو متفق عليه بين أئمة الإسلام, وهداة الأنام, ومن تأول ذلك بأن المراد ‏بإلى مفرد الاَلاء وهي النعم كما قال الثوري عن منصور عن مجاهد {إلى ‏ربها ناظرة} قال: تنتظر الثواب من ربها, رواه ابن جرير‎ ‎من غير وجه ‏عن مجاهد وكذا قال أبو صالح أيضاً فقد أبعد هذا القائل النجعة وأبطل فيما ‏ذهب إليه, وأين هو من قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ‏؟} قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما حجب الكفار إلا وقد علم أن الأبرار ‏يرونه عز وجل ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏بما دل عليه سياق الاَية الكريمة وهي قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} قال ‏ابن جرير: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, حدثنا آدم, حدثنا المبارك عن ‏الحسن {وجوه يومئذ ناضرة} قال حسنة {إلى ربها ناظرة} قال: تنظر إلى ‏الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏

    -قال البغوي -رحمه الله-

    ‏"إلى ربها ناظرة"، قال ابن عباس: وأكثر الناس تنظر إلى ربها عياناً بلا ‏حجاب. قال الحسن: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ‏الخالق. أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي، أخبرنا عبد الله بن أحمد ‏الحموي، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، أخبرنا عبد بن حميد، حدثنا ‏شبابة، عن إسرائيل، عن ثوير قال: سمعت ابن عمر يقول: "قال رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه ‏وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ‏ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة "".‏

  • #2
    بارك الله في الجميع..
    بالنسبة لهذا الفضيلة المشار إليها وهي الرؤية لوجهه -سبحانه وتعالى- غدوة وعشية فلم تثبت والحديث الوارد فيها ضعيف.
    فقد أخرج الترمذي عَنْ ثُوَيْر قَالَ : سَمِعْت اِبْن عُمَر يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَدْنَى أَهْل الْجَنَّة مَنْزِلَة لَمَنْ يُنْظَر إِلَى جَنَّاته وَأَزْوَاجه وَخَدَمه وَسُرَره مَسِيرَة أَلْف سَنَة , وَأَكْرَمهمْ عَلَى اللَّه : مَنْ يَنْظُر إِلَى وَجْهه غَدْوَة وَعَشِيَّة , ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وُجُوه يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة إِلَى رَبّهَا نَاطِرَة ) " وَقَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب قد رواه غير واحد عن إسرائيل مثل هذا مرفوعا
    وروى عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر قوله ولم يرفعه
    وروى الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه وما نعلم أحدا ذكر فيه عن مجاهد غير الثوري
    حدثنا بذلك أبو كريب حدثنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان ثوير يكنى أبا جهم و أبو فاختة اسمه سعيد بن علاقة. ا.هــ

    والحديث قد ضعفه العلامة الألباني -رحمه الله- في الضعيفة مرفوعا وموقوفا بثوير فهو واهي كما قال الذهبي -رحمه الله-.
    فيُتأنى في إثباتها حتى نقف على أثر صحيح سواء مرفوعا أو موقوفا له حكم الرفع، وبالمناسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى استنباط فريد في إثبات هذه الفضيلة عند بحثه لمسألة رؤية النساء لرب البرية في الجنة فيُنظر لمزيد الفائدة، لكن حقيقة يحتاج مزيد بحث وتأمل والله أعلم.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوصهيب عاصم الأغبري اليمني; الساعة 30-Jan-2011, 03:48 AM.

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أبوصهيب اليمني مشاهدة المشاركة
      فيُتأنى في إثباتها حتى نقف على أثر صحيح سواء مرفوعا أو موقوفا له حكم الرفع، وبالمناسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى استنباط فريد في إثبات هذه الفضيلة عند بحثه لمسألة رؤية النساء لرب البرية في الجنة فيُنظر لمزيد الفائدة، لكن حقيقة يحتاج مزيد بحث وتأمل والله أعلم.

      لعل الأخ يشير إلى حديث " أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ثم يؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم - وما فيهم من دني - على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا . قال أبو هريرة : قلت يا رسول الله وهل نرى ربنا ؟ قال : نعم . هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ قلنا لا قال كذلك لا تمارون في رؤية ربكم ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان بن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا فيذكر ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب أفلم تغفر لي فيقول بلى فبسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ويقول ربنا : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشترى وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما يرى عليه من اللباس : فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ثم ننصرف إلى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه فيقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا " والحديث ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة. والله تعالى أعلم.

      تعليق


      • #4
        لنربي أنفسنا على صفة أهل الجنة أنهم لايتعصبون لأحد إذا ظهر لهم الحق جليا

        بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد

        فذلك المنى والفرح أن نرى ربنا بكرة وعشية بل في كل ساعة في الجنة لو أن ذلك ثابت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم
        فقد نهانا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم
        أن نذكر للناس حديثا لم نتثبت من صحته كما خرجه الامام أحمد عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي مَنْ قَالَ عَلَيَّ فَلَا يَقُولَنَّ إِلَّا حَقًّا أَوْ صِدْقًا فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

        حديث حسن صرح فيه ابن اسحاق بالسماع
        وقد قال ابن تيمية تميزت امة محمد عن النصارى أن أمتنا يسندون ويثبتون مما يرون من بطون الكتب وأما النصارى فيجدو كلاما معلقا في كتبهم قال بولص قال فلان من غير تثبت فيعتبرونه بلااسناد(انتهى معنى كلامه)
        قال الامام أحمد عندما سأله انسان عندي كتاب فيه الصحيح والضعيف أي لم يشترط مصنفه الصحة كالطبري والقرطبي وابن كثير
        فهل نروي من الكتاب الذي لم يلتزم يعني صاحبه الصحة كل شيء
        فقال لا حتى يسأل أهل العلم كما في المسودة لآل ابن تيمية

        فالحديث الوارد في رؤية الله سبحانه وتعالى بكرة وعشية لايصح اسناده وقد ضعفه من هو أعلم ممن ذكرت الاخت أم عبدالكريم بالحديث وعلله وهو الترمذي حيث أن فيه راوي قال عنه سفيان الثوري من أركان الكذب مع أن من ذكرت لم يصححوه بل أسندوا فبرءوا فمن أسند فقد برأ إلا السعدي رحمه الله فلم يذكره حديثا بل قولا لم يسنده
        والحق لايعرف بالكثرة بل بمن اتبعه وعرفه
        فهذا أبو بكر الصديق هدي لحرب الردة ضد المانعين للزكاة وخالفوه كثرة والحق معه
        ورجعوا الى قوله رضي الله عنه


        وقد خالف من ذكر كالطبري والقرطبي والسعدي وابن كثير
        الترمذي
        مع أن هؤلاء لم ينصوا على صحة الحديث بل مشوا على قاعدة من أسند فقد بريء وقد أسندوا كما فعل الامام أحمد في مسنده رحمة الله على الجميع
        فالحديث ضعفه الترمذي مرفوعا وموقوفا لأنه من طريق ثوير المتهم بمذهب الرفض وسب الصحابة وهو كما قال سفيان الثوري من أركان الكذب وقال يحيى بن معين ليس بشيء وضعفه آخرون
        وقد ذكر الترمذي أن الأوجه كلها ترجع إليه أي طرق الحديث فاسناده اما مكذوب أو ضعيف جدا فلنعتبر قلو سفيان الثوري ومن فسر جرحه ولم يذكر له تعديل معتبر


        قال الترمذي في جامعه حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنِي شَبَابَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرٍ قَال سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ وَأَكْرَمَهُمْ عَلَى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ

        قَالَ أَبُو عِيسَى وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا

        وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا

        وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ

        فكل الاسانيد عن ثوير بن أبي فاتخة الكوفي
        وقد ضعفه في موطن آخر فقال غريب
        وهو يعني ضعيف عند أهل هذه الصناعة
        فقال أيضا حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرٍ قَال سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ

        قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ

        وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ مِثْلَ هَذَا مَرْفُوعًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرَوَى الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ فِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ غَيْرَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ وَثُوَيْرٌ يُكْنَى أَبَا جَهْمٍ وَأَبُو فَاخِتَةَ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ عِلَاقَةَ

        واخرجه احمد وابويعلى والطبراني وغيرهم كلهم من طريق ثوير كما بينه الترمذي وهو كما قال سفيان من أركان الكذب وقال يحيى بن معين ليس بشيء

        وضعف الحديث الذهبي والذي استدرك على الحاكم تصحيحه ومن المعاصرين العلامة الألباني
        وقد قال بن تيمية الحاكم واسع الخطو في الحكم بالصحيح
        قال ابن تيمية اذا اختلف العلماء فلايكون قول بعضهم حجة على بعض إلا بالأدلة الشرعية
        قال تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلا
        ويغني عنه ماثبت في رؤية الله في العرصات وفي الجنة يراه المؤمنون المتبعون للرسول صلى الله عليه وسلم القائل
        كما في مسند أحمد إياكم وكثرة الحديث عني فمن قال علي فلايقولن إلا حقا أو صدقا من قال علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار

        قيل للإمام أحمد كما في المسودة لآل ابن تيمية الكتاب عندي يكون فيه الضعيف والصحيح وأقاويل الصحابة هل انقل منه للناس
        قال حتى تسأل أهل العلم
        فمن نقل من كتاب ليس بمحقق فليسأل عن أحاديثه أهل التخصص والرجوع للحق والتثبت قبل العجلة والاعتراف به صفة اهل الحديث الطائفة المنصورة والفرقة الناجية والمماراة في رده بعدما تبين صفة أهل الجدل والرياء

        قال بن تيمية العلم بحث محقق ونقل مصدق وماسوى ذاك فهذيان مزوق
        ونقل ابن عبدالبر عن السلف في جامعه
        هم السفيه الراوية
        وهم العالم الدراية
        فاللهم اجعلنا للمتقين اماما
        فقد قيل لايكون اماما من حدث بكل ماسمع
        ومن وجد شيئا آخر نعتبر به فنعتقد به من بعده صحة هذه العقيدة التي تبنى على حديث صحيح أو حسن لاعلى حديث ضعيف أو فيه من وصف بأنه من أركان الكذب فرؤية الله غدوة وعشية وهو المنى فإننانفرح بذلك لو ثبت فمن احب شيء أحب رؤيته ولاأعظم ولاأجمل من ربنا فهو جميل يحب الجمال نحب الله ومن حبنا اتباعنا لأمره في تحري الحق والنطق به والرجوع اليه وسؤال اهل العلم عنه
        فاللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك و يدافع عن شريعتك وسنة نبيك من أن يدس فيها الكذب وحب عمل يؤهل لدخول الفردوس الأعلى من جنتك
        التعديل الأخير تم بواسطة ماهر بن ظافر القحطاني; الساعة 30-Jan-2011, 12:42 PM.

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك ياشيخ ماهر زادك الله علماوتفقه فى الدين انى احبك فى الله

          تعليق


          • #6
            آمين آمين ،، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: &quot; من لا يشكر الناس لا يشكر الله &quot; فجزاكِ الله خيرا أختي أم عبد الكريم على طرح هذا الموضوع الذي كان سببا في بيان الشيخ ماهر -حفظه الله-.
            وأسأل الله أن يجزي الشيخ عنا خير الجزاء على ما بيَّن فأفاد -حفظه الله- وأن يجعلنا من المذعنين للحق وأن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن بن إدريس المغربي; الساعة 31-Jan-2011, 03:24 AM.

            تعليق


            • #7
              الحمد لله،، حديث صحيح يُرجِّينا في رؤية الله بكرة وعشية

              بسم الله الرحمن الرحيم
              الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
              فإليكم هذا التوضيح الكريم من العلامة الجليل ابن باز -رحمه الله- بأن من أهل الجنة من يرى الله بكرة وعشية،،استنادا على حديث صحيح -ولله الحمد والمنة-،، تبقى الاجتهاد في العمل والإلحاح على الله في بلوغ هذا الفضل، فالمعوَّل على رحمته وفضله وكرمه،، لا حرمنا الله بذنوبنا فضله..آمين.
              (وقد كنت نقلته في المنبر العام ثم رأيت أن أنقله هنا كي لا يفوت قارئ هذا الموضوع رجاء هذا الفضل العظيم؛ رؤية الله بكرة وعشية.. نسأل الكريم من فضله..آمين)

              *****

              سـ: أريد من سماحة الشيخ الإجابة على هذا السؤال، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الشيخان: (إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر, لا تضامون في رؤيته, فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)، والسؤال هو: لماذا قُرن في هذا الحديث بين رؤية الله -عز وجل- وبين صلاتي الفجر والعصر, هل المحافظة على هذه الصلاة في هذين الوقتين سبب في لرؤية الله -عز وجل-,


              رؤية الله -سبحانه- في الجنة ويوم القيامة حق يراه المؤمنون، وهو أعلى نعيم أهل الجنة، إذا كشف الحجاب عن وجهه ورأوه ما رأوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه -سبحانه وتعالى-، وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنهم يرونه يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، هذا حق، عند أهل السنة والجماعة، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)، يعني صلاة العصر وصلاة الفجر، ذكر أهل العلم أن السر في ذلك أن من حافظ عليهما يكون ممن ينظر إلى الله بكرة وعشيا، ينظر إلى الله بكرة وعشيا، في الجنة، يعني في مقدار البكرة والعشي، لأن الجنة ليس فيها ليل، كلها نهار مطرد، لكن بمقدار البكرة والعشي، كما قال تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً[مريم: 62]، يعني في مقدار البكرة والعشي في الدنيا، وهكذا في الرؤية في مقدار البكرة والعشي، يعني خواص أهل الجنة لهم الرؤية ما بين البكرة والعشي، يعني رؤية كثيرة بسبب أعمالهم الطيبة وإيمانهم الصادق، ومن أسباب ذلك محافظتهم على صلاة العصر وصلاة الصبح، لها خصوصية هاتان الصلاتان، والمحافظة عليهما من دلائل قوة الإيمان وكمال الإيمان مع بقية الصلوات، فالواجب أن يحافظ على الجميع ولكن يخص العصر والفجر بمزيد عناية؛ لأنها ضد ما عليه المنافقون وضد ما عليه الكسالى.
              تساهل كثير من الناس فضيلة الشيخ بهذين الوقتين وهما العصر والفجر، هل من نصيحة لهؤلاء جزاكم الله خيراً؟
              الواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحرص على المحافظة على الصلاة في وقتها، جميع الصلوات الخمس، وأن يخص الفجر والعصر بمزيد عناية، الفجر في الحقيقة كثير من الناس يتكاسل عنها، وينام حتى طلوع الشمس وربما لا يقوم لها إلا إذا قام إلى عمله إن صلى، وهذه مصيبة عظيمة ومنكر عظيم، فالواجب أن يصلى في الوقت، وقد ذهب جمع من أهل العلم أنه إذا تعمد تركها حتى تطلع الشمس كفر، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وهذا قد تعمد فيها حتى خرج وقتها، وهكذا من تعمد ترك الصلاة العصر حتى غابت الشمس يكفر عند جمع من أهل العلم لهذا الحديث الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلوات الخمس، والمحافظة عليها في أوقاتها، وأن يخص الفجر بمزيد عناية، حتى يقوم لها ويصليها مع المسلمين في وقتها، وتصليها المرأة في وقتها، وهكذا العصر، بعض الناس إذا جاء من عمل سقط نائماً وترك صلاة العصر، وهذا منكر عظيم والعياذ بالله، وكفر أكبر عند بعض أهل العلم إذا تعمد ذلك، فالواجب الحذر، وهكذا بعض الناس يسهر على القيل والقال أو اللعب ثم إذا طاح نام عن صلاة الفجر، وهذا منكر عظيم، فالواجب عدم السهر، وأن يتحرى بنومه ما يعنيه على القيام لصلاة الفجر، وأن يصليها في جماعة، ولا يجوز له التشبه بالمنافقين، أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، وهكذا صلاة العصر، كل الصلوات ثقيلة عليهم، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى[النساء: 142]، فالواجب الحذر من مشابهتهم، والواجب المحافظة عليها في وقتها كلها الصلوات الخمس جميعا، يجب أن يحافظ عليها في أوقاتها مع إخوانه في المساجد، وأن يخص الفجر والعصر والعشاء بمزيد عناية، حتى يحذر من صفات المنافقين، نسأل الله للجميع العافية والهداية.


              المصدر
              http://www.binbaz.org.sa/mat/20651

              رحم الله ابن الباز والسعدي وابن كثير والقرطبي والبغوي والطبري،، وجميع سلفنا الصالح.. وكتب لنا ولهم أوفر حظٍّ من رؤيته -سبحانه- بفضله وكرمه ومنّه..آمين.

              تعليق


              • #8


                المقصود من إيراد العلماء لهذه الفائدة هو إثبات تفاوت المؤمنون في رؤية الله ، لأن الله لا يساوي المقربين بالمتقصدين ولا يساويهم بالظالمين لأنفسهم من أهل الجنة في النعيم ..
                فالمقصود تشوق المؤمنين لرؤية وجه المولى عز وجل والطمع والرجاء في ذلك بغض النظر عن ثبوت البكرة والعشي لأعلى نعيم في الجنة ...
                ولكن الأصل المعلوم المقرر عند أهل العلم والإيمان ، تفاوت المؤمنين في النعيم وأجل النعيم رؤية وجه الله الكريم
                وإن القصد العلماء لمثل هذه الفوائد هو حصول عمل القلب الذي يحدث إثر الإيمان بتفاوت الرؤيا من الطمع والرجاء في أعظم نعيم ، وما يحدث فيه من انكسار القلب والخشية من عظم الذنب والخوف من ألم الحجاب وكان الله على كل شيء حسيبا ، فكل حركة على القلب واللسان والجوارح وكل ذرة توزن للعبد ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ..) فما أعظم أجر من وزنت له حركة قلب في رجاء الله وخشية الله وحركة قلب في افتقار العبد لرؤية وجهه الكريم وهل هناك أعظم طمع للعبد المحب من رؤية وجه ربه الكريم الذي كان يعبده ويتزلف إليه وله كان يركع وإليه كان يسجد ويرغم أنفه ورقبته وناصيته ؟!!
                قال تعالى { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }
                وقال تعالى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
                وسأنقل كلاما نفيسا لابن القيم في مدارج السالكين في منزلة الرجاء إذ يقول رحمه الله ورضي عنه :

                ((وعلى حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء وكل محب راج خائف بالضرورة فهو أرجى ما يكون لحبيبه أحب ما يكون إليه وكذلك خوفه فإنه يخاف سقوطه من عينه وطرد محبوبه له وإبعاده واحتجابه عنه فخوفه أشد خوف ورجاؤه ذاتي للمحبة فإنه يرجوه قبل لقائه والوصول إليه فإذا لقيه ووصل إليه اشتد الرجاء له لما يحصل له به من حياة روحه ونعيم قلبه من ألطاف محبوبه وبره وإقباله عليه ونظره إليه بعين الرضى وتأهيله في محبته وغير ذلك مما
                لا حياة للمحب ولا نعيم ولا فوز إلا بوصوله إليه من محبوبه فرجاؤه أعظم رجاء وأجله وأتمه
                فتأمل هذا الموضع حق التأمل يطلعك على أسرار عظيمة من أسرار العبودية والمحبة فكل محبة فهي مصحوبة بالخوف والرجاء وعلى قدر تمكنها من قلب المحب يشتد خوفه ورجاؤه
                لكن خوف المحب لا يصحبه وحشه بخلاف خوف المسىء ورجاء المحب لا يصحبه علة بخلاف رجاء الأجير وأين رجاء المحب من رجاء الأجير وبينهما كما بين حاليهما

                وبالجملة : فالرجاء ضرورى للمريد السالك والعارف لو فارقه لحظة لتلف أو كاد فإنه دائر بين ذنب يرجو غفرانه وعيب يرجو اصلاحه وعمل صالح يرجو قبوله واستقامة يرجو حصولها ودوامها وقرب من الله ومنزلة عنده يرجو وصوله إليها ولا ينفك أحد من السالكين عن هذه الأمور أو بعضها ......
                وقال في نفس الموضع :
                قال : الدرجة الثالثة : رجاء أرباب القلوب وهو رجاء لقاء الخالق الباعث على الاشتياق المبغض المنغص للعيش المزهد في الخلق هذا الرجاء أفضل أنواع الرجاء وأعلاها قال الله تعالى : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا الكهف : 110 وقال تعالى : من كان يرجون لقاء الله فإن أجل الله لآت العنكبوت :
                وهذا الرجاء هو محض الإيمان وزبدته وإليه شخصت أبصار المشتاقين ولذلك سلاهم الله تعالى بإتيان أجل لقائه وضرب لهم أجلا يسكن نفوسهم ويطمئنها
                و الاشتياق هو سفر القلب في طلب محبوبه .....
                وقوله : المنغص للعيش فلا ريب أن عيش المشتاق منغص حتى يلقى محبوبه فهناك تقر عينه ويزول عن عيشه تنغيصه وكذلك يزهد في الخلق غاية التزهيد لأن صاحبه طالب للأنس بالله والقرب منه فهو أزهد شيء في الخلق )
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن بن إدريس المغربي; الساعة 06-Mar-2011, 04:51 AM. سبب آخر: تم حذف الردود التي من اجله تم مسح مقدمة ردكم ويمكنكم تعديل الرد

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة أم عبد الكريم مشاهدة المشاركة

                  - قال القرطبى -رحمه الله-

                  والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ‏ناعمة؛ يقال: نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة وهو الإشراق والعيش ‏والغنى؛ ومنه الحديث (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها). "إلى ربها" إلى ‏خالقها ومالكها "ناظرة" من النظر أي تنظر إلى ربها؛ على هذا جمهور ‏العلماء. وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في "يونس" عند ‏قوله تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس: 26]. وكان ابن عمر ‏يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية؛ ثم تلا ‏هذه الآية: "وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة" وروى يزيد النحوي عن ‏عكرمة قال: تنظر إلى ربها نظرا. وكان الحسن يقول: نضرت وجوههم ‏ونظروا إلى ربهم.‏


                  -قال الطبرى -رحمه الله-

                  ‏ إلى رَبها ناظِرَة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ‏ذلك: أنها تنظر إلى ربها. ذكر من قال ذلك:
                  ‏ حدثنا محمد بن منصور الطوسي, وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا: ‏حدثنا عليّ بن الحسن بن شقيق, قال: حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد ‏النحويّ, عن عكرِمة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر إلى ‏ربها نظرا.‏
                  ‏ حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق, قال: سمعت أبي يقول: ‏أخبرني الحسين بن واقد في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ من النعيم إلى رَبّها ‏ناظِرَةٌ قال: أخبرني يزيد النحوي, عن عكرِمة وإسماعيل بن أبي خالد, ‏وأشياخ من أهل الكوفة, قال: تنظر إلى ربها نظرا.‏
                  ‏ حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, قال: حدثنا آدم قال: حدثنا المبارك, ‏عن الحسن, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: حسنة إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنظر إلى الخالق, وحُقّ لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏
                  ‏ حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: حدثنا خالد بن عبد ‏الرحمن, قال: حدثنا أبو عرفجة, عن عطية العوفي, في قوله: وُجُوهٌ ‏يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: هم ينظرون إلى الله لا تحيط ‏أبصارهم به من عظمته, وبصره محيط بهم, فذلك قوله: لا تُدْرِكُهُ ‏الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ.‏
                  وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها تنتظر الثواب من ربها. ذكر من قال ‏ذلك:‏
                  ‏ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عمر بن عبيد, عن منصور, عن مجاهد ‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر منه الثواب.‏
                  ‏ قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر الثواب من ربها.‏
                  ‏ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن ‏منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏
                  ‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور عن ‏مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب من ربها, لا يراه من خلقه ‏شيء.‏
                  ‏ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: حدثنا أبي, عن أبيه, عن ‏جدّه, عن الأعمش, عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: نضرة من النعيم ‏إلى رَبّها ناظِرَةً قال: تنتظر رزقه وفضله.‏
                  ‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, قال: ‏كان أناس يقولون في حديث, «فيرون ربهم» فقلت لمجاهد: إن ناسا ‏يقولون إنه يُرَى, قال: يَرى ولا يراه شيء.‏
                  ‏ قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر من ربها ما أمر لها.‏
                  ‏ حدثني أبو الخطاب الحساني, قال: حدثنا مالك, عن سفيان, قال: حدثنا ‏إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى ‏رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏

                  حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا الأشجعي, عن سفيان, عن ثوير, عن ‏مجاهد, عن ابن عمر, قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى ‏مُلكه وسُرُرِه وخدمه مسيرة ألف سنة, يرى أقصاه كما يرى أدناه, وإن ‏أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الله بُكرة وعشية».‏
                  ‏ قال: ثنا ابن يمان, قال: حدثنا أشجع, عن أبي الصهباء الموصلي, قال: ‏‏«إن أدنى أهل الجنة منزلة, من يرى سرره وخدمه ومُلكَهُ في مسيرة ألف ‏سنة, فيرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أفضلهم منزلة, من ينظر إلى وجه ‏الله غدوة وعشية».‏



                  وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن ‏وعكرِمة, من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها, وبذلك جاء الأثر عن ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏
                  ‏ حدثني عليّ بن الحسين بن أبجر, قال حدثنا مصعب بن المقدام, قال: ‏حدثنا إسرائيل بن يونس, عن ثوير, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: «إنّ أدْنى أهْلِ الجَنّةِ مَنْزِلَةً, لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ ‏ألْفَيْ سَنَةٍ قال: وإنّ أفضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَن يَنْظُرُ في وَجْهِ اللّهِ كُلّ يَوْم مَرّتَينِ ‏قال: ثم تلا: وُحُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إلى رَبّها ناظِرَةٌ. قال: بالبياض ‏والصفاء, قال: إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر كلّ يوم في وجه الله عزّ ‏وجلّ».‏

                  -قال ابن كثير -رحمه الله-

                  ثم قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة} من النضارة أي حسنة بهية مشرقة ‏مسرورة {إلى ربها ناظرة} أي تراه عياناً كما رواه البخاري رحمه الله ‏تعالى في صحيحه «إنكم سترون ربكم عياناً». وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله ‏عز وجل في الدار الاَخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند ‏أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها, لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما ‏في الصحيحين أنا ناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال: ‏‏«هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟» قالوا: لا, ‏قال: «فإنكم ترون ربكم كذلك».‏
                  ‎ ‎وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ‏القمر ليلة البدر فقال: «إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر! فإن استطعتم ‏أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا» وفي ‏الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏‏«جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما, وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وما ‏بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه ‏في جنة عدن}. وفي أفراد مسلم عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ يقول الله تعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ‏؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: ‏فيكشف الحجاب, فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي ‏الزيادة» ثم تلا هذه الاَية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وفي أفراد مسلم ‏عن جابر في حديثه «إن الله يتجلى للمؤمنين يضحك» يعني في عرصات ‏القيامة ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في ‏العرصات وفي روضات الجنات, وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, ‏حدثنا عبد الملك بن أبحر, حدثنا ثوير بن أبي فاخته عن ابن عمر قال: قال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ‏ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, ينظر إلى أزواجه وخدمه, وإن ‏أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين» ورواه الترمذي عن عبد ‏بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عن ثوير قال: سمعت ابن عمر فذكره, ‏قال: ورواه عبد الملك بن أبحر عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر, وكذلك ‏رواه الثوري عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر ولم يرفعه, ولولا خشية ‏الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد ‏والسنن, ولكن ذكرنا ذلك مفرقاً في مواضع من هذا التفسير وبالله التوفيق.‏
                  ‎ ‎وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما ‏هو متفق عليه بين أئمة الإسلام, وهداة الأنام, ومن تأول ذلك بأن المراد ‏بإلى مفرد الاَلاء وهي النعم كما قال الثوري عن منصور عن مجاهد {إلى ‏ربها ناظرة} قال: تنتظر الثواب من ربها, رواه ابن جرير‎ ‎من غير وجه ‏عن مجاهد وكذا قال أبو صالح أيضاً فقد أبعد هذا القائل النجعة وأبطل فيما ‏ذهب إليه, وأين هو من قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ‏؟} قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما حجب الكفار إلا وقد علم أن الأبرار ‏يرونه عز وجل ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏بما دل عليه سياق الاَية الكريمة وهي قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} قال ‏ابن جرير: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, حدثنا آدم, حدثنا المبارك عن ‏الحسن {وجوه يومئذ ناضرة} قال حسنة {إلى ربها ناظرة} قال: تنظر إلى ‏الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏

                  -قال البغوي -رحمه الله-


                  ‏"إلى ربها ناظرة"، قال ابن عباس: وأكثر الناس تنظر إلى ربها عياناً بلا ‏حجاب. قال الحسن: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ‏الخالق. أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي، أخبرنا عبد الله بن أحمد ‏الحموي، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، أخبرنا عبد بن حميد، حدثنا ‏شبابة، عن إسرائيل، عن ثوير قال: سمعت ابن عمر يقول: "قال رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه ‏وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ‏ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة "".‏



                  حسب ما فهمت وما ذُكر في موضوع آخر وقد حاولت مرة أخرى الاطلاع على الموضوع بتمعن ولله الحمد.

                  فقد أورد هؤلاء الأعلام عليهم رحمة الله الحديث الذي أشار إلي ضعفه الأخ أبا صهيب وأتم ذلك الشيخ ماهر جزاهم الله خيرا

                  فيما ظهر لي حسب فهمي الضعيف، هو أن الحديث من جملة الأحاديث التي وردة في إثبات النظر إلى الخالق سبحانه وتعالى وقد أوردوا رحمهم الله هذا الحديث لذلك وليس لأي شيء آخر.

                  بل إن جل كلامهم رحمهم الله حول تفسير الآية المذكورة وأنه حصل خلاف في تفسيرها حول قولين في معناها : النظر إلى الله. والقول الآخر : انتظار الثواب.


                  وكما يظهر من كلام الطبري رحمه الله وباقي المفسرين أن هذا الحديث قد استَدَل به بعضهم على اثبات القول الأول، وآخرون استدلوا به لاثبات القول الثاني.

                  وقد ذهب رحمه الله ـ الطبري ـ إلى القول الأول أي تفسير الآية : بالنظر إلى الله، وذكر القرطبي رحمه الله في معرض كلامه أن جمهور العلماء على هذا مستدلا بالحدبث.

                  وقد اعتمدت على هذا التفسير الذي تقدمت به ما أورده الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لباب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ـ الباب 56 ـ من كتاب التوحيد، تعليقا على استدلال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله بهذا الحديث الذي لفظه هو : لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة.
                  وأنه حديث ضعيف.

                  قال حفظه الله تعلقا على ذلك :

                  بقي أنّ هذا الحديث رواه أبو داود، وفي اسناده: سليمان بن معاذ، وهو ضعيف، فهو حديث ضعيف فكيف أورده المصنِّف هنا ؟
                  فنقول: المصنِّف رحمه الله في هذا الكتاب يستدل بالأحاديث الصحيحة أو الأحاديث الحسنة، أو الأحاديث الضعيفة التي لها شواهد تؤيدها، وهذا الحديث له شواهد في اثبات الوجه لله عز وجل من الكتاب والسنة.
                  اهـ
                  ـ من كتاب إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص: 569 ـ



                  ولو نظرنا في شرح القرطبي رحمه الله نجد نفس المسألة التي علق عليها الشيخ الفوزان حفظه الله.


                  وأقول للأخت أن الموضوع لا صلة له بما ذكرت في الأول حيث كان عنوان الموضوع

                  (من أهل الجنة من يرى الله بكرة وعشية [تفسير الآيتين: 22-23 من سورة القيامة]..فسلوا الكريم من فضله)


                  فاستدلالهم بالحديث قد ذكر المراد منه فلا نحمل كلامهم على غير المحمل الذي أرادوه ونعزوا ذلك لهم.


                  والسلام عليكم ورحمة الله.
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة عبد الرحمن بن إدريس المغربي; الساعة 06-Mar-2011, 12:25 PM. سبب آخر: تصحيح بعض الاخطاء وإضافة المرجع

                  تعليق


                  • #10
                    أسأل العظيم رب العرش الكريم أن يغفر لنا ولكم ويبلغنا فيما يرضيه آمالنا،، وألا يحرمنا بذنوبنا فضله وكرمه..آمين.

                    كما أسأله أن يجزي جميع من شارك في الخير،،

                    ويجزي عني أم معان خاصة خيرا على ما بيَّنت،، فالفائدة التي نخرج بها من كل هذا الموضوع كما قالت:

                    (هو إثبات تفاوت المؤمنون في رؤية الله ، لأن الله لا يساوي المقربين بالمتقصدين ولا يساويهم بالظالمين لأنفسهم من أهل الجنة في النعيم ..
                    فالمقصود تشوق المؤمنين لرؤية وجه المولى عز وجل والطمع والرجاء في ذلك بغض النظر عن ثبوت البكرة والعشي لأعلى نعيم في الجنة ...
                    ولكن الأصل المعلوم المقرر عند أهل العلم والإيمان ، تفاوت المؤمنين في النعيم وأجل النعيم رؤية وجه الله الكريم
                    وإن القصد العلماء لمثل هذه الفوائد هو حصول عمل القلب الذي يحدث إثر الإيمان بتفاوت الرؤيا من الطمع والرجاء في أعظم نعيم ، وما يحدث فيه من انكسار القلب والخشية من عظم الذنب والخوف من ألم الحجاب وكان الله على كل شيء حسيبا ، فكل حركة على القلب واللسان والجوارح وكل ذرة توزن للعبد ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ..) فما أعظم أجر من وزنت له حركة قلب في رجاء الله وخشية الله وحركة قلب في افتقار العبد لرؤية وجهه الكريم وهل هناك أعظم طمع للعبد المحب من رؤية وجه ربه الكريم الذي كان يعبده ويتزلف إليه وله كان يركع وإليه كان يسجد ويرغم أنفه ورقبته وناصيته ؟!!) اهـ.

                    وأقول لكم،، أن العلماء عندما أوردوا الحديث الضعيف في هذا الموضع فإنما لهم مقصدا أبعد،، وهو ما ذكرته أم معان أن الرؤية تتفاوت،، وليس مقصودهم فقط إثبات أصل الرؤية،،

                    تعليق


                    • #11
                      وهذه جملة من الفوائد متعلقة بالموضوع نقلا من شرح العقيدة الطحاوية لكل من الشيخين الفاضلين صالح الفوزان وصالح آل الشيخ حفظهما الله.



                      فضلية الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

                      قول المصنف : والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية:
                      ______________________________
                      الشرح
                      الرؤية: أي : رؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى، فإن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى في الآخرة، يرونه عياناً بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر، وكما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك في الأحاديث الصحيحة المتواترة عنه عليه الصلاة والسلام(1)، ولذلك قال المصنف: الرؤية حق، أي : ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة من السلف والخلف، ولم يخالف فيها إلا المبتدعة وأصحاب المذاهب المنحرفة.
                      فالمؤمنون يرون ربهم سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: (وجوه يومئذٍ ناضرة*إلى ربها ناظرة) [القيامة: 22،23]، وهي وجوه المؤمنين (ناضره) يعني من النضرة وهي: البهاء والحسن (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) [المطففين:24] وأما (ناظرة) فمعناها: المعاينة بالأبصار، تقول: نظرت إلى كذا، أي : أبصرته، فالنظر له استعمالات في كتاب الله عز وجل، إذا عُدّي بـ(إلى) فمعناه المعاينة بالأبصار، (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت*وإلى السماء كيف رُفعت) [الغاشية:17،18]، أي : ألم ينظروا بأبصارهم إلى هذه المخلوقات العجيبة الدالة على قدرة الله عز وجل. وفي هذه الآية : (إلى ربها ناظرة) [القيامة:22،23] معداة بـ(إلى).
                      وإذا عُدي النظر بنفسه وبدون واسطة فمعناه التوقف والانتظار: (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم) [الحديد:13]، (انظرونا) أي : انتظرونا من أجل أن نستضيء بنوركم؛ لأن المنافقين ينطفئ نورهم والعياذ بالله، فيبقون في ظلمة، فيطلبون من المؤمنين أن ينتظروهم حتى يقتبسوا من نورهم. وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) [البقر:210] أي : ما ينتظرون إلا مجيء الرب يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده.
                      وإذا عُدي النظر بفي فمعناه التفكر والاعتبار، كما قال تعالى: (أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض) [الأعراف:185]، أي : يتفكروا في مخلوقات الله العلوية والسفلية، ويستدلون بها على قدرة الله الخالق سبحانه وتعالى واستحقاقه للعبادة.
                      الحاصل: أن النظر هنا عُدي بـ(إلى) ومعناه: الرؤية والمعاينة.
                      وقال سبحانه وتعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) [يونس:26] فسر النبي صلى الله عليه وسلم (الحسنى) بأنها الجنة، وفسر (الزيادة) بأنها النظر إلى وجه الله الكريم، وهذا في صحيح مسلم(2).
                      وقال تعالى: (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) [ق:35] المزيد: هو النظر إلى وجه الله الكريم.
                      وقال تعالى عن الكفار: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) [المطففين:15] فإذا كان الكفار محجوبون عن الله، أي : لا يرونه؛ لأنهم كفروا به في الدنيا فهم حجوبون عن النظر إليه يوم القيامة، وهذا أعظم حرمان وأعظم عذاب، والعياذ بالله، فدلت الآية على أن المؤمنين ليسوا محجوبين عن الله يوم القيامة، وأنهم يرونه بالنظر إليه في الآخرة؛ لأنهم آمنوا به في الدنيا ولم يروه، وإنما استدلوا عليه سبحانه بآياته ورسالاته، فالله أكرمهم بالنظر إليه يوم القيامة.
                      والنظر إلى وجه الله عز وجل أعظم نعيم في الجنة.
                      هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وهذه بعض أدلتهم من القرآن
                      وأما أدلتهم من السنة فكثيرة جداً بلغت حد التواتر، كما قال العلامة ابن القيم في كتابه القيم "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"، وساق الأحاديث الواردة في الرؤية وقد بلغت حد التواتر.
                      منها: قوله عليه الصلاة والسلام: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، لا تُضامون في رؤيته -أو: لا تَضامُّون في رؤيته-"(3) . يعني : لا تزدحمون على رؤية الله عز وجل؛ لأن كل واحد يرى الرب وهو في مكانه من غير زحام كما أن الناس يرون الشمس والقمر من غير زحام؛ لأن العادة إذا كان الشيء في الأرض وخفي يزدحمون على رؤيته ولكن إذا كان الشيء مرتفعاً كالشمس والقمر فإنهم لا يزدحمون على رؤيته ، كلٌ يراه وهو في مكانه، إذا كان هذا في المخلوق الشمس والقمر، فكيف في الخالق سبحانه وتعالى؟
                      ولم ينكر الرؤية إلا أهل البدع كالجهمية والمعتزلة الذين ينفون الرؤية، يقولون: يلزم من إثبات الرؤية أن يكون الله في جهة، والله عندهم ليس في جهة، وهو عندهم لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، ولا يمنه ولا يسرة، ليس في جهة، وهذا معناه أنه معدوم، تعالى الله عما يقولون ، فنفوا الرؤية من أجل هذا الرأي الباطل.

                      __________
                      (1) فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة -يعني البدر- فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته
                      " .أخرجه البخاري رقم (554) ومسلم رقم (633).
                      (2) أخرجه مسلم رقم (181) والترمذي رقم (2557) .
                      (3) أخرجه البخاري رقم (554،806،7434) ومسلم رقم (182) بلفظ: "تضارون" .


                      ************
                      تتمة الشرح

                      وأما الأشاعرة: لما لم يمكنهم إنكار الأدلة من الكتاب والسنة أثبوا الرؤية وقالوا: يُرى ولكن ليس في جهة، وهذا من التناقض العجيب! ليس هناك شيء يُرى وهو ليس في جهة، ولذلك رد عليهم المعتزلة؛ لأن هذا من المستحيل. وأهل السنة يقولون: يُرى سبحانه وتعالى وهو في جهة العلو من فوقهم، فالجهة إن أريد بها الجهة المخلوقة فالله ليس في جهة؛ لأنه ليس بحال في خلقه سبحانه وتعالى.
                      وإن أريد بها العلو فوق المخلوقات فهذا ثابت لله عز وجل، فالله في العلو فوق السماوات، فالجهة لم يرد إثباتها أو نفيها في كتاب الله، ولكن يقال فيها على التفصيل السابق.
                      ومعنى: "بغير إحاطة ولا كيفية" أنهم لا يحيطون بالله عز وجل، ويرونه سبحانه بغير إحاطة، والله عظيم لا يمكن الإحاطة به، قال سبحانه: (ولا يحيطون به علماً) [طه:110]، وقال جل وعلا: (لا تدركه الأبصار) [الأنعام:103] يعني : لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يقل: لا تراه الأبصار، إنما قال: (لا تدركه الأبصار) فالإدراك شيء والرؤية شيء آخر، فهي تراه سبحانه بدون إحاطة، وفي هذا رد على من استدل بهذه الآية على نفي الرؤية وقال: الرؤية لا تمكن ؛ لأن الله قال: (لا تدركه الأبصار) . فنقول لهم: أنتم لا تعرفون معنى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) .
                      (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ، معناها: لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه، ولم يقل سبحانه: لا تراه الأبصار.
                      واستدلوا أيضاً فقالوا: موسى عليه السلام قال : (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) [الأعراف:143] هذا دليل على نفي الرؤية.
                      نقول لهم: هذا في الدنيا، لأن موسى سأل ذلك في الدنيا، ولا أحد يرى الله في الدنيا لا الأنبياء ولا غيرهم، وأما في الآخرة فيرى المؤمنون ربهم، وحال الدنيا ليست كحال الآخرة، فالناس في الدنيا ضعاف في أجسامهم وفي مداركهم، لا تستطيع أن ترى الله عز وجل، وأما في الآخرة فإن الله يعطيهم قوة يستطيعون بها أن يروا ربهم -جل وعلا- إكراماً لهم.
                      ولهذا لما سأل موسى ربه في هذه الآية: (قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً) [الأعراف:143] الجبل اندك وصار تراباً، والجبل أصم صلب، فكيف بالمخلوق المكون من لحم ودم وعظام؟ فهو لا يستطيع رؤية الله في الدنيا.
                      وسؤال موسى رؤية الله دليل على جواز الرؤية وإمكانها؛ لأن موسى لا يسأل ربه شيئاً لا يجوز، إنما سأله شيئاً يجوز، ولكن لا يكون هذا في الدنيا، فالله سبحانه قال: (لن تراني) ولم يقل: إني لا أرى.
                      فالله يُرى في الآخرة(1)، وأولى الناس بهذه الرؤية الأنبياء.
                      وقوله: "ولا كيفية" أي : لا يقال: كيف يرون الله؟ لأن هذا كسائر صفات الله عز وجل لا نعرف كيفيتها، فنحن نؤمن به ونعرف معناها ونثبتها، ولكن الكيفية مجهولة ولا نعرفها، فالله أعلم بها سبحانه.
                      __________
                      (1) فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن" .
                      أخرجه البخاري رقم (4878، 4880) ومسلم رقم (180).


                      ************

                      وقوله : كما نطق به كتاب ربنا: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة):
                      _______________________________

                      الشرح

                      هذا صريح أنه نظر إلى الله بالأبصار حيث عُدّي بإلى، فمعناه الرؤية بالأبصار، قالت المعتزلة: (إلى ربها) (إلى) جمع بمعنى: نِعَم. أي إلى نِعَم ربها ناظرة. وهذا تخريف يضحك منه العقلاء، لأن الحرف لا يحول إلى جمع.

                      ************
                      وقوله : وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه:
                      _______________________________

                      الشرح
                      أي تفسير (إلى ربها ناظرة) [القيامة: 23] أي : على ما أراده الله جل وعلا، وهو المعاينة بالأبصار، لا على ما أراده المبتدعة.



                      اهـ

                      تعليق


                      • #12



                        فضلية الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله




                        قول المصنف : والرُّؤْيةُ حقٌّ لأهلِ الجَنَّةِ، بِغَيْرِ إحَاطَةٍ ولا كَيْفيَّةٍ، كما نَطق به كتابُ ربِّنا {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]، وتَفْسيرُهُ عَلى ما أرادَهُ الله تَعالَى وَعَلِمَهُ.
                        وكلُّ ما جاءَ في ذَلك مِنَ الحديث الصَّحيح عَن الرسولِ صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، وَمَعناهُ على ما أراد، لا نَدْخلُ في ذلك مُتَأَوِّلين بِآرَائنا، ولا مُتَوَهِّمِينَ بأهْوَائنَا، فإنَّهُ مَا سَلِم في دينه إلاَّ مَنْ سَلَّمَ لله عَزَّ وَجَلَّ ولرسُولِه صلى الله عليه وسلم، وردَّ علْمَ ما اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إلى عَالِمِهِ.

                        _______________________________________________


                        الشرح


                        هذه المسألة مسألة عظيمة جداً، وهي مسألة رؤية الرب - عز وجل - في الجنة.
                        ورؤية الله - جل جلاله - في جنات النعيم هي أعلا ما يَلتذُّ به أهل الجنة، فأهل الجنة أعلا نعيمهم رؤية وجه الله - عز وجل -، وذلك لأنه منتهى الجمال؛ ولأنّ في الرؤية الرضا، ولأنّ في الرؤية الإكرام، ولأنّ في الرؤية صلاح القلب برؤية محبوبه - عز وجل -.
                        فكل أنواع الجمال التي يتعلق بها المتعلقون إنما هي بعض جمال صفات الرب - عز وجل -؛ يعني أنها شيء من جمال الصفات، كما أن رحمة الله - عز وجل - منها جزء يتراحم به الناس.
                        وكذلك جمال الحق - عز وجل - في ذاته وصفاته وأفعاله من جماله أفاض على هذا الوجود، فصارت الأشياء جميلة لما أفاض عليها - عز وجل - من جماله ـ، كما قال ابن القيم رحمه الله:
                        وهو الجميل على الحقيقة كيف لا وجمال سائر هذه الأكوان
                        من بعض آثار الجميل فربها أولى وأجدر عند ذي العرفان
                        فكل جمال يطمع إليه الطامع وتتعلق به نفس المُتَعَلِّقْ من جمال مخلوقات الدنيا أو من أنواع الجمال والتلذذ في الجنة فإنه ليس بشيء عند الرؤية والتلذذ بمن أفاض ذلك الجمال، وأفاض تلك اللذات على من شاء من خلقه.
                        ولهذا قال بعض أهل العلم: إنَّ الرؤية لله - عز وجل - هي الغاية التي شَمَّرَ إليها المشمرون.
                        فإذا كانت الجنة غاية في تشمير المشمر وفي تَعَبُّد العابد، فإنَّ أعلى نعيم الجنة وأعظم نعيم الجنة أن يرى المؤمنون ربهم - عز وجل -، كما قال {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]، نظرت إلى الرحمان فاكتست الوجوه نظرة وجمالا وبهاء وحسنى تبارك ربنا وتعالى.


                        قال(والرُّؤْيةُ حقٌّ لأهلِ الجَنَّةِ)
                        يعني أنَّ الرؤية ثابتة، وهي حق لا مِرْيَة فيه، ولا شك فيه، وهي حق لأهل الجنة فأهل الجنة يرون ربهم - عز وجل - ويتلذذون بذاك النعيم.

                        قال(بِغَيْرِ إحَاطَةٍ ولا كَيْفيَّةٍ)
                        فنفى الإحاطة؛ لأنَّ رؤية الله - عز وجل - لا يمكن أن تكون بإحاطة للمرئي، كما قال سبحانه {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام:103]، فرؤية الله - عز وجل - رؤية عيان؛ لكن لا يمكن أن يُحَاطَ بالله - عز وجل - رؤية كما لا يمكن أن يحاط بالله - عز وجل - علماً {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:110]، ولكن أصل العلم بالله - عز وجل - ثابت، وكذلك الرؤية لا يحاط بها فلا تُدْرَكْ؛ لا تُدْرِكُ الربَّ - عز وجل - الأبصار، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}، ولكن أصل الرؤية موجود.
                        فالمنفي إذاً في الآيات الإحاطة، وهذا ليس في الرؤية وحدها ولكن في كل صفات الله - عز وجل -؛ فإنَّ الله سبحانه بذاته وبصفاته لا يحاط به علماً ولا يحاط بالله - عز وجل - إدراكاً ورؤية.
                        قال (ولا كَيْفيَّةٍ) يعني لا تُكيَّفُ رؤية الناس لربهم - عز وجل -؛ وإنّما هي حق على ما جاء في الأدلة، والكيفية منفية؛ لأنَّ رؤية الناس لله - عز وجل - -يعني بالناس المؤمنين في الجنة- فإنَّ رؤية المؤمنين لله - عز وجل - في الجنة تبع لصفاته، وصفات الرب - عز وجل - لا تُعْرَفُ كيفيتها.
                        فرؤية الرائي للرب - عز وجل - في دار النعيم والخلود والسعادة ليست رؤية إحاطة ولا تُكَيَّفْ بكيفية:
                        - لأنَّ الله - عز وجل - في علوه لا يُعْلَمُ كيف ذلك.
                        - ولأنَّ الله - عز وجل - في رؤية المؤمنين إليه لا تُعْلَمُ كيفية ذلك.
                        - ولأنَّ الله - عز وجل - في كشف الحجاب الذي يحجبه عن رؤية الخلق إليه لا تُعْلَمُ كيفية ذلك.
                        فربنا أعلى وأعظم مما يدور في الذهن أو مما يحوم عليه الخاطر أو يتوهمه المتوهم.
                        فلذلك نُثْبِتُ الرؤية دون نظر في كيف تكون هذه الرؤية، لكنها رؤية بالعيان رؤية بالعينين ليست رؤية قلب، وإنما هي رؤية عينين، كما سيأتي ذلك في الأدلة.

                        وكما استدل المصنف رحمه الله بقوله (كما نَطق به كتابُ ربِّنا)
                        ذكرنا لكم أنَّ هذا من الذي استعمله أهل العلم كثيراً أن يُنْسَبَ القول والنطق والكلام للقرآن يعنون بذلك من تكلم به وهو الرب - عز وجل -، فقوله (كما نَطق به كتابُ ربِّنا) لا بأس به ويستعمله كثير من أهل العلم من المحققين والأئمة.
                        قال - عز وجل - ({وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]) هذه الآية فيها إثبات رؤية أهل الجنة للرب - عز وجل - وأنَّ وجوه من رأى الرب - عز وجل - ستكون (نَاضِرَةٌ) يعني حَسَنَة بَهِيَّة تعلوها النُّضرة والنَّضرة، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (نضّر الله امرَأً -امرؤا- سمع مقالتي فأداها كما سمعها)(1) الحديث، دعا له بنضارة الوجه يعني بالحسن والبهاء والزينة والجمال وهذا إنما هو لأهل الإيمان.
                        {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} يعني يوم القيامة تلك الوجوه ناضرة حسنة بهية، وتلك الوجوه {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ناظرة إلى الرب - عز وجل -؛ يعني رائية ربها - عز وجل -، تنظر الوجوه إلى الرب - عز وجل -.
                        ووجه استشهاد المصنف بآية سورة القيامة من ثلاثة وجوه:

                        1 -
                        الوجه الأول:

                        أنَّ النظر عُدِّي بـ(إِلَى)، وتعدية النظر بـ(إِلَى) تفيد أنَّ معناه الرؤية -كما سيأتي بيان ذلك في المسائل-.
                        قال ناظرة إلى ربها، وناظرة ،والنظر يأتي لمعاني فإذا عدي بـ(إِلَى) كان المراد رؤية العِيَان.
                        2 -


                        الوجه الثاني:

                        أنه جَعَلَ النظر إلى الرب - عز وجل - مضافاً على الوجوه، فجعل الوجوه هي التي تنظر إلى ربها، قال{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فالوجوه ناظرة إلى ربها، ومحل الرؤية والنظر في الوجه هو العينان.
                        3 -


                        الوجه الثالث:

                        أنه قال{يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، والنضرة: وهي الحسن والبهاء والسرور والحبور الذي يعلو الوجوه والاطمئنان، هذا إنما يكون بالرؤية لأنها منتهى النعيم واللذة، لا من الانتظار الذي لا يُدْرَى هل بعده نعيم أم بعده غير ذلك.
                        فكون الأوجُهْ بالنظر صارت ناضرة، يعني حَسَنَة بَهِيَّة دَلَّ على أَنَّ هذا إنما هو الرؤية لأنه أثر الرؤية، وأما مجرد الانتظار فليس كل مُنْتَظِرٍ للرب - عز وجل - يُنضَّر وجهه، بل مِنَ المُنتظِرْ مَنْ يكربس في جهنم والعياذ بالله، وسيأتي مزيد بيان أوجه الاستدلال في المسائل إن شاء الله تعالى.



                        قال(وتَفْسيرُهُ عَلى ما أرادَهُ الله تَعالَى وَعَلِمَهُ)
                        (تَفْسيرُهُ) يعني تفسير النظر إلى الرب - عز وجل - عَلى ما أرادَهُ الله تَعالَى وَعَلِمَهُ.
                        التفسير هنا يراد به أحد نوعي التفسير:
                        وذلك أنَّهُ جَعَلَ الرؤية حق ونفى في الرؤية التي هي حق ويثبتها: الإحاطة والكيفية.
                        فدل على أنَّهُ يُثْبِتُ معنى الرؤية الذي يعلمه السامع للكلام من ظاهر الكلام.
                        فلما نفى الإحاطة والكيفية دلَّ على أَنَّ قوله (الرُّؤْيةُ حقٌّ لأهلِ الجَنَّةِ) أَنَّ الرؤية على ظاهرها.
                        وهذا هو المعنى الأول للأشياء، هو المعنى المتبادر للذهن في الصفات.
                        نقول هذا على ما يتبادر إلى الذهن، فصفة الرحمة معروفة، وصفة الكلام معروف إلى آخره.
                        والنوع الثاني من التفسير هو التفسير لتمام المعنى وللكيفية.
                        فإنَّ تمام المعنى والكيفية لا يعلمها إلا الله - عز وجل -، كما قال سبحانه {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:7]، على مَنْ وَقَفَ هنا، فأراد بالتأويل الذي هو التفسير تمام المعنى والكيفية.
                        فإذاً تفسير النظر إلى وجه الله الكريم، تفسير النظر إلى الرب الكريم - عز وجل - بتمام معناه لا نعلمه، تفسيره على ما أراده الله تعالى، هو حق، وتمام المعنى لا نعلمه كيف ذلك.
                        كيف تُعْطَى العيون القدرة.
                        النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: أرأيت ربك؟ قال (نُورٌ أَنّىَ أَرَاهُ)؟(2) وقال (رَأَيْتُ نُوراً)(3) كما في الصحيح من حديث أبي ذر، وموسى عليه السلام سأل ربه قال {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}[الأعراف:143]، قالت طائفة من السلف: كَشَفَ الله - عز وجل - من الحجاب قدر هذه؛ أنملة واحدة، فساح الجبل، فَرُدَّ طلب الرؤية على موسى لأنَّهُ لن يقدر على ذلك ،كذلك قال صلى الله عليه وسلم (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)(4).
                        فإذاً الناس ليس عندهم القدرة على الرؤية، فكيف تكون عندهم القدرة على الرؤية؟ وكيف تكون قُواهُم؟ وكيف تكون قُدَرُهُم؟ وكيف يُعطون؟ وعلى أي حال تكون الرؤية وتفسير ذلك على تمام معناه؟
                        هذا كله لا يُعْلَمْ كما قال (تَفْسيرُهُ) -يعني بتمام معناه بما يزيد على إثبات الرؤية وأنها حق - على ما أراد الله تعالى وعلمه، لا ندخل في ذلك متأولين ولا متوهمين، كما ذكر بعد ذلك.
                        وهذه الكلمة تشبه ما ذكره ابن قدامة وغيره عن الإمام أحمد وعن الإمام الشافعي في الآيات والأحاديث التي فيها إثبات الصفات؛ صفات الرب - عز وجل -، أنهم قالوا: أمروها كما جاءت لا كيف ولا معنى.
                        وهذه استدل بها بعض أهل التأويل على أنهم - يعني الإمامين - يعنون بذلك التأويل.
                        لا كيف فلا نكيف الصفات.
                        ولا معنى لا نثبت المعنى بل نفوض المعنى والكيفية.
                        وهذا ليس بمراد، بل المراد من قولهم لا كيف ولا معنى أنَّ إمرار الصفات كما جاءت معناه إثبات الصفات على ما دل عليه ظاهر الكلام؛ لأنَّ الصفة لا تُثْبِتُهَا إلا بما دل عليه ظاهر الكلام.
                        ونفي الكيفية عن الصفة يعني الكيفية التي نحا إليها المجسمة.
                        ونَفْيُ المعنى بقولهم لا كيف ولا معنى؛ يعني المعنى الذي ذهب إليه المؤؤلة الذي يخالف ظاهر الكلام، ويخالف الإمرار كما جاءت.
                        فإذاً الإمرار كما جاءت بما يُفْهَمْ، فمن كيَّف فقد صار مجسماً أو صار مكيفاً، ومن تأول المعنى فقد دخل في الكلام بما يخرج اللفظ عن ظاهره.
                        لهذا قول القائل لا كيف ولا معنى؛ يعني لا كيف كما يقول المجسمة ولا معنى كما يقول المؤولة بما يُخْرِجُ تلك الآيات والأحاديث عن ظاهرها المتبادر منها من إثبات صفات الرب - عز وجل - والأمور الغيبية بعامة، وهذا كما قال هنا (تَفْسيرُهُ عَلى ما أرادَهُ الله تَعالَى وَعَلِمَهُ).



                        قال (وكلُّ ما جاءَ في ذَلك مِنَ الحديث الصَّحيح عَن الرسولِ صلى الله عليه وسلم فهو كما قال)
                        وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المؤمنين لربهم - عز وجل - بالتواتر.
                        عُدَّ ذلك متواترا في أكثر من عشرين حديثاً جاءت عن المصطفي صلى الله عليه وسلم في إثبات الرؤية، بأحاديث متنوعة، مختلفة في ألفاظها وفي طرقها عن عدد كبير من الصحابة، فهي متواترة.
                        ولهذا كَفَّرَ طائفة من أهل السنة من أنكر رؤية الرب - عز وجل - لأنه إنكار للمتواتر من القرآن وللمتواتر من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.



                        قال (فهو كما قال، وَمَعناهُ على ما أراد، لا نَدْخلُ في ذلك مُتَأَوِّلين بِآرَائنا، ولا مُتَوَهِّمِينَ بأهْوَائنَا).
                        (لا نَدْخلُ في ذلك مُتَأَوِّلين بِآرَائنا) يعني نُخْرِجْ هذا الظاهر بتأويل.
                        (ولا مُتَوَهِّمِينَ بأهْوَائنَا) بما يجعل للرؤية كيفية مُعَيَّنَة، فَنُثْبِتْ الرؤية بكيفية أو لأجل الكيفية ننفي الرؤية كما ذهب إليه المعتزلة وكما ذهب إليه المجسمة.
                        فالمعتزلة توهموا أنَّ الرؤية تكون بكيفية فنفوا، والمجسمة توَهَّمُوا أَنَّ الرؤية تكون بكيفية فأثبتوها على تلك الكيفية.
                        إذا تبين لك هذا المعنى العام لكلام الماتن رحمه اللهففي هذه المسألة العظيمة، مسألة الرؤية مسائل:
                        __________
                        (1) أبو داود (3660)/ الترمذي (2656)/ ابن ماجه (230)
                        (2) مسلم (461)/ الترمذي (3282)
                        (3) مسلم (462)


                        (4) مسلم (79)/ ابن ماجه (195)


                        ************


                        تتمة الشرح



                        [المسألة الأولى]:
                        أنَّ المؤمن في تَعَلُّقِهِ بربه - عز وجل - في عبادته سبحانه بأنواع العبادة القلبية والعملية يرى أنّ الإنعام عليه بأن يكون من أهل الجنة هذا أعظم الإنعام؛ لأنَّ من دخل الجنة قد رضي الله عنه ومَتَّعَهُ بملاذِّها وحبورها وسرورها وأفاض عليه الزيادة وهي رؤية وجه الله الكريم.
                        ومن أحب تَعَلَّقَ بالمحبوب، وإذا تَعَلَّقَ القلب بالمحبوب لم يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يلقى محبوبه راضياً عنه متمتعاً بلذة النظر إليه ومحادثته وتحيته، كما قال سبحانه {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43)تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}[الأحزاب:43-44]، فهذا أعلى أنواع التمتع.


                        والقلب إذا خشع لله - عز وجل - وتلذذ بتلاوة القرآن وبالصلاة، وعلم أنَّ هذه من اللذات الحاضرة التي هي التلاوة والصلاة، فكيف بأعظم اللذات وهو رؤية الرب - عز وجل - وهي الغاية كما ذكر العلماء التي شَمَّرَ إليها المُشَمِّرُون، الذين تعلقت قلوبهم بالرب - عز وجل -.


                        [المسألة الثانية]:
                        أنَّ أهل السنة والجماعة جعلوا الرؤية حق، والرؤية بالعينين.
                        وهذه الرؤية جاءت فيها آيات كثيرة وأحاديث متواترة عنه صلى الله عليه وسلم، وأجمع أهل التفسير من الصحابة والتابعين على القول بالرؤية، ولم ينكرها أحد من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
                        ومن الأدلة على أنَّ الرؤية حق:
                        قول الله - عز وجل - {لاَّ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام:103]، وقوله - عز وجل - {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:26]،وقوله - عز وجل - {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[ المطففين:23]، وقوله - عز وجل - {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]،وقوله - عز وجل - عن الكفار {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]،وقوله - عز وجل - {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق:35]، ونحو ذلك من الأدلة.
                        وكذلك الأدلة التي فيها ذِكْرُ لقاء الله - عز وجل - كلها صالحة للاحتجاج بها على رؤية الله سبحانه، كقوله سبحانه {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:110]، فَسَّرَهَا طائفة من العلماء من السلف فمن بعدهم بأنَّ لقاء الله برؤيته وهو المعروف لغة.
                        وكذلك في قوله - عز وجل - {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}[الأحزاب:44] قال ثَعْلَبْ -وهو من علماء اللغة المبرزين العارفين-: أجمع أهل اللغة على أنَّ اللُّقْيَا هاهنا هي الرؤية، وذلك لأنَّه لا يمكن ملاقاة وتحية وخطاب باللغة إلا برؤية، والأدلة على ذلك متنوعة، في كل دليل فيه ذكر الرؤية لله - عز وجل - أو فيه ذكر اللقاء، أو ما فُسِّرَ بالسنة برؤية الله - عز وجل -.
                        وأما من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فكما ذكرت لكم الأدلة كثيرة جداً بلغت مبلغ التواتر، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم (إِنّكُمْ ستَرَوْنَ رَبّكُمْ يوم القيامة كَمَا تَرَوْنَ البدر ليلة التمام لاَ تُضَامّونَ فِي رُؤْيَتِهِ)(1).
                        والحديث الآخر قال فيه صلى الله عليه وسلم (هل تَرَوْنَ الشمس في وسط النهار، هل تُضَامّونَ فيها؟) قالوا: لا. قال (هل تَرَوْنَ القمر ليلة الْبَدْرِ، هل تُضَامّونَ فيه؟) قالوا: لا. قال (فإِنّكُمْ ستَرَوْنَ رَبّكُمْ كما تَرَوْنَ الشمس وسط الظهيرة لا تُضَامّونَ فيها وكما تَرَوْنَ القمر ليلة التمام لا تُضَامّونَ فيه)(2).
                        وفيه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:26]، من حديث صهيب ا، قال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل (الزيادة النظر إلى وجه الله الكريم)(3).
                        وأيضا في الباب قوله صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة (جنتان من ذهب وما فيهما، وجنتان من فضة وما فيهما، وليس بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا أن يُكشف الحجاب)(4).
                        نسأل الله سبحانه المنّ والكرم لرؤيته - عز وجل -، وأن يغفر لنا ذنوبنا وآثامنا، وأن نلقاه وهو راض عنا، سبحانه إنه جواد كريم.
                        هذه الآيات والأحاديث فيها تقرير لقول أهل السنة واضح الدِلالة.
                        ولا نخوض في ذلك بتقرير الأوجه اللغوية لما ذُكر لأنه بتكاثرها وتواردها بلغت مبلغ القطع في هذه المسألة، حيث إنَّ المسالة ليست بخفية حتى قال الإمام أحمد لمن قال له إنَّ فلاناً ينكر الرؤية قال: كافر، كافر. يعني لأنَّ هذه لا تحتمل التأويل، وليس ثَمَّ فيها شبهة.
                        - من أدلتهم أيضا قوله - عز وجل - {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام:103]، قالوا: فَنَفَى الإدراكَ، ونَفْيُ الإدراك مستلزم لانتفاء الرؤية.
                        & والجواب أنَّ هذا غلط كبير؛ لأنَّ نَفْيَ الإدراك لا يستلزم انتفاء الرؤية، فإنَّه قد ترى الشيء ولا تدركه؛ يعني لا تحيط به، فهذه السماء نراها ولا أحد يشك في أنه يرى السماء، ولو قلت لأي أحد يرى السماء: هل تدرك السماء رؤية وتحيط بها؟
                        فسيكون جواب كل أحد: لا، يعني لا يدركها رؤية، وإنما يرى منها ما يمكنه أن يرى وكما قال - عز وجل - {فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا}[الشعراء:61-62] ووجه الدلالة أنَّهُ نفى الإدراك، ومع نَفْيِ الإدراك أثبت الله - عز وجل - الترائي وهو رؤية كل جمع لآخر فقال {فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ} هذا الجمع رأى الجمع وذاك الجمع رأى الجمع ومع ذلك {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} فقال موسى (كَلَّا) يعني لن نُدْرَكْ يعني لن يُحاطَ بنا.
                        فنَفْيُ الإحاطة لا يستلزم أن تُنْفَى الرؤية؛ بل نَفْيُ الإحاطة يستلزم إثبات الرؤية نقيض ما قالوا، وهو الوجه الثاني من الاستدلال عليهم بهذه الآية.
                        الوجه الثاني من الاستدلال عليهم بهذه الآية أنَّ نفي الإدراك ليس كمالاً، والقاعدة المعروفة أنَّ كل نفي في القرآن فكماله بإثبات ضده، فربنا - عز وجل - قال {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}، وذلك لكمال سعته سبحانه وتعالى وكمال علوه وكمال استغناه عن خلقه، إلى غير ذلك من أفراد صفات الجلال للرب - عز وجل -.
                        فلا يقال إنه لا يُدْرَك ويكون المراد كمالاً إلا وأَصْلُ ذلك ثابتاً، وهو أنه في محل من يُرَى أو في محل الرؤية.
                        مثال ذلك أنك لو قلتَ: إنني لم أر العقل، ولم أر الفهم، ولم أر القلب، ولم أر السمع، ولم أر الإبصار، وهكذا الصفات ولم أر الرحمة، ولم أر الرأفة، إلى آخرها، فإنَّ نفي هذه الرؤية ليس كمالاً في أنَّ هذه الأشياء تُرى، ولكنك عجزت.
                        لأنك متى ما قلت في شيء إنك تراه أو لا تدركه رؤيةً فإنما يكون كمالاً إذا كان في محل ما يمكن أن يُرَى.
                        أما الأشياء التي لا تُرَى أصلاً فإنه ليس من الكمال أن تَنْفِي الرؤية عنها.
                        فكونك تنفي الرؤية عن الرحمة لا يعد هذا كمالا في الرحمة، وإنما هكذا وُجِدَتْ، كونك تنفي الرؤية عن الإبصار والإدراك لا يدل على كمال فيها.
                        فإذاً دَلَّ نَفْيُ الإدراك عن الرب - عز وجل - أنَّ نَفْيَ الإدراك لأجل أنه عظيم - عز وجل - فإنه يُرَى، ولكنه لا يُدْرَكْ.
                        والإدراك ينقسم إلى قسمين:
                        - إدراكٌ بِرُؤْيَةٍ
                        - وإدراك بعلمه
                        والإدراك بعلم: نَفَاهُ الله - عز وجل - في قوله سبحانه {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:110].
                        وإدراك الرؤية: نفاه الله - عز وجل - في هذه الآية.
                        وهذه الآية في إدراك الرؤية لا في إدراك العلم، دلَّ عليها قوله بعد النفي {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام:103].
                        فكونه سبحانه {يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} يعني يراها، وخَصَّ الإدراك بإدراك الأبصار لأنَّ الأبصار هي محل نَفْيِ الإدراك السابق، فقال {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام:103]، فلما قال {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} دَلَّنَا على أَنَّ المنفي هو إدراك الرؤية لا إدراك العلم.
                        والأدلة التي استدلوا بها متنوعة كثيرة، لا نُشْغِلُكُم بها معروفة وهذه المسألة من أطول المسائل التي فيها الكلام، لكن دائماً المؤمن أحق بالحجة من غيره، وفهم الحجة يكون بالأناة، تتأنى في فَهْمِ احتجاج أهل السنة، فإننا -ولله الحمد- بتجرد لا نعلم مسألة قال فيها أهل السنة قولاً واستندوا فيها إلى الأدلة، ويكون ثَمَّ فيها شبهة لا في الأصول -أصول صفات الرب - عز وجل - - ولا في الغيبيات بعامة؛ لأنَّ قولهم مُبَرَّأْ من الهوى، لا يدخلون متوهمين بأهوائهم ولا متأولين بآرائهم وقلوبهم، وإنما يثبتون ما ثبت في الكتاب والسنة، وإنما هم مستسلمون لنصوص الوحي، كما سيأتي إن شاء الله في الدرس القادم بإذن الله تعالى.
                        من العجيب أنَّ الحجج عند المعتزلة يحتجون بما ذكرنا ويَرُدُّونَ حُجَجَ أهل السنة على حسب أقوالهم بتفسير النظر كما قلنا بأنها ناظرة يعني منتظرة، إلى آخر ما ذكرت لكم.
                        لكنهم إذا أتت السنة والأحاديث في تفسير الآيات وفي إثبات الرؤية وهي بالغة مبلغ التواتر فإنهم يشرحون ولا يستطيعون حتى الإبانة عن وجه ربها.
                        يعني أنهم يقلقون ولا يحسنون إبانةً ولا تَفْقَهُ لهم قولاً.
                        وقد سمعت كلام بعضهم، سمعته بأُذُنَيَ وقرأت كلام بعضهم أيضاً بعينيَّ فما أحسنوا جواباً ولا خَلَصُوا إلى قول يردُّونَ به الأدلة من السنة.
                        __________
                        (1) البخاري (554)/ مسلم (1466)/ أبو داود (4729)/ الترمذي (2551)/ ابن ماجه (177)
                        (2) مسلم (469)/ الترمذي (2554)/ ابن ماجه (179)
                        (3) مسلم (467)/ الترمذي (2552)/ ابن ماجه (187)
                        (4) البخاري (487/ مسلم (466)/ ابن ماجه (186)




                        تتمة الشرح في الرد الموالي

                        تعليق


                        • #13
                          تتمة الشرح

                          [المسألة الثالثة]:
                          أنَّ قول أهل السنة في الرؤية؛ أنَّ الرؤية حق لأهل الجنة وللمؤمنين في عرصات القيامة.
                          والرؤية التي للمؤمنين هي رؤية سرور وتلذذ وإكرام.
                          واختلف أهل السنة في رؤية الله - عز وجل - في الموقف:
                          - هل هي للمؤمنين وحدهم.
                          - أم للمؤمنين والمنافقين.
                          - أم للناس جميعا، على ثلاثة أقوال.
                          وكل الأقوال في مذهب أهل السنة - يعني قال بها طائفة -.
                          وكما قال الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله: إنَّ الخلاف في هذه المسألة -يعني هل يرى الكفار ربهم يوم القيامة أو لا يرونه؟ هل يراه المنافقون أو لا يرونه؟- لا ينبغي أن تكون من المسائل التي يُشَدَّدُ فيها الخلاف؛ بل الأمر فيها خَفِي، هذا نص عبارته.
                          والمذاهب فيها كما ذكرت لكم ثلاثة:
                          - فجمهور أهل السنة والحديث على أنَّ الرؤية للمؤمنين في عرصات القيامة.
                          - وقال طائفة(1) للمؤمنين والمنافقين، وممن ذهب إلى ذلك ابن خزيمة كما نصًّ عليه في كتاب التوحيد
                          - القول الثالث: أنَّ الرؤية للجميع، للمؤمنين والمنافقين والكفار.
                          واستدلوا على ذلك بأنَّ الكافر يُحْجَبْ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]، قالوا: فكونه حُجِبَ يومئذ دلَّ على أنَّه قبل ذلك لم يكن محجوباً؛ لأنَّ الكلام في الآخرة، وأما في الدنيا فالكل محجوب عن رؤية الرب - عز وجل -.
                          وهذه الأقوال جَمَعَتْ النظر في الرؤية.
                          ويبقى أنَّ رؤية الرب - عز وجل - نوعان:
                          1 -
                          النوع الأول: رؤية إكرام ولذة ونعيم وإنعام وحبور وسرور، فهذه للمؤمنين في الجنة وللمؤمنين في عرصات القيامة، فهي من الطمأنينة لهم.
                          2 -
                          والنوع الثاني رؤية حساب وتقرير وتعريف، فهذه هي التي يمكن أن يقال: إنها مرادة في حديث المنافقين فيما ثبت في الصحيح (أنَّ الله - عز وجل - يأتي الأمة وفيه منافقوها، ثم يأتيهم في غير الصورة التي رأوها من قبل، ثم يأمرهم بالسجود فلا يسجدون، فيقولون نحن هنا حتى يأتي ربنا، ثم بعد ذلك يكشف الرب عن ساق، فيعرفونه فيسجد المؤمنون، ويبقى من لم يكن مخلصا في الدنيا يريد أن يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا)(2) فهذا يدل على أنّ هذه الرؤية رؤية تعريف ورؤية حساب وهذا النوع من الرؤية لا ينبغي أن يكون الخلاف فيه؛ لأنَّ الحديث دل عليه.
                          فإذاً الرؤية التي نقول: إنه أجمع أهل السنة على أنها للمؤمنين هي رؤية التنعم والتلذذ، و في ضمن ذلك رؤية التعريف.
                          وأما رؤية الله - عز وجل - للتعريف والحساب فهذه كُلٌ يراه بحسب حاله والله أعلم بكيفية ذلك وتفسيره.
                          أما الكفار فعامة أهل العلم إلا من شذَّ وقلَّ يقولون إنَّ الكافر لا يرى الله - عز وجل - لا رؤية تعريف ولا رؤية تلذذ من باب أولى؛ لأنَّ الكافر محل العذاب والنكال.
                          وأجابوا عن استدلالهم بقوله تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]، بأَّن هذا استدلال بالمفهوم، بمفهوم (يَوْمَئِذٍ)، (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وهم محجوبون في الدنيا عن الرؤية وكذلك محجوبون في الآخرة عن الرؤية.
                          وكلمة (يَوْمَئِذٍ)، ليس لها مفهوم كما قال - عز وجل - {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}[الحاقة:17]، وكما في قوله {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ}[التكاثر:8]، وفي آيات كثيرة عُلِّقَتْ أشياء تحصل يوم القيامة بـ(يَوْمَئِذٍ)، وقد يكون جنسها أو بعض أفرادها يحصل في الدنيا إما بالعموم أو بالخصوص.
                          المقصود من رد الاستدلال أنه كلمة (يَوْمَئِذٍ) ليس لها مفهوم، لا نفهم منه أنهم حُجِبُوا يومئذ فمعنى ذلك أنهم قبل ذلك يعني قبل الحجب يومئذ لم يكونوا محجوبين، بل كانوا محجوبين ثم صاروا محجوبين لكن توعَّدَهُم بين حالهم بقوله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الجَحِيم)، فحُجِبوا ثم صاروا صالين للجحيم .

                          __________
                          (1) انتهى الوجه الأول من الشريط العاشر.
                          (2) البخاري (7439)/ مسلم (472)

                          ************
                          تتمة الشرح
                          [المسألة الرابعة]:
                          مذاهب الناس في الرؤية متعددة، منها -يعني من خالف قول أهل السنة- أشهرها مذهبان:
                          1 -
                          المذهب الأول:
                          مذهب من منع الرؤية وتأَوَّلَ كل النصوص الواردة في ذلك: وهم المعتزلة، قبلهم الجهمية، والخوارج بعامة، والإمامية من الروافض؛ بل الروافض بعامة؛ لأنَّ الزيدية ينكرون الرؤية كقول المعتزلة.
                          وهذا القول له حججه واستدلالاته ستأتي.
                          2 -
                          المذهب الثاني:
                          مذهب من أثبت الرؤية ولكن قال: الرؤية ليست إلى جهة، وإنما تكون إدراكاً، وهذا هو قول الأشاعرة ومن نحا نحوهم.
                          فردُّوا قول المعتزلة في أنَّ الرؤية ممتنعة بإثباتها، ووافقوهم في أنَّ ليس على العرش رب وأنَّ الله سبحانه ليس في جهة - جهة العلو - فقالوا الرؤية لا إلى جهة.
                          وكيف تكون رؤيةً إذاً وليست إلى جهة؟
                          أما قول المعتزلة والخوارج، ويُشْهِرُ هذا القول في زمننا هذا طوائف الروافض والزيدية والإباضية من الخوارج ويستدلون له.
                          فمن أدلتهم:
                          1-
                          قوله - عز وجل - حينما سأل موسى عليه السلام الرؤية {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ}[الأعراف:143]، إلى آخره، قالوا: وجه الاستدلال أنَّه نَفَى رؤية الله - عز وجل -، وموسى الكليم أحق الناس بالرؤية، والنفي بلن يفيد التأبيد.
                          *والجواب عن هذه الحجة التي أدلى بها أوائل المعتزلة من شابههم إلى يومنا هذا: أنَّ النفي بلن في اللغة لا يفيد التأبيد، وإنما يفيد النفي المجرد.
                          وأما من قال إنه يفيد التأبيد وهو الزمخشري في الكشاف وفي كتابه المفصل في النحو فإنه باطل، وردَّه ابن مالك في الكافية الشافية بقوله:
                          ومن رأى النفي بلن مؤبدا ****** فقوله اردد وسواه فاعضدا
                          وردَّهُ أيضا ابن هشام في أوضح المسالك قال: ولا تفيد تأبيد النفي خلافا لمن قاله.
                          ويدل على ذلك أنَّ الله - عز وجل - قال {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}[البقرة:95] يعني الموت، فقال (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا) فنَفَى بالتأبيد بكلمة (أَبَدًا) وباستعمال (لَنْ) نفى التمني، وأثبت أنهم يتمنونه يوم القيامة قال - عز وجل - {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}[الزخرف:77] يعني ليميتنا ربك قال (إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)، فدل على أنَّ نفيه بـ(لَنْ) وبكلمة (أَبَدًا) لم يفد التأبيد المستغرق للدنيا والآخرة معا.
                          فإذاً أفاد:
                          أولاً: أنَّ قوله (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا) أنه لَمَّا استعمل (أَبَدًا) دلَّ على أنَّ (لَنْ) لا تفيد التأبيد.
                          ثانياً: على أنَّ كلمة لن لَمْ تُفِدْ التأبيد؛ لأنهم تمنوا الموت في الآخرة، فدلت على أنها تفيد النفي في الدنيا.
                          2 -
                          ومن أدلتهم أنهم قالوا: إنَّ النظر في القرآن وفي اللغة يفيد الانتظار، وهو أصله، وليس أصل النظر الرؤية، فالآيات التي فيها ذكر النظر تفيد الانتظار.
                          فقوله - عز وجل - {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا}(1) يعني فهل ينتظرون وقوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]؛ يعني منتظرة الفرج، ويستدلون عليه بقول الشاعر:
                          وجوهٌ يوم بدرٍ ناظراتٌ ****** إلى الرحمن يأتي بالفلاحِ
                          ناظرات إلى الرحمن، قالوا معناها منتظرات.
                          * وهذا القول في الاستدلال بمعنى النظر والإتيان عليه بهذا الشاهد اللغوي ليس على ما قالوا، وذلك أن اللغة فيها أفعال تختلف بالتعبير كثيرة جداً، فيكون للفعل معانٍ متعددة مختلفة بأنواع التعبير، ومنها فعل:
                          انْتَظَرَ ونَظَرَ، ومصدر ذلك واسم الفاعل ناظراً.
                          وتبيين ذلك أن يُقالَ -كما أوضحه الشارح وغيره من أهل اللغة- أَنَّ كلمة النظر وما اشْتُقَّ منها:
                          - تارَةً تتعدى بنفسها فيكون المعنى الانتظار؛ يعني تصل إلى المفعول بنفسها فيكون معناه الانتظار.
                          - وتارَةً تتعدى بـ(في) فيكون المعنى التفكر والاعتبار.
                          - وتارَةً تتعدى بـ(إلى) فيكون المعنى الرؤية، وقد يكون مع الرؤية الانتظار بحسب السياق، لكن لا يمكن أن تتعدى بـ(إلى) ويكون انتظاراً بلا رؤية، لا يمكن، ولم يأتِ في أي شاهد في لغة العرب ولا في القرآن ولا في السنة أنَّ النظر يتعدى بـ(إلى) ويكون معناه الانتظار المجرد من الرؤية ،بل النظر إذا تَعَدَّى بـ(إلى) صار معناه الرؤية، وقد يكون على قِلَّةْ مع الرؤية الانتظار، وهذا له نظائر في اللغة يطول الكلام ببيانها.
                          فإذاً قوله - عز وجل - {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]، كونه عدّى اسم الفاعل (نَاظِرَةٌ) الذي يعمل عمل فعله عداه بـ(إِلَى) دل على أنَّ المراد الرؤية، وكونه أضاف النظر إلى الوجوه التي هي مكان الرؤية دلّ على أنَّ الرؤية تكون بآلة في هذا الوجه وهي العينان.
                          لهذا قال طائفة من المحققين من أهل السنة: إنَّ تأويل نصوص المعاد والبعث والقبر والصراط والجنة والنار ونحو ذلك - ما يحصل يعني في عرصات يوم القيامة وما يحصل في السماء- أسهل بكثير من تأويل آيات وأحاديث الرؤية؛ لأنها بلغت مبلغ التواتر وأُكِدَتْ بأنواعٍ من التأكيدات، وبُيِّنَتْ بأنواعٍ من البيان بما يقطع معه السامع أنَّ المراد بها ظاهرها على حقيقتها حتى عند قول من يجيز القول بالمجاز أو التأويل الذي ينحو إليه ألئك، فإنَّ هذه لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على غيرها بقطع.
                          فإذن الحجة فيها قوية وقاطعة وإنما هو الهوى، نسأل الله - عز وجل - السلامة والعافية، ولكن يجب على المؤمن الموحد أن يعلم الأدلة ووجه الحجة حتى يدلي بحجته في تلك المسائل.
                          أما قول الأشاعرة في المسألة وهو أنهم قالوا يُرَى إدراكاً لا إلى جهة فإنه عجيب.
                          فإنَّ قول المعتزلة في نفي الرؤية أقرب إلى العقل من قول الأشاعرة - يعني إلى عقل وفهم السامع - خلافاً لقول الشارح إنَّ قول الأشاعرة أقرب إلى العقل من قول من نفى.
                          بل الحقيقة العكس:
                          من نَفَى الرؤية لأنه لا يثبت العلو قال ما دام أننا لا نثبت العلو فالرؤية لا يمكن أن تكون إلا إلى جهة.
                          الإنسان كيف يرى؟
                          لابد إلى جهة يراه، أما يرى شيئاً ليس أمامه ولا خلفه ولا عن يمينه ولا عن شماله وليس بأعلى منه ولا أسفل منه فكيف يراه؟ وأين يراه؟
                          لا شك أنَّ هذا العقل يرده.
                          ولهذا نقول قول الأشاعرة إنه يُرَى لا إلى جهة؛ يعني لا يُرَى في جهة العلو ويُرَى إدراكاً، فإنَّ هذا ولو كان إثباتاً للرؤية فهو غير مقبول عقلاً ولا مقبول سمعاً.
                          والواجب إثبات النصوص التي جاء فيها ذلك وإثبات ما دلت عليه من أنَّ الرؤية تكون على ما أخبر الله - عز وجل -، وأنَّ الله سبحانه يطَّلع إلى أهل الجنة وأنه يكشف الحجاب فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى الرب - عز وجل -، وأنه سبحانه مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته، وأنَّ عرش الرحمن فوق الجنة؛ يعني سقف الجنة، وهكذا في أدلة كثيرة.
                          فمن نفى علو الرحمن - عز وجل - وقال هو -سبحانه- في كل مكان، فكيف يُقْبَلُ إثباته للرؤية؟
                          لاشك أنَّ قول الأشاعرة عجيب وليس لهم حجة من جهة سمعية ولا من جهة عقلية، إلا شيئاً واحداً وهو أنهم أبطلوا: نفي علو الله - عز وجل -؛ وأنّه سبحانه في كل مكان وفرَّعُوا عليه أنَّ الرؤية لمَّا جاءت بها الأدلة قالوا يُرَى لا إلى جهة وهذا باطل.
                          [المسألة الخامسة]:
                          أنَّ رؤية المؤمنين في الجنة لربهم - عز وجل - عامة بالإنس والجن، للرجال وللنساء، وللملائكة أيضاً، {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23)سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد:23-24]، فالملائكة في الجنة يعني طائفة منهم في الجنة، وفي الجنة المؤمنون من الجن والإنس ومن الرجال والنساء، ولم يدلَّ دليل على اختصاص الرؤية بالرجال دون النساء ولا على اختصاص الرؤية بالإنس دون الجن، وهذه فيها أقوال:
                          1 -
                          القول الأول:
                          من قال: إنَّ الرؤية للإنس دون الجن، وهذا خلاف الصواب كما ذكرنا؛ لأنَّ الآيات عامة في الرؤية في كل مؤمن فمن دخل الجنة رآه.
                          2 -
                          القول الثاني:
                          إنَّ الرؤية للرجال دون النساء، واستدلوا على ذلك بقوله - عز وجل - {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}[الرحمن:72] وأنَّ القصر في الخيام يدل على عدم خروجهن من ذلك.
                          * والصواب أنَّ الرجال والنساء من المكلفين من الجن والإنس يرون ربهم - عز وجل - إذ كانوا من أهل الجنة.
                          وأمَّا الاستدلال بالآية فعجيب لأنَّ:
                          @ أولاً: الآية أولاً في الحور، والحور خلق ينشؤهن الله - عز وجل - إنشاءً في الجنة وليسوا من المكلفين في الدنيا.
                          @ ثانياً: أنَّ الله - عز وجل - قال {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس:56] وقال - عز وجل - في الآية الأخرى {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}، فمن نعيم أهل الجنة أنهم يتمتعون هم وأزواجهم على الأرائك فيتكئون وينظرون، وإخراج النساء من الاتكاء ضده الآية وكذلك إخراجهم من النظر ضده الآية.
                          لهذا نقول غلط من قال إنَّ الرؤية للرجال دون النساء، فالنساء يرون ربهم - عز وجل - كما يراه الرجال؛ لأنهم مكلفون متعبدون، والنعيم عام للإنسان الذي يدخل الجنة من الرجال والنساء جميعاً، نسأل الله الكريم من فضله.
                          __________
                          (1) فاطر:43، محمد:18.
                          ************
                          تتمة الشرح

                          [المسألة السادسة]:
                          رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه، وهل حين المعراج رأى ربه أم لا؟
                          اختلف فيها أهل العلم على أقوال:
                          1 -
                          القول الأول:
                          من ينفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه - عز وجل -؛ يعني بعينيه.
                          2 -
                          القول الثاني:
                          من يثبت الرؤية إما بالقلب أو بالعينين.
                          3 -
                          والقول الثالث:
                          التوقف.
                          والتوقف لا ينبغي أن يكون قولاً؛ لكن هكذا قيل.
                          & أما القول الأول: وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، فهذا هو القول الذي عليه الجماهير، ولمَّا قال مسحوق لعائشة رضي الله عنها: إنَّ قوما يقولون إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقالت عائشة: لقد قَفّ شَعْرِي -يعني وقف شعري- مما قلتَ، وهذا مما يدل على:
                          - تعظيم الصحابة لربهم - عز وجل -.
                          - وأنهم قَدَرُوهُ سبحانه حق قدره.
                          - وأنَّ منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبهم مهما علت وعظُمَتْ فإنه يعلمون عظمة الرب - عز وجل - وعظيم صفاته ـ.
                          قالت: لقد قَفّ شَعْرِي مما قلت، من زعم أَنّ مُحمداً صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ على الله الفِرْيَةَ.
                          وفي حديث أبي ذر عند مسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: هَلْ رَأَيْتَ رَبّكَ؟ قال (رَأَيْتُ نُوراً)، وفي الرواية الأخرى قال (نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ)؟(1)
                          قوله (رَأَيْتُ نُوراً) يعني الحجاب، فإنَّ الله - عز وجل - نور وحجابه نور.
                          (رَأَيْتُ نُوراً) يعني رأى الحجاب، ولم ير الرب - عز وجل -.
                          ولهذا في الرواية الثانية قال (نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ)؟ يعني ثَمَّ نور حاجب فكيف أراه؟
                          وهذا هو الصحيح لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، بل لا يرى أحدٌ ربه بعينيه في الدنيا.
                          & أمَّا القول الثاني: من قال إنَّ محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعينيه أو بقلبه وهو منسوب إلى ابن عباس وقاله طوائف قليلة من الناس، فهذا بناء على آية سورة النجم، والاستدلال بها فيه نظر.
                          & أما القول الثالث: التوقف فلا يصلح؛ لأنَّ الحديث دال على نفي الرؤية مع كلام عائشة ك.
                          نكتفي بهذا القدر، وثَمَّ مسائل كثيرة في رؤية الله - عز وجل - نرجئها أو نطويها، والمسألة من أراد المزيد فيها فليراجعها في مظانها.
                          أسأل الله سبحانه أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(2)

                          __________
                          (1) سبق ذكره (142)
                          (2) انتهى الشريط العاشر.
                          اهـ

                          تعليق

                          يعمل...
                          X