الحمدلله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد
هذه مشاركة قديمة كنت كتبتها حول أحكام رمضان، فكنت أعرض المسائل من كلام أهل العلم وأدلتها عونًا لي وللإخوة قبل قدوم شهر رمضان وكنت أُمَنّي نفسي أن يعلق أحد الإخوة ويناقشني حتى يتضح لي خطئي أو زيادة قناعتي بما ذهبت إليه من كلام أهل العلم...
وحاولت فيه الاختصار والتيسير في الأسلوب، والاقتصار على كتب محددة في النقول، حتى لا تكثُر النقول، فيما قلته هناك:
((قبل كل قسم أذكر جزءًا من متن الإمام العلامة السعدي -رحمه الله- ثم أذكر شرحه مجموعًا من بعض كتب أهل العلم و خاصة:
1- كتاب الشرح الممتع للشيخ العلامة العثيمين رحمه الله.
2- كتاب توضيح الأحكام للشيخ العلامة البسام رحمه الله.
3- الموسوعة الكويتية.
وبعض الكتب الأخرى سواء للمعاصرين أو المتقدمين..))
وأريد هنا أن أقتطف و أضع مسألة حكم تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان،ووضعها على مائدة البحث كما يقال فأضع ما ذكرته هناك على أمل أن يعلق الإخوة إما تأييداً أو معارضةً سواء على الموضوع ككل أو بعض أجزائه...لأن هذه المسألة لم تتضح لي بالشكل الكافي والله المستعان....
وهذا بداية النقل:
((مسألة؟ :
أبدأ هذا الجزء بذكر أقوال العلماء في مسألة هل تجزئ نية واحدة لرمضان أم إنَّه يجب عليه تجديد النية لكل يوم؟ و حتى لا يظن ظانٌ من القراء أنَّ الخلاف السابق نتائجه غير مؤثرة أذكر ما يذكره كثير من الفقهاء مثالاً حتى تتبين أهمية هذه المسألة :
لو أنَّ شخصا نام من بعد صلاة العصر في رمضان، و لم يستيقظ من الغد إلا بعد طلوع الفجر فما حكم صيامه؟؟
عند الجمهور ليس بصائم لأنَّه لم يجدد النية قبل الفجر(على الراجح أو قبل الزوال عند الأحناف) ، أما عند مالك و من تبعه فهو عندهم صائم لأنَّه قد قدَّم النية في أول رمضان .. و الآن مع الأقوال:
أ-ذهب الإمام مالك و هي رواية عن الإمام أحمد و اختارها من أصحابه جماعة منهم أبو الوفاء ابن عقيل إلى أنَّه تجزئ نية واحدة لصوم شهر رمضان وتكون في أوله و كذا في أي صيام متتابع مثل كفارة جماع رمضان و كفارة قتل و ظهار ما لم يقطعه بسفر أو مرض أو يكون على حالة يجوز له الفطركحيض و نفاس و نحو ذلك فيلزمه استئناف النية
و دليلهم في هذا حديث((إنما الأعمال بالنيات))و هذا قد نوى جميع الشهر، و رمضان بمنزلة عبادة واحدة )) ا.هــ من توضيح الأحكام و الموسوعة الفقهية.
و علل الشيخ العثيمين -رحمه الله- ترجيحه لهذا المذهب بقوله ((هذا هو الأصح، لأنَّ المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره، فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكماً، لأنَّ الأصل عدم القطع، و لهذا قلنا إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، و هذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس))ا.هــ بنصه من الممتع رجحه أيضا الشيخ البسام.
ب- ذهب الجمهور إلى أنَّ كل يوم عبادة مستقلة بذاتها يحتاج إلى نية خاصة بها لايرتبط بعضه ببعض ، ولا يفسد بفساد بعض ، ويتخلّلها ما ينافيها ، وهو اللّيالي الّتي يحلّ فيها ما يحرُم في النّهار ، فأشبهت القضاء ، بخلاف الحجّ وركعات الصّلاة .
[size=5]و أنا صراحة لم أهتدِ إلى قول أطمئن له في هذه القضية و إن كان الرأي الثاني ليس عليه إشكالات كثيرة و هذا من وسائل الترجيح و إليك الإشكالات على القولين:[/size
المذهب الأول:
1-قول من قال إنّها بمنزلة عبادة واحدة فعليه إشكالات كثيرة فكيف عبادة واحدة و لا يفسد صيام كل رمضان بفساد صيام بعض أيامه؟ وكيف وفي رمضان الليالي التي يحل فيها ما حرُم في النهار؟ الخ فهذا الكلام لا يبدو مستقيمًا.
2-أما استدلالهم بحديث((إنما الأعمال بالنيات))فعليه أيضا إشكال و هو أننا نسألهم - و هذا السؤال مبني على ما قد بينته من أنَّ صوم رمضان لا يصلح قياسه على العبادة الواحدة و إنما على العبادة المتفرقة- : ما تقولون في شخص نوى في قلبه و عزم على صلاة كل الصلوات الفريضة في رمضان أو أي شهر آخر ثم حدث أنَّه دخل في يوم المسجد و قلبه ساهٍ فدخل الصلاة دون شعور رأى الناس يصلون فصلى دون حتى أن ينوي بها صلاة الوقت -على من قال بجوازه و هو الراجح و أقل الدرجات- فهل يقال: قد نوى صلاة جميع الفرائض في بداية الشهر فهذه مثلها دخل وقت الصيام من بعد طلوع الفجر و الرجل نائم و هو بالطبع ملتزم بعدم الأكل و الشرب و غيرها من الأحكام مثل ما ذاك ملتزم بالأركان و الواجبات فما يقولون في صلاة هذا؟ فعلى رأي الشيخ العثيمين أنَّه عليه القضاء و على المذهب حتى لو نوى فريضة الوقت دون التعيين فعليه القضاء فكيف يحكمون بصحة صيام هذا و بطلان صلاة هذا؟ مع أن كليهما قد عزما النية في بداية الشهر على فعل هذه الطاعات و الاستمراربها دون قطعها.
المذهب الثاني:
1- يُورد عليهم كيف حكموا ببطلان صيام هذا مع استصحاب النية الحكمية و أنَّه لم يخطر بباله قطع الصيام بل هو على هذا العزم حتى لحظة نومه؟ و إنلم يستحضره.
و يرد على من قاس الصلاة بالصيام أنَّ ذاك عندما قلنا ببطلان صلاته إنما قلناه لأنَّ الصلوات تختلف في عددها ووقتها فبعضها ركعتين و بعضعها أربع و الأخرى ثلاث و بالنسبة للوقت فإحداها من طلوع الفجر إلى الزوال ...الخ بخلاف الصيام فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و أحكامه هي نفسها لا تتغير..
- لكن هذا الرد ليس بقوي! فمثله لو مثلنا بالوضوء لقالوا بالبطلان فهذا الرد ليس بسليم!.
و إنما طلب تجديد النية لأنَّها عبادة تحتاج إلى نية قبلها، و أما الإشكالالأول فأيضاً يقال إنَّ استصحاب النية الحكمية هذا لا نسلم به و يُستأنس بحديث((من لم يجمع الصّيام قبل الفجر ، فلا صيام له)) و هذا لم يعزم أو ينوي قبل الفجر.
- و إن كان هذا القول فيه مشقة لكن على القليل حيث إنَّ أكثر الناس و الحمدلله يتسحرون و إن ناموا، ناموا في الليل بعد غروب الشمس و بعضهم لا ينام إلا بعد الفجر و هو أحوط.
و من لديه زيادة فليتحفنا بها. فأنا ما وجدت شيء آخر يضاف للمسألة.
تنبيه:
حتى لا يلتبس على بعض الإخوة فأبين أنَّه لا يدخل في هذه الحالة مثلاً إذا كان اليوم أول رمضان فصام الرجل هذا اليوم ثم نام بعد العشاء أو حتى المغرب و من باب أولى من قام للسحور فهذا بحد ذاته دليلاً على عزم نيته و انعقادها على صيام اليوم التالي ، و قلت لا يدخل فيه من نام بعد المغرب لأنَّ هذا الرجل قد توفرت فيه حالتين:
أولاً: إنَّه قصد صيام كامل شهر رمضان فهذه النية الحكمية كما قال الشيخ العثيمين ثم أكمل صيام اليوم الأول و دخل في الوقت الذي يشرع فيه عقد النية عند القائلين بوجوب تعيين الصوم و هو ما زال على عزمه الأول لم يتغير بل لا يخطر بباله أنَّه في اليوم التالي لن يصوم و يفطر فحصل المطلوب.
و الحمدلله رب العالمين... )) ا.هــ ما كتبته هناك، بانتظار ملاحظات الإخوة جزاهم الله خيراً.
هذه مشاركة قديمة كنت كتبتها حول أحكام رمضان، فكنت أعرض المسائل من كلام أهل العلم وأدلتها عونًا لي وللإخوة قبل قدوم شهر رمضان وكنت أُمَنّي نفسي أن يعلق أحد الإخوة ويناقشني حتى يتضح لي خطئي أو زيادة قناعتي بما ذهبت إليه من كلام أهل العلم...
وحاولت فيه الاختصار والتيسير في الأسلوب، والاقتصار على كتب محددة في النقول، حتى لا تكثُر النقول، فيما قلته هناك:
((قبل كل قسم أذكر جزءًا من متن الإمام العلامة السعدي -رحمه الله- ثم أذكر شرحه مجموعًا من بعض كتب أهل العلم و خاصة:
1- كتاب الشرح الممتع للشيخ العلامة العثيمين رحمه الله.
2- كتاب توضيح الأحكام للشيخ العلامة البسام رحمه الله.
3- الموسوعة الكويتية.
وبعض الكتب الأخرى سواء للمعاصرين أو المتقدمين..))
وأريد هنا أن أقتطف و أضع مسألة حكم تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان،ووضعها على مائدة البحث كما يقال فأضع ما ذكرته هناك على أمل أن يعلق الإخوة إما تأييداً أو معارضةً سواء على الموضوع ككل أو بعض أجزائه...لأن هذه المسألة لم تتضح لي بالشكل الكافي والله المستعان....
وهذا بداية النقل:
((مسألة؟ :
أبدأ هذا الجزء بذكر أقوال العلماء في مسألة هل تجزئ نية واحدة لرمضان أم إنَّه يجب عليه تجديد النية لكل يوم؟ و حتى لا يظن ظانٌ من القراء أنَّ الخلاف السابق نتائجه غير مؤثرة أذكر ما يذكره كثير من الفقهاء مثالاً حتى تتبين أهمية هذه المسألة :
لو أنَّ شخصا نام من بعد صلاة العصر في رمضان، و لم يستيقظ من الغد إلا بعد طلوع الفجر فما حكم صيامه؟؟
عند الجمهور ليس بصائم لأنَّه لم يجدد النية قبل الفجر(على الراجح أو قبل الزوال عند الأحناف) ، أما عند مالك و من تبعه فهو عندهم صائم لأنَّه قد قدَّم النية في أول رمضان .. و الآن مع الأقوال:
أ-ذهب الإمام مالك و هي رواية عن الإمام أحمد و اختارها من أصحابه جماعة منهم أبو الوفاء ابن عقيل إلى أنَّه تجزئ نية واحدة لصوم شهر رمضان وتكون في أوله و كذا في أي صيام متتابع مثل كفارة جماع رمضان و كفارة قتل و ظهار ما لم يقطعه بسفر أو مرض أو يكون على حالة يجوز له الفطركحيض و نفاس و نحو ذلك فيلزمه استئناف النية
و دليلهم في هذا حديث((إنما الأعمال بالنيات))و هذا قد نوى جميع الشهر، و رمضان بمنزلة عبادة واحدة )) ا.هــ من توضيح الأحكام و الموسوعة الفقهية.
و علل الشيخ العثيمين -رحمه الله- ترجيحه لهذا المذهب بقوله ((هذا هو الأصح، لأنَّ المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره، فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكماً، لأنَّ الأصل عدم القطع، و لهذا قلنا إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، و هذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس))ا.هــ بنصه من الممتع رجحه أيضا الشيخ البسام.
ب- ذهب الجمهور إلى أنَّ كل يوم عبادة مستقلة بذاتها يحتاج إلى نية خاصة بها لايرتبط بعضه ببعض ، ولا يفسد بفساد بعض ، ويتخلّلها ما ينافيها ، وهو اللّيالي الّتي يحلّ فيها ما يحرُم في النّهار ، فأشبهت القضاء ، بخلاف الحجّ وركعات الصّلاة .
[size=5]و أنا صراحة لم أهتدِ إلى قول أطمئن له في هذه القضية و إن كان الرأي الثاني ليس عليه إشكالات كثيرة و هذا من وسائل الترجيح و إليك الإشكالات على القولين:[/size
المذهب الأول:
1-قول من قال إنّها بمنزلة عبادة واحدة فعليه إشكالات كثيرة فكيف عبادة واحدة و لا يفسد صيام كل رمضان بفساد صيام بعض أيامه؟ وكيف وفي رمضان الليالي التي يحل فيها ما حرُم في النهار؟ الخ فهذا الكلام لا يبدو مستقيمًا.
2-أما استدلالهم بحديث((إنما الأعمال بالنيات))فعليه أيضا إشكال و هو أننا نسألهم - و هذا السؤال مبني على ما قد بينته من أنَّ صوم رمضان لا يصلح قياسه على العبادة الواحدة و إنما على العبادة المتفرقة- : ما تقولون في شخص نوى في قلبه و عزم على صلاة كل الصلوات الفريضة في رمضان أو أي شهر آخر ثم حدث أنَّه دخل في يوم المسجد و قلبه ساهٍ فدخل الصلاة دون شعور رأى الناس يصلون فصلى دون حتى أن ينوي بها صلاة الوقت -على من قال بجوازه و هو الراجح و أقل الدرجات- فهل يقال: قد نوى صلاة جميع الفرائض في بداية الشهر فهذه مثلها دخل وقت الصيام من بعد طلوع الفجر و الرجل نائم و هو بالطبع ملتزم بعدم الأكل و الشرب و غيرها من الأحكام مثل ما ذاك ملتزم بالأركان و الواجبات فما يقولون في صلاة هذا؟ فعلى رأي الشيخ العثيمين أنَّه عليه القضاء و على المذهب حتى لو نوى فريضة الوقت دون التعيين فعليه القضاء فكيف يحكمون بصحة صيام هذا و بطلان صلاة هذا؟ مع أن كليهما قد عزما النية في بداية الشهر على فعل هذه الطاعات و الاستمراربها دون قطعها.
المذهب الثاني:
1- يُورد عليهم كيف حكموا ببطلان صيام هذا مع استصحاب النية الحكمية و أنَّه لم يخطر بباله قطع الصيام بل هو على هذا العزم حتى لحظة نومه؟ و إنلم يستحضره.
و يرد على من قاس الصلاة بالصيام أنَّ ذاك عندما قلنا ببطلان صلاته إنما قلناه لأنَّ الصلوات تختلف في عددها ووقتها فبعضها ركعتين و بعضعها أربع و الأخرى ثلاث و بالنسبة للوقت فإحداها من طلوع الفجر إلى الزوال ...الخ بخلاف الصيام فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و أحكامه هي نفسها لا تتغير..
- لكن هذا الرد ليس بقوي! فمثله لو مثلنا بالوضوء لقالوا بالبطلان فهذا الرد ليس بسليم!.
و إنما طلب تجديد النية لأنَّها عبادة تحتاج إلى نية قبلها، و أما الإشكالالأول فأيضاً يقال إنَّ استصحاب النية الحكمية هذا لا نسلم به و يُستأنس بحديث((من لم يجمع الصّيام قبل الفجر ، فلا صيام له)) و هذا لم يعزم أو ينوي قبل الفجر.
- و إن كان هذا القول فيه مشقة لكن على القليل حيث إنَّ أكثر الناس و الحمدلله يتسحرون و إن ناموا، ناموا في الليل بعد غروب الشمس و بعضهم لا ينام إلا بعد الفجر و هو أحوط.
و من لديه زيادة فليتحفنا بها. فأنا ما وجدت شيء آخر يضاف للمسألة.
تنبيه:
حتى لا يلتبس على بعض الإخوة فأبين أنَّه لا يدخل في هذه الحالة مثلاً إذا كان اليوم أول رمضان فصام الرجل هذا اليوم ثم نام بعد العشاء أو حتى المغرب و من باب أولى من قام للسحور فهذا بحد ذاته دليلاً على عزم نيته و انعقادها على صيام اليوم التالي ، و قلت لا يدخل فيه من نام بعد المغرب لأنَّ هذا الرجل قد توفرت فيه حالتين:
أولاً: إنَّه قصد صيام كامل شهر رمضان فهذه النية الحكمية كما قال الشيخ العثيمين ثم أكمل صيام اليوم الأول و دخل في الوقت الذي يشرع فيه عقد النية عند القائلين بوجوب تعيين الصوم و هو ما زال على عزمه الأول لم يتغير بل لا يخطر بباله أنَّه في اليوم التالي لن يصوم و يفطر فحصل المطلوب.
و الحمدلله رب العالمين... )) ا.هــ ما كتبته هناك، بانتظار ملاحظات الإخوة جزاهم الله خيراً.
تعليق