السـؤال:
هل يجوز قضاءُ الرواتبِ؟ مثلاً: مَن فاتته راتبةُ الظهر هل يقضيها وقتَ العصر أو المغرب؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالرواتبُ هي السُّنَنُ التابعةُ للفرائض الخمسِ، وقد تتقدَّمُ عليها وتُسمّى بالسُّنَّة القبلية، وقد تتأخّر عنها وتسمَّى بالسنّة البعدية، ومن هذه الرواتبِ ما هو مؤكَّد لفعلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لها ومداومتِه عليها، وهي عشر كما ثبت في حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما(١- أخرجه البخاري في «أبواب التطوع»، باب الركعتين قبل الظهر: (1109)، والترمذي في «أبواب التطوّع»: (433)، وابن حبان: (2454)، وابن خزيمة: (1197)، وأحمد: (5394)، وأبو يعلى في «مسنده»: (5776)، وعبد الرزاق في «المصنف»: (4811)، والبيهقي: (457، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، وبها قالت الشافعيةُ والحنابلةُ، أو اثنتا عشرة وهي كالعشر لكن قبل الظهر أربع ركعات وبه قال الحنفية، والذي ورد الندب إلى فعلها من غير تأكيد تعدُّ من الرواتب غير المؤكّدة.
ومن الرواتب التي جاء توكيدها سنّة الفجر، ﻓ «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الفَّجْرِ»(٢- أخرجه البخاري في «أبواب التطوع»، باب: تعاهد ركعتي الفجر ومن سمّاهما تطوعًا: (1099)، ومسلم في «صلاة المسافرين»: (1686)، وأبو داود في «الصلاة» باب: ركعتي الفجر: (1254)، وابن حبان في «الصلاة» باب النوافل: (2463))، وفي رواية عن عائشة أيضًا: «لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا»(٣- أخرجه البخاري في «أبواب التهجد»: (1106)، والبيهقي: (4511)، من حديث عائشة رضي الله عنها).
وقد ثبت في السُّنَّة مشروعية قضاء فوائت السنن والرواتب، ويجوز إيقاعها بعدَ زوال العذر ولو في وقت الكراهة، فعن قيس بنِ عمرٍو قال: رأى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم رجلاً يُصلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «صَلاَةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ»، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، فسكت رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم(٤- أخرجه أبو داود في «الصلاة»: (1267)، والبيهقي: (4655)، من حديث قيس بن عمرو بن سهل الأنصاري رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح أبي داود»: (1267))، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الفَجْرِ، فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ»(٥- أخرجه الترمذي في «الصلاة»: (423)، وابن حبان: (2472)، والحاكم: (1015)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث قال عنه النووي في «الخلاصة»: (1/612): «إسناده جيد»، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (6542))، وكذلك ثبت قضاء السُّنَّة القبلية والبعدية لصلاة الظهر لمن فاتته لعذر، منها: قول عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلاَهُنَّ بَعْدَهَا»(٦- أخرجه الترمذي في «الصلاة»: (426)، من حديث عائشة رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح الترمذي»: (426). وانظر «الضعيفة» للألباني: (9/223))، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها رأت النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يصلي ركعتين بعد العصر -وقد نهى عن ذلك- فسألته عنها فقال: «يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، فَإِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ القَيْسِ شَغَلُونِي عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَهُمَا هَاتَانِ»(٧- أخرجه البخاري في «السهو»: (1176)، ومسلم في «صلاة المسافرين»: (1933)، وأبو داود في «الصلاة»: (1237)، وابن حبان: (1576)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها)، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(٨- أخرجه البخاري في «مواقيت الصلاة»: (597)، ومسلم في «المساجد»: (1566)، وأبو داود في «الصلاة»: (442)، والنسائي في «المواقيت»: (613)، والترمذي في «المواقيت»: (17، وابن ماجه في «الصلاة»: (696)، من حديث أنس رضي الله عنه)، فإنه يفيد عموم كل صلاة منسية أو له عذر فيها تخرج من جملة الصلوات المنهي عنها في أوقات الكراهة.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
هل يجوز قضاءُ الرواتبِ؟ مثلاً: مَن فاتته راتبةُ الظهر هل يقضيها وقتَ العصر أو المغرب؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالرواتبُ هي السُّنَنُ التابعةُ للفرائض الخمسِ، وقد تتقدَّمُ عليها وتُسمّى بالسُّنَّة القبلية، وقد تتأخّر عنها وتسمَّى بالسنّة البعدية، ومن هذه الرواتبِ ما هو مؤكَّد لفعلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لها ومداومتِه عليها، وهي عشر كما ثبت في حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما(١- أخرجه البخاري في «أبواب التطوع»، باب الركعتين قبل الظهر: (1109)، والترمذي في «أبواب التطوّع»: (433)، وابن حبان: (2454)، وابن خزيمة: (1197)، وأحمد: (5394)، وأبو يعلى في «مسنده»: (5776)، وعبد الرزاق في «المصنف»: (4811)، والبيهقي: (457، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، وبها قالت الشافعيةُ والحنابلةُ، أو اثنتا عشرة وهي كالعشر لكن قبل الظهر أربع ركعات وبه قال الحنفية، والذي ورد الندب إلى فعلها من غير تأكيد تعدُّ من الرواتب غير المؤكّدة.
ومن الرواتب التي جاء توكيدها سنّة الفجر، ﻓ «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الفَّجْرِ»(٢- أخرجه البخاري في «أبواب التطوع»، باب: تعاهد ركعتي الفجر ومن سمّاهما تطوعًا: (1099)، ومسلم في «صلاة المسافرين»: (1686)، وأبو داود في «الصلاة» باب: ركعتي الفجر: (1254)، وابن حبان في «الصلاة» باب النوافل: (2463))، وفي رواية عن عائشة أيضًا: «لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا»(٣- أخرجه البخاري في «أبواب التهجد»: (1106)، والبيهقي: (4511)، من حديث عائشة رضي الله عنها).
وقد ثبت في السُّنَّة مشروعية قضاء فوائت السنن والرواتب، ويجوز إيقاعها بعدَ زوال العذر ولو في وقت الكراهة، فعن قيس بنِ عمرٍو قال: رأى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم رجلاً يُصلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «صَلاَةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ»، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، فسكت رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم(٤- أخرجه أبو داود في «الصلاة»: (1267)، والبيهقي: (4655)، من حديث قيس بن عمرو بن سهل الأنصاري رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح أبي داود»: (1267))، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الفَجْرِ، فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ»(٥- أخرجه الترمذي في «الصلاة»: (423)، وابن حبان: (2472)، والحاكم: (1015)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث قال عنه النووي في «الخلاصة»: (1/612): «إسناده جيد»، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (6542))، وكذلك ثبت قضاء السُّنَّة القبلية والبعدية لصلاة الظهر لمن فاتته لعذر، منها: قول عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلاَهُنَّ بَعْدَهَا»(٦- أخرجه الترمذي في «الصلاة»: (426)، من حديث عائشة رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح الترمذي»: (426). وانظر «الضعيفة» للألباني: (9/223))، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها رأت النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يصلي ركعتين بعد العصر -وقد نهى عن ذلك- فسألته عنها فقال: «يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، فَإِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ القَيْسِ شَغَلُونِي عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَهُمَا هَاتَانِ»(٧- أخرجه البخاري في «السهو»: (1176)، ومسلم في «صلاة المسافرين»: (1933)، وأبو داود في «الصلاة»: (1237)، وابن حبان: (1576)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها)، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(٨- أخرجه البخاري في «مواقيت الصلاة»: (597)، ومسلم في «المساجد»: (1566)، وأبو داود في «الصلاة»: (442)، والنسائي في «المواقيت»: (613)، والترمذي في «المواقيت»: (17، وابن ماجه في «الصلاة»: (696)، من حديث أنس رضي الله عنه)، فإنه يفيد عموم كل صلاة منسية أو له عذر فيها تخرج من جملة الصلوات المنهي عنها في أوقات الكراهة.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الفتوى رقم: 646
الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى