السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية [ت 728هـ] رحمه الله تعالى :
(فصل في "تحزيب القرآن" و في "كم يُقرأ"... :
(...) فالصحيح عندهم في حديث عبد الله بن عمرو أنه انتهى به النبي صلى الله عليه و سلم إلى سبع، كما أنه أمره ابتداء بقراءته في شهر، فجعل الحد ما بين الشهر إلى الأسبوع، و قد روي أنه أمره ابتداء أن يقرأه في أربعين، وهذا في طرف السعة يناظر التثليث في طرف الاجتهاد. [ص407]
(...) و المقصود بهذا الفصل أنه إذا كان التحزيب المستحب ما بين أسبوع إلى شهر - وإن كان قد روي ما بين ثلاث إلى أربعين - فالصحابة إنما كانوا يحزبونه سوراً تامة، لا يحزبون السورة الواحدة،[...] في رواية للإمام أحمد، قالوا : "نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، و حزب المفصل من (ق) حتى يختم". [ص408]
(...) و هذا الحديث يوافق معنى حديث عبد الله بن عمرو، في أن المسنون كان عندهم قراءته في سبع ؛ ولهذا جعلوه سبعة أحزاب، ولم يجعلوه ثلاثة ولا خمسة، و فيه أنهم حزبوه بالسور، وهذا معلوم بالتواتر ؛
فإنه قد علم أن أول ما جزئ القرآن بالحروف تجزئة ثمانية و عشرين، وثلاثين، وستين ؛ هذه التي تكون رؤوس الأجزاء و الأحزاب في أثناء السورة، و أثناء القصة و نحو ذلك، كان في زمن الحجاج و ما بعده، و روي أن الحجاج أمر بذلك ؛ و من العراق فشا ذلك ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك.
وإذا كانت التجزئة بالحروف محدثة من عهد الحجاج بالعراق، فمعلوم أن الصحابة قبل ذلك على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و بعده كان لهم تحزيب آخر (...) فتعين التحزيب بالسور. [ص409]
(...) وإذا كان كذلك فمعلوم أن هذا التحزيب و التجزئة (أي بالحروف) فيه مخالفة السنة أعظم مما في قراءة آخر السورة ووسطها في الصلاة، و بكل حال فلا ريب أن التجزئة و التحزيب الموافق لما كان هو الغالب على تلاوتهم أحسن. و المقصود : أن التحزيب بالسورة التامة أولى من التحزيب بالتجزئة.
3- أن التجزئة المحدثة لا سبيل [فيها] إلى التسوية بين حروف الأجزاء... [ص412]
(...) و إذا كان تحزيبه بالحروف إنما هو تقريب لا تحديد، كان ذلك من جنس تجزئته بالسور هو أيضا تقريب، فإن بعض الأسباع قد يكون أكثر من بعض في الحروف، و في ذلك من المصلحة العظيمة بقراءة الكلام المتصل بعضه ببعض، والافتتاح بما فتح الله به السورة، والاختتام بما ختم به، وتكميل المقصود من كل سورة ؛ ما ليس في ذلك التحزيب. و فيه أيضاً من زوال المفاسد الذي في ذلك التحزيب ما تقدم التنبيه على بعضها ، فصار راجحاً بهذا الاعتبار. [ص414]
(...) - ثم ذكر تحزيب القرآن على شهر، و ختم البحث قائلاً - و هذا تحزيب مناسب مشابه لتحزيب الصحابة رضي الله عنهم، وهو مقارب لتحزيب الحروف...[ص416]) اهـ ملخصاً من "مجموع فتاوى شيخ الاسلام أحمد بن تيمية" [ج13/ص 405-416]، جمع و ترتيب عبدالرحمن بن قاسم، طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، سنة 1425هـ في المدينة المنورة.
بالمرفقات :
1- فصل البحث من فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله،
2- جدول ملخص للتحزيب الأسبوعي و الشهري.
و الله أعلم،
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
قال شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية [ت 728هـ] رحمه الله تعالى :
(فصل في "تحزيب القرآن" و في "كم يُقرأ"... :
(...) فالصحيح عندهم في حديث عبد الله بن عمرو أنه انتهى به النبي صلى الله عليه و سلم إلى سبع، كما أنه أمره ابتداء بقراءته في شهر، فجعل الحد ما بين الشهر إلى الأسبوع، و قد روي أنه أمره ابتداء أن يقرأه في أربعين، وهذا في طرف السعة يناظر التثليث في طرف الاجتهاد. [ص407]
(...) و المقصود بهذا الفصل أنه إذا كان التحزيب المستحب ما بين أسبوع إلى شهر - وإن كان قد روي ما بين ثلاث إلى أربعين - فالصحابة إنما كانوا يحزبونه سوراً تامة، لا يحزبون السورة الواحدة،[...] في رواية للإمام أحمد، قالوا : "نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، و حزب المفصل من (ق) حتى يختم". [ص408]
(...) و هذا الحديث يوافق معنى حديث عبد الله بن عمرو، في أن المسنون كان عندهم قراءته في سبع ؛ ولهذا جعلوه سبعة أحزاب، ولم يجعلوه ثلاثة ولا خمسة، و فيه أنهم حزبوه بالسور، وهذا معلوم بالتواتر ؛
فإنه قد علم أن أول ما جزئ القرآن بالحروف تجزئة ثمانية و عشرين، وثلاثين، وستين ؛ هذه التي تكون رؤوس الأجزاء و الأحزاب في أثناء السورة، و أثناء القصة و نحو ذلك، كان في زمن الحجاج و ما بعده، و روي أن الحجاج أمر بذلك ؛ و من العراق فشا ذلك ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك.
وإذا كانت التجزئة بالحروف محدثة من عهد الحجاج بالعراق، فمعلوم أن الصحابة قبل ذلك على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و بعده كان لهم تحزيب آخر (...) فتعين التحزيب بالسور. [ص409]
(...) وإذا كان كذلك فمعلوم أن هذا التحزيب و التجزئة (أي بالحروف) فيه مخالفة السنة أعظم مما في قراءة آخر السورة ووسطها في الصلاة، و بكل حال فلا ريب أن التجزئة و التحزيب الموافق لما كان هو الغالب على تلاوتهم أحسن. و المقصود : أن التحزيب بالسورة التامة أولى من التحزيب بالتجزئة.
3- أن التجزئة المحدثة لا سبيل [فيها] إلى التسوية بين حروف الأجزاء... [ص412]
(...) و إذا كان تحزيبه بالحروف إنما هو تقريب لا تحديد، كان ذلك من جنس تجزئته بالسور هو أيضا تقريب، فإن بعض الأسباع قد يكون أكثر من بعض في الحروف، و في ذلك من المصلحة العظيمة بقراءة الكلام المتصل بعضه ببعض، والافتتاح بما فتح الله به السورة، والاختتام بما ختم به، وتكميل المقصود من كل سورة ؛ ما ليس في ذلك التحزيب. و فيه أيضاً من زوال المفاسد الذي في ذلك التحزيب ما تقدم التنبيه على بعضها ، فصار راجحاً بهذا الاعتبار. [ص414]
(...) - ثم ذكر تحزيب القرآن على شهر، و ختم البحث قائلاً - و هذا تحزيب مناسب مشابه لتحزيب الصحابة رضي الله عنهم، وهو مقارب لتحزيب الحروف...[ص416]) اهـ ملخصاً من "مجموع فتاوى شيخ الاسلام أحمد بن تيمية" [ج13/ص 405-416]، جمع و ترتيب عبدالرحمن بن قاسم، طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، سنة 1425هـ في المدينة المنورة.
بالمرفقات :
1- فصل البحث من فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله،
2- جدول ملخص للتحزيب الأسبوعي و الشهري.
و الله أعلم،
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
تعليق