بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين
القاعدة الأولى : الشارع لا يأمرإلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ،و لا ينهى إلا عما مفسدته ؟ خالصة أو راجحة
هذه القاعدة إذا نظرنا إلى الأوامر التي في القرآن و النواهي التي في القرآن و كذلك الأوامر و النواهي التي في السنة نجد أن جميعها راجع إلى هذه القاعدة و بناء على ذلك فتكون هذه القاعدة شاملة لجميع الشريعة لا يشذ عنها شيء من أحكام الشريعة و لا فرق بين ما تعلق بالأصول أو بالفروع و كذلك ما تعلق بحقوق اللهو حقوق عباده و لهذا قال الله جل و علا (إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون ) و إذا تأملنا ..........؟ وجدنا أنه لم يبق عدل و لا إحسان ولا صلة إلا أمر به في هذه الآية الكريمة و لا فحشاء و لا منكر متعلق بحق الله، و لا بغي على الخلق في دمائهم و أموالهم و أعراضهم إلا نهي عنه في هذه الآية ، و وعظ الله عباده أن يذكروا ما في هذه الأوامر و حسنها و نفعها فيمتثلوها و يتذكروا ما في هذه النواهي من الشر و الضرر فيجتنبوها ،و لهذا ختم الآية بقوله جل و علا ( يعظكم لعلكم تذكرون )
و يقول جل و لعا ( قل أمر ربي بالقسط و أقيموا وجوهكم عند كل مسجد و ادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون )فقد جمعت هذه الآية أصول المأمورات و نبهت على حسنها كما جمعت هذه الآية التي بعدها أصول المحرمات و نبهت على قبحها و الآية التي بعدها هي قوله جل وعلا (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الإثم و البغي بغير الحق و أن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا و أن تقولوا على الله ما لا تعلمون ،و بناء على ذلك كله فعلى العبد أن ينظر في الأوامر التي أمر الله بها في القرآن و الأوامر التي أمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم في السنة فانه يجد أن هذه الأمور التي أمر الله بها و أمر بها رسوله صلى الله عليه و سلم منها ما يكون مصلحة محضة ،و منها ما يكون مفسدة محضة ،و منها ما تكون مصلحته راجحة ، و ما تكون مفسدته راجحة ، و إذا نظرنا إلى جمهور الأحكام الشرعية كالإيمان و التوحيد و الإخلاص و الصدق و العدل و الإحسان و البر و الصلة و أشباهها فإنها مصالح خالصة في الدين و كذلك في الدنيا ، و إذا نظرنا إلى الشرك و الكذب و الظلم وجدنا أن مضارها لا يمكن أن تحصى ، و إذا نظرنا إلى الخمر و الميسر نجد أن الله سبحانه و تعالى قال (يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)،و هذه القاعدة تفيد طالب العلم، تفيد طال العلم في جميع علوم الكون التي تسمى في هذا العصر العلوم العصرية فانه ينظر إليها من ناحية ما يترتب عليها فإذا وجد ما مصلحته خالصة أو مصلحته راجحة فانه يكون مأمورا به ،و إذا وجد أن مفسدته خالصة أو مفسدته راجحة فحينئذ يجتنبه و يكون منهيا عنه بناء على هذه القاعدة ،.......؟ ضر و اجتمع فيه نفع و هما متساويان في نظر المجتهد فهذا هو الذي قال فيه أهل العلم درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ،و قد يكون الشيء مشتمل على مصلحتين ، قد يتعارض مصلحتان متساويتان ، فحينئذ يكون المكلف باختيار ما شاء منهما ، و إذا كانت إحداهما راجحة و الثانية مرجوحة فانه يأخذ بالراجحة و يترك المرجوحة ،و إذا تعارض عنده مفسدتان و لا بد من ارتكاب إحداهما فانه ينظر إن كانتا متساويتين فانه مخير بارتكاب ما شاء منهما ،و إذا كانت أحداهما راجحة و الثانية مرجوحة فحينئذ يأخذ بالمفسدة المرجوحة و يتجنب المفسدة الراجحة ،هذه صور تسع بالنظر إلى باب المصالح و المفاسد في هذه الشريعة
الأول : أن يكون مصلحة محضة
و الثاني أن يكون مصلحة راجحة
و الثالث أن يكون مفسدة محضة
و الرابع أن يكون مفسدة راجحة
الخامس أن تتساوى فيه جانب المصلحة و جانب المفسدة
و السادس أن يكون فيه مصلحتان متساويتان
و السابع أن تكون فيه مصلحتان لن إحداهما أرجح من الأخرى
و الثامن أن تكون مفسدتان متساويتان
و التاسع أن تكون مفسدة راجحة و مفسدة مرجوحة
هذا هو الكلام على هذه القاعدة و هذا الدرس فيه كفاية لكم في هذه الليلة و أترك بقية الوقت لما لديكم من الأسئلة و نكون قد وقفنا على القاعدة الثانية و هي الوسائل لها أحكام المقاصد
بارك الله فيك يا شيخ، طيب هذا سائل يقول رجل طلق امرأته و منعها من إرضاع أحد بحجة أن اللبن لبنه فهل يصح هذا منه
الجواب: إذا طلقها فليست في عصمته و ليس له حق في منعها لأن العلاقة التي بينها و بينه انتهت و على هذا الأساس ليس له حق في المنع
أحسن الله أليكم
تعليق