بِسْمِ اللهِ الرَّحمْنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللهُ:
هَذِهِ أَرْبَعُ قَوَاعِدَ الدَّينِ الَّتِي تَدُورُ الأَحْكَامُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنَ أَعْظَمِ مَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ؛ حَيْثُ جَعَلَ دِينَهُمْ دِيناً كَاملاً وَافِياً، أَكْمَلُ وَأَكْثَرُ عِلْماً مِنْ جَمِيعِ الأَدْيَانِ، وَمَعَ ذَلِكَ جَمَعَهُ لَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ، وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي التَّفَطُنَ لَهُ قَبْلَ مَعْرَفَةِ القَوَاعِدِ الأَرْبَعِ، وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَـمَّا ذَكَرَ لَنَا مَا خَصَّهُ اللهُ بِهِ عَلَى الرُّسُلِ، يُرِيدُ مِنَّا أَنْ نَعْرِفَ نَعْمَةَ اللهِ وَنَشْكُرَهَا قَالَ لمَّـَا ذَكَرَ الخَصَائِصَ: «وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ»( ) قَالَ إِمَامُ الحِجَازِ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ لَهُ المَعَانِيَ الكَثِيرَةَ فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ.
القَاعِدَةُ الأُولَى: تَحْرِيمُ القَوْلِ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الفَوَاحِشَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾( ).
القَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ، فَهُوَ عَفْو، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَهُ أَوْ يُوجِبَهُ أَوْ يَسْتَحِبَّهُ أَوْ يَكْرَهَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾( )، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا»( ).
القَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ تَرْكَ الدَّلِيلِ الوَاضِحِ، وَالاسْتَدْلَالَ بِلَفْظٍ مُتَشَابِهٍ هُوَ طَرِيقُ أَهْلِ الزَّيْغِ؛ كَالرَّافِضَةِ وَالخَوَارِجِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾( )، والوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ اتِّبَاعُ المُحْكَمِ، وَإِنْ عَرَفَ مَعْنَى التَّشَابُهِ وَجَدَهُ لَا يُخَالِفُ المُحْكَمَ بَلْ يُوَافِقُهُ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِِ اتِّبَاعُ الرَّاسِخِينَ فِي قَوْلِهِمْ: ﴿آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾( ).
القَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ: «أَنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ»( )، فَمَنْ لَمْ يَفْطَنْ لهَذِهِ القَاعِدَةَ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةٍ بِكَلَامٍ فَاصِلٍ، فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ.
فَهَذِهِ ثَلَاثٌ ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالرَّابِعَةُ ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ أَرْبَعَ هَذِهِ الكَلِمَاتِ مَعَ اخْتِصَارِهُنَّ يَدُورُ عَلَيْهَا الدِّينُ، سَوَاء كَانَ المُتَكَلِّمُ يَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ، أَوْ فِي عِلْمِ الأُصُولِ، أَوْ فِي عِلْمِ أَعْمَالِ القُلُوبِ الَّذِي يُسَمَّى عِلْمَ السَّلُوكِ، أَوْ فِي عِلْمِ الحَدِيثِ، أَوْ فِي عِلْمِ الحَلَالِ وَالحَرَامِ وَالأَحْكَامِ الَّذِي يُسَمَّى عِلْمَ الفِقْهِ، أَوْ فِي عِلْمِ الوَعْدِ والوَعِيدِ، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الدِّينِ، وَأَنَا أُمَثِّلُ لَكَ فِي فَنٍ مِنْ فُنُونِ الدِّينِ؛ وَهُوَ عِلْمُ الفِقْهِ، وَأَجْعَلُهُ كُلَّهُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ مِنْهُ، وَهُوَ البَابُ الأَوَّلُ: «بَابُ المِيَاهِ».
فَنَقُولُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: المَاءُ كُلُّهُ طَهُورٌ إِلَّا مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسِةٍ، أَوْ خَرَجَ عَنْهُ اسْمُ المَاءِ كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ بَاقِلا وَنَحْوِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: المَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: طَهُورٌ، وَطَاهِرٌ، ونَجِسٌ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ»( )، فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ مَنْعاً لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَدَلِيلُهُ مِنَ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ، فَاشْتَرَى مَاءً مُسْتَعْمَلاً أَوْ مُتَغَيِّراً بِطَاهِرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي المَاءِ المُطْلَقِ.
قَالَ الأَوْلُونَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ فِي المَاءِ الدَّائِمِ، وَإِنْ عَصَى وَفَعَلَ، فَالقَوْلُ فِي المَاءِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَا تَعَرُّضَ لَهَا فِي الحَدِيثِ لَا بِنَفْي وَلَا إِثْبَاتٍ، وَعَدَمُ قَبُولِ المُوَكِّلِ لَا يَدُلُّ، فَلَو اشْتَرَى لَهُ مَاءً مِنْ مَاءِ البَحْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ وَلَوِ اشْتَرَى لَهُ مَاءً مُتَقَذِّراً طَهُوْراً لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، فَانْتَقَضَ مَا قُلْتُمُوهُ.
فَإِنْ كُنْتُمْ مُعْتَرِفِينَ أَنْ هَذِهِ الأَدِلَّةَ لَا تُفِيدُكُمْ إِلَّا الظَّنَّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ «الظَّنَّ أََكْذَبُ الحَدِيثِ»( )، فَقَدْ وَقَعْتُمْ فِي المُحَرَّمِ يَقِيناً أَصَبْتُمْ أََمْ أَخْطَأْتُمْ؛ لِأَنَّكُمْ أَفْتَيْتُمْ بِظَنٍّ مُجَرَّدٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ كَلَامٌ عَامٌّ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِمِ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ هَذَا خَالَفْتُمُ النَّصَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ فَهُوَ عَفْوٌ لَا يَحِلُّ الكَلَامُ فِيهِ، وَعَصَيْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾( ) الآيَةُ.
وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكْتُمْ هَذَا اللَّفْظَ العَامَّ الجَامِعَ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»( ) وَتَرَكْتُمْ هَذِهِ الأَلْفَاظَ الوَاضِحَةَ العَامَّةَ، وَزَعَمْتُمْ أََنَّ المَاءَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ بِالأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا، وَقَعْتُمْ فِي طَرِيقِ أََهْلِ الزَّيْغِ فِي تَرْكِ المُحْكَمِ وَاتِّبَاعِ المُتَشَابِهِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: لَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا أَنَّهُ طَهُورٌ، وَخِفْنَا أََنَّ النَّهْي يُؤْثِّرُ فِيهِ، قُلْنَا: قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَنْدُوحَةً، وَهُوَ الوَقْفُ، وَقَوْلُ: لَا أَدْرِي، وَإِلَّا ألحِقُوهُ بِمَسْأَلَةِ المُتَشَابِهَاتِ، وَإِمَّا الجَزْمُ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ هَذَا طَاهِراً غَيْرَ مُطَهِّرٍ، فَقَد وَقَعْتُمْ فِي البَحْثِ عَنِ المَسْكُوتِ عَنْهُ، وَاتِّبَاعِ المُتَشَابِهِ، وَتَرَكْتُمْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٍ«( ).
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلَهُمْ إِنَّ المَاءَ الكَثِيرَ يُنَجِّسُهُ البَوْلُ والعَذِرَةُ لِنَهْيهِ عَنِ البَوْلِ فِيهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: الَّذِي ذُكِرَ النَّهْي عَنِ البَوْلِ فِيهِ، وَأَمَّا نَجَاسَةُ المَاءِ وَطَهَارَتُهُ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا، وَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِدَلِيلٍ آخَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الكَلِمَةِ الجَامِعَةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾. وَهَذَا مَاءٌ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِِ وَسَلَّمْ لَمَا سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ -وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الحِيَضُ وَعَذِرَةُ النَّاسِ-: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»( )، فَمَنْ تَرَكَ هَذَا المُحْكَمَ وَأَفْتَى بِنَجَاسَتِهِ مُعَلِّلاً بِنَهِيهِ عَنِ البَوْلِ فِيهِ، فَقَدْ تَرَكَ المُحْكَمَ، وَاتَّبَعَ المُتَشَابِهَ، وَوَقَعَ فِي القَوْلِ بِلَا عِلْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِِ وَسَلَّمَ أَرَادَ نَجَاسَةَ المَاءِ لَـمَّا نَهَى عَنِ البَوْلِ فِيهِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا عِنْدَهُ الظَّنُّ.
فَإِنْ قَدَّرْنَا أَنَّ هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي العُمُوْمِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَالقِيَاسِ، فَقَدْ خَالَفَ قَوْلَهُ: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾، وَإِنْ تَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ: لَا يُبَيَّنُ لِي عَنِ القَوْلِ بِلَا عِلْمٍ، وَهُوَ إِلْحَاقُهُ بِالتَّشَابُهَاتِ، وَلَا تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ شَرَعَ نَجَاسَتَهُ وَحَرَّمَ شُرْبَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ فَضْلُ طَهُورِ المَرْأَةِ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الحَدَثُ، وَوَلَّدَ عَلَيْهَا مِنَ المَسَائِلِ مَا يَشْغَلُ الإِنْسَانَ، وَيُعَذّبُ الحَيَوَانَ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ: إِنَّهُ مُطَهِّرٌ رَافِعٌ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الحَدِيثُ فِيهِ، فَلَا كَلَامَ كَمَا ذَكَرَ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، إِنْ قُلْنَا: بِصِحَّةِ الحَدِيثِ، فَتَقُولُ: فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» حَدِيثٌ أَصَحُّ مِنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾( ) قَطْعاً، وَدَاخَلٌ فِي قَوْلِهِ: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»، وَإِنَّمَا نَهْى الرِّجَالَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ نَهْي تَنْزِيهٍ وَتَأْدِيبٍ، إِذَا قَدَّرَ لَلْأَدِِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
فَإِذَا قَالَ مَنْ مَنَعَ اسْتَعْمَالَهُ: أَخَافُ أَنَّ النَّهْيَ إِذَا سَلَّمْتُمْ صِحَّتَهُ يُفْسِدُ الوَضُوءَ، قُلْنَا: إِذَا خِفْتَ ذَلِكَ فَأَلْحِقُهُ بَالمُتَشَابِهَاتِ، وَلَا تَقُلْ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ، وَتُوَلِّدْ مَسَائِلَ كَثِيرَةً سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهَا فِي صِفَةِ الخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ: المَاءُ الَّذِي دُوْنَ القُلَّتَيْنِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، فَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ طَهُورٌ دَاخِلٌ فِي تِلْكَ القَاعِدَةِ الجَامِعَةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾، وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المَاءِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، فَقَالُ: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»، لَكِنْ حَمَلَهُ آخَرُوْنَ عَلَى الكَثِيرِ؛ لِقَوْلِهِ: «إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنَ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ»( ).
قَالَ الأَوَّلَوْنَ: إِنْ سَلَكْنَا فِي الحَدِيثِ مَسْلَكَ مَنْ قَدَحَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ فَلَا كَلَامَ، وَلَكِنْ نَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِثُبُوتِهِ، لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُمُوهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ القَلِيلَ يَنْجُسُ، فَقَدْ قَالَ: مَا لَا يَعْلَمُ قَطْعاً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرَّحَ أَنَّهُ إِنْ كَثُرَ لَمْ يَحْمِلِ الخَبْثَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا دُوْنَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَنْجُسُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ كَانَ دُونَهُمَا، فَقَدْ يُحْمَلُ وَقَدْ لَا يُحْمَلُ، فَإِذَا لَمْ تَقْطَعْ عَلَى مُرَادِهِ بِالتَّحْدِيدِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ القَوْلَ عَلَيْهِِ بِلَا عِلْمٍ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ أَدَلَّتَنَا لَا تَشْمَلُ هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّهَا عَامَّةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ المَسْكُوتِ عَنْهُ الَّذِي نُهِينَا عَنِ البَحْثِ فِيهِ، فَلَوْ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ كَمَا قَالَ مَنْ كَرِهَهُ مِنَ العُلَمَاءِ: أَكْرَهُهُ، أَوْ لَا أَسْتَحِبُّهُ مَعَ وجُوْدِ غَيْرِهِ، وَنَحْو هَذِهِ العِبَارَةِ الَّتِي يَقُولُهَا مَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يَجْزَمْ بِأَنْ حُكْمَ الشَّرْعِ نَجَاسَةُ هَذَا، فَقَدْ أَصَبْتُمْ وَعَمَلْتُمْ بِقَوْلِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٍ» سَوَاء كَانَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ طَاهِراً أَمْ لَا.
فَإِنَّ مَنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ وَتَوَرَّعَ عَنْهُ، فَقَدْ أَصَابَ، وَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ لِيُبَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، أَرَادَ أَنْ يُشْرِّعَ لِأُمَّتِهِ أَنَّ كُلَّ مَاءٍ دُونَ القُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ إِذَا لَاقَى شَيْئاً نَجِساً أَنَّهُ يُنَجِّسُهُ، وَيُصَيَّرُ شُرْبَهُ حَرَاماً، وَلَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ، وَلَا مَنْ بَاشَرَهُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ المَاءِ بِالفَلَاةِ تَرِدُهُ السِّبَاعُ الَّتِي تَأْكُلُ الميتَاتِ، وَيَسِيلُ فِيهِ مِنْ رِيقِهَا وَلُعَابِهَا، فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: «إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ»( )، وَأَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنْ يُبَيَّنَ لِأْمُّتِهِ أَنَّ المَاءَ إِذَا بَلَغَ خَمْسَمِائَةَ رَطْلٍ بِالعِرَاقِي لَا يَنْجُسُ إِلَا بَالتَّغْيِيرِ، وَمَا نَقَصَ يَنْجُسُ بالمُلَاقَاةِ، وَصَارَ كَمَا وَصَفْنَا، فَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَبْعَدَ النَّجْعَةَ، وَقَالَ مَا لَا يَعْلَمُ وَتَكَلَّمَ فِيمَا سُكِتَ عَنْهُ، وَاتَّبَعَ المُتَشَابِهَ، وَجَعَلَ المُتَشَابِهَ مِنَ الحَرَامِ البَيِّنِ.
وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوفِّقَنَا وَإِخْوَانَنَا المُسْلِمِيْنَ لَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَيُعَلِّمَنَا الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ، وَيُرِينَا الحَقَّ حَقّاً وَيُوفِّقَنَا لِاتِّبَاعِهِ، وَيُرِينَا البَاطِلَ بَاطِلاً، وَيُوفِّقَنَا لِاجْتِنَابِهِ، وَلَا يَجْعَلُهُ مُلْتَبِساً عَلَيْنَا فَنَضِلُّ.
وَهَذِهِ القَوَاعِدُ تَدْخُلُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ العُلُومِ الدِّينِيَّةِ عَامَّةً، وَفِي عِلْمِ الفِقْهِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ إلَى بَابِ الإِقْرَارِ خَاصَّةً. وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَنْهَاهُ بِقَلَمِهِ الفَقِيرُ إِلَى اللهِ: عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، نَقْلاً مِنْ خَطِّ حُسَينِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَينِ ابْنِ المُصَنِّفِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيَّ وَوَالِدَي، وَعَلَيْهِ وَوَالِدَيهِ، وَلِـمَنْ دَعَا لَهُمْ وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، آمِينَ ثُمَّ آمِينَ ثُمَّ آمِينَ، وَصَلَّىَ اللهُ عَلَى مَحَمَّدٍ وَإِخْوَانِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
^
--------------------------------
( ) أخرجه البخاري في كتاب التعبير- باب المفاتيح في اليد (7013)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (523)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) سورة الأعراف: 33.
( ) سورة المائدة: 101.
( ) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (10/13)، وضعفه الألباني في "غاية المرام" (4)، وقال: "ضعيف".
( ) سورة آل عمران: 7.
( ) سورة آل عمران: 7.
( ) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان- باب فضل من استبرأ لدينه (52)، ومسلم في كتاب المساقاة- باب أخذ الحلال وترك الشبهات (1599)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما. واللفظ لمسلم.
( ) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة- باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد (283)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) أخرجه البخاري في كتاب الأدب- باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر (6064)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب- باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش (2563)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) سورة المائدة: 101.
( ) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة- باب ما جاء في بئر بضاعة (66)، والترمذي في كتاب الطهارة- باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (66) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، والنسائي في كتاب المياه- باب ذكر بئر بضاعة (326)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
( ) تقدم تخريجه.
( ) تقدم تخريجه.
( ) سورة المائدة: 6.
( ) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة- باب ما ينجس الماء (63)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء (52)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
( ) تقدم تخريجه.
والكتاب منقول من موقع جامع شيخ الإسلام
وهذا الكتاب على صيغة pdf
http://www.taimiah.org/cms/pages/dow...=3807&type=pdf
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللهُ:
هَذِهِ أَرْبَعُ قَوَاعِدَ الدَّينِ الَّتِي تَدُورُ الأَحْكَامُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنَ أَعْظَمِ مَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ؛ حَيْثُ جَعَلَ دِينَهُمْ دِيناً كَاملاً وَافِياً، أَكْمَلُ وَأَكْثَرُ عِلْماً مِنْ جَمِيعِ الأَدْيَانِ، وَمَعَ ذَلِكَ جَمَعَهُ لَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ، وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي التَّفَطُنَ لَهُ قَبْلَ مَعْرَفَةِ القَوَاعِدِ الأَرْبَعِ، وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَـمَّا ذَكَرَ لَنَا مَا خَصَّهُ اللهُ بِهِ عَلَى الرُّسُلِ، يُرِيدُ مِنَّا أَنْ نَعْرِفَ نَعْمَةَ اللهِ وَنَشْكُرَهَا قَالَ لمَّـَا ذَكَرَ الخَصَائِصَ: «وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ»( ) قَالَ إِمَامُ الحِجَازِ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ لَهُ المَعَانِيَ الكَثِيرَةَ فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ.
القَاعِدَةُ الأُولَى: تَحْرِيمُ القَوْلِ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الفَوَاحِشَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾( ).
القَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ، فَهُوَ عَفْو، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَهُ أَوْ يُوجِبَهُ أَوْ يَسْتَحِبَّهُ أَوْ يَكْرَهَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾( )، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا»( ).
القَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ تَرْكَ الدَّلِيلِ الوَاضِحِ، وَالاسْتَدْلَالَ بِلَفْظٍ مُتَشَابِهٍ هُوَ طَرِيقُ أَهْلِ الزَّيْغِ؛ كَالرَّافِضَةِ وَالخَوَارِجِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾( )، والوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ اتِّبَاعُ المُحْكَمِ، وَإِنْ عَرَفَ مَعْنَى التَّشَابُهِ وَجَدَهُ لَا يُخَالِفُ المُحْكَمَ بَلْ يُوَافِقُهُ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِِ اتِّبَاعُ الرَّاسِخِينَ فِي قَوْلِهِمْ: ﴿آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾( ).
القَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ: «أَنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ»( )، فَمَنْ لَمْ يَفْطَنْ لهَذِهِ القَاعِدَةَ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةٍ بِكَلَامٍ فَاصِلٍ، فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ.
فَهَذِهِ ثَلَاثٌ ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالرَّابِعَةُ ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ أَرْبَعَ هَذِهِ الكَلِمَاتِ مَعَ اخْتِصَارِهُنَّ يَدُورُ عَلَيْهَا الدِّينُ، سَوَاء كَانَ المُتَكَلِّمُ يَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ، أَوْ فِي عِلْمِ الأُصُولِ، أَوْ فِي عِلْمِ أَعْمَالِ القُلُوبِ الَّذِي يُسَمَّى عِلْمَ السَّلُوكِ، أَوْ فِي عِلْمِ الحَدِيثِ، أَوْ فِي عِلْمِ الحَلَالِ وَالحَرَامِ وَالأَحْكَامِ الَّذِي يُسَمَّى عِلْمَ الفِقْهِ، أَوْ فِي عِلْمِ الوَعْدِ والوَعِيدِ، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الدِّينِ، وَأَنَا أُمَثِّلُ لَكَ فِي فَنٍ مِنْ فُنُونِ الدِّينِ؛ وَهُوَ عِلْمُ الفِقْهِ، وَأَجْعَلُهُ كُلَّهُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ مِنْهُ، وَهُوَ البَابُ الأَوَّلُ: «بَابُ المِيَاهِ».
فَنَقُولُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: المَاءُ كُلُّهُ طَهُورٌ إِلَّا مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسِةٍ، أَوْ خَرَجَ عَنْهُ اسْمُ المَاءِ كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ بَاقِلا وَنَحْوِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: المَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: طَهُورٌ، وَطَاهِرٌ، ونَجِسٌ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ»( )، فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ مَنْعاً لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَدَلِيلُهُ مِنَ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ، فَاشْتَرَى مَاءً مُسْتَعْمَلاً أَوْ مُتَغَيِّراً بِطَاهِرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي المَاءِ المُطْلَقِ.
قَالَ الأَوْلُونَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ فِي المَاءِ الدَّائِمِ، وَإِنْ عَصَى وَفَعَلَ، فَالقَوْلُ فِي المَاءِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَا تَعَرُّضَ لَهَا فِي الحَدِيثِ لَا بِنَفْي وَلَا إِثْبَاتٍ، وَعَدَمُ قَبُولِ المُوَكِّلِ لَا يَدُلُّ، فَلَو اشْتَرَى لَهُ مَاءً مِنْ مَاءِ البَحْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ وَلَوِ اشْتَرَى لَهُ مَاءً مُتَقَذِّراً طَهُوْراً لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، فَانْتَقَضَ مَا قُلْتُمُوهُ.
فَإِنْ كُنْتُمْ مُعْتَرِفِينَ أَنْ هَذِهِ الأَدِلَّةَ لَا تُفِيدُكُمْ إِلَّا الظَّنَّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ «الظَّنَّ أََكْذَبُ الحَدِيثِ»( )، فَقَدْ وَقَعْتُمْ فِي المُحَرَّمِ يَقِيناً أَصَبْتُمْ أََمْ أَخْطَأْتُمْ؛ لِأَنَّكُمْ أَفْتَيْتُمْ بِظَنٍّ مُجَرَّدٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ كَلَامٌ عَامٌّ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِمِ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ هَذَا خَالَفْتُمُ النَّصَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ فَهُوَ عَفْوٌ لَا يَحِلُّ الكَلَامُ فِيهِ، وَعَصَيْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾( ) الآيَةُ.
وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكْتُمْ هَذَا اللَّفْظَ العَامَّ الجَامِعَ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»( ) وَتَرَكْتُمْ هَذِهِ الأَلْفَاظَ الوَاضِحَةَ العَامَّةَ، وَزَعَمْتُمْ أََنَّ المَاءَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ بِالأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا، وَقَعْتُمْ فِي طَرِيقِ أََهْلِ الزَّيْغِ فِي تَرْكِ المُحْكَمِ وَاتِّبَاعِ المُتَشَابِهِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: لَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا أَنَّهُ طَهُورٌ، وَخِفْنَا أََنَّ النَّهْي يُؤْثِّرُ فِيهِ، قُلْنَا: قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَنْدُوحَةً، وَهُوَ الوَقْفُ، وَقَوْلُ: لَا أَدْرِي، وَإِلَّا ألحِقُوهُ بِمَسْأَلَةِ المُتَشَابِهَاتِ، وَإِمَّا الجَزْمُ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ هَذَا طَاهِراً غَيْرَ مُطَهِّرٍ، فَقَد وَقَعْتُمْ فِي البَحْثِ عَنِ المَسْكُوتِ عَنْهُ، وَاتِّبَاعِ المُتَشَابِهِ، وَتَرَكْتُمْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٍ«( ).
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلَهُمْ إِنَّ المَاءَ الكَثِيرَ يُنَجِّسُهُ البَوْلُ والعَذِرَةُ لِنَهْيهِ عَنِ البَوْلِ فِيهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: الَّذِي ذُكِرَ النَّهْي عَنِ البَوْلِ فِيهِ، وَأَمَّا نَجَاسَةُ المَاءِ وَطَهَارَتُهُ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا، وَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِدَلِيلٍ آخَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الكَلِمَةِ الجَامِعَةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾. وَهَذَا مَاءٌ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِِ وَسَلَّمْ لَمَا سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ -وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الحِيَضُ وَعَذِرَةُ النَّاسِ-: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»( )، فَمَنْ تَرَكَ هَذَا المُحْكَمَ وَأَفْتَى بِنَجَاسَتِهِ مُعَلِّلاً بِنَهِيهِ عَنِ البَوْلِ فِيهِ، فَقَدْ تَرَكَ المُحْكَمَ، وَاتَّبَعَ المُتَشَابِهَ، وَوَقَعَ فِي القَوْلِ بِلَا عِلْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِِ وَسَلَّمَ أَرَادَ نَجَاسَةَ المَاءِ لَـمَّا نَهَى عَنِ البَوْلِ فِيهِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا عِنْدَهُ الظَّنُّ.
فَإِنْ قَدَّرْنَا أَنَّ هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي العُمُوْمِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَالقِيَاسِ، فَقَدْ خَالَفَ قَوْلَهُ: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾، وَإِنْ تَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ: لَا يُبَيَّنُ لِي عَنِ القَوْلِ بِلَا عِلْمٍ، وَهُوَ إِلْحَاقُهُ بِالتَّشَابُهَاتِ، وَلَا تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ شَرَعَ نَجَاسَتَهُ وَحَرَّمَ شُرْبَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ فَضْلُ طَهُورِ المَرْأَةِ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الحَدَثُ، وَوَلَّدَ عَلَيْهَا مِنَ المَسَائِلِ مَا يَشْغَلُ الإِنْسَانَ، وَيُعَذّبُ الحَيَوَانَ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ: إِنَّهُ مُطَهِّرٌ رَافِعٌ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الحَدِيثُ فِيهِ، فَلَا كَلَامَ كَمَا ذَكَرَ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، إِنْ قُلْنَا: بِصِحَّةِ الحَدِيثِ، فَتَقُولُ: فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» حَدِيثٌ أَصَحُّ مِنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾( ) قَطْعاً، وَدَاخَلٌ فِي قَوْلِهِ: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»، وَإِنَّمَا نَهْى الرِّجَالَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ نَهْي تَنْزِيهٍ وَتَأْدِيبٍ، إِذَا قَدَّرَ لَلْأَدِِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
فَإِذَا قَالَ مَنْ مَنَعَ اسْتَعْمَالَهُ: أَخَافُ أَنَّ النَّهْيَ إِذَا سَلَّمْتُمْ صِحَّتَهُ يُفْسِدُ الوَضُوءَ، قُلْنَا: إِذَا خِفْتَ ذَلِكَ فَأَلْحِقُهُ بَالمُتَشَابِهَاتِ، وَلَا تَقُلْ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ، وَتُوَلِّدْ مَسَائِلَ كَثِيرَةً سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهَا فِي صِفَةِ الخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ: المَاءُ الَّذِي دُوْنَ القُلَّتَيْنِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، فَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ طَهُورٌ دَاخِلٌ فِي تِلْكَ القَاعِدَةِ الجَامِعَةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾، وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المَاءِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، فَقَالُ: «المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شِيْءٌ»، لَكِنْ حَمَلَهُ آخَرُوْنَ عَلَى الكَثِيرِ؛ لِقَوْلِهِ: «إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنَ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ»( ).
قَالَ الأَوَّلَوْنَ: إِنْ سَلَكْنَا فِي الحَدِيثِ مَسْلَكَ مَنْ قَدَحَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ فَلَا كَلَامَ، وَلَكِنْ نَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِثُبُوتِهِ، لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُمُوهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ القَلِيلَ يَنْجُسُ، فَقَدْ قَالَ: مَا لَا يَعْلَمُ قَطْعاً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرَّحَ أَنَّهُ إِنْ كَثُرَ لَمْ يَحْمِلِ الخَبْثَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا دُوْنَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَنْجُسُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ كَانَ دُونَهُمَا، فَقَدْ يُحْمَلُ وَقَدْ لَا يُحْمَلُ، فَإِذَا لَمْ تَقْطَعْ عَلَى مُرَادِهِ بِالتَّحْدِيدِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ القَوْلَ عَلَيْهِِ بِلَا عِلْمٍ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ أَدَلَّتَنَا لَا تَشْمَلُ هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّهَا عَامَّةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ المَسْكُوتِ عَنْهُ الَّذِي نُهِينَا عَنِ البَحْثِ فِيهِ، فَلَوْ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ كَمَا قَالَ مَنْ كَرِهَهُ مِنَ العُلَمَاءِ: أَكْرَهُهُ، أَوْ لَا أَسْتَحِبُّهُ مَعَ وجُوْدِ غَيْرِهِ، وَنَحْو هَذِهِ العِبَارَةِ الَّتِي يَقُولُهَا مَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يَجْزَمْ بِأَنْ حُكْمَ الشَّرْعِ نَجَاسَةُ هَذَا، فَقَدْ أَصَبْتُمْ وَعَمَلْتُمْ بِقَوْلِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٍ» سَوَاء كَانَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ طَاهِراً أَمْ لَا.
فَإِنَّ مَنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ وَتَوَرَّعَ عَنْهُ، فَقَدْ أَصَابَ، وَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ لِيُبَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، أَرَادَ أَنْ يُشْرِّعَ لِأُمَّتِهِ أَنَّ كُلَّ مَاءٍ دُونَ القُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ إِذَا لَاقَى شَيْئاً نَجِساً أَنَّهُ يُنَجِّسُهُ، وَيُصَيَّرُ شُرْبَهُ حَرَاماً، وَلَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ، وَلَا مَنْ بَاشَرَهُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ المَاءِ بِالفَلَاةِ تَرِدُهُ السِّبَاعُ الَّتِي تَأْكُلُ الميتَاتِ، وَيَسِيلُ فِيهِ مِنْ رِيقِهَا وَلُعَابِهَا، فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: «إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ»( )، وَأَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنْ يُبَيَّنَ لِأْمُّتِهِ أَنَّ المَاءَ إِذَا بَلَغَ خَمْسَمِائَةَ رَطْلٍ بِالعِرَاقِي لَا يَنْجُسُ إِلَا بَالتَّغْيِيرِ، وَمَا نَقَصَ يَنْجُسُ بالمُلَاقَاةِ، وَصَارَ كَمَا وَصَفْنَا، فَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَبْعَدَ النَّجْعَةَ، وَقَالَ مَا لَا يَعْلَمُ وَتَكَلَّمَ فِيمَا سُكِتَ عَنْهُ، وَاتَّبَعَ المُتَشَابِهَ، وَجَعَلَ المُتَشَابِهَ مِنَ الحَرَامِ البَيِّنِ.
وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوفِّقَنَا وَإِخْوَانَنَا المُسْلِمِيْنَ لَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَيُعَلِّمَنَا الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ، وَيُرِينَا الحَقَّ حَقّاً وَيُوفِّقَنَا لِاتِّبَاعِهِ، وَيُرِينَا البَاطِلَ بَاطِلاً، وَيُوفِّقَنَا لِاجْتِنَابِهِ، وَلَا يَجْعَلُهُ مُلْتَبِساً عَلَيْنَا فَنَضِلُّ.
وَهَذِهِ القَوَاعِدُ تَدْخُلُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ العُلُومِ الدِّينِيَّةِ عَامَّةً، وَفِي عِلْمِ الفِقْهِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ إلَى بَابِ الإِقْرَارِ خَاصَّةً. وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَنْهَاهُ بِقَلَمِهِ الفَقِيرُ إِلَى اللهِ: عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، نَقْلاً مِنْ خَطِّ حُسَينِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَينِ ابْنِ المُصَنِّفِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيَّ وَوَالِدَي، وَعَلَيْهِ وَوَالِدَيهِ، وَلِـمَنْ دَعَا لَهُمْ وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، آمِينَ ثُمَّ آمِينَ ثُمَّ آمِينَ، وَصَلَّىَ اللهُ عَلَى مَحَمَّدٍ وَإِخْوَانِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
^
--------------------------------
( ) أخرجه البخاري في كتاب التعبير- باب المفاتيح في اليد (7013)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (523)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) سورة الأعراف: 33.
( ) سورة المائدة: 101.
( ) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (10/13)، وضعفه الألباني في "غاية المرام" (4)، وقال: "ضعيف".
( ) سورة آل عمران: 7.
( ) سورة آل عمران: 7.
( ) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان- باب فضل من استبرأ لدينه (52)، ومسلم في كتاب المساقاة- باب أخذ الحلال وترك الشبهات (1599)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما. واللفظ لمسلم.
( ) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة- باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد (283)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) أخرجه البخاري في كتاب الأدب- باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر (6064)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب- باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش (2563)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
( ) سورة المائدة: 101.
( ) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة- باب ما جاء في بئر بضاعة (66)، والترمذي في كتاب الطهارة- باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (66) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، والنسائي في كتاب المياه- باب ذكر بئر بضاعة (326)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
( ) تقدم تخريجه.
( ) تقدم تخريجه.
( ) سورة المائدة: 6.
( ) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة- باب ما ينجس الماء (63)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء (52)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
( ) تقدم تخريجه.
والكتاب منقول من موقع جامع شيخ الإسلام
وهذا الكتاب على صيغة pdf
http://www.taimiah.org/cms/pages/dow...=3807&type=pdf